Sunday, February 28, 2021

دكتور علي فاعور - تلفزيون لبنان - كاتيا شقير





التلوّث البيئي والتسرب النفطي في منطقة صور- الناقورة

 





الناقورة موسوعة شاملة في علوم النبات والطبيعة تضم كل  الموارد الطبيعية

د. علي فاعور..                                                                                      

لبنان اليوم في مواجهة أزمة بيئية هي الأكبر منذ عدوان تموز عام 2006

·        لبنان اليوم أمام أزمة بيئية كبيرة، وربما هي الأكبر من عدوان تموز عام 2006. نتيجة تسرب آلاف الأطنان من الترسبات النفطية في البحر وفي منطقة جغرافية واسعة تمتد في لبنان من شواطئ رأس الناقورة على البحر إلى بلدة الناقورة، ثم محمية شاظئ صورن فمدينة صور ومنها شمالا إلى شاطئ القاسمية وعدلون الزهراني، وهناك معطيات تؤكد أن التسرب قد وصل جنوب العاصمة بيروت.. يعني بطول نحو 100 كلم..

·        هذه الترسبات بدأت منذ منتصف الشهر الحالي مع إنتشار كميات كبيرة في البحر وعلى طول المنطقة الساحلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بطول نحو 170 كم من شاطئ غزة حتى رأس الناقورة في لبنان، حيث تتحدث معلومات أولية عن وجود بواخر وناقلات نفط في المنطقة ، وربما هناك رتسرب نفطي أو إنفجار خزانات، أو تنظيف الترسبات التي تحملها البواخر في البحر.

 

تداعيات  الأزمة البيئية

·        أما تداعيات هذه الكارثة البيئية بالنسبة إلى لبنان، فهي تنتشر على طول الساحل الجنوبي

·        حيث توجد محمية شاطئ صور وهي من أهم مناطق لبنان السياحية ، تضم موسوعة بيئية من كافة الأصناف النباتية والبحرية: تتشكل من اصناف طيور نادرة ومنهي موطن أنواع فريدة من السلاخف في العالم، كما أنها تستقبل سنويا عد’ أنواع من الطيور المهاجرة.. مع الشاطئ الرملي الواسع بمساحة نحو 4 كم2. تنليها في الجنوب بلدة الناقورة والشاطئ الصخرة في رأس الناقورة عند الحدود الجنوبية،وهناك مشروع لإغلان محمية الناقورة، وكذلك في الشمال محمية عدلون، ..

·        السلاحف البحرية والغطاء النباتي، والأسماك، بالإضافة إلى تلوّث الصخور والرمال في منطقة واسعة.

 

بالنسبة للتدابير المعالجات

·        هناك دراسة أولية يقوم بها المجلس الوطني للبحوث العمليةمطلوب بسرعة وضع خطة عاجلة بالتنسيق بين الوزارات المعنية، والبلديات في المنطقة الجنوبية، وبالتعاون مع الهيئات والجمعيات البئية وكذلك الدولية، وبالتنسيق من قوات اليونيفيل المتمركز في الناقورة، وتكوين ملف علمي  يتضمن تحليل العينات، وتوفير الصور الجوية اللازمة، والتنسيق مع هيئات دولية للبحث ومعرفة أسباب هذا التلوث، وتدقديم شكوى إلى الأمم المتحدة لطلب التعويضات اللازمة لآن أزمة التلوث هذه تحتاج إلى أشهر لتنظيف مياه البحر والشاطء..

 

_____________________

 

 

 

“محمية شاطىء صور الطبيعية”

·       المنطقة الساحلية الممتدة على مساحة 380 هكتاراً من جنوب مدينة صور حتى بلدة رأس العين، أُعلنت محمية طبيعية في عام 1998 بموجب قانون رسمي، لكونها آخر شاطئ رملي باقٍ في لبنان، وملاذاً للطيور المائية وممراً لهجرة هذه الطيور. كذلك فإنّها مدرجة على لائحة رَمسار للأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية. واللافت أنّ المحمية تقع ضمن معالم مدينة صور التي أدرجت عام 1984 على لائحة التراث العالمي.

·       والمتضرران الأولان هما الغطاء النباتي والسلاحف البحرية التي تقصد المكان سنوياً بين شهري أيار وتشرين الأول لتضع أعشاشها ما بين العاشرة والرابعة ليلاً، مستفيدة من الظلام والسكون.

·       تجمع الغطاء النباتي الأخضر والكثبان الرملية الصفراء والشاطئ البحري الأزرق.

·       كافة أشكال وأنواع الحياة البحرية: أنواع فريدة من السلاحف البحرية المهددة بالإنقراض عالميا.. وموطن أصناف من الطيور المهاجرة التي تلجأ إليها في بعض الفصول.

·       النباتات الموزعة على أكثر من خمسين عائلة، ستة أنواع منها مهددة على الصعيد الوطني والإقليمي، أربعة منها متفردة، وعشرة نادرة وفي طليعتها الزنبق الرملي، وهناك خمسون نوعًا خاصة في شرق البحر المتوسط.

·       شاطى رملي يمتد نحو 30 كم جنوب مدينة صور، ومركز مهم لرياضة الغطس والسباحة تتألف من أكثر شواطىء لبنان الرملية جمالاً، وهو الشاطىء الأكبر المتبقي في لبنان

·       وللمحمية قيمة أثرية كبرى فهي مرتبطة من حيث موقعها الجغرافي بمدينة صور القديمة المصنّفة من قبل اليونسكو كموقع تراثي عالمي.

·       مستنقعات المياه العذبة وبرك رأس العين.

·       وتصل مساحتها إلى 3.8 كلم مربع. وهي اليوم تشهد خطة لاستمرارية حماية النباتات في نطاقها والتي يزيد عددها عن 300 نوع.

·       أما قسما الحماية والزراعة والآثار، فإنهما مهددان بالتلوث البيئي بسبب المياه المبتذلة التي تصرف في البحر من مخيم الرشيدية الذي يشطر المحمية إلى قسمين، ثم مكب رأس العين للنفايات الذي يزاحم السهول الزراعية ويتسرب إلى المياه الجوفية والآبار.

·       فيما يمتد البحر أمامها على مسافة عشرة كيلومترات ما يمنحها رحابة تحاكي

 

·       أن "التلوث الذي طال شاطىء صور، امتدادا إلى الناقورة وشاطىء منطقة الزهراني  مصدره غير معروف حتى الآن إن كان من سفن أو من منشآت نفطية في  فلسطين المحتلة،  وهو غير محصور بمحمية صور الشاطئية فقط كما تم تداوله، بل يمتد من رأس الناقورة حتى شواطئ قرى ساحل الزهراني التي مسحناها شخصيا".

·       الناقورة مركز القيادة لقوات اليونيفل.

·       تبعد البلدة عن العاصمة بيروت 103 كلم، ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر 60 م

ما بين المناظر الطبيعية والاثرية,لمحة تاريخية في الناقورة

·       رغم ضيق الوقت, لا بد من التجول بين معالم الناقورة السياحية . هذه المعالم هي :

·       مغارة رأس الناقورة .

·       سكة قطار الانكليز.

·       الاثار الموجودة في بحر الناقورة

·       مطعم امواج البياضة الموجود في الناقورة الذي يمتد على طول الشاطئ

·       الفنادق الموجودة هناك قد تكون الحل, فمن الممكن ان تستأجر غرفة في

·       معالم الناقورة في لبنان الطبعيية مثل جزر الناقورة وغابة رأس الناقورة ومنتزه رأس الناقورة الطبعيي والتي أعلنت جميعها كمحيمات طبيعية لندرة محتوياتها من أشجار ونباتات وحيوانات، وهناك ستستمتع بمشاهدة المناظر الطبيعية الساحرة، ومجموعة من اندر الكائنات الحية في لبنان والمهدد بعضها بالإنقراض.

النافورة:  هذه القرية قدمت ، بتواضع مساحتها وسكانها وموقعها الجغرافي وتاريخها الحديث ، خصائص مثيرة للاهتمام لتحويلها إلى قرية بيئية نموذجية.

التربة: زراعة الحجر الجيري: أشجار البرتقال ، وأشجار الليمون ، وأشجار الموز ، وخضروات متنوعة. الأشجار: البلوط بشكل رئيسي ، 80٪ إزالة الغابات. الحيوانات: الماعز والخنزير البري والذئب والثعلب. الأنشطة: صيد الأسماك ، من 50 إلى 60 صيادا. أسماك البحر الأبيض المتوسط ​​النموذجية: سمك القد ، وباس البحر ،

 

+++++++++++++++++++++++

 

رقعة التلوّث شاملة على طول الساحل الجنوبي للأراضي الفلسطينية المحتلة

·       سواحل فلسطين المحتلة بين 6 و 10 شباط إنتشرت كرات ضخمة من الزفت على الشاطئ بطول نحو 150 كم.

·       وتلاحظ المنظمة البحرية الدولية منذ ذلك الحين أن "التلوث المرتبط بتشغيل السفن ، مثل التلوث الناتج عن عمليات تنظيف الخزانات الروتينية ، قد انخفض".

·        

·       أمرت العدالة الإسرائيلية "بحظر النشر" على المعلومات المتعلقة بالانسكاب النفطي الذي أثر على ساحل البلاد. قرار استثنائي مخصص عادة لقضايا الأمن القومي.

·       يزداد الغموض المحيط بالانسكاب النفطي الذي أدى إلى اسوداد سواحل فلسطين المحتلة وقطاع غزة لعدة أيام.

·       يمكن أن نتحدث عن تفريغ الغاز ولكن عن أضرار جسيمة ، أي صدع خزان زيت الوقود الذي يدفع سفينة شحن ، وليس بالضرورة ناقلة نفط أو أحد صهاريج ناقلة مخصصة لنقل الهيدروكربونات" ، التي تتبع هذا النوع من الكوارث.

·       هذا القرار هو الأكثر غرابة من حيث أن الإجراء عادة ما يكون مخصصًا للمسائل المتعلقة بالأمن القومي.

·       بعيدًا عن هذه الكارثة التي قد يستغرق تنظيفها سنوات ،

·        

·       وتلاحظ المنظمة البحرية الدولية منذ ذلك الحين أن "التلوث المرتبط بتشغيل السفن ، مثل التلوث الناتج عن عمليات تنظيف الخزانات الروتينية ،

·        

·       كشف السفن الملوثة بالأقمار الصناعية والطائرات ، عقوبات ثقيلة على المخالفين

 

ويعزى هذا الانسكاب النفطي إلى انسكاب "عشرات إلى مئات الأطنان" من مادة البيتومين من سفينة ، بحسب مؤشرات أولية من سلطات الإحتلال. ودعت  السكان إلى "عدم الذهاب إلى الشاطئ للسباحة أو ممارسة الرياضة حتى إشعار آخر". زار رئيس الوزراء شواطئ أشدود ، جنوب تل أبيب ، يوم الأحد للمشاركة في عمليات التطهير مع وزيرة البيئة. بالإضافة إلى ذلك ، تحتاج إلى معرفة المزيد عنها.

·       يوم الإثنين ، ذكرت وزارة البيئة كذلك أن قاضيا أصدر حظرا على النشر بشأن تفاصيل التسرب النفطي. الأمر ، ساري المفعول لمدة أسبوع ، حسب صحيفة "هآرتس" ، يمنع نشر أي تفاصيل تتعلق بالتحقيق ، بما في ذلك أي شيء يمكن أن يحدد هوية المشتبه بهم أو السفن المعنية. وقالت الوزارة لصحيفة "هآرتس" إن "نشر تفاصيل التحقيق قد يقوض العملية المعقدة لهذا التحقيق مع تداعيات دولية".

 

التسرب النفطي فعلى سواحل فلسطين المحتلة

 هو تسرب نفطي بدأ في 16 شباط 2021 ، عندما تم إفراع عشرات إن لم يكن مئات الأطنان من القطران على الشواطئ على امتداد 160 كيلومترًا من سواحل فلسطين المحتلة بعد عاصفة شديدة و موجات عالية بشكل غير عادي. كما أنه منع الكشف المبكر عن القطران القادم والتخلص منه في البحر

 

رد فعل الحكومة

·        تم إغلاق جميع الشواطئ في الأراضي المحتلة. تم توجيه دعوة للسكان بعدم الذهاب للسباحة أو ممارسة الرياضة على الشاطئ  ، لأن التلوث البيئي قد يعرض الصحة للخطر.

·        زار رئيس الوزراء وأعلن أن وزارة البيئة ستضع خطة لتنظيف الشواطئ.

 

·        وتعهد بنشر عدة آلاف من القوات لدعم أكثر من 4000 متطوع لتنظيف الشواطئ من كرات القطران.

·        وقالت وزارة البيئة إن التلوث ناجم عن عشرات أو حتى مئات الأطنان من النفط المتسرب من سفينة أو إلقاءه بشكل غير قانوني في البحر من ناقلة نفط. إنهم يعملون مع السلطات الأوروبية لتحديد المسؤول. يُعتقد أن تسع سفن يعتقد أنها كانت على بعد حوالي 50 كيلومترًا من الساحل في 11 فبراير 2021.

 

·        قال مسؤولون إن إزالة التلوث سيستغرق شهورًا ، إن لم يكن سنوات. تقدر التكلفة بعشرات الملايين . وصفت هيئة الطبيعة والحدائق تسرب النفط بأنه أسوأ كارثة طبيعية منذ سنوات.

·        بناء على طلب من وزارة البيئة ، وافقت محكمة حيفا على إجراءات الرقابة في 22 فبراير / شباط: تم حظر النشر عن أسماء الأشخاص أو السفن أو الموانئ أو ممرات الشحن أو البضائع التي يمكن أن تؤدي إلى التعرف على المشتبه بهم. ووصفت وسائل إعلام  ذلك بأنه "غير نظامي" ، وحذر منظمة حماية البيئة من فقدان الثقة في الحكومة والسلطات نتيجة لهذه الخطوة وأعلن عن مراجعة الإجراءات القانونية ضد الرقابة. واتهم ممثل عن مركز أبحاث البيئة في حيفا الوزارة بالفشل في منع وقوع مثل هذه الكوارث وانعدام الشفافية.

 

البيئة والصحة

تم العثور على العديد من الحيوانات البحرية مثل الأسماك والسلاحف والطيور البحرية تقطعت بهم السبل ومغطاة بغشاء أسود لزج. مات حوت صغير الحجم يبلغ طوله 17 مترًا على شاطئ في جنوب البلاد. وفقًا لعلماء من وزارة الزراعة في الأراضي المحتلة، فقد توفي بسبب تناول منتجات تكسير الزيت اللزج. تمت تغطية العديد من الشعاب المرجانية على الساحل الإسرائيلي بطبقة من القطران. وفقًا لسلطات الطبيعة والمتنزهات ، فإن هذا يعرض للخطر وجود حلزون بحري نادر تم اكتشافه مؤخرًا. تضرر النظام البيئي للساحل بأكمله منذ عقود

 

اشتكى العديد من المتطوعين من عدم الراحة بعد استنشاق أبخرة سامة ونقلوا إلى المستشفى.

 

 


Thursday, February 18, 2021

الهجرة الداخلية والترابط بين الريف والحضر في لبنان، القاهرة عام 2005



 الهجرة الداخلية والترابط بين الريف والحضر
في لبنان

 إعداد: د. علي فاعور

أستاذ الجغرافيا في الجامعة اللبنانية

عضو المجلس الوطني للبحوث العلمية

 بيروت، كانون الأول / ديسمبر 2005


 بحث مقدم الى الاجتماع العربي الرفيع المستوى للمدن العربية المستدامة وضمان حيازة المسكن والأرض والادارة الحضرية الجيدة، الذي نظمته لجنة الأمم المتحدة لغربي آسيا (الإسكوا)، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، ووزارة الاسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية في مصر، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) ومنظمة المدن العربية، القاهرة 15-18 ديسمبر/كانون الأول 2005.

 


المحتويات

مقدمة

أوّلاً: التوزيع الجغرافي للسكان المقيمين في لبنان

1  –توزيع السكان بحسب مكان قيد النفوس

2  توزيع السكان بحسب مكان الولادة

3  توزيع السكان بحسب مكان الإقامة السابق

 

ثانيا: تيارات الهجرة الداخلية بين الأقضية

 1  بحسب مكان قيد النفوس

2  بحسب مكان الولادة

3  بحسب مكان الإقامة السابق

 

ثالثاً: خصائص الأفراد الذين تطالهم الهجرة الداخلية

1 الخصائص الديموغرافية

2  الحالة الزواجية

3  المستوى التعليمي

العلاقة بسوق العمل

        

خاتمة

 

 

 ملاحظة :  تم إعداد دراسة الهجرة الداخلية بموجب عقد بحث مع المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان.

 

 

مقدمة

         في بداية عهد الاستقلال عام 1943، كان عدد السكان المقيمين في لبنان يبلغ حوالي مليون نسمة، يعيش 20% منهم في مدينة بيروت، وكانت نسبة المقيمين في المدن تمثل أقل من ثلث سكان لبنان.

وفي عام 1959، بيّنت دراسة بعثة ايرفد بأنّ عدد السكان المقيمين في لبنان قد ارتفع إلى 1.626.000 نسمة، بحيث يقيم حوالي 450 ألف نسمة (أي 28% منهم) في بيروت وضواحيها.

لاحقاً، في عام 1970، قدّر مسح القوى العاملة عدد السكان المقيمين في لبنان بحوالي 2.126.000 نسمة، وقد بلغ عدد سكان بيروت الكبرى 939 ألف نسمة (أي 44% من سكان لبنان)، أما نسبة المقيمين في المدن فقد بلغت 62% تقريباًً.

وفي عام 1996، أجرت وزارة الشؤون الاجتماعية، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، مسح المعطيات الإحصائية للسكان والمساكن الذي بيّن بأن عدد السكان المقيمين في لبنان يبلغ 3.111.828 نسمة، يقيم 36% منهم في بيروت الكبرى (1.121.455 نسمة، بينهم 714.151 نسمة في ضواحي بيروت)، أما نسبة المقيمين في المدن فقد بلغت حوالي 82%.

 

جدول رقم 1:

تطوّر عدد السكان المقيمين في لبنان، ونسبة المقيمين في المدن وفي بيروت بشكلٍ خاص، 1943-1996

 

التاريخ

عدد السكان المقيمين

 في لبنان

نسبة المقيمين في المدن (%)

نسبة المقيمين في بيروت الكبرى(%)

1943

(تاريخ الاستقلال)

حوالي مليون نسمة

أقلّ من ثلث

سكان لبنان

20

1959

(دراسة بعثة ايرفد)

1.626.000

-

28

1970

(مسح القوى العاملة)

2.126.000

62

44

1996

(مسح المعطيات الإحصائية للسكان والمساكن)

3.111.828

82

36

 

وبالفعل، في عام 1996، سجّلت الكثافة السكانية في لبنان تفاوتاً شاسعاً بين المناطق، فهي قد انخفضت إلى حوالي 44 نسمة/كلم2 في راشيا و53 في الهرمل و56 في جزين، بينما ارتفعت إلى 22633 في محافظة بيروت، و8764 في طرابلس، و1360 في المتن، و2000 تقريباً في بعبدا.

 

          إنّ تيّارات الهجرة من الأرياف نحو المدن، تضاف إليها تيّارات الهجرة من المدن الصغيرة والمتوسطة نحو المدن الكبرى، هي التي أسهمت في نموّ هذه المدن الكبرى، خصوصاً العاصمة بيروت التي تحوّلت (مع ضواحيها الممتدة في الساحل) إلى مجمّعة عمرانية تشكّل مركز المؤسسات الاقتصادية والتعليمية والإدارية والسياحيّة في لبنان.   من ناحية أخرى، تحوّلت المنطقة الساحلية (الواقعة دون ارتفاع 200م، والتي تمثل حوالي 10% من مساحة لبنان) إلى مراكز عمرانية كثيفة تضمّ عدّة مدن كبرى ابتداءً من طرابلس في الشمال حتى مدينة صور في الجنوب.  ونلاحظ بأنّ هذا الزحف السكاني المتواصل نحو المدن الساحلية قد أدّى إلى تقلّص مساحات السهول الخصبة وتدهور الزراعة فيها.

          إن التفاوت المناطقي في التوزيع الجغرافي للسكان وفي مختلف مؤشرات التنمية، يشكّل إحدى السمات المميّزة للبنان منذ القدم.  وبالتالي، إنّ دراسة الهجرة الداخليّة والتحضّر في لبنان تعتبر من الأولويّات في صياغة السياسات والاستراتيجيات السكانية والتنموية وفي وإعادة تخطيط المناطق وتنظيم استعمالات الأراضي في البلد.

          من هذا المنطلق، تتمحور هذه الورقة حول ثلاثة نقاطٍ أساسيّة.

          أوّلا: التوزيع الجغرافي للسكان المقيمين في لبنان (بحسب مكان قيد النفوس، ومكان الولادة، ومكان الإقامة السابق).

          ثانياً: تيّارات الهجرة الداخلية بين الأقضية (بحسب مكان قيد النفوس، ومكان الولادة، ومكان الإقامة السابق).

          ثالثاً: خصائص الأفراد الذين تطالهم الهجرة الداخلية (الخصائص الديموغرافية، والحالة الزواجية، والمستوى التعليمي، والعلاقة بسوق العمل).

 

أوّلاً: التوزيع الجغرافي للسكان المقيمين في لبنان

 

          اعتمادنا في هذه الدراسة على بيانات مسح المعطيات السكانية للسكان والمساكن 1996 وقمنا برصد وتحليل التوزيع الجغرافي للسكان المقيمين في لبنان بحسب مكان قيد النفوس، ومكان الولادة، ومكان الإقامة السابق.

 

1 توزيع السكان بحسب مكان قيد النفوس:

 

          في البداية، من الضروريّ الإشارة إلى أنّ عدد المقيمين غير اللبنانيين قد بلغ 118526 نسمة في عام 1996، بحيث شكّلت هذه الفئة 3.8% من مجموع المقيمين في لبنان وعددهم 3111828 نسمة.  ونلاحظ التفاوت الكبير في توزيع المقيمين اللبنانيين على مستوى المحافظات والأقضية فيما يتعلّق بقيد النفوس.

 

- على مستوى المحافظات:

 

يبيّن لنا توزيع السكان المقيمين في لبنان بحسب محافظة قيد النفوس بأنّ محافظة جبل لبنان تأتي في المرتبة الأولى بحيث ينتمي إليها 23.6% من المقيمين، تليها محافظة لبنان الشمالي (22.8%) ثمّ محافظة البقاع (16.4%) ومحافظة النبطية (11.9%) ومحافظة لبنان الجنوبي (10.8%)، وتأتي محافظة بيروت في المرتبة الأخيرة (فقط 10.1% من السكان).

 

 

جدول رقم 2:

توزيع السكان المقيمين في لبنان بحسب محافظة قيد النفوس

 

محافظة قيد النفوس

النسبة من مجموع السكان (%)

بيروت

10.1

جبل لبنان

23.6

          لبنان الشمالي         

22.8

          لبنان الجنوبي         

10.8

              النبطية            

11.9

البقاع

16.4

لا جواب، لبناني

0.5

غير لبناني

3.8

المجموع

100.0

المصدر: مسح المعطيات الإحصائية للسكان والمساكن، 1996.

           ولو قمنا بمقارنة عدد المسّجلين في المحافظة وعدد المقيمين فيها فعلاً، لوجدنا أنّ عدد المقيمين يتخطّى عدد المسجّلين في كلّ من بيروت وجبل لبنان، بينما تكون الحالة معكوسة في باقي المحافظات بحيث أنّ عدد المقيمين هو أقلّ من عدد المسجّلين فيها.  وبالفعل، إنّ 23.6% من السكان مسجّلين في محافظة جبل لبنان بينما يقيم فيها 8،36% من مجمل السكان.  كذلك، إنّ 10.1% من السكان مسجّلين في بيروت بينما يقيم فيها 13.1% من مجمل السكان.  من ناحية أخرى، يختلف الوضع بالنسبة لمحافظة النبطية مثلاً التي تضمّ 6.6% من مجمل المقيمين في لبنان بينما قد سُجّل فيها  11.9% من السكان.  وكما أشرنا سابقاً، تكون هذه الظاهرة نتيجة لكثافة تيّارات الهجرة الداخليّة نحو محافظتيْ جبل لبنان وبيروت.

 -         على مستوى الأقضية:

بلغ عدد النازحين حسب تغيير مكان سجل النفوس 931983 ساكن، وهم مجمل الذين يقيمون خارج مكان قيد نفوسهم، ويمثل هذا العدد حوالي ثلث المقيمين في لبنان وهو يزيد على عدد النازحين بحسب تغيير مكان الميلاد (722473 نازح)، أو النازحين بحسب تغيير مكان السكن السابق (533692 نازح).

          لكن البارز في هذه التوزيعات هو وجود تفاوت شاسع في حجم النزوح بين الأقضية وفق مؤشر قيد النفوس بحيث تبلغ نسبة المسجلين في قيد نفوس محافظة بيروت حوالي 51% من مجمل المقيمين (البالغ عددهم 407402 ساكن)، وفي حين تخفض النسبة ذاتها إلى
24% في قضاء بعبدا و36% في قضاء المتن، و56% في قضائي عاليه وكسروان لكنها ترتفع إلى 95 % في أقضية عكار وبعلبك وبشري، و92% في الهرمل، و93% في البقاع الغربي، و94% في مرجعيون، و97% في أقضية جزين وحاصبيا وراشيا وبنت جبيل.

          ويستدل من هذا التوزيع أن غالبية ساكني الأقضية الموزعة على الأطراف والداخل هم من السكان المسجلين فيها، بينما تنخفض النسبة ذاتها في أقضية جبل لبنان القريبة من بيروت مثل بعبدا والمتن وعاليه والتي تمثل أماكن استقبال النازحين.

 

 2 توزيع السكان بحسب مكان الولادة:

          يعتبر مكان الميلاد من المؤشرات الهامة لقياس التحركات السكانية في الداخل، خصوصاً، بين الريف والمدن الصغيرة، والمدن الكبيرة.

          ويستنتج من البيانات الإحصائية وجود اختلافات واسعة بين مكان الميلاد ومكان الإقامة الحالية للسكان، حيث تبين التوزيعات السكانية أن حوالي 5,3% من المقيمين قد ولدوا خارج لبنان (وعددهم 164956 نسمة).

          ولو اعتمدنا مؤشر مكان الميلاد في توزيعات السكان المقيمين في لبنان لتبين لنا أن محافظة جبل لبنان تأتي في المقدمة حيث تبلغ نسبة المولودين فيها 25,3% من مجمل السكان المقيمين، تليها محافظة الشمال (22,1%) ثم محافظة البقاع (15%) ومحافظة بيروت (12,6%) ثم الجنوب (10,3%) والنبطية (9,3%).

          ومن مقارنة بين المقيمين في أماكن ولادتهم ومجموع المقيمين حالياً في كل محافظة، نجد أن حركة انتقال السكان تتم باتجاه محافظتي جبل لبنان وبيروت، وذلك كما يلي:

 جدول رقم 3:

 توزيع السكان المقيمين حسب المحافظات

ونسبة المولودين إلى مجموع المقيمين في كل محافظة

 

المحافظة

مجموع السكان المقيمين حالياً

المقيمين في أماكن ولادتهم

نسبة المولودين %

بيروت

407402

268919

66

جبل لبنان

1145459

727638

63.5

الشمال

670609

630599

94

الجنوب

283056

246843

87.2

البقاع

399889

370752

92.7

النبطية

205410

184530

89.8

المصدر: مسح المعطيات الاحصائية للسكان والمساكن 1996.

 

          والبارز في هذه التوزيعات أن 36.5% من المقيمين في محافظة جبل لبنان هم من غير المولودين فيها، بينما تصل النسبة ذاتها إلى 34% في بيروت (حيث ترتفع نسبة المولودين خارج لبنان إلى 9,5% من مجمل المقيمين)، ثم 13% في الجنوب، و10% في النبطية،
و7% في البقاع، ثم 6% في محافظة الشمال.

          ويلاحظ في محافظة جبل لبنان أن غير المولودين فيها، هم بمعظمهم من الوافدين من محافظتي الجنوب والنبطية (10,3%) ثم بيروت (9%) والبقاع (6,9%) ومن خارج
لبنان (6%).

          وفي المقابل يلاحظ وجود حركة انتقال للمولودين في محافظة جبل لبنان إلى بيروت (10% من المقيمين فيها) كما يتم تبادل سكاني بين محافظات الجنوب والنبطية والبقاع.

          أما المولودين في محافظة بيروت والمقيمين خارجها فقد انتقلوا إلى الضواحي الممتدة في أقضية جبل لبنان (26% من مجمل المولودين في بيروت) والجنوب والنبطية (3,5%)، ومحافظة الشمال (1،1%) البقاع (0,7%) ويعتبر هذا الانتقال بمثابة حركة نزوح مضاد من محافظة بيروت باتجاه الضواحي في جبل لبنان، ثم المدن المتوسطة في بقية المحافظات وكذلك باتجاه الأرياف.

          وقد أسهمت الأحداث اللبنانية (1975-1990) وما رافقها من موجات تهجر إلى حدوث عملية انتقال واسعة للسكان من العاصمة بيروت وضواحيها إلى الأرياف والمدن في البقاع والشمال والجنوب.

           أما بالنسبة للأقضية فيبدو الأمر أكثر وضوحاً بالنسبة للتحركات السكانية على مستوى الأقضية حيث يمكن تحديد أماكن النزوح وأماكن الاستقبال.

 



3- توزيع السكان بحسب مكان الإقامة السابق:

           يمثل مكان السكن السابق بالمقارنة مع مكان الإقامة الحالي المؤشر الرئيسي في قياس معدلات الهجرة الداخلية بين المناطق وبين المدن والأرياف. ويتبين من نتائج مسح المعطيات الإحصائية، وبنتيجة مقارنة بين مكان السكن السابق ومكان الإقامة الحالي، أن عدد النازحين في الداخل بين المحافظات قد بلغ 368928 ساكن، ويرتفع هذا العدد لو أخذنا بالاعتبار التحركات السكانية على مستوى الأقضية بحيث يبلغ العدد 533699 ساكن غيروا مساكنهم قبل 1/7/1990.

          والبارز على مستوى المحافظات أن نسبة المقيمين سابقاً في بيروت تمثل 74% من مجمل الساكنين حالياً، بينما تبلغ هذه النسبة 75% في محافظة جبل لبنان، ثم 94%
في محافظة الشمال، و86% في الجنوب، ثم 83% في النبطية و91% في محافظة البقاع، بحيث ترتفع نسبة الذين غيروا سكنهم وانتقلوا إلى بيروت وجبل لبنان، بينما تبدو النسبة متخفضة بالنسبة للعائدين إلى محافظتي الشمال (6%) والبقاع (9%) ثم الجنوب (14%) والنبطية (17%)، وهي نسبة تبين أنه بالإمكان تشجيع هجرة العودة إلى المناطق في الجنوب والبقاع والشمال وذلك في حال اعتماد خطة تنمية شاملة وتطوير وسائل النقل السريعة وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية.

          هذه التوزيعات تبين أن تيارات الهجرة الداخلية تتجه نحو بيروت وجبل لبنان، بل إن محافظة جبل لبنان قد استقبلت وحدها حوالي 213290 ساكن يمثلون 58% من مجموع المهاجرين بين المحافظات، وذلك مقابل 15063 ساكن انتقلوا إلى الشمال و25532 إلى الجنوب، و25558 إلى النبطية و21002 إلى البقاع.

          أما حركة النزوح من بيروت فقد شملت 139578 ساكناً، انتقل حوالي 75% منهم إلى الضواحي الممتدة في أقضية جبل لبنان والباقي إلى محافظتي الجنوب والنبطية (20%) ثم الشمال والبقاع.

          ويمثل النازحون من بيروت إلى خارجها حوالي 38% من مجمل حركة الهجرة بين المحافظات، وذلك مقابل 18% لمحافظة جبل لبنان و13% للنبطية و13% للبقاع و8% للشمال و10% للجنوب.

          ولو حسبنا معدل صافي الهجرة بالنسبة لكل محافظة (وبحسب تغيير مكان السكن فقط) لوجدنا أن محافظة جبل لبنان تربح حوالي 150 ألف ساكن جديد، هم حصيلة الفارق بين حركتي الاستقبال والمغادرة، بينما تخسر جميع المحافظات وبأحجام متفاوتة، إذ تخسر بيروت حوالي 71095 ساكن، تليها البقاع 28285 ساكن، ثم النبطية 21015، ثم الشمال والجنوب.

 

ثانياً تيارات الهجرة الداخلية بين الأقضية

         

          يعاني لبنان مع عدم توافر الإحصاءات الدقيقة والموثوقة والآنيّة حول تيّارات الهجرة الداخليّة، وتبرز الحاجة بشكلّ خاصّ لإحصاءات حول السكان الذين تهجّروا من مناطق سكنهم أثناء الحرب. 

تشكل الهجرة الداخلية أحد العوامل الرئيسية المؤثرة في التوزيعات السكانية، وهي تتصل اتصالاً وثيقاً بالتنمية وترتبط بأحوال المعيشة السائدة، بل إن خريطة التوزع الجغرافي للسكان قد تأثرت بشكل بارز باختلاف تيارات النزوح والهجرة الداخلية التي أدت إلى اكتظاظ سكني حاد في بيروت وضواحيها، بالإضافة إلى نشوء تجمعات عمرانية واسعة ناجمة عن توسع المدن الكبرى في الساحل مثل طرابلس في الشمال، وصيدا وصور في الجنوب، بحيث أن نسبة المقيمين في المنطقة الساحلية الواقعة دون ارتفاع 200 متراً، تبلغ حوالي ثلثي سكان لبنان، بينما ينتشر الباقي بين الهضاب والسهول والمنطقة الجبلية المتوسطة الارتفاع.

          ويستدل من التوزيعات السكانية وبحسب تغيير مكان الإقامة السابق أن مدينة بيروت الكبرى تضم حوالي 36% من مجمل المقيمين في لبنان، كما أن أقضية محافظة جبل لبنان وهي الأولى من حيث عدد النازحين إليها، قد استقبلت مجتمعة 323213 ساكناً جديداً يمثلون أكثر من 70% من حركة الهجرة الداخلية بين الأقضية.

ويتبين من قراءة خريطة الهجرة الداخلية وجود تفاوت واسع بين مناطق الاستقبال ومناطق النزوح، سواء من حيث كافة التحركات أو اتجاهات النازحين.

          كما يزداد الاختلاف وفق المؤشرات المعتمدة كأساس لتحديد أماكن الانتقال سواء بالنسبة لتغيير المسكن أو مكان الولادة أو مكان سجل النفوس، وذلك كما يأتي:

 

جدول رقم 4:

حركة الهجرة الداخلية بين المحافظات والأقضية

حركة الهجرة الداخلية

نزوح بين المحافظات

نزوح بين الأقضية

عدد

نسبة %

عدد

نسبة %

خارج مكان الإقامة(السكن السابق

368928

12

533698

17

خارج مكان الولادة

516593

17

722470

23

خارج مكان سجل النفوس

670706

22

931989

30

 

          هكذا يبرز التفاوت بالنسبة لكثافة تيارات الهجرة الداخلية التي تتزايد وفق حركة الانتقال بين الأقضية وهذه الحركة الظاهرة تبدو مرتبطة بأحوال المعيشية السائدة بين المناطق، وهي لا تعبر عن حجم حركة النزوح الداخلي المتزايدة بين القرى والمدن داخل القضاء الواحد والتي لا تتضمنها الأرقام الواردة أعلاه، بحيث أنها لا تعطي صورة واضحة عن الأعداد الحقيقية للنازحين بين القرى والمدن.

          لكن خطوط الهجرة تبدو واضحة المسالك من حيث الاتجاهات الرئيسية لتيارات النزوح التي تتجه نحو المدن الكبرى خصوصاً في محافظتي جبل لبنان وبيروت، وذلك مع متغيرات بارزة حسب مكان السكن السابق أو مكان الولادة أو مكان سجل النفوس.

 

1 - بحسب مكان قيد  النفوس:

           يتبين من التوزيعات المتعلقة بوثائق قيد النفوس ومن خلال مقارنة بين حركتي الاستقبال والمغادرة، أن محافظة بيروت تربح بنسبة 61 % (مقابل 39 % للمغادرين من بيروت)، أما على صعيد الأقضية فالبارز أن قضاء المتن يأتي في المقدمة حيث تمثل نسبة المهاجرين إليه 92 % من مجمل حركة الهجرة القادمة والمغادرة، يليه قضاء بعبدا (85 %) ثم طرابلس

(76 %) وكسروان (74 %) وعاليه (51 %) أي أن خمسة أقضية فقط (بالإضافة إلى محافظة بيروت) تمثل مكان استقبال النازحين الذين غيروا مكان إقامتهم وفق سجلات قيد النفوس.

          هذا بينما تبدو الصورة مختلفة في بقية الأقضية حيث يبرز الاستنزاف في أقضية بنت جبيل وجزين وراشيا نتيجة ارتفاع نسبة النازحين إلى حوالي 99 % مقابل واحد بالماية فقط للوافدين تليها أقضية حاصبيا (نسبة النازحين 97 %) ومرجعيون وعكار وبشري (حيث تصل نسبة النازحين من كل منها إلى 96 %) (مقابل 4 % للوافدين إليها) ثم قضاء بعلبك (نسبة النازحين (95 %) ثم البقاع (90 %) والشوف (89 %) والنبطية (83 %) والهرمل وصور (81 %) لكل منهما.           

          وتنحصر الحركة السكانية وفي عملية الدخول والخروج في ضواحي بيروت، مع بروز ظاهرة النزوح خارج العاصمة للإقامة في أماكن سكنية في الضواحي الجبلية، بينما أخذت العاصمة تتحول تدريجياً إلى أسواق وشوارع تجارية، تشتد فيها حركة الاكتظاظ والمرور خلال ساعات النهار.

          أما توزيع النازحين من بيروت بين المدن والريف فيلاحظ أن القلة منهم (12108 مساكن فقط) تتجه نحو المناطق الريفية في الشوف وصور والنبطية وحاصبيا وبنت جبيل، بينما يتجه غالبيتهم نحو أقضية بعبدا والمتن وكسروان وعاليه... وبخاصة الضواحي القريبة في بيروت الكبرى.

          أما حسب توزيع السكان المقيمين، فيلاحظ أن حركة النزوح السكاني تنحصر بين المدن التي تضم حوالي 85% من مجمل السكان المقيمين في لبنان وذلك مقابل 15% للساكنين في الأرياف، ولو اعتمدنا مؤشر تغيير مكان المسكن لتحديد تيارات النزوح لتبين لنا أن حركة النزوح إلى المناطق الحضرية قد استقطبت حوالي 91%، نجد أن الريف قد استوعب 9% فقط من هذه الحركة. هذا مع وجود اختلافات كبيرة بين الأقضية، ففي حين تتميز حركة النزوح إلى المناطق الحضرية بأنها تتم بين المدن، وأن معظم تيارات النزوح تتحرك في محيط بيروت الكبرى، نجد أن حوالي ربع النازحين إلى الأرياف كانوا في بيروت، كما أن 12% هم من طرابلس، و9% من قضاء بعبدا، و6% من زحلة...

 

جدول رقم (5)

تيارات النزوح بين الأقضية

 

تيارات النزوح بين الأقضية

عدد النازحين

النسبة %

النزوح إلى المناطق الحضرية

484.150

91

النزوح إلى المناطق الريفية

49.549

09

مجموع النازحين بين الأقضية

699،533

100

 

 2 - بحسب مكان الولادة:

 

          يتبين من التوزيعات أن ستة أقضية فقط هي المستفيدة من حركة الانتقال، ويأتي قضاء المتن في المقدمة حيث تبلغ نسبة الوافدين إليه 86 % من مجمل الحركة السكانية (في الدخول والخروج) (بينما تمثل الهجرة المغادرة خارج مكان الولادة 14 % فقط) ، يليه قضـاء بعبدا (82 %) ثم قضاء كسروان (78 %) وعاليه وطرابلس (55 % لكل منها) ثم الكورة (53 %) بينما تنخفض النسبة ذاتها إلى 44 % في بيروت و 7 % في جزين، وتصل حتى 5 % في بنت جبيل، و9 % في مرجعيون، تليها أقضية حاصبيا والبقاع الغربي وعكار، وهي الأقضية التي تتعرض لخسارة سكانها ومواردها البشرية النازحة إلى ضواحي بيروت والأقضية في محافظة جبل لبنان.

 

3-       بحسب مكان الإقامة السابق:

توجد ثمانية أقضية تزداد نسبة المهاجرين للإقامة فيها بالمقارنة مع نسبة المغادرين، ويبرز في المقدمة قضاء المتن حيث ترتفع فيه معدل الهجرة الصافية بحيث تبلغ نسبة الوافدين إليه 74 % مقابل 26 % للمغادرين، وغالبية الوافدين هم من المسيحيين الذين تهجروا من قرى الجبل في قضائي الشوف وعاليه، يليه وفق حجم الهجرة الصافية قضاء كسروان حيث تصل نسبة الوافدين إليه إلى 71 % مقابل 29 % للمغادرين إلى أقضية أخرى، ثم قضاء بعبدا (نسبة الوافدين 68 %) وعاليه (60 %) وزغرتا (55 %) والمنية (53 %) والنبطية (52 %) بينما تتعادل تقريباً حركة الوافدين (49 %) مع المغادرين في قضاء صيدا، وذلك نتيجة تهجّر بعض القرى في شرقي صيدا والتي غادرها سكانها إلى المتن وكسروان. وفي مقابل تزايد عدد الوافدين إلى الأقضية المذكورة أعلاه ترتفع حركة النزوح من جزين وبنت جبيل ومرجعيون والبقاع الغربي وهي أقضية تقع بمعظمها تحت الاحتلال الإسرائيلي، تضاف إليها أقضية أخرى واقعة في مناطق بعيدة مثل الهرمل وبعلبك.

وبالنسبة للنزوح إلى بيروت وجبل لبنان، يستدل من اتجاه تيارات الهجرة الداخلية وجود اختلافات بارزة بين النازحين سواء بالنسبة لمراكز الاستقبال أو المغادرة أو حتى بالنسبة لأعداد النازحين وخصائصهم العمرية والاجتماعية والاقتصادية.

من ناحية أخرى، بلغ عدد النازحين من بيروت 139575 ساكن وذلك بحسب تغيير مكان السكن السابق (قبل 1/7/1990) وقد اتجه حوالي 75 % منهم (104067 ساكن) للإقامة في ضواحي بيروت المتداخلة في أقضية جبل لبنان، وقد توزع هؤلاء بين بلدات بعبدا التي استقبلت 83 % منهم، ثم المتن 27 %، عاليه 15 %، كسروان 8 % والشوف 9 %.

          وقد شملت حركة الهجرة الوافدة إلى بيروت 68483 ساكناً، جاؤوا بنسبة:  56 % من أقضية جبل لبنان (بعبدا 20 %ن المتن 12%، الشوف 10 %، عاليه 9%، كسروان 3 %).   16 % من محافظة النبطية (مرجعيون5 %،النبطية 5 % وبنت جبيل 4 %، و12 % من محافظة الجنوب (صيدا 6 % صور 3 % وجزين 3 %).  أما الوافدين من البقاع فقد بلغت نسبتهم 9 % (بعلبك 3 % ، زحلة 3 %). ثم 7 % من محافظة الشمال (طرابلس 3 %).

ويستنتج أن أقضية جبل لبنان (بعبدا، المتن ، الشوف، عاليه ) هي المصدر الرئيسي لحركة النزوح إلى بيروت تليها أقضية الجنوب والنبطية وتسهم مجتمعة بـ 28 % من النازحين إلى محافظة بيروت.

بلغ عدد النازحين إلى أقضية جبل لبنان 323213 نازح، أقام معظمهم في ضواحي بيروت الكبرى، مما يجعل من الصعب فصل بيروت كمحافظة إدارية عن محيطها وضواحيها التي أصبحت متداخلة خصوصاً في أقضية بعبدا والمتن وعاليه، وهكذا فقد استقبلت بيروت وجبل لبنان مجتمعة حوالي ثلاثة أرباع حركة النازحين بين الأقضية (391696 نازح) ففي حين استقبلت بيروت 17 % منهم، فقد بلغت النسبة 30 % في المتن (116841 نازح) و29 % في بعبدا (112031 نازح) و 9 % في كسروان و 8 % في عاليه

 

وبالتالي، نستنتج أن التوزيعات السكانية الحالية وبحسب الأقضية والمحافظات قد تأثرت بالتحركات السكانية الحاصلة بين أماكن النزوح وأماكن الاستقبال، وبرغم اختلاف كثافة موجات الهجرة بين المناطق. لكن الثابت أنها هجرة داخلية نحو المدن وبشكل خاص نحو العاصمة بيروت وضواحيها الممتدة في أقضية بعبدا والمتن وعاليه.

          وبحسب تغيير مكان الإقامة السابق مثلاً، نجد أن 17% من السكان المقيمين حالياً قد غيروا بشكل دائم أماكن سكنهم بين الأقضية (وعددهم 533698 ساكن) تضاف إليهم نسبة كبيرة من الذين انتقلوا بين القرى والمدن في حركة تبادل داخل القضاء والذين لا تشملهم البيانات المذكورة، كما أن نسبة الهجرة الوافدة من الخارج قد تصل إلى حوالي 5،5% من المجموع (وعددهم 170110 ساكن).

          أما نسبة المقيمين في أماكن سكنهم منذ الولادة فقد بلغت 68%، من المجموع أي أن حوالي ثلث عدد السكان المقيمين حالياً قد غيروا سكنهم ويسكنون خارج مكان الولادة.

          وتؤكد النتائج الإحصائية على وجود اختلاف كبير في اتجاهات الهجرة الداخلية بين الأقضية والمحافظات، وذلك كما يأتي:

1 اشتداد حركة النزوح السكان الداخلي (Contre exode) من بيروت المحافظة نحو الضواحي الممتدة في أقضية جبل لبنان، بحيث يتوزع النازحون بين بعبدا (38%)، والمتن (27%) ثم عاليه (15%) والشوف (9%) وكسروان (8%).

بل إن تيار الهجرة المعاكس من بيروت إلى المدن الأخرى والريف يمثل حركة عودة للمهجرين المقيمين في ضواحي العاصمة، والذين عادوا من الضاحيتيْن الجنوبية والشرقية، وكذلك بالنسبة لعودة المهجرين الدروز إلى عاليه والشوف، وقد تتابعت حركة العودة بشكل بارز بعد إخلاء المهجرين في بيروت الذين تركوا أحياء الحمرا ورأس بيروت ووادي أبو جميل والرملة البيضاء، وعادوا إلى مساكنهم السابقة سواء في الضواحي القريبة والبعيدة، أم في المناطق الأخرى.

2 تدل البيانات المتعلقة بالنازحين إلى جبل لبنان على وجود حركة هجرة ناشطة داخل أقضية جبل لبنان خصوصاً من قضاء بعبدا نحو المتن (17392 ساكن) وعاليه (6111) وكسروان (5061) وكذلك باتجاه محافظة بيروت (13608) والتي عادت واستقبلت حوالي 30% من النازحين عن قضاء بعبدا نحو بيروت وجبل لبنان، وذلك مقابل 38% انتقلوا إلى قضاء المتن و13% إلى عاليه و11% إلى كسروان.

          كذلك تبرز حركة المغادرين من الشوف والذين توزعوا على أقضية المتن
(13586 ساكن) وبعبدا (4908) وبيروت (6551)، أي أن قضاء المتن قد استقبل وحده 44% من النازحين من الشوف، وغالبيتهم من المسيحيين وذلك مقابل 16% اتجهوا إلى بعبدا و21% إلى محافظة بيروت.

          والبارز أيضاً في توزيع النازحين إلى بيروت وأقضية جبل لبنان (وبحسب تغيير مكان السكن) هو كثافة الهجرة من قضاء بعلبك (22927 ساكن) وصيدا (13608) ومرجعيون (12976) وزحلة (12728) وبنت جبيل (11838) والنبطية (10481)، ثم صور وجزين والبقاع الغربي...

          وهي تحركات تبدو مرتبطة بأوضاع المعيشة السائدة في مناطق الجنوب والبقاع الغربي التي كانت تحتلها إسرائيل، تليها أقضية البقاع (في زحلة وبعلبك) ثم الشمال (عكار وطرابلس والبترون).

          وتمثل هذه الأقضية مناطق استنزاف بشري كونها تتعرض لخسارة مواردها البشرية، حيث يستمر تدهور الزراعة وتقل فرص العمل وينخفض مستوى الخدمات الصحية والتعليمية...

          إن تحسين مستوى المعيشة في الأرياف والمدن الصغيرة ثم توفير الخدمات والسلع الاجتماعية (التعليم والصحة..) يتطلب وضع خطة إنمائية شاملة متكاملة، بحيث يتم تحديد تيارات الهجرة الداخلية وتوجيه مسارها للحد من آثارها السلبية بالنسبة لإفراغ بعض المناطق من سكانها، بينما يزداد تدفق النازحين إلى ضواحي بيروت الكبرى والمنطقة الساحلية التي تحولت إلى مجمعية عمرانية واسعة، حيث تتصل المدن الكبرى ببعضها على امتداد الشاطئ.

 

ثالثاً: خصائص الأفراد الذين تطالهم الهجرة الداخلية

           تتميز الهجرة الداخلية بين المناطق اللبنانية بعدة خصائص تختلف حسب المناطق الجغرافية واتجاهات النازحين، وبالنسبة للتوزيعات الإدارية بين المحافظات والأقضية، ويلاحظ في التنقلات الداخلية للسكان أن حركة النزوح لها مميزات تتنوع حسب مؤشرات العمر والنوع وكذلك بالنسبة للحالة الزواجية للنازحين ثم المستوى التعليمي وبحسب النشاط الاقتصادي وممارسة المهنة.

 1 الخصائص الديموغرافية:

           تتميز حركة الهجرة الداخلية بين المحافظات باختلاف التركيب العمري للنازحين وهي تتميز بعدة خصائص أبرزها ما يأتي:

·   إن حوالي ثلث النازحين في حركة التنقلات السكانية بين المحافظات، هم من فئة الشباب والقوى العاملة بين عشرين وأربعين سنة.

·   يلاحظ ارتفاع نسبة كبار السن (65 سنة وأكثر) بين النازحين وتبلغ هذه النسبة بين النازحين إلى محافظة بيروت حوالي 17% من مجمل حركة الدخول.

·        تبلغ نسبة صغار السن (دون 15 سنة) حوالي 10% فقط، كمعدل عام في حركة النزوح، هذا مع وجود اختلافات بارزة بين المحافظات بحيث تصل هذه النسبة إلى 5% بالنسبة للوافدين إلى محافظة بيروت بينما هي في حدود 10% في حركة الدخول إلى محافظات جبل لبنان والبقاع والجنوب.

·   يغلب على حركة النزوح الداخلي بين المناطق الطابع الأسري، ذلك أن حركة الانتقال هذه تشمل الذكور والإناث على السواء، حيث يتم تغيير مكان السكن نتيجة عوامل داخلية اجتماعية واقتصادية متنوعة. ويلاحظ مثلاً أن حركة النزوح نحو محافظة بيروت تشمل بغالبيتها الأسر التي تنتقل بكامل أفرادها مع ملاحظة ارتفاع نسبة الذكور بين النازحين (40% للذكور و35% للإناث) في الفئة العمرية بين 20 و40 سنة، بينما تزداد نسبة الإناث بين العائدين إلى محافظات النبطية (48% للإناث و44% للذكور) والجنوب (45% للإناث و44% للذكور) والبقاع.

·   تتميز الهجرة الداخلية بارتفاع نسبة القوى العاملة بين النازحين ممن تتراوح أعمارهم بين 15 64 سنة، بحيث تبلغ هذه النسبة بين الوافدين إلى محافظة جبل لبنان حوالي 80%، بينما هي تتراوح بين 75 و85% في باقي المحافظات (81% في محافظة النبطية و75% في محافظة البقاع).

·   ترتكز مختلف المؤشرات المتعلقة بالتحركات الداخلية للسكان إلى معيار تغيير المسكن الرئيسي، هذا برغم وجود مؤشرات أخرى أبرزها مكان ولادة أفراد الأسرة ثم سجلات المقيمين ووثائق قيد النفوس، وهي بمجملها تعبّر بشكل أو بآخر عن حركة الهجرة الداخلية، لكن المؤشر الأساسي في ظاهرة الانتقال الداخلي يتمثل بتغيير مكان الإقامة والمسكن الرئيسي، مما يتناسب مع المعطيات الإحصائية، والتي لا زالت سائدة في لبنان، حيث يبدو من الصعب التحكم بوثائق ولادة الأفراد بحسب أماكن الولادة الحقيقية، كما أنّ سجلات المقيمين لا زالت تعتمد مكان قيد نفوس ربّ الأسرة، دون الأخذ بالمتغيرات الأخرى الناجمة عن إقامة الأفراد خارج أماكن سكنهم ولمدة طويلة.

 نستنتج من دراسة الخصائص العمرية للنازحين ما يلي:

·   تبدو الحركة الداخلية بين المحافظات والأقضية متشابهة بشكل عام مع وجود اختلافات بين النازحين من حيث التركيب العمري حيث تبلغ نسبة القوى العاملة كما رأينا حوالي 80%، وذلك مقابل 10% تقريباً لفئة صغار السن (دون 15 سنة)، ثم 10% لفئة كبار السن (65 سنة وأكثر).

* بالنسبة لصغار السن (دون 15 سنة):

ترتفع نسبة صغار السن بين النازحين إلى أقضية عاليه 18% وصور 17% ثم بنت جبيل والبقاع الغربي 14% ثم الهرمل 16% والمنية 16%.

بينما بالمقابل تنخفض النسبة ذاتها إلى 4% بين النازحين إلى بيروت والمتن ومرجعيون وإلى 6% في جبيل و7% في راشيا و8% في زحلة وحاصبيا.

* بالنسبة لكبار السن (65 سنة وأكثر):

يلاحظ ارتفاع نسبة كبار السن بين النازحين إلى بيروت، فهي تبلغ حوالي 17% وذلك مقابل 16% بالنسبة لقضاء جزين ثم 12% في المتن و13% في بشري.

وفي المقابل يلاحظ أن النسب ذاتها تنخفض إلى 3% بين النازحين إلى قضاء الهرمل، ثم إلى 5% بين النازحين إلى أقضية المنية وصور وبعلبك وكذلك إلى 6% بين النازحين 
إلى عاليه وراشيا والنبطية.

كما نجد بالنسبة للذكور أن نسبة كبار السن (65 سنة و أكثر) ترتفع بين المغادرين خارج محافظة جبل لبنان لتبلغ 13% وذلك مقابل 11% بالنسبة لمحافظتي الجنوب والشمال و10% في محافظة بيروت ثم 8% في محافظة النبطية. كما ترتفع النسبة ذاتها بين الإناث إلى 12% للمغادرين خارج محافظة الشمال، ثم 11% للمغادرين محافظتي النبطية وجبل لبنان و10% للبقاع بالنسبة للبقاع وبيروت.

والبارز في حركة التنقلات الداخلية وجود اختلافات بارزة في حركة الوافدين والمغادرين بين الأقضية ففي حين ترتفع نسبة كبار السن بين المغادرين في قضاء راشيا لتبلغ حوالي 22% كمتوسط عام (تصل إلى 24% بين الذكور) وذلك مقابل 6% بين الوافدين إلى القضاء.

هكذا نستنتج من مختلف التوزيعات العمرية أن حركة الهجرة الداخلية أو الخارجة بين الأقضية تبدو بشكل عام من حيث التركيب العمري للنازحين وكذلك من حيث التركيب النوعي حيث تبدو الأرقام متقاربة بين الذكور والإناث مما يبين أن تغيير مكان السكن وحركة الانتقال تتم في إطار الأسرة، وهي الظاهرة السائدة في التنقلات الداخلية للسكان في لبنان.

 

 

2- الحالة الزواجية:

 تتميز حركة التنقلات الداخلية بين الأقضية من حيث الوضع العائلي بعدة خصائص أهمها ما يلي:

          ارتفاع نسبة المتزوجين (أكثر من 60%) في حركة الهجرة الوافدة إلى بعض الأقضية وهي تبلغ حوالي 65% في أقضية الشمال (بشري وجبيل وعكار)، بينما تنخفض هذه النسبة إلى حوالي 35% في أقضية صيدا وصور وعاليه، ثم 48% في بنت جبيل، بينما يلاحظ بالمقابل أن نسبة العازبين تبلغ 27% في حركة الدخول إلى عكار والمنية وبيروت ثم 26% في أقضية طرابلس وجزين وزحلة وزغرتا والبترون و29% في قضاء جبيل... وترتفع النسبة ذاتها (نسبة العازبين إلى 43% في مرجعيون و 40% في بنت جبيل و34% في النبطية وصور وصيدا والهرمل) و32% في أقضية بعلبك وراشيا والبقاع الغربي.

          أما حركة الأرامل فهي ذات طابع أنثوي غالب، ففي حين تبلغ نسبة الترمل في حركة الدخول إلى بيروت حوالي 9% مقابل 6% في حركة الخروج، نجد أن الطابع الغالب في هذه الظاهرة هو بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الترمل، أنها منتشرة بين الإناث حيث ترتفع نسبة الأرامل بين النازحين.

 3- المستوى التعليمي:

           ترتبط التحركات السكانية بالمستوى التعليمي للسكان المقيمين في المحافظة أو القضاء، إذ بينما يلاحظ ارتفاع نسبة الجامعيين والدراسات العليا بالنسبة لحركتيْ الاستقبال والمغادرة في بيروت وجبل لبنان إلى 17% بين النازحين الذكور في حركة الخروج تصل النسبة ذاتها إلى 21% في حركة الدخول إلى بيروت، و16% إلى جبل لبنان، وأما بالنسبة للإناث فالنسبة ذاتها تصل إلى 11% في حركتيْ الدخول والخروج إلى محافظتيْ بيروت وجبل لبنان، كما ترتفع نسبة من هم في مرحلة التعليم الثانوي إلى 19% بالنسبة للمغادرين من الذكور والإناث في محافظة الشمال، نجد أن النسبة ذاتها تبلغ حوالى 17% بالنسبة لحركة الدخول إلى محافظة بيروت.

          ونشير هنا إلى استخراج المعدلات المتعلقة بالمستوى التعليمي قد تم بالنسبة لمجموع السكان في حركة الهجرة حيث تبلغ نسبة الفئة العمرية دون 6 سنوات حوالى 2% في حركتيْ الدخول والخروج، أما نسبة الأمية في بيروت فهي تبلغ حوالى 7% للذكور و15% للإناث في حركة الخروج، وذلك مقابل 8% للذكور و20% للإناث في حركة الدخول.

وما يهمنا في حركة الهجرة هو ما يتعلق بانتقال المتعلمين ممن لديهم مستوى جامعي ودراسات عليا، ويتبين من متابعة حركة هذه الفئة من المتعلمين هو وجود تفاوت واسع بين الأقضية، ففي قضاء كسروان مثلاً تبلغ نسبة هذه الفئة 16% في حركة الدخول بين الذكور مقابل 12% بين الإناث، أما في حركة الخروج فالنسبة تتراوح بين 13% للذكور و9% للإناث.

          وتختلف معدلات الأمية بين السكان النازحين، ففي حين ترتفع نسبة الأمية بين الإناث إلى 37% في حركة الهجرة المغادرة قضاء الهرمل، تبلغ هذه النسبة 35% في قضاء المنية ثم 31% في بنت جبيل و30% في مرجعيون، بينما تنخفض النسبة ذاتها إلى 15% في بيروت و10% في بعبدا ثم 13% في كسروان، أما النسبة بين الذكور النازحين فهي تصل إلى 7% بين المغادرين بيروت و6% في بعبدا و5% في كسروان، لكنها تبلغ 19% بين المغادرين الهرمل و21% المنية.

          أما في حركة النزوح فيلاحظ أن الهجرة الوافدة إلى بيروت تتميز بارتفاع الأمية بين الإناث (20% مقابل 9% للذكور) أما في قضاء كسروان فالنسبة ذاتها تبلغ 9% للإناث
و4% للذكور، وترتفع النسبة في قضاء المنية إلى 27% للإناث و20% للذكور، وكذلك في مرجعيون (30% للإناث و13% للذكور).

4 العلاقة بسوق العمل:

           تختلف خصائص المهاجرين في الداخل حسب المهنة الرئيسية وبالنسبة لحركة الانتقال بين المحافظات والأقضية، ففي حين تتميز حركة الهجرة الداخلية (مثلاً إلى بيروت) بأنها تضم الباعة ومساعدو البيع ثم أصحاب المهن الوسطى في المجالات التقنية والصحية والمستخدمون الإداريون في المجالات المالية والمكتبية ثم الأساتذة والمعلمين، تليها حركة كبار المسؤولين

في القطاعيْن العام والخاص ومدراء المؤسسات، وذلك برغم اختلاف حركة الانتقال بين الأقضية.

          ففي مجال حركة الدخول إلى بعض الأقضية يلاحظ ارتفاع نسبة الباعة ومساعدو البيع خصوصاً عند الذكور ثم هجرة أصحاب المهن الوسطى والأخصائيين في المجالات العلمية والتقنية والصحية، وكذلك حركة الأساتذة والمعلمين والمتخصصين في مجال التعليم خصوصاً بالنسبة للإناث وفي الاتجاهيْن (حركة الدخول إلى الأقضية أو المغادرة منها)، بحيث يحدث توازن بالنسبة لتوزيع المهن الرئيسية وتأمين الحاجات الأساسية للمناطق، ففي حين ترتفع نسبة الباعة في حركة الخروج إلى 12% بين الذكور في قضاء النبطية، 10% محافظة بيروت، و9% في جبل لبنان، كما ترتفع نسبة حركة دخول أصحاب المهن والأخصائيين إلى بيروت وجبل لبنان في المجالات العلمية والصحية، أما بالنسبة لمحافظات الجنوب والنبطية والشمال، فيلاحظ في حركة الدخول ارتفاع نسبة الأساتذة والمتخصصين في المجال التعليمي خصوصاً من الإناث اللواتي يبحثن عن عمل ملائم، مما يؤدي إلى ارتفاع نسبتهن في حركة الهجرة الداخلية برغم الاختلاف بين الأقضية.

          ويتبين من توزيع القوى العاملة بين النازحين حسب المهنة الرئيسية أن التنقلات الداخلية قد شملت أيضاً كبار المسؤولين في القطاعيْن العام والخاص ومدراء المؤسسات الذين بلغ عددهم 10747 فرداً شملتهم حركة الهجرة الداخلية بين الأقضية، والبارز أن غالبيتهم من الذكور (الذكور 9621 مقابل 1126 للإناث)، ولو احتسبنا صافي الهجرة في عملية التبادل بين الأقضية لتبين لنا أن بيروت قد خسرت 1764 فرداً، بينما بالمقابل فقد ربح قضاء المتن 1736، وكسروان 716، وعاليه 628، مقابل خسارة الشوف 311، وطرابلس 250
وبنت جبيل 328، بينما خسرت بقية الأقضية ولو بدرجات متفاوتة... وهكذا يتبين لنا أن قضاء المتن هو الرابح دائماً في حساب حصيلة الهجرة الصافية.

          أما حركة انتقال الأساتذة بين الأقضية فقد شملت 15693 فرداً، يتوزعون بين الإناث وعددهن 10625 والذكور 5067، أي أن مشاركة الإناث من الأساتذة يبلغ حوالي ثلثي مجمل هذه الحركة، والملاحظ أن بيروت قد خسرت في احتساب صافي الهجرة بين حركتيْ الدخول والخروج 1620 فرداً غالبيتهم من الإناث (1309 مقابل 317 للذكور) كما خسر قضاء الشوف 549، وطرابلس 496، وصيدا 350، وبنت جبيل 330، أما الأقضية الرابحة فهي المتن (1878) وبعبدا (1548) ثم كسروان (878).

          أما حركة النازحين من الأخصائيين في المجالات العلمية والفكرية فقد شملت 15752 فرداً، يتوزعون بين الذكور 11652 والإناث 4100، أما أماكن الانتقال فقد خسرت بيروت في حساب صافي الهجرة 1938 (غالبيتهم من الإناث)، بينما خسر الشوف 689 وطرابلس 441 وبعلبك 336 وصور 342، وفي المقابل ربح قضاء المتن 2814 وكسروان 1374 وبعبدا 620 وعاليه 248، وهي الأقضية التي تمثل مكان استقبال النازحين من أصحاب المهن الرئيسية الكبرى.

          تزداد التحركات الداخلية للسكان بين المناطق اللبنانية حيث يجري تغيير أماكن السكن والانتقال للإقامة في أماكن جديدة، وقد تزايدت هذه التحركات أثناء الأحداث ثم أخذت تميل إلى الاستقرار منذ عام 1990 (نهاية الحرب).

خاتمة

          نلاحظ على مستوى الأقضية أن التنقلات الداخلية تتم بشكل عام في مختلف الاتجاهات لكن حصيلة الهجرة الصافية تبرز المؤشرات الآتية:

-    إن الهجرة الداخلية بوجهيها: الهجرة المغادرة والهجرة الوافدة تتم من خلال عمليات انتقال بين الأقضية، وهي تتحرك في النهاية بين مناطق طاردة تخسر سكانها، ومناطق جاذبة تربح ويتزايد سكانها باستمرار.

-    إن المناطق الأساسية لاستقبال الهجرة الوافدة تكاد تنحصر في ثلاثة أقضية هي المتن (حجم الهجرة الصافية 76030 نسمة)، ثم بعبدا (الهجرة الصافية 58238)، ثم كسروان (21172 نسمة)، يليها في محافظة جبل لبنان قضاء عاليه وهو يربح في حصيلة الهجرة الصافية 9852 وافد جديد، لكنه يخسر بالنسبة لبعض الفئات العمرية (55 سنة وأكثر).

-    إن قراءة الخريطة الاجتماعية لتيارات الهجرة الداخلية تبين بوضوح أن ثلاثة أقضية في جبل لبنان هي المتن وبعبدا وكسروان تستوعب حوالى 90% من حجم الهجرة الصافية ويلاحظ في هذه التوزيعات أن قضاء بعبدا يستقبل وحده حوالى ثلث (34%) (58238 نسمة) صافي الهجرة، بينما يستقبل قضاء المتن وحده 44% وقضاء كسروان 13%، يستقبل قضاء عاليه حوالي 7،5% من صافي الهجرة الداخلية (9852 نسمة) لكنه يتميز باستقبال الفئات العمرية دون 55 سنة، بينما هو يخسر بالنسبة للنازحين من هم في عمر 55 سنة وأكثر.

-    يربح قضاء النبطية في حجم الهجرة الصافية (1267 وافد جديد وغالبيتهم من النازحين من البلدات المحتلة في أقضية مرجعيون وحاصبيا وبنت جبيل). لكنه يتميز بأن الربح في حساب صافي الهجرة يقتصر على الفئات العمرية دون 35 سنة، بينما يخسر القضاء بالنسبة للنازحين ممن تبلغ أعمارهم 35 سنة وأكثر.

-    في الشمال يربح قضاء الكورة في حجم الهجرة الصافية (3266 وافد جديد) يليه قضاء زغرتا الذي يربح (1070 وافد جديد).

-    تخسر بقية الأقضية حوالي 170 ألف نازح (يمثلون الفارق بين حركتي الدخول والخروج)، ينتقلون في حركة داخلية بين المناطق اللبنانية.

إن مخاطر الهجرة تبرز في دراسة التوزيعات المهنية والمستويات التعليمية للنازحين، بل إن حساب معدل الهجرة الصافية بات يشير بوضوح إلى اختلال واسع سوف يتعمق في المستقبل وفي حال استمرار الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة في مناطق الأرياف.

وبشكل آخر فإن حالة بيروت المحافظة تستدعي أيضاً دراسة اجتماعية ديموغرافية لأوضاعها وهي التي تتعرض لاختلال بارز، سواء في البنية السكانية أو بالنسبة لخسارة الكفاءات والمتعلمين وكبار المسؤولين الذين باتوا يفضلون الانتقال إلى الضواحي خصوصاً في مناطق المتن وبعبدا، مما سيؤدي لاحقاً إلى تغيير بارز في طبيعة المدينة وتركيبها الوظيفي والسكاني وتحولها مع الوقت إلى مراكز تجارية ومجمعات عمرانية خدماتية تفتقر إلى الحياة الإنسانية (راجع علي فاعور: دور الوسط الإنساني في إعمار بيروت) شأن بعض المدن الأوروبية والأميركية.


 يمكن الاستنتاج أن مختلف المناطق اللبنانية ستشهد عملية تنقلات داخلية واسعة تتم بين المحافظات والأقضية وأحياناً بين القرى والمدن داخل القضاء، لكن البارز في الهجرة الداخلية هو:

-    ارتفاع نسبة الهجرة الداخلية للذين يغيرون أماكن سكنهم بحيث يصل حجم التنقلات بين حركة الخروج وحركة الدخول إلى حوالي خمس السكان المقيمين في لبنان.

-    ما يجب التأكيد عليه ليس حجم الهجرة الداخلية والتي تشمل عملية تبادل تؤدي معظم الأحيان إلى ملء الفجوات وإحداث التوازن الداخلي في بعض الأقضية سواء على مستوى الاعمار أو المهن الرئيسية، بل البارز في هذه العملية أنها تترك آثاراً سلبية عميقة في الاتجاهيْن/ حيث تتعرض بعض الأقضية إلى حالة استنزاف واسعة نتيجة خسارة المتعلمين والقوى العاملة الماهرة التي تهاجر إلى المدن الكبرى.

وفي المقابل، فإن ضواحي بيروت وهي المناطق التابعة لقضائيْ المتن وبعبدا أصبحت اليوم مكان استقبال النازحين في الداخل، مما أدى في بعض الأماكن إلى أزمات اجتماعية واقتصادية متنوعة أهمها الأزمة السكنية وانتشار البطالة وعدم القدرة على تأمين التعليم الرسمي للنازحين وخدمات المياه خصوصاً في الضاحية الجنوبية، ثم ازدحام السيارات ومشاكل البيئة العمرانية.

إن دراسة حركة النزوح والتنقلات الداخلية الدائمة للسكان تختصر في لبنان ملامح الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة لجهة التفاوت القائم في مستويات المعيشة في المناطق، وإذا كانت التنقلات الداخلية بين الأقضية تشمل مختلف المناطق، لكن الواقع السائد يشير إلى اختلاف بارز في مسار الهجرة الداخلية بين أماكن تستنزف مواردها البشرية ولو ببطء أحياناً، وأماكن يزداد فيها الاكتظاظ وتواجه المشكلات الاجتماعية والمعيشية والسكنية والبيئية الناجمة عن الكثافة السكانية المرتفعة وقلة فرص العمل للنازحين، وهكذا فإن خريطة النزوح الداخلي في تفاصيلها لجهة تنقلات النازحين في حركتيْ الدخول والخروج، هذه الخريطة تعتبر اليوم بمثابة وثيقة اجتماعية يستدل منها على أماكن الضعف في البنية الاجتماعية حيث يزداد التفاوت ويبرز الاختلال في التوزيعات المكانية للسكان.

يلاحظ في حركة الهجرة الداخلية بين الأقضية أن جبل لبنان تمثل مركز الاستقطاب وملتقى الوافدين، حتى من محافظة بيروت، فهي قد استقبلت حوالي 65% من مجمل هجرة كبار المسؤولين في القطاعيْن العام والخاص ومدراء المؤسسات، سواء بالنسبة للذكور أو الإناث، تليها محافظة بيروت بنسبة 16% للذكور و22% للإناث اللواتي يعملن في هذه المهنة. كما استقبلت حوالي 65% من الأخصائيين في المجالات العلمية والصحية والفكرية (تليها بيروت بنسبة 20%) وحوالي 56% من الأساتذة والمعلمين والمخصصين في مجال التعليم (تليها بيروت 15%).

أما حصة محافظة جبل لبنان في حركة الهجرة المغادرة إلى باقي المحافظات فهي تضم حوالي 35% من كبار المسؤولين في القطاعيْن العام والخاص مقابل 34% بالنسبة لمحافظة بيروت، وحوالي 25% من الأساتذة والمعلمين والمخصصين في مجال التعليم مقابل 21% بالنسبة لمحافظة بيروت.