Monday, June 26, 2023

عدد سكان لبنان/ من اللبنانيين: "دون الخط الأحمر" مقابلة د. علي فاعور عبر "اندبندنت عربية"

 

عدد سكان لبنان/ من اللبنانيين "دون الخط الأحمر"

   (في 26 حزيران/يونيو 2023 ) مقابلة د. علي فاعور عبر "اندبندنت عربية"  مع الصحافي بشير مصطفي بتاريخ


جاوز لبنان "الخط الأحمر" المرتبط بتراجع أعداد السكان المقيمين في الداخل، لكن مكمن الخطورة نابع في إرجاع البعض ذلك إلى انخفاض الخصوبة وزيادة الهجرة وانخفاض وتراجع الإقدام على الزواج وتزايد عقود الطلاق، علاوة على ترسخ ثقافة "الحد الطوعي للنسل"، معطوفة على الأثر العميق للانهيار المالي والاقتصادي.

على شرفة منزلهما الصيفي، تجلس السيدة وداد وزوجها سامي بانتظار موعد الفيديو كول مع ابنهما الوحيد الذي هاجر العام الماضي إلى الولايات المتحدة من أجل العمل، والدراسات المعمقة في الطب، وكذلك ابنتهما التي هاجرت مع زوجها إلى السعودية من أجل الإقامة والعمل.

يعلمان أنه لن يعود إلى الاستقرار مجدداً في لبنان، ولذلك يحاولان إقناع الابن بالقدوم في زيارة صيفية أو في موسم أعياد الميلاد. يحاول الأبوان إشعار الشاب أن كل الأمور تمضي بخير، ولكن في المقابل يخفيان حالة الغربة والوحدة جراء ابتعاده وشقيقته عنهما.

تقول الأم إنها تحاول وزوجها تمضية الوقت، و"القيام بالروتين اليومي كالمشي وسقاية الزريعة، وري الشجيرات، ولكن لا يغني ذلك عن وجود العائلة مجتمعة، إلا أن العذر موجود، فهؤلاء ذهبوا لتأمين مستقبلهم، والحصول على الحد الأدنى من الخدمات، والحاجات الأساسية".

تتكرر هذه التفاصيل في قصص المئات، لا بل الآلاف من الأهل في لبنان، وتحديداً من هاجر أبناؤهم لأسباب اقتصادية، أو حتى سياسية في ظل التدهور السريع للأوضاع في البلاد. ومن المتوقع مضاعفة هذه الظاهرة، في ظل الرغبة الشديدة في الهجرة من لبنان، وبحسب دراسة أعدتها دائرة الإحصاء المركزي في لبنان عام 2022، فإن 52.2 في المئة من اللبنانيين يرغبون بالهجرة.

ويحذر المتخصص اللبناني في شؤون الهجرة عباس طفيلي من خطورة هذا الرقم، لأنه يأتي في موازاة هجرة قرابة 400 ألف مواطن في ظل الأزمة، منبهاً إلى أن ربع الولادات المسجلة هي من المواليد في خارج لبنان.

يرى طفيلي أن "اللبنانيين الذين يقصدون البلاد حالياً إنما يعودون إليه ظرفياً من أجل لقاء أهاليهم والكبار في السن، وهذا عامل وجداني، بالتالي عند رحيلهم سينقطع هذا الرابط". ويتخوف من تأثير هذه الأزمة خلال العقدين المقبلين، حيث "سنجد قرى شبه فارغة بسبب موجات الهجرة، ولا نجد فيها إلا بعض كبار السن"، مشيراً إلى أن "رغبة الهجرة مشتركة بين المواطنين والنازحين فهؤلاء ينتهزون أي فرصة للرحيل حتى لو كانت خطرة، كالذين هربوا بحراً".

معطيات حذرة

تتخوف بعض الدراسات من تدهور أعداد المواطنين المقيمين في لبنان، ويأخذ هذا التراجع أشكالاً مختلفة، فمنها ما يتصل بمغادرة البلاد مع قرار بعدم العودة المبدئية، أو يرتبط بانخفاض أعداد الولادات في مقابل زيادة الوفيات في لبنان.

بحسب دراسة مؤسسة الدولية للمعلومات "شهدت الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022 زيادة أعداد المهاجرين 232.8 في المئة على العام السابق له، وهذا الارتفاع الكبير مؤشر إلى مدى تردي الأوضاع في لبنان، وسعي المواطنين إلى السفر والهجرة هرباً من الواقع".

ولاحظت دراسات المؤسسة نفسها انخفاض الولادات بشكل ملحوظ بدءاً من عام 2019، إذ تراجعت 30.2 في المئة، خلال الفترة من 2019 - 2021 في مقابل ازدياد مستمر في الوفيات. وعلى سبيل المثال ارتفعت الوفيات 21 في المئة من عام 2020 إلى 2021، في وقت تراجعت الولادات للفترة نفسها ثمانية في المئة.

عوامل متعددة

يشبه مدير مركز السكان والتنمية اللبناني علي فاعور المستقبل السكاني اللبناني بـ"القنبلة الزمنية الديموغرافية"، منطلقاً من مسح القوى العاملة الأخير لعام 2018، الذي أظهر تحولاً تمثل في تزايد أعداد كبار السن وانتشار ظاهرة التعمر (المعمرين)، وذلك في مقابل تراجع عدد صغار السن (دون 15 سنة)، إذ انخفض عدد الأطفال المقيمين في لبنان من أكثر من مليون طفل في عام 2004 إلى 814 ألف طفل عام 2018، أي بنسبة تراجع 20.5 في المئة.

في المقابل ارتفعت نسبة كبار السن من 282 ألفاً و249 خلال عام 2004 إلى 508 آلاف شخص في عام 2018، أي 80 في المئة، وهذه الشريحة آخذة بالتزايد.

يلاحظ فاعور زيادة كبيرة في حصة كبار السن من أصحاب الـ65 عاماً فما فوق. ففي عام 1970 كان يشكل هؤلاء 11 في المئة من عدد الأطفال، أما اليوم فباتوا 62.5 في المئة كمعدل وسطي في لبنان، محذراً من "تجاوز المسنين عدد الأطفال الصغار بمحافظة جبل لبنان ذات الغالبية المسيحية، ليبلغ 116.5 في المئة، كما يصل إلى 90 في المئة بالمناطق الحضرية كمحافظة بيروت، ثم 61 في المئة بالبقاع".

في مقابل ذلك تنخفض نسبة كبار السن إلى أدنى مستوياتها في المناطق ذات الغالبية المسلمة، إذ تمثل في عكار 25 في المئة، وبعلبك الهرمل 34 في المئة، بحسب فاعور، الذي يتحدث عن ارتفاع نسبة كبار السن من مجموع السكان، فبعد أن كانت تشكل أقل من 7.4 في المئة عام 2004 أصبحت أكثر من 13 في المئة عام 2018، فيما انخفضت نسبة صغار السن من 28 في المئة إلى 21 في المئة خلال المدة عينها.

ويلاحظ أن الفئة العمرية الشابة التي تتراوح بين 20 و44 عاماً أصبحت تشكل أكثر من ثلث المجتمع اللبناني، فيما تشكل هذه الفئة لدى المهاجرين نحو 80 في المئة، مما يحمل دلالات مستقبلية خطرة تتعلق بشيخوخة السكان المقيمين. فمنذ عام 1970 تضاعف عدد كبار السن خمسة أضعاف، فيما ارتفع عدد السكان مرة واحدة فقط، وقد بات لبنان الدولة الأكثر شيخوخة بين الدول العربية، وتتجه نحو الشيخوخة السريعة.

الخصوبة المنخفضة

يتطرق فاعور إلى تراجع الخصوبة لدى اللبنانيين، وكذلك تصنيف الأمم المتحدة للبنان على أنه "أسرع دولة في تناقص عدد السكان المقيمين، إذ تراجع من ستة ملايين و820 ألف نسمة خلال 2020، إلى خمسة ملايين ونصف المليون حالياً"، معزياً ذلك إلى "الهجرة الصافية" التي ظهرت بوادرها في 2015، وصولاً إلى مغادرة الكفاءات من القوى العاملة والمهارات كالأطباء والمهندسين وغيرهم.

ووفق دراسة "مسح القوى العاملة والأحوال المعيشية للأسر في لبنان"، الذي نفذته إدارة الإحصاء المركزي بالتعاون مع منظمة العمل الدولية والاتحاد الأوروبي في 2018، تبين أن متوسط عدد أفراد الأسرة اللبنانية قد انخفض بشكل لافت من 4.6 شخص في 2004 إلى 3.6 شخص عام 2018.

هنا يتخوف فاعور من أن "لبنان بات دون مستوى الإحلال لأن الخط الأحمر يشكل 2.2 طفل للمرأة الواحدة"، منبهاً إلى "انخفاض الخصوبة العامة، وبخاصة في أقضية جزين (3.3 طفل)، والبترون وكسروان وراشيا (3.4)، أما في المتن فقد بلغ (3.5)، ثم (3.4) بالعاصمة بيروت.

ببساطة تراجع معدل عدد الأطفال لكل امرأة من ستة صغار خلال ستينيات القرن الماضي، إلى 1.5 طفل في الوقت الحاضر، نتيجة التحولات الديموغرافية المتسارعة في البلاد منذ الحرب اللبنانية، فالأسر المكونة من شخصين باتت تشكل نحو ثلث مجموع الأسر اللبنانية.

ويرى مدير مركز السكان والتنمية اللبناني أن "الزيادة في أعداد المسلمين تكاد تنحصر في عكار وشمال لبنان، وهي ناجمة بشكل أساسي عن ارتفاع نسبة الولادات لدى السكان المجنسين عام 1994، الذين وصل عددهم اليوم بين 350 ألفاً و400 ألف".

تحول ديموغرافي خطر

يعتقد علي فاعور أن "ما يعيشه لبنان هو نتيجة ما صنفه البنك الدولي بثاني أسوأ أزمة تمر بها دولة في التاريخ"، إضافة إلى أنه "البلد الأول من حيث نسبة اللاجئين مقارنة بعدد سكانه لأن عدد اللاجئين الموجودين في لبنان تجاوز مليوني شخص، وقد يصل إلى مليونين ونصف المليون شخص، بحسب بعض التقديرات أغلبيتهم من النازحين الاقتصاديين، مقابل أربعة ملايين و800 ألف مقيم في لبنان من ضمنهم 20 في المئة أجانب من دون حساب المخيمات السورية"، بحسب دائرة الإحصاء المركزي في 2018.

واختتم حديثه بقوله "منذ عام 2021 تجاوزت ولادات النازحين عدد اللبنانيين في تسعة أقضية، منها البقاع الغربي وراشيا والشوف وعكار والضنية"، وهذا ينذر بتصدعات ديموغرافية على مستوى لبنان، وقد يتفاقم ذلك مع رغبة ثلثي الشباب اللبناني في الهجرة نتيجة حالة اليأس.


لبنان الأكثر شيخوخة بين الدول العربية.. مقابلة د. علي فاعور في "اندبندنت عربية"..

 

لبنان الأكثر شيخوخة بين الدول العربية

 ، "مقابلة د. علي فاعور مع الصحافية كارين ضاهر عبر "أندبندنت عربية

  الخميس 11 أيار/مايو 2023



يعد لبنان البلد الوحيد من 237 دولة في العالم، الذي يفتقد إلى التعداد السكاني منذ الاستقلال، إنما يؤكد المشهد الحالي والمسوح السكانية غير الشاملة التي تجرى في البلاد بتمويل من الهيئات الدولية والأمم المتحدة، تحولاً جذرياً ومقلقاً قد لا تظهر نتائجه في المدى القريب، بل هو يهدد بانفجار ديموغرافي خلال سنوات، قد لا تكون التحولات الحاصلة اليوم في البنية السكانية الأولى من نوعها، فالهجرة لعبت دوراً بارزاً في السنوات الأخيرة في التغيير على مستوى الهرم السكاني في البلاد، وهي ليست المرة الأولى التي يمر فيها لبنان بتجربة مماثلة، لكن من المؤكد أن الوضع الحالي أخطر بكثير ولا يشبه ما نشهده من تغيير في بنيته السكانية، أي تحول سابق في تاريخه مع وجود عوامل ومعطيات تزيد من خطورة الوضع وتستدعي التفكير باستراتيجيات وسياسات قد تسهم في مواجهة هذا الخطر الداهم في السنوات المقبلة.

الخطر أكبر بوجود اللاجئين والنازحين

الهجرة وتراجع معدلات الزواج والولادات وشيخوخة السكان، كلها عناوين كثر الحديث عنها أخيراً في ظل الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي تعصف بلبنان، وكلها عناصر تجتمع لتشكل تهديداً للبنية السكانية في لبنان. بحسب أرقام المديرية العامة للأحوال الشخصية تراجعت معدلات الولادات من 86584 ولادة في عام 2019 إلى 74049 في عام 2020، ثم عادت وانخفضت إلى 68130 ولادة في عام 2021، نتيجة الأزمة وتردي الوضع الاقتصادي وتزايد معدلات الفقر، ما يؤثر حكماً في النمو السكاني، بوجود هذه العناصر مجتمعة، يحذر الدكتور في العلوم الجغرافية والباحث في شؤون السكان علي فاعور من الانفجار الديموغرافي المتوقع بعد سنوات إذا بقي الوضع على حاله من دون تدخل جدي في هذا المجال.

يدق ناقوس الخطر لأن لبنان يشهد تصدعات وانكسارات في بنيته السكانية، بما يشبه البنية الطبيعية التي تتعرض لزلازل، فقد تعرضت البنية السكانية لتصدعات من مرحلة الحرب نتيجة الهجرة وتناقص عدد السكان وانخفاض عدد أفراد الأسرة وأعداد الزواجات والولادات، كما يحصل عادةً في الأزمات، بالتالي ليست المرة الأولى التي يشهد فيها لبنان تحولاً من هذا النوع، إلا أن الوضع الديموغرافي أكثر خطورة حالياً بسبب هشاشة البنية السكانية، ففي مرحلة الحرب استطاع لبنان أن يتخطى التحولات الحاصلة، أما اليوم فالخطر أكبر بوجود لاجئين ونازحين في لبنان بمعدل هو الأعلى في العالم بالنسبة إلى عدد السكان والمساحة، فإذا كان لبنان قد عبر مرحلة الحرب مع تصدعات في البنية السكانية، تأتي حالياً بوجود ما يعادل نصف عدد السكان من اللاجئين.

ينتج الضعف الأساسي في البنية السكانية عن التعطيل والصراعات السياسية والفراغ، في ظل الأزمة الاقتصادية والانهيار الحاصل وحال الإفقار والتجويع التي أدت إلى هجرة الشباب، وبحسب تصنيفات شعبة السكان التابعة للأمم المتحدة، أتى لبنان في المرتبة الأولى بين الدول في تناقص عدد السكان. كما تؤكد الإحصاءات الأخيرة أن النمو السكاني في لبنان بطيء جداً. فقد أظهر مسح أجري في عام 1996 أن عدد سكان لبنان هو ثلاثة ملايين و126 ألف نسمة، وأظهر مسح عام 2019 أن العدد بلغ أربعة ملايين و800 ألف نسمة بنسبة 20 في المئة من غير اللبنانيين، أما حالياً فتشير التقديرات إلى أن عدد السكان يقارب ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة، وعلى رغم غياب إحصاءات دقيقة تؤكد عدد المقيمين الفعلي على الأراضي اللبنانية، في ظل الهجرة وتناقص عدد السكان، يقدر فاعور عدد المقيمين في لبنان بنحو ثمانية ملايين نسمة، مشيراً إلى أن لبنان يعد الدولة العربية الأولى التي أكملت مرحلة التحول الديموغرافي مع دخوله في مرحلة شيخوخة السكان في ظل هذه التحولات الديموغرافية الكبرى الحاصلة.

مؤشرات مقلقة عديدة

من المؤشرات التي تدعو للقلق أيضاً، مستوى خصوبة المرأة الذي يدل على استمرار التكاثر السكاني، كان هذا المستوى 1.8 طفل في الأسرة للمرأة الواحدة في عام 2017، وهو يقارب حالياً 1.5 أو 1.4، إذا ما استثنينا غير اللبنانيين، علماً أن انخفاض مؤشر مستوى الخصوبة إلى ما دون الخط الأحمر أي دون معدل الولدين، يستدعي حكماً من الدول وضع سياسات وخطط إنمائية واجتماعية واقتصادية، تماماً كما حصل في اليابان التي تحتل المرتبة الأولى بين الدول التي بلغت الشيخوخة بوجود نسبة 28 في المئة من السكان ممن تخطوا عمر 65 سنة، لذلك، وضعت اليابان خططاً لرعاية الأطفال مع تقديمات بحسب عدد الأطفال من تعليم ومساعدات وغذاء لزيادة معدلات الإنجاب ومواجهة هذا الواقع.

في لبنان، يعد غياب التعداد السكاني وضبابية الأرقام ونشر المعلومات المضللة مشكلة لا يمكن الاستهانة بأهميتها وهي خطر يهدد لبنان أيضاً. لكن على رغم غياب للإحصاءات الدقيقة والمسح الشامل، يؤكد الواقع الحالي أن البنية السكانية في لبنان مهددة بمزيد من التغييرات مع تراجع عدد الولادات وانخفاض متوسط عدد أفراد الأسرة اللبنانية مع تراجع ملحوظ في عدد الصغار في السن، لكن يخشى فاعور ألا تعكس الأرقام حقيقة الوضع بوجود التباينات المناطقية الشاسعة على رغم صغر مساحة لبنان، ففي سبعة أقضية في لبنان، يظهر أن المستوى العام للخصوبة دون الخط الأحمر في المناطق ذات الأغلبية المسيحية بشكل خاص، في المقابل، يزيد مستوى التكاثر السكاني في عكار والمنية الضنية في شمال لبنان حيث ترتفع نسب المجنسين، وبشكل عام، النمو السكاني غير موجود إلا في مناطق محدودة في لبنان، فيما هو في غاية البطء في مناطق أخرى.

ينطبق هذا على معدلات المسنين، إذ تلعب التباينات المناطقية دوراً مهماً أيضاً، لكن الصورة العامة تؤكد أن لبنان في مرحلة الشيخوخة، ففي لبنان أعلى نسبة من كبار السن في المنطقة العربية، يستدعي ذلك التدخل بجدية لمواجهة الارتفاع الكبير في عدد المسنين في السنوات الأخيرة في مقابل تراجع معدلات فئة صغار السن. فلا بد من وضع سياسات لرعاية المسنين وفق ما تتطلبه الظروف، مع الإشارة إلى أن دول العالم تواجه هذا الخطر، لكنها وضعت سياسات لمواجهته، كما فعلت أوروبا مع وضع خطة الهجرة الانتقائية.

سياسات لمواجهة الخطر

خطورة الوضع في لبنان اليوم في أن الهرم السكاني الذي من المفترض أن تكون قاعدته من الصغار في السن مقلوب، إذ يشكل المسنون نسبة كبرى من سكانه، فيما تهدد الهجرة بالأسوأ في لأيام المقبلة، وقد خسر لبنان بالفعل من عام 2019 نسبة 10 في المئة من سكانه، والهجرة اليوم أكثر خطورة مع تناقص عدد السكان ووجود الهيئات التي ترعى غير اللبنانيين حتى باتوا يشكلون نصف عدد سكان لبنان، مع ارتفاع معدلات الولادات بينهم، ومن المتوقع أن يتخطى عددهم عدد اللبنانيين في السنوات المقبلة على الأراضي اللبنانية.

هو خطر مستقبلي يستدعي وضع سياسات إنمائية بالتعاون مع الهيئات الدولية لمواجهة التغيير الجذري في معالم الخريطة الديموغرافية والتغيير العميق في التركيبة السكانية الهشة أصلاً، وفق ما يوضحه فاعور "في حال استمرار السياسات الفاشلة واستمرار الدعم من المجتمع الدولي لتثبيت النزوح السوري ودمج اللاجئين، وبغياب الأرقام التي تؤكد أعداد اللاجئين وتوزيعه، وبغياب السياسات السكانية الواضحة للتعامل مع الملف، من المتوقع أن يحصل تغيير عميق غير قابل للتصحيح في وجه لبنان في السنوات المقبلة، وهناك خطة ممنهجة وواضحة تحصل بدعم المجتمع الدولي وتنفذها الهيئات الدولية لمنع عودة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في استعادة لتجربة إدارة ملف اللاجئين الفلسطينيين، وعندها سيسهل تثبيت التغيير الديموغرافي عبر إغراق لبنان في مزيد من الفوضى والانهيار، وسيؤدي ذلك إلى تغيير بارز في المكونات السكانية".