Wednesday, April 27, 2022

لبنان في المرتبة الأخيرة في العالم من حيث ({ ‏Fiscal Health‏ ) "الصحة المالية" ‏

لبنان في المرتبة الأخيرة في العالم من حيث "الصحة المالية Fiscal Health " .. د. علي فاعور

مؤشر الحرية الاقتصادية (Index of Economic Freedom,)

لقد جاء موقع لبنان في مرتبة متأخرة على المستويين الإقليمي والدولي، بحسب مؤشر الحرية الاقتصادية[1] ( 2022 Index) لعام 2022 فقد حيث صنّف إقتصاد لبنان في المرتبة 162  بين دول العالم (177 دولة وهناك 7 دول لا تتوفر بيانات عنها)، وفي المرتبة 12 من بين 14 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث نال درجة اجمالية متدنية بلغت (47,3 )، وهي أقل من المتوسطات الإقليمية والعالمية.

لقد شهد الاقتصاد اللبناني نموا سلبيا خلال السنوات الخمس الماضية. وقد انعكس هذا الانكماش الاقتصادي الطويل بشكل مطرد في تدهور الحرية الاقتصادية. مع انخفاض النتيجة في سبعة من

12 مؤشرًا ، ومنذ العام 2017، فقد سجل لبنان خسارة اقتصادية إجمالية قدرها 6.0 نقاط، حيث تراجع إلى تصنيف متأخر في فئة الدول "المكبوتة" Repressed...

وتعتبر بحسب المؤشر حرية التجارة قوية نسبيًا ، لكن الصحة المالية  Fiscal Healthللبنان هي الأدنى في العالم.



ويوثق مؤشر الحرية الاقتصادية العلاقة الإيجابية بين الحرية الاقتصادية ومجموعة متنوّعة من الأهداف الاجتماعية والاقتصادية الإيجابية، وترتبط مُثُل الحرية الاقتصادية ارتباطًا وثيقًا بالمجتمعات الأكثر صحة ، والبيئات النظيفة ، وزيادة نصيب الفرد من الثروة ، والتنمية البشرية ، والديمقراطية ، والقضاء على الفقر.

 

نقيس الحرية الاقتصادية بناءً على 12 عاملاً كميًا ونوعيًا، وهي مجمعة في أربع فئات أو ركائز عريضة للحرية الاقتصادية، وهي تشمل:

1.                    سيادة القانون Rule of law  (حقوق الملكية ، نزاهة الحكومة ، فعالية القضاء).

2.                  حجم الحكومة  Government size (الإنفاق الحكومي ، العبء الضريبي ، الصحة المالية).

3.                  الكفاءة التنظيمية Regulatory efficiency  (حرية الأعمال ، حرية العمل ، الحرية النقدية).

4.                   الأسواق المفتوحة  Open markets  (حرية التجارة ، حرية الاستثمار ، الحرية المالية).

يتم تصنيف كل من الحريات الاقتصادية الاثني عشر ضمن هذه الفئات على مقياس من 0 إلى 100.

كما جرى تصنيف الدول وتوزيعها في خمس فئات، من الأعلى في مقياس الحرية الإقتصادية إلى الأدني المفموع، وهذه الفئات هي:

حر (100-80)  Free.. معظمها حر (79.9-70)  Mostly free.. معتدل حرية (69.9-60)   Moderatly free

غير حر في الغالب (59.9-50)  Mostly unfree... مقموع (49.9-0)  Repressed

كما يتم الحصول على الدرجة الإجمالية لأي بلد من خلال حساب متوسط ​​هذه الحريات الاقتصادية الاثنتي عشرة ، مع إعطاء وزن متساوٍ لكل منها.

أما تصنيف لبنان فقد جاء في المجموعة الأخيرة حيث الحرية الإقتصادية مكبوتة  (Repressed 47.3)، لكن البيانات التفصيلية تكشف أن  لبنان قد جاء في المرتبة الأخيرة في العالم من حيث "الصحة المالية Fiscal Health " حيث بلغ متوسط ​​عجز الميزانية 10.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، والدين العام يعادل 154.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي (الرسم البياني المرفق).





[1]  تصنيفات الدول حسب مؤشر الحرية الإقتصادية لعام 2022، وشمل التصنيف 177 دولة، وهو مؤشر يصدر منذ 28 عاماً، ويُغطي 12 مؤشر للحرية الإقتصادية من حقوق الملكية إلى الحرية المالية في  184 دولة حول العالم .

Index of economic freedom, 2022, Country rankings, the Index of Economic Freedom, an annual guide published by The Heritage Foundation, Washington's No. 1 think tank.

Sunday, April 17, 2022

وأخيراً..يا بيروت..د. علي فاعور... بيروت مدينة متفرّدة عبر التاريخ..

 

بيروت مدينة متفرّدة عبر التاريخ..د. علي فاعور...
وأخيراً..يا بيروت..آلهةُ البحر الأزرق تسكنُ في عينيكِِ...




بيروت...


هذه المدينة الساحرة التي أحببت، المستلقية أمام هذا البحر الأزرق وهدير الأمواج، وهي عروس الشاطئ، تتنزه مع الصبايا أمام كورنيش البحر الطويل، يعجُ بالناس صباح مساء..ومراكبُ الصيادين.. والأسماك تغني.. وطيور النورس تلعبُ مع الريح فوق صخور المنارة والروشة وعين المريسة.....
وأخيراً..يا بيروت..
آلهةُ البحر الأزرق تسكنُ في عينيكِِ...
كلما نظرتُ إليها تغمرني أمواجُ البحرِ..
..فأغرق..
من كلمة ألقيتها عام 2009، في إفتتاح المؤتمر الدولي: "قراءات متعددة لمدينة بيروت" ، وفيما يلي النص الكامل :
كلمة الدكتورعلي فاعور عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية
في افتتاح المؤتمر الدولي "قراءات متعددة لمدينة بيروت"
الذي نظمه قسم اللغة الفرنسية وآدابها (بالتعاون مع قسم الفنون والآثار)
في كلية الآداب والعلوم الانسانية.
يوم الثلاثاء بتاريخ 28/4/2009
.....
بيروت مدينة الحياة والحب والجمال، لا مدينة الأحجار والباطون المسلح، وهي مدينة الشوارع الضيّقة الملتوية في الأسواق القديمة المسقوفة، والواجهات الخشبية الدافئة التي تلهم المخيلة وتجذب السواح في أزقة المدينة العتيقة، حيث تمتلئ المدينة بالحيوية وتعج بالحركة. كلها علامات مرئية ومحسوسة ومخفية أحياناً، تتجسد من خلال التمازج في تنظيم وتوزيع الأشكال والمساحات في المجال المديني..
بيروت ليست الأبراج العالية والواجهات الزجاجية الباردة والأشكال الهندسية ذات الزوايا القائمة.. وهي مدينة حيّة لا مدينة جامدة.. مدينةُ الشعراء لا مدينة صحراء... هي مدينة الإيحاءات والذاكرة حيث لكل إضافة علامة مميّزة في الشارعِ أو الساحة، وهي التي تلفتُ انتباهَ الناسِ وتشعرهم بوجودهم فيها..
إن عدم توفر شروط الحياة اللازمة في المدينة، ثم نسيان المدينة لطبيعتها الحقيقية وهدفها، يدفع الناس الى الابتعاد والهروب عنها، بل إن المشاهد المدينية الغنية بهذه العلامات الثقافية أو النفسية هي التي تزيد من ارتباط الناس بالمدينة وتساعد في رسم مستقبلها.. ذلك أن الانسان يتعامل مع المدينة بحواسهِ وأحلامهِ، وهو في الأساس يعيش فيها كشاعر...
بيروت ليست هذا الكورنيش الصخري المسلح بالباطون، الممتد ليحجب لون البحر ويشوه وجه المدينة اليوم حيث تتكاثر الأبنية المتعددة الطوابق لتغطي واجهة بيروت، فتمنعَ عنها هواءَ البحر وزرقةَ المياه..وبيروت ليست هذا الوسط التجاري بأبنيته العملاقة المتعددة الطوابق، ذات الواجهات الزجاجية الباردة، بل هي المدينة العتيقة بأسواقها القديمة، حيث الوسط الانساني الذي يعج بالناس والحياة... ذلك أن بناء مدينة وفق قوانين الهندسة المعمارية وحدها لايكفي، لأن المسألة لا تقتصر على البناء وفن العمارة، فالهندسة المعمارية كما يقول المهندس اليوناني الشهير أوبالينوس " ليست إلا شكلاً من أشكال محبة الناس"...
بل إن خلق مدينة يستوجب الاستعانة بقوانين علم النفس والتاريخ، وعلم الاجتماع والجغرافيا، وحتى الفلسفة والشعر والموسيقى...وذلك لتصميم الحدائق والساحات ووضع النصب والتماثيل، وتصميم برك المياه وتوزيع المقاعد للمتنزهين، واختيار أماكن المقاهي واللهو، لأنها ستكون أماكن تجمع للناس في المدينة.. ثم أليست دراسة المدينة هي معرفة كيف يجتمع الناس في الوسط الإنساني، وكيف يتعاملون؟ وما هي حدود البيئة الاجتماعية والمحددات التي تفرض نفسها في تركيب الوسط المديني؟
تبقى كلمة أخيرة لبيروت... هذه المدينة الساحرة التي أحببت، المستلقية أمام هذا البحر الأزرق وهدير الأمواج، وهي عروس الشاطئ، تتنزه مع الصبايا أمام كورنيش البحر الطويل، يعجُ بالناس صباح مساء..ومراكبُ الصيادين.. والأسماك تغني.. وطيور النورس تلعبُ مع الريح فوق صخور المنارة والروشة وعين المريسة.....
وأخيراً..يا بيروت..
آلهةُ البحر الأزرق تسكنُ في عينيكِِ...
كلما نظرتُ إليها تغمرني أمواجُ البحرِ..
..فأغرق..
بيروت حاضنة المدن وبوابة الشعر والفن ، ومدينة التعددية وعاصمة عالمية للكتاب والكتابة والابداع..