Friday, January 19, 2018

النزوح السوري والتغييرات الديموغرافية.. سياسات فاشلة قد تغير وجه لبنان

النزوح السوري والتغييرات الديموغرافية

سياسات فاشلة قد تغير وجه لبنان

الدكتور علي فاعور

 



ورقة مقدمة إلى المؤتمر السنوي السابع، بعنوان: "النزوح السوري في لبنان: تداعيات وحلول"، التيار الوطني الحر، مركز الأبحاث والدراسات، فندق  PADOVA، سن الفيل، مفرق   HOME CENTER- FUTURO SCOPE تاريخ 19 كانون الثاني 2018.

 

أولاً -  الخريطة الديموغرافية الجديدة

1.     تنظيم جغرافية لبنان: الأرض والحدود.

2.     لبنان دولة بلا أرقام.

3.     ثمانية ملايين ساكن في لبنان.

ثانيا – مخاطر الإندماج الإجتماعي ولبنان مخيم كبير

1.        الهروب من الأزمة والتلاعب بالأرقام

2.     المرحلة الأولى في "برلين وجنيف"،  حتى نهاية عام 2014 .

3.     على الأرض الوضع كارثي ولبنان مخيّم كبير.

4.     أرقام مخيفة في الخرائط  ولبنان فقد القدرة على الإستيعاب.

 

ثالثا - حقائق مخاطر التوطين ومحاولات التجنيس

1-    محاولات توطين اللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948.

1.     دورة الأمم المتحدة (الدورة 71) في نيويورك: تقرير الأمين العام بان كي – مون، ودعوة الرئيس أوباما لإعادة توطين اللاجئين.

2.     دورة الأمم المتحدة (الدورة 72) في نيويورك:  خطاب الرئيس الأمريكي ترامب، وخطاب الرئيس اللبناني عون.

 

رابعاً- عودة النازحين: ماذا بعد إنشاء مناطق آمنة؟

1.     إنشاء "مناطق حفض التصعيد" في سوريا.

2.     تخيّلوا ماذا سيحدث بعد عشر سنوات؟

3.     "إنشاء مناطق آمنة في سورية تقابها عودة آمنة للنازحين في لبنان" .

خلاصة: الإنفجار العام - هل باتت عودة النازحين مستحيلة؟


===================================

 

النزوح السوري والتغييرات الديموغرافية

سياسات فاشلة قد تغير وجه لبنان

 

أولاً - الخريطة الديموغرافية الجديدة

 


1-    تنظيم جغرافية لبنان: الأرض والحدود

    منذ إعلان دولة لبنان الكبير في الأول من ايلول عام 1920، وطوال نحو 100 عام فقد فشل النظام السياسي في تنظيم جغرافية لبنان في حدودها الحالية، وذلك برغم مساحة البلاد الصغيرة، وبدل أن يتحول الموقع الجغرافي إلى نعمة للبنان، فقد حلّت لعنة الجغرافية على اللبنانيين بفعل الإنقسامات الداخلية والنزاعات في الشرق الأوسط..

    المشكلة الأساسية تبدأ في الجغرافية، وهي مستمرة نتيجة ضعف السلطة السياسية في تنظيم الأراضي وحماية الحدود، والإنماء المناطقي وحرمان الأطراف، فقد تم إستباحة الأرض اللبنانية طيلة السنوات الماضية، ثم إفراغ بعض المناطق البعيدة من سكانها، وإهمالها دون مشاريع إنمائية لتثبيت الناس في اراضيهم وتشجيع المقيمين على البقاء بتأمين الأمن والإنماء لهم، وبخاصة بعد الحرب اللبنانية التي توقفت في التسعينات على وعود بتحقيق الإنماء المتوازن وتطبيق اللامركزية الإدارية لإنماء المناطق ومحاربة الفقر.. لكن شيئاً لم يتحقق نتيجة الفشل السياسي في تنظيم إستخدامات الأراضي،  حيث تضاعفت موجات هجرة الشباب، وإستمرت عمليات التبديل الديموغرافي بين المناطق وترافقت مع حركة بيع الأراضي للبحث عن وطن في الخارج، مما أدى إلى تغيير الخريطة الديموغرافية في الداخل، حيث توزعت المناطق على الطوائف وبات لكل طائفة خريطة سياسية، ولكل منطقة وجهها الطبيعي المختلف.

2-      لبنان دولة بلا أرقام

     تعتبر الحالة الإحصائية في لبنان، من حيث عدد السكان والقوى  البشرية، حالة فريدة مقارنة بمعظم الدول، بحيث أن التحدي الأساسي اليوم، وبعد انقضاء فترة 85 سنة على التعداد السكاني الأول عام 1932، هو في كشف الحقائق والأرقام حول أعداد السكان المقيمن في لبنان ويعيشون على أرضه، من جنسيات متنوعة، لبنانيين وغير لبنانيين، وبخاصة بالنسبة للهجرات غير الشرعية من العمال العرب والأجانب، وعدد المكتومين من الأطقال وعديمي الجنسية..

لبنان اليوم بلد الهجرات الوافدة، حدود مفتوحة لجنسيات مختلفة عربية وأحنبية من أكثر من 188 دولة حول العالم، هذا بالإضافة الى النزوح السوري الكثيف، وكذلك النزوح العراقي، بالإضافة لأعداد اللاجئين الفلسطينيين من سوريا وكذلك المقيمين في لبنان منذ عام 1948. كلّ هذا يعني أنّ عدد سكان لبنان بات يقارب 8 ملايين ساكن تقريباً، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ لبنان[1].

    وبينما تعتمد مصر الساعة الرقمية لعدد السكان البالغ أكثر من 100 مليون نسمة، يتبيّن أنه لا توجد في لبنان قاعدة بيانات للسكان، ولا أرقام موحدة حول أعداد المهاجرين واللاجئين من العرب والأجانب، فهناك اليوم مصادر عدة للأرقام بحسب طبيعة عمل المؤسسات الحكومية، من وزارة العمل التي تمنح رخص العمل للأجانب في لبنان، إلى وزارة الشؤون الاجتماعية التي ترعى شؤون اللاجئين، إلى المديرية العامة للأمن العام اللبناني التي تمنح وثائق الإقامة وتأشيرات الدخول للأجانب، إلى إدارة الإحصاء المركزي التي تقوم بتحقيقات دورية، وتتولى مهام إصدار الدليل الإحصائي السنوي، إلى مصلحة النفوس في المديرية العامة للأحوال الشخصية في وزارة الداخلية، إلى غير ذلك من المديريات العامة، بحيث تتعدد المصادر والمواقع، وأحياناً تختلف معها الأرقام، خصوصاً منذ العام 1977، بعد إلغاء وزارة التصميم العام، وإنشاء "مجلس الإنماء والإعمار" وغيره من المجالس والإدارات العامة، وعدم إجراء التعداد السكاني منذ العام 1932، ما فتح الباب على العديد من التقديرات المبنية على استقصاءات، تبيّن لاحقاً أنها لا تتطابق مع الواقع السائد في لبنان، سواء بالنسبة لعدد السكان المقيمين، من لبنانيين وأجانب، وتوزيعاتهم الجغرافية، أم لعدد المغتربين ما وراء البحار..

 

3-    ثمانية ملايين ساكن في لبنان

    بلغ عدد السكان المقيمين في لبنان[2]، بحسب آخر تقديرات (أجرتها إدارة الإحصاء المركزي في لبنان ACS)، العام 2007، نحو 4,042,858 نسمة)، حيث تبيّن أن نسبة المقيمين الأجانب (بمن في ذلك من الفلسطينيين)، كانت تمثل نحو 9 في المئة، وغالبيتهم من اللاجئين الفلسطينيين الذين جاؤوا منذ ما بعد العام 1948.

   أما بالنسبة لعدد السكان المقيمين، ممن يحملون الجنسية اللبنانية، وهم يقيمون في لبنان، فتبلغ أعدادهم بحسب بعض التقديرات (الدولية للمعلومات)، نحو 3,9 ملايين نسمة، وهم يشكلون نسبة تبلغ 74,6 في المائة من مجمل اللبنانيين، الذين يحملون الجنسية اللبنانية، وذلك في مقابل 25,4 في المئة من حاملي الجنسية اللبنانية المقيمين خارج لبنان، ويصل عددهم إلى حوالي 1,3 مليون نسمة[3].

    كما يتبيّن بحسب آخر جداول الشـطب، أن عدد الناخبين في لبنان، ممن هم فوق سنّ الـ21 سنة، قد بلغ عام 2017 بلغ 3,685,786 ناخباً في مقابل 3,257,230 ناخباً في آخر انتخابات عام 2009، بمعدل نمو بلغ 13,16 في المئة في ثماني سنوات، بحيث يمكن تقدير مجمل عدد اللبنانيين المسجلين في سجلات المقيمين  بنحو 6.265.836 شخص.

 

، يضاف إليهم أكثر من مليونين من النازحين السوريين، ونحو نصف مليون فلسطيني من اللاجئين، ومئات الآلاف من العاملات الأجنبيات والعمال من جنسيات مختلفة، والمهاجرين غير الشرعيين.

    أما عدد المقيمين على الأراضي اللبنانية من غير اللبنانيين فيتبين بحسب التقديرات التي أجريناها بالتفصيل أن مخزون المقيمين العرب والأجانب، يبلغ نحو 3,720,000 نسمة، بحيث بات لبنان اليوم أشبه بخزان كبير قابل للإنفجار يضم النازحين واللاجئين والعمال المهاجرين، والمهاجرين غير الشرعيين على اختلاف جنسياتهم، وذلك بحسب التوزيعات والمعطيات الآتية:

 

-         بالنسبة للعمال السوريين في لبنان،

   قبل إندلاع الأزمة السورية كان يقدر عدد العمال السوريين المقيمين في لبنان بشكل مؤقت، بحوالي 500,000 عامل.أما في الفترة الأخيرة وبعد مضي قرابة سبع سنوات على بدء الأزمة السورية (منتصف آذار 2011)، يتبيّن بحسب إحصاء رسمي (حصلت عليه "الأخبار[4]") من مصادر أمنية رسمية، أنه وحتى شهر أيلول 2017 ، فقد أحصي دخول 1,800,000 نازح سوري وفلسطيني دخلوا شرعياً الى لبنان عبر المعابر الحدودية، تضاف إليهم أعداد أخرى من النازحين الذين دخلوا بطرق غبر شرعية وهم اليوم بدون أوراق إقامة قانونية..

أما بحسب سجلات المفوضية العليا للاجئين، فقد بلغ عدد اللاجئين السوريين إلى لبنان حتى 30 حزيران 2017، نحو 1,001,051 نازح[5]، بينما يبلغ إجمالي عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى المفوضية 5,344,363 لاجئ ختى تاريخ 16 تشرين الثاني 2017. ثم إرتفع العدد إلى (5,481,218 لاجئ في 2 كانون الثاني 2018).

    إضافة الى حركة تهريب واسعة عبر الحدود البرية لا زالت مستمرة، تقوم بها يوميا شبكات متخصصة لنقل آلاف النازحين من سورية، بالإضافة لأعداد كبيرة من المهاجرين الوافدين عبر المعابر غير الشرعية، بحيث أنه بات أكثر من نصف النازحين السوريين في لبنان هم من غير المسجلين لدى المفوضية العليا للاجئين، عدا عمّن دخلو بصورة شرعية عبر موجات النزوح الكبرى ثم فقدوا أوراقهم ممن يصعب الوصول إليهم. لهذا يُقدر آخر إحصاء رسمي (بحسب مصادر الأمن العام) لعدد النازحين السوريين الفعلي بنحو مليوني نازح[6] ، (بينما يبلغ عدد السوريين الذين يملكون وقوعات رسمية 1,312,268يضاف إليهم عدد آخر من النازحين المقيمين دون وثائق قانونية).، يضاف إليهم ايضاً عدد الفلسطينيين المسجلين في لبنان ويُقدر عددهم بحسب وكالة غوث اللاجئين "الأونروا" نحو 449,957 لاجئاً مسجلين رسمياً.

   ويبلغ عدد الدول التي لها رعايا في لبنان، بإقامات صالحة أو غير صالحة، نحو 188 دولة وهذا ما يجعل عدد الموجودين غير اللبنانيين في لبنان يتراوح بين ثلاثة ملايين وسبعماية ألف وأربعة ملايين عربي وأجنبي.

 

-         أطفال النازحين السوريين من المولودين في لبنان

    بحسب بيانات المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة (منذ بداية الأزمة عام 2011، ولغاية أيلول 2014 )، فقد بلغ عدد الولادات الحاصلة في لبنان للاجئين السوريين  36,870  ولادة، سبعون بالمئة منها غير مسجلة، كما تشير وزارة الصحة العامة إلى أن عدد الولادات في لبنان قد بلغ69,948 لبناني و 39,269 غير لبناني (معظمهم من النازحين السوريين لأن أرقام وزارة الصحة لا تشمل الفلسطينيين) عام 2015 .

    ويواجه هؤلاء الأطفال الذين لا يحوزون وثيقة ولادة خطر التعرض لانعدام الجنسية، إذ إنه سيكون من الصعب عليهم إثبات مكان ولادتهم وهوية أهلهم وتالياً تابعيتهم السورية في ما بعد، لهذا فقد تسارعت الإتصالات لتسجيل وقوعات الولادة والزواج للسوريين المخالفين لشروط الإقامة في لبنان وذلك في إطار السَعي لإعادة النازحين السوريين الى بلدهم، وقَوننة تسجيل وقوعات الأحوال الشخصية لهم في السفارة السورية في بيروت، إذ تحرّكت وزارة الخارجية في لبنان بناء على مذكرة صادرة عن السفارة السورية  في 2-10-2017 تتمنى بموجبها على السلطات اللبنانية المختصّة، العمل على تسجيل  وقوعات الاحوال الشخصية خصوصاً الزواج والولادة، للأشخاص السوريين الذين لا يحملون إقامات قانونية صالحة، تسهيلاً منها لنَيلهم المستندات الثبوتية الشخصية السورية، وبالتالي تسهيل عودتهم الى وطنهم. ذلك أنه مع الوقت فقد تزايد عدد حالات الولادة والزواج غير المسجّلة، والتي لا يملك أصحابها وثائق ولادة أو زواج لبنانية، ولا سيما في مخيمات النازحين السوريين المنتشرة على طول الأراضي اللبنانية. ونتيجة هذا التنسيق فقد بدأت عملية تسجيل ولادات النازحين السوريين التي تقدَّر بعشرات الآلاف، وما أمكن تسجيله حتى منتصف عام 2017 يزيد عن 260 ألف حالة ولادة منذ العام 2011.

- ملف المجنسين عام 1994:

    بلغ العدد الإجمالي للذين نالوا الجنسية بحسب مرسوم تجنيس عام 1994 هو 202527،  وقد  توزع المجنسون على 80 دولة من مختلف أنحاء العالم[7]، وتشير تقديرات إلى أن عدد المجنسين عام 1994 قد إرتفع اليوم ليبلغ  بين 350 و 400 ألف تسمة. وهم يشكلون حالة استثنائية كون غالبيتهم من المسلمين، مما أدى إلى حدوث خلل في التوازن الديموغرافي[8].

وفي عام 2013 وبرغم الخلافات السابقة حول أعداد المجنسين وتوزيعاتهم الطائفية، فقد تم منح الجنسية اللبنانية لدفعة جديدة[9]، حيث جرى تجنيس  112 شخصاً عربياً واجنبياً.  

-         عشرات الآلاف من عديمي الجنسية في لبنان

    ترى المفوضية العليا للاجئين، في تقرير النداء العالمي 2014 - 2015، أنه «لا تتوفر أعداد دقيقة لعديمي الجنسية في لبنان، ولكنها قد تصل إلى 200,000، وأن ثمة اعتقادا بوجود عشرات الآلاف من عديمي الجنسية في لبنان. ويبرز في لبنان موضوع الاتجار بالأجانب، لذلك فقد وُضع لبنان على لائحة المراقبة في المرتبة الثانية "للدول التي تعاني هذه المشكلة"، ووصف بأنه مركز للاتجار بالأفراد الأجانب، خصوصاً في مجال العمالة القسرية (شبكات التهريب والدعارة).

-         النساء اللبنانيّات المتزوّجات من غير لبنانيّين:

   يتبين بحسب تقرير أعدته لجنة وزارية[10] عام 2012، أنه يوجد في سجلات وزارة الداخلية نحو 76,003 امراة لبنانية متزوجة من اجنبي، وان منح هؤلاء النساء الجنسية سيؤدي الى منح الجنسية الى نحو 380 الفاً من أبنائهم.  أما المتزوجات من فلسطينيين فيبلغن 4800 امراة ويمنحن الجنسية الى 84,012 شخص، علماً أنه تسجل سنوياً 650 حالة زواج فلسطيني بلبنانية.

   والإشارة الأخيرة إلى أن الأرقام تشير إلى الزيجات المسجلة فقط، ويمكن تقدير العدد الإجمالي حتى نهاية عام 2015 ، ما بين : 525,000 و 700,000 شخص إضافي . ويمكن أن يكون الرقم أكبر من ذلك بكثير، في ظل عدم وجود إحصاءات دقيقة والتعتيم الرسمي على الواقع. ويبرز الخلل الديموغرافي كون نسبة 70 في المائة هم من المسلمين[11].

 

ثانياً - مخاطر الإندماج الإجتماعي ولبنان مخيم كبير

1-    الهروب من الأزمة والتلاعب بالأرقام

  تمثل أزمة النزوح السوري أكبر أزمة يواجهها لبنان منذ إعلان دولة لبنان الكبير عام 1920، وأكبر ازمة تواجهها المنطقة منذ إعلان سايكس بيكو قبل 100 سنة.. كما انها من حيث عدد الدول المشاركة فيها، أكبر أزمة في التاريخ الحديث، وأكبر أزمة واجهتها المفوضية العليا للاجئين منذ قيامها عام 1950، وأكبر أزمة يواجهها صندوق الأغذية العالمي منذ تاسيسه عام 1962..

    ومع تزايد موجات النازحين إلى لبنان، وبخاصة منذ بداية الأزمة السورية منتصف عام 2011، فقد إعتمدت الدولة طريقة الهروب وتأجيل مواجهة الأزمة بسبب الإنقسامات السياسية، وطبقت على الأرض سياسة فتح الحدود والمعابر وعدم تنظيم إنتشار النازحين (حريطة رقم 1)، وعدم إنشاء قاعدة بيانات لأعدادهم[12]. بينما بالمقابل فقد طبقت الأردن مثلاً سياسة تعامل مختلفة لجهة تسجيل النازحين على الحدود وإنشاء مخيمات لتجميعهم، وإعتماد تقنيات جديثة "بصمة العين" في تسجيل الوافدين لمعرفة أعدادهم.

   وفي غياب مؤسسات متخصصة بقضايا النزوح والهجرة،  فقد تخلى لبنان عن سيادته حيث تم إلقاء الملف بكامله على مسؤولية المفوضية العليا للاجئين مع شركاء لها يزيد عددهم على 100 جمعية ومنظمة وهيئة محلية وعربية ودولية لا زالت تعمل على الأراضي اللبنانية، وبحسب وزير العمل  (السابق) سجعان قزي، فهو يعتبر أن ثمة تلاعباً بأعداد اللاجئين في لبنان، إذ قدّرت المنظمات الدولية عددهم بأقل من 19في المائة مما هو عليه بين سنتي 2016 و2017، حيث لم تُحتَسب أعداد اللاجئين الذين ليس لديهم عائلات. لا بل أن عدداً كبيرا استحصل على عقود عمل غير شرعية بسبب عجزهم عن الحصول على إجازات عمل من وزارة العمل بين عامي 2014 و2017. وفي السياق عينه، أظهرت دراسة أجرتها الجامعة اليسوعية في بيروت أنه جرى تقدير أعداد اللاجئين بأقل مما هي بنسبة 23 في المائة عام 2016.

 -----------------------------------------------


المصدر: د. علي فاعور "الإنفجار السكاني: هل تبقى سورية؟ وهل ينجو لبنان؟" دار المؤسسة الجغرافية 2015. صفخة 284.

2-     المرحلة الأولى في "برلين وجنيف"،  حتى نهاية عام 2014

   إنعقد مؤتمر برلين للدول المانحة، (28-10-2014)، وذلك لتحديد عدد النازحين في لبنان،  ثم تقدير الحاجات والتكاليف المطلوبة وحجم المساعدات اللازمة. لكن تعدد الجهات المشاركة كشف عن الواقع الفوضوي القائم في لبنان، حيث تبيّن من اللوائح المقدمة إلى المؤتمر، التفاوت الشاسع بين الأرقام المتعلقة بعدد اللاجئين في لبنان، ثم عدد المخيّمات العشوائية، ومناطق إنتشارها، والجهات التي تتعامل مع اللاجئين..

  هذه الفوضى، ثم تعدد المرجعيات التي تتعامل مع اللاجئين، حال دون وضع خريطة شاملة وموحدة، تضم المناطق والتوزيعات الجغرافية، وأعداد اللاجئين، وتحديد المساعدات المطلوبة لهم، حيث عدلت بعض الدول المانحة مواقفها[13]، عندما تبيّن أن بعض الجهات العاملة تستغل النزوح ولا تتعامل بشفافية مع الأرقام.

   لكن رفض الحكومة اللبنانية تنظيم القيود للاجئين، وإعطاء إفادات إقامة، أو التوقيع على إتفاقية جنيف 1951، خشية التوطين وتكرار ماحدث بالنسبة للاجئين الفلسطينيين الذين لا زالوا يقيمون في لبنان منذ عام 1948، وكذلك قرار وقف النزوح الذي إتخذته الحكومة اللبنانية، برغم معارضة الهيئات الدولية.

   لقد جرت محاولة مكشوفة لإستدراج لبنان وإرغامه على توقيع إتفاقية جنيف للاجئين، لكن لبنان أصر في مؤتمر برلين على رفض أي ذكر للإتفاقية في البيان الختامي، خوفاً من إرغامه على قبول إعادة توطين اللاجئين السوريين، وكذلك بالنسبة للاجئين الفلسطينيين.

 

 بعد فشل مؤتمر يرلين (28-10-2014) في الحصول على المعونات والدعم المطلوب من الدول المانحة، فقد تم الإتفاق على عقد مؤتمر آخر في جنيف (في 10-12-2014)، للبحث في مشاركة الدول الأجنبية، في إعادة توطين عدد من اللاجئين من السوريين (مع غيرهم من اللاجئين الفلسطينيين، والعراقيين، والأكراداً ...)، على أساس قبولهم وأسرهم. وقد شارك في الإجتماع عدة دول أوروبية، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، جيث وافقت الدول المشاركة، على توطين نحو 100 ألف لاجئ سوري

    وتعتبر عملية "إعادة التوطين" كمحاولة لنقل اللاجئين من البلدان المضيفة إلى دول أخرى توافق على قبلوهم ومنحهم الاستقرار الدائم فيها. وفد كُلفت المفوضية بموجب نظامها الأساسي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعادة التوطين باعتبارها أحد الحلول الدائمة الثلاثة. لهذا فقد أعدت المفوضية خلال الفترة الأحيرة بيانات عن اللاجئين التابعين للمفوضية الذين قدموا طلباً و/أو غادروا لإعادة توطين محتملة في بلد ثالث من عام 2003 حتى 30 أيلول/سبتمبر 2016. وقد إستفاد من برامج إعادة التوطين حلال الفترة الأخيرة 71,600 نازح سوري، وذلك حلال أول 11 شهراً من عام 2016، حيث غادر لبنان منهم 16,300 شخص.

 

3-     على الأرض لبنان في وضع كارثي فقد تحوّل إلى مخيّم كبير

   مع تزايد اعداد اللاجئين السوريين، وبالمقابل إرتفاع عداد التسجيل لدى المفوضية العليا للاجئين بالآلاف أسبوعياً، وعندما وصل عددهم إلى نحو مليون لاجئ في نيسان عام 2014، حيث كان أكثر من نصفهم من الأطفال[14] (نحو 520,000 طفل)، أدركت المفوضية العليا أن لبنان البلد الصغير بمساحته وعدد سكانه، قد بات في وضع كارثي، وهو مهدد بالإنهيار، "ان تدفق مليون لاجئ، مسؤولية ضخمة في أي بلد، فكيف بلبنان دولة صغيرة تعاني من صعوبات داخلية، إنه لتأثير مذهل"[15]، هذا ما قاله المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة.

    فبعد ثلاث سنوات من بدء الصراع في سوريا، أصبح لبنان في "وضع كارثي"، ويشكل النازحون  اليوم ثاني اكبر كتلة سكانية في لبنان ، وهي تنتشر على مختلف الأراضي اللبنانية[16] وتشكل مخيمات وعشوائيات يزيد تعدادها على 2500 محلية وعشوائية،  وهي تضاف إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المنتشرة على الأراضي اللبناني، والتي باتت تشكل ضغطاً متزايداً على البنية التحتية، حيث يتم تقاسم الخدمات وتتفاقم مشكلات نقص المياه وإنقطاع الكهرباء، مما بات يهدد حياة اللبنانيين ومستقبلهم بينما لا تتأمن وسائل الدعم اللازمة للصمود ولا تكفي المساعدات التي تقدمها الجهات المانحة، مما أدى إلى حدوث مواجهات بين المجتمعات المضيفة والنازحين، وذلك في غياب الحكومة عن مواجهة الأزمة وعدم التحرك وفق خطة واضحة الأهداف وضمن مدة زمنية، ثم عدم وفاء المجتمع الدولي بإلتزاماته تجاه النازحين.

 

   إنتشار النازحين في المخيمات والأحياء الفقيرة: تفاقمت أزمة النزوح نتيجة التوسع في سياسة الإندماج القائمة، والتي تنفذ في جميع الأراضي اللبنانية طيلة السنوات الماضية، حيث أدت موجات النزوح إلى  تبدلات ديموغرافية واسعة على الأرض، ولأسباب أمنية وسياسية فقد إستقبلت المخيمات الفلسطينية مثلاً آلاف النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين من مخيم اليرموك، وبخاصة في مخيم برج البراجنة الذي تحوّل إلى مخيّم للنازحين السوريين الذين باتوا يشكلون أكثر من ثلثي سكانه، بينما تتم حركة إنتشار الفلسطينيين داخل أحياء الضاحية الجنوبية، كذلك بالنسبة لمخيم عين الحلوة الذي تحوّل إلى منطقة أمنية متفجّرة تضم أكثر من 70 ألف نازح ولاجئ غالبيتهم  دون إقامات شرعية، بينما لا يوجد لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية بيانات كاملة عن المقيمين في المخيمات والأحياء الفقيرة في الضاحية الجنوبية.

    كما إستقبلت أحياء الضاحية الشرقية (في برج حمود والنبعة..الخ)  تدفقات النازحين السوريين، مع موجات كثيفة من العمال والعاملات العرب والأجانب، حيث يتم الإندماج في بيئة إجتماعية واحدة داحل الأحياء الفقيرة،

   وتبدو الأوضاع مشابهة لجهة الإكتظاظ السكاني في بعض أحياء طرابلس وصيدا وصور، حيث بدأت تتكوّن أحياء بؤس جديدة تضم بيئة الفقراء من اللبنانيين والنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين. ويُخشى أن تتحوّل هذه الأحياء والمخيمات إلى ملاذات آمنة تتغلغل فيها الجماعات الإرهابية كما يحصل في مخيم عين الحلوة الذي بات يضم اليوم مربعات أمنية حاضنة لجماعات متطرّفة على علاقة بالإرهاب

   ويتبيّن في آخر دراسة أن 170 ألف لاجئ سوري في لبنان على الأقل يعيشون في الخيم، بحسب أرقام المُفوّضية السامية للأُمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي أشارت إلى أن 17% من السوريين المُسجلّين لديها يعيشون في نحو 2500 خيمة[17].

   وقد أعلنت المُفوّضية أنها بدأت منذ تشرين الثاني 2017 الماضي تقديم مُساعدات نقدية شتوية تتراوح بين 225 و375 دولاراً لكل أُسرة للمُساعدة في تلبية حاجات إضافية كالوقود والملابس والنفقات الطبية " ألواح بلاستيكية ومواد إيواء لمُساعدة اللاجئين على تدعيم المأوى ضدّ الأمطار الغزيرة والثلوج والبرد"، وأوضحت أن هذه المساعدات شملت نحو 23 ألف أسرة تقيم في "مستوطنات غير رسمية".

 

   أرقام مخيفة في الخرائط ولبنان فقد القدرة على الإستيعاب: وفي مقاربة لتوزيع المحليات وتجمعات النازحين في القرى والمدن، تبدو الخرائط مخيفة من حيث إنتشار المخيّمات (الخريطة الثانية)، ثم نشوء وتمدد عشوائيات ومحليات جديدة كانت تنمو كالفطر وتتوسع طوال السنوات الست الماضية، بينما لا يملك لبنان عنها بيانات مفصّلة توضح أرقامها من منظار توزيعات الطوائف ثم إستقرار البيئة وتأثيرها في التوازن الطائفي القائم والتغيير الديموغرافي المتسارع في بعض المناطق، بحيث  يُخشى أن تتحوّل إلى قنابل متفجرة تهدد الأمن والإستقرار، وذلك  نتيجة تدهور معيشة النازحين السوريين بسبب تفاقم حجم الفقر من جهة (76 في المائة من أُسر اللاجئين تحت خط الفقر[18]) وتراجع حجم المُساعدات من جهة أخرى، بحيث أن التركيبة السكانية الحالية تشكل مجتمعاً ضعيفا وبيئة قابلة للإنفجار.

 

  كما أن أن النازحين بعد مرور أكثر من ست سنوات ونصف على الأزمة قد «باتوا أكثر ضعفاً من أي وقتٍ مضى»، بحسب تقرير «تقويم جوانب الضعف لدى اللاجئين السوريين لعام 2017» صدر، الشهر الماضي، عن ثلاث وكالات تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، هي: المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، "يونيسف" وبرنامج الغذاء العالمي، حيث أعلنت مُمثلة المفوضية في لبنان ميراي جيرار لدى إعلان التقرير إن "وضع اللاجئين السوريين في لبنان سيكون أكثر بؤساً، وخاصة في فصل الشتاء، في حال عدم تزويدهم بالدعم بشكل مُستمرّ"، حيث تتكرر الحوادث والحرائق في العشوائيات كما حدث في بلدة غزة البقاعية حيث "التهمت النار 36 خيمة ومعها أجساد ثمانية أطفال عمر أكبرهم خمس سنوات"، بينما تضم مخيّمات غزة تضم نحو 33 ألف نازح من دون آلية إطفائيّة واحدة[19].
  لقد أعلن لبنان في العديد من المؤتمرات الإقليمية والدولية، وبخاصة في نهاية العام 2014، أنه فقد القدرة على الإستيعاب، وأن وجوده بات مهدد بالخطر، وذلك بعد أن تمكنت الحكومة اللبنانية من إصدار موقف موحد يرفض التجنيس، ويضع معايير جديدة لإستقبال النازحين، وذلك من منظار الخوف من قدرة الإقتصاد اللبناني على الصمود حيث ترتفع معدلات البطالة، والمخاطر الأمنية التي تتهدده، ولا سيّما الخوف على ذوبان "الهوية" اللبنانية في بحر اللاجئين، وإشتداد النزاعات والتوترات القائمة  بين النازحين والمجتمعات المضيفة التي باتت عاجزة عن الوصول إلى الخدمات الأساسية نتيجة المنافسة..

لكن المجتمع الدولي إستمر بتقديم الوعود لتمديد أزمة النزوح من مؤتمر إلى آخر، بينما كانت تتزايد محاولات الضغط على الحكومة اللبنانية لفرض الأمر الواقع، والقبول بإدماج النازحين وتجنيسهم بموجب الإتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بالنزوح  والهجرة.

-----------------------------------------------------------------------------


المصدر: د. علي فاعور "الإنفجار السكاني: هل تبقى سورية؟ وهل ينجو لبنان؟" دار المؤسسة الجغرافية 2015. صفخة 348.

ثالثا- حقيقة مخاطر التوطين ومحاولات التجنيس

1-    محاولات توطين اللاجئين الفلسطينيين

   بدأت محاولات توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان منذ عام 1949، عندما أرسلت الولايات المتحدة موفد من قبلها لتوطين نحو 120 ألف لاجئ فلسطيني مقابل تقديم الدعم اللازم، بحيث أن هذا العدد لا يؤثر في التوازن الديموغرافي، وفي عام 1961 وبعد مرور 15 سنة، أرسلت أيضاً جوزف جونسون مندوب لجنة التوفيق لقضية فلسطين، الذي زار لبنان آنذاك وناقش مسألة إعادة توطين اللاجئين وإحلال السلام وحل القضية، وتطبيق التوصية الصادرة عام 1948 حول "عودة اللاجئين الفلسطينيين أو التعويض عليهم"، وفقاً لتعبير Resetlement الوارد في القرار، لكن طلبه رفض أيضاً لأن إرادة الفلسطينيين هي في تأمين العودة إلى وطنهم.

   إستمرت المحاولات الأمريكية لقبول دمج اللاجئين الفلسطينيين في المجتمع اللبناني دون جدوى، ثم تكررت مع النازحين السوريين في مؤتمربرلين عام 2015، ثم في مؤتمر لندن عام 2016، وبعد مرور 68 سنة على النكبة الأولى عندما حاول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الحديث عن الإلتزام بمساعدة لبنان على إستضافة النازحين وتقديم مساعدات طارئة لهم لتسهيل عملية إندماجهم، وهي كانت بمثابة رسالة إعلامية لعل لبنان يقبل بالأمر الواقع سيّما وأنه كان يمر في ظروف صعبة نتيجة الشلل الحكومي والفراغ الرئاسي.

 

2-    مؤتمر الأمم المتحدة (الدورة 71) في نيويورك عام 2016.:

    بعد تنفيذ المفوضية العليا للاجئين مخطط إندماج النازحين السوريين وتوفير الدعم المالي اللازم لتثبيت إنتشارهم الواسع في مختلف الأراضي اللبنانية، وبخاصة مساعدتهم في إستئجار المساكن لتشجيع الإختلاط السكاني القائم في ضواحي بيروت وأحياء المدن الكبرى، وبمساعدة الشركاء الدوليين (أكثر من 95 هيئة ومنظمة دولية) وبخاصة من بلدان الإتحاد الأوروبي ، فقد تم الإنتقال إلى مرحلة المطالبة بتجنيسهم وتوفير الحماية لهم تحت شعار حقوق الإنسان.وقد تجلى هذا الموقف بوضوح في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة[20] بان كي – مون الذي أثار ضجة سياسية كبيرة عند عرضه في مؤتمر الأمم المتحدة (الدورة 71) في نيويورك  "19 ايلول 2016" عندما طالب بتسليم شؤون اللاجئين إلى البلدان المضيفة  حيث ورد في تقريره: "يحتاج اللاجئون الى التمتع بوضع يسمح لهم بإعادة بناء حياتهم والتخطيط لمستقبلهم، وينبغي أن تمنح الدول المضيفة اللاجئين وضعاً قانونياً، وأن تدرس أين ومتى وكيف تتيح لهم الفرصة ليصبحوا مواطنين بالتجنّس" وذلك عملاً بنصوص المواثيق الدولية المتعلقة بأحوال اللاجئين، خاصة وأن لبنان لا زال يرفض محاولات توطين اللاجئين الفلسطينيين مقابل التعويض وإلغاء حق العودة.

   وعلى هامش الدورة 71 للأمم المتحدة في نيويورك (20 أيلول 2016)، فقد دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى مؤتمر للاجئين تحدث فيه عن تسهيل عمليات دمج النازحين وإعادة التوطين في البلدان المضيفة.

   وكان قد سبق هذا الموقف[21] زيارة قام بها أمين عام الأمم المتحدة إلى بيروت في 24 آذار عام 2016 يرافقه فيها رئيس البنك الدولي ورئيس البنك الإسلامي للتنمية، حيث إلتقى كبار المسؤولين اللبنانيين وقام بزيارة المجتمعات المضيفة للاجئين السوريين والفلسطينيين، حيث تحدث عن أهمية وضرورة دمج اللاجئين وتجنيسهم على أن تتم مساعدة لبنان وتديم ما يلزم لذلك، لكن محاولته إقناع الحكومة فشلت.

     كما حصلت عدة زيارات قام بها رؤساء دول وحكومات، منها  زيارة الرئيس الفرنسي هولاند مخيمات النازحين في البقاع الأوسط  في 17 نيسان 2016 ثم تفقد مخيم الدلهمية، وإطلع على لوائح الأمم المتحدة التي تحصي أعداد اللاجئين في لبنان.

    هذه المواقف أثارت مخاوف اللبنانيين من أن يتم من تمرير مشروع التوطين تحت ذرائع ووقائع أهمها إشتداد الأزمة وعدم توفر الحلول السياسية وإنسداد الأفق، وكذلك وجود الفراغ الرئاسي وشلل المؤسسات في لبنان، وبخاصة الإنقسامات السياسية وعدم وجود خطة موحدة للتعامل مع الأزمة، والتحرك بإتجاه الأمم المتحدة والدول الأوروبية، مما أضعف موقع لبنان في مواجهة المجتمع الدولي،  حيث إجتمعت الحكومة اللبنانية في  19 ايار  2016، وأصدر مجلس الوزراء ولأول مرة  بياناً بالإجماع، يؤكد رفض توطين النازحين، ويرى أن الحل الوحيد للأزمة يتمثل في عودتهم إلى وطنهم.

 

3-    مؤتمر الأمم المتحدة (الدورة 72) في نيويورك عام 2017:

خطاب الرئيس الأمريكي ترامب، وخطاب الرئيس اللبناني عون.

    لقد تواصلت محاولات الضغط على لبنان، حيث أعاد خطاب الرئيس الأميركي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وأثناء الدورة 72 (19 أيلول 2017)، المخاوف السابقة من التوطين، حيث قال أيضاً "ندعم إعادة توطين اللاجئين في أقرب مكان من بلادهم" .هذا الموقف أثار الكثير من ردات الفعل في لبنان إذ صدرت على الفور توصية إتخذها المجلس النيابي في جلسته التشريعية (20 أيلول 2017)، تؤكد ما ورد في مقدمة الدستور اللبناني لجهة رفض التوطين.

     لكن الرد الأقوى جاء في كلمة رئيس الجمهورية العمال ميشال عون أمام الجمعية العامة للأمم المتحد’، حيث قال " .. وليس تعطيل دور مؤسسة الأونروا إلا خطوة على هذه الطريق تهدف الى نزع صفة اللاجئ تمهيدا للتوطين، وهو ما لن يسمح به لبنان، لا للاجئ أو لنازح، مهما كان الثمن، والقرار في هذا الشأن يعود لنا وليس لغيرنا".

    وكما كان يجري سابقاً لتجاوز الصدمة، فقد حاولت الإدارة الأميركية تقديم توضيحات بأنها لا تتبنى خيار توطين النازحين السوريين في لبنان.

 

رابعاً- عودة النازحين: ماذا بعد إنشاء مناطق آمنة؟

1-                إنشاء "مناطق خفض التصعيد"

      مع نقدم المفاوضات الدولية "بين أستانة وجنبف" حول التسوية للأزمة السورية، ثم الإتفاق على إنشاء "مناطق حفض التصعيد"، تتوالى التقارير التي تتحدث عن إعمار سوريا ومستفبل االوضع الإقتصادي فيها وعودة النازحين، لكن بالتأكيد أن خطة التعافي سوف تستغرق، بحسب التوقعات الدولية، فترة زمنية لا تقل عن عشر سنوات من تاريخ توقف الحرب، بحيث أن عودة النازحين يمكن أن تترافق مع المراحل الزمنية المحددة في خطة الإعمار، وهي أيضاً قد تتوزع على سنوات تتدرج بحسب حجم الأضرار في المدن السورية الكبرى، والمساعدات التي تقدمها الدول المانحة، كذلك الدعم الذي توفره الهيئات الدولية للنازحين لمساعدتهم وتشجيعهم في المراحل الأولى لتسريع قرار العودة. وبناء على هذه المعطيات الصادمة حول حجم الخسائر، يُقدر مراقبو الأمم المتحدة أن عملية تثبيت الأمن وتوقف القتال يتطلب فترة لا تقل عن خمس سنوات، أما بالنسبة إلى إعادة الإعمار وتأمين الخدمات (المياه، والكهرباء..) وبناء المدارس والمستشفيات لتأمين عودة اللاجئين من أوروبا ومن تركيا ولبنان والأردن، فهي بحاجة لوقت أطول.

وبعد معارك تحرير الجرود في عرسال ورأس بعلبك والقاع، والذي ترافق مع إتفاق مصالحة تضمن عودة النازحين، فقد حصل اعتراض من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان على هذه العودة بإعتبار أنها تعرض النازحين للمخاطر قبل توفر الحل السياسي وعودة الإستقرار والأمان[22]، علما أن العديد من البلدان الأوروبية (ألمانيا، النمسا، فنلندا، السويد..الدانمرك..) كانت قد بدأت عمليات ترحيل النازحين. ففي ألمانيا مثلاً ، كما أن الإقامة الممنوحة حتى لو كانت أكثر من سنة، اسمها حماية مؤقتة، تزول بزوال السبب، لهذا فإن عملية ترحيل اللاجئين السوريين ستبدأ مع استتباب الأمن في المناطق والمدن التي جاؤوا منها وليس بالضرورة أن يعم الأمان كامل سوريا.

2-                تخيّلوا ماذا سيحدث بعد عشر سنوات؟

      نزايدت تدفقات النزوح السوري مع إشتداد المواجهات في نهاية عام 2013، وخلال عام 2014، حيث بلغ معدل إستقبال النازحين نحو 50 ألف وافد شهريا إلى لبنان،  حيث بلغ عدد المسجلين لدى المفوضية العليا للاجئين نحو 805 آلاف نازح في نهاية عام 2013، مما دفع وزير الشؤون الإجتماعية وائل ابو فاعور للقول في 12 كانون الأول 2013: "..الوضع كارثي ونحن عاجزون، فنحن كوزارة لا نمون على خيمة.."

     وفي نهاية عام 2013،  أفادت منظمة العفو الدولية في تقريرها حول أزمة اللاجئين السوريين، أن المجتمع الدولي قد فشل  في تحمّل أعباء النزوح السوري، حيث تستقبل الدول المجاورة لسوريا وحدها 97 في المائة من النازحين، وهذا ما أدى إلى تدهوّر الأوضاع الأمنية في لبنان، الذي إستقبل وحده نحو 37 في المائة من النازحين، بحيث "كان للنزاع في سوريا كبير الأثر على البيئة السياسية والأمنية في لبنان[23] "

    وحتى نهاية عام 2014، بعد فشل محاولات إعادة التوطين وتخلي المجتمع الدولي عن مساعدة النازحين السوريين، بحسب تقرير منظمة العفو الدولية عام 2014 "وحدهم في مواجهة البرد والشتاء، لقد تخلى المجتمع الدولي عن اللاجئين السوريين"[24].. وعدم تقيد الأمم المتحدة بطلبات الحكومة اللبنانية لجهة وقف إستقبال النازحين وعدم تسجيلهم، بات لبنان وحده في مواجهة النكبة بحسب ما يقوله وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس: " لقد طلبنا ان يكون اللاجئون الساكنون في المناطق الساخنة عند الحدود اللبنانية والمهددون بالقصف الكثيف هم الذين نستقبلهم، بحيث لا يتجاوز عدد النازحين اسبوعياً الالف شخص. وعلمنا ان المفوضية العليا لا تحترم هذا القرار وتستمر في تسجيل سبعة آلاف نازح اسبوعياً، حتى اولئك القادمين من مناطق بعيدة عن حدودنا ومن مناطق لا قتال فيها. ان قرارات المفوضية العليا لا تتوافق مع المعايير التي حددتها الحكومة. ولن نسكت على هذا الموضوع بعد اليوم. ان المفوضية العليا المتواجدة على الارض اللبنانية لا تحترم السياسة التي تعتمدها الدولة اللبنانية[25]".  ثم يتابع " ...انا اخشى ليس التوطين وحسب، ولكن ايضاً الانفجار العام".

 

3-                "إنشاء مناطق آمنة في سورية تقابها عودة آمنة للنازحين في لبنان" .

       لا يسعني سوى تأكيد ما قاله مدير دائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي فريد بلحاج عام 2015: "للكرم حدود.. من يساعد لبنان والأردن على إيواء اللاجئين السوريين[26]؟... في ما يتعلق بلبنان، فقد أصبح 25 في المائة من سكانه حاليا سوريون. والنسبة في الأردن أقل قليلا، إلا أنها مازالت كافية لإرهاق الاقتصاد والنسيج الاجتماعي. وفيما تمضي الأيام دون أن يلوح في الأفق ما يبشر بانتهاء الصراع عن قريب، تتفاقم مشكلة اللاجئين وتتجاوز حدود الكرم في الأردن ولبنان وتزيد مما يواجهانه بالفعل من مشاكل سياسية وأمنية. ولنتخيل فقط تدفق كل سكان المكسيك إلى الولايات المتحدة في عامين. ولنتخيل فقط عبور 20 مليون شخص البحر المتوسط إلى جنوب أوروبا. لنتخيل فقط[27]"...

فشل دولي يهدد لبنان:

·                    لقد كان لبنان ضحية الإنقسامات السياسية القائمة على أرضه، كما كان الضحية في جميع المؤتمرات العربية والدولية، حيث لا توجد خارطة طريق محددة، ولا خطة رسمية لإدارة ملف النزوح، ولا أرقام  ولا مؤسسات، فقط بعض التقديرات المتناقضة، وهل يمكن بناء دولة بلا أرقام،  فقد تخلى عن إدارة ملف النازحين على أرضه، أو معرفة أعدادهم، أو تحديد أماكن إقامتهم، وهو كأنه يتخلى عن سيادته، لتتكفل بعمليات التسجيل المفوضية العليا للاجئين، بالشراكة مع العديد من المنظمات والهيئات الدولية والمحلية التي إستغلت غياب الدولة[28]، وبخاصة اثناء الفراغ الرئاسي الذي إستمر عامين ونصف،  وفي جميع المحافل الرسمية ودائما إستمر لبنان يردد العبارة المتفق عليها في الدستور "التوطين مرفوض"، لكن التوطين قائم في الحقيقة على الأرض، وذلك  دون سياسة سكانية لحماية وجوده ومواجهة الفيضانات البشرية.. 

 

الإنفجار العام - هل باتت عودة النازحين مستحيلة؟

·                    لقد تم تحويل لبنان إلى خزان بشري ضخم يضم نحو ثمانية ملايين ساكن،  كخليط من اللاجئين والنازحين والمكتومين والمهاجرين غير الشرعيين من مختلف الجنسيات يعيشون في رقعة صغيرة من الأرض لا تتعدى مساحتها 10,452 كم2، وهي قد باتت اليوم الأولى في العالم من حيث عدد اللاجئين إلى مجموع السكان ". 

·                    فقط تخيلوا كيف ستكون الصورة، وكيف ستصبح الأرقام بعد عشر سنوات؟ أو ماذا سيحدث عندما ينفجر هذا الخزان، وكيف سيؤثر هذا الحدث على لبنان؟ سيؤدي هذا إلى إغراق لبنان بالفوضى بالكامل، ناهيك عن التداعيات الاقتصادية والأمنية بالغة التعقيد التي ستنجم عن ذلك والتي سوف تطال آثارها أوروبا والعالم.
ولا شك أن هناك سيناريوهات للتوطين تتم دراستها ضمن مشروع خارطة الشرق الأوسط الجديد، وهي أكثر رعبا كونها تهدف إلى توتير الداخل  لتغيير التوازن الديموغرافي في لبنان، بحيث أن الأولوية اليوم هي لمعالجة ملف النازحين كما يحصل في غالبية البلدان الأوروبية وبخاصة في المانيا، بحيث أن طريق العودة قد باتت سالكة وهي بحاجة إلى توافق داخلي وقرار سياسي موحد، وذلك على قاعدة أن "إنشاء مناطق آمنة في سورية وبرعاية دولية كما يجري اليوم، تقابها عودة آمنة للنازحين في لبنان" 




[1] إعلان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أنّ عدد سكان لبنان بات يقارب 8 ملايين نسمة "في حلقة “كلام الناس” مع مرسيل غانم"، وهي أنّ عدد الناخبين في لبنان، ممن هم فوق سنّ الـ21 سنة، بلغ بحسب آخر جداول الشـطب 3 ملايين و627965، وقدّر، استنادا إلى هذا الرقم، عدد اللبنانيين حاليا بنحو 5 ملايين و400 ألف نسمة، يضاف إليهم مليون ونصف المليون سوري من النازحن، ونحو نصف مليون فلسطيني من اللاجئين، عدا عن مئات آلف العاملات الأجنبيات والعمال من جنسيات مختلفة. كلّ هذا يعني أنّ عدد سكان لبنان بات يقارب 8 ملايين،  تقريباً، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ لبنان.

 

[2] بلغ مجموع عدد السكان المقيمين في لبنان بحسب إدارة الإحصاء المركزي 3,759,136 نسمة العام 2007 (ما عدا السكان المقيمين في المخيمات الفلسطينية)، مع كثافة 362 شخصا/كم2، وقد ارتفع عدد السكان المقيمين في لبنان (ما عدا اللاجئين السوريين والفلسطينيين)، ليبلغ ما يقارب 4,2 ملايين نسمة العام 2014.

 

[3] نسبة الذين في الخارج من مجموع السكان: هي أعلى بين السنّة (40%) والشيعة ( 37 %) منها بين الدروز (30 %) والموارنة (32 %)، بينما هي الأعلى بين الأرمن (79 %)، واللأرثوذكس (55 %)، والكاثوليك (49 %). (دراسة د. طبارة 2005).

 

[4]  جريدة الأخبار هيام القصيفي: نصف السكان غير لبنانيين، لعدد ٣٣٠٣ الجمعة ٢٠ تشرين الأول ٢٠١٧.

[5]   إنخفض عدد المسجلين ليبلغ في 30 تشرين الثاني 2017 لدى المفوضية العليا للاجئين 997,905 نازح. يمثلون 230.358 عائلة.

[6]  قال الوزير السابق رشيد درباس لـ«الجمهورية»:: «بدأنا سابقاً بوضع برنامج لإحصاء السوريين في أماكن وجودهم في 2500 مخيّم عشوائي، وتوقّف هذا المشروع نتيجة خديعةٍ أوقعت بها بعض الجهات الدولة اللبنانية لكي لا يكون للبنان قاعدةُ بيانات رسمية ومستقلة، ونَعتقد أنّ هذا المشروع يجب أن يسير مجدداً لكي نستطيع أقلُّه معرفة أين يوجد النازح السوري".

 [7] أما التوزيع العددي للجنسيات السابقة فهو يبيّن التوزيعات الآتية:  وجود 2182 أردنياً و756 إيرانياً و65734 سورياً و1499 عراقياً و32564 قيد الدرس و14112 مكتومي القيد و2313 مصرياً و97 فلسطينياً واثنين من اليهود ومواطن (سيخ) وثلاثة صينيين و496 فرنسياً و155 أميركياً.وقد بلغ عدد أبناء وادي خالد 9070 مواطناً وأبناء القرى السبع 25071 مواطناً.

 

[8]  مرسوم التجنيس الرقم 5274 الصادر في 20 حزيران 1994 جنّس 220 ألفاً من غير لبنانيين، أصبح عددهم اليوم بين 350 ألفاً و400 ألف.

 

[9]   المرسوم الذي يحمل الرقم 10214، تاريخ 22 آذار 2013،الموقع من رئيسي الجمهورية والوزراء (تجنيس 122 شخص من بلدان مختلفة).

[10]   التقرير أعدّته اللجنة التي رأسها نائب رئيس الحكومة سمير مقبل وضمّت الوزراء مروان شربل وسليم جريصاتي وشكيب قرطباوي وعدنان منصور ووليد الداعوق، تحت عنوان «تقرير اللجنة الوزارية المشكلة بقرار من مجلس الوزراء رقم 46 تاريخ 21/3/2012 لدراسة مشروع قانون يرمي إلى تعديل الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من القرار رقم 15 تاريخ 19/1/1925 (قانون الجنسية).

[11] وكان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالتعاون مع اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة، قد أعد دراسة حول "مشروع حقوق المرأة اللبنانية وقانون الجنسية، حيث تم تنفيذ المسح الميداني حول "أوضاع النساء المتزوجات من أجانب" في مختلف المناطق والطوائف، وتم تنفيذ هذا المسح على فترة 14 عاماً، تبدأ عام 1995 مباشرة بعد مرسوم التجنيس وحتى عام 2008، حيث بلغ عدد عقود الزواج بين اللبنانيات وغيراللبنانيين 17860 عقداً، وذلك من مجمل عدد الزيجات المسجلة في دوائر النفوس، والبالغ عددها 300415 عقد زواج، وقد بلغت نسبة المتزوجات من غير لبنانيين 8,2 في المائة بين المسلمات و 2 في المائة بين المسيحيات.

 

[12]   مشروع التعداد  العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان الذي تنفذه لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني  بالشراكة مع ادارة الاحصاء المركزي اللبناني وجهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني.

 

[13]  علّق أحد الوزراء على عدم تقديم مساعدات للاجئين في لبنان: «المجتمع الدولي خدعنا، ونحن لم نفاوضه جيداً. لم نفرض عليه حجما معينا من المساعدات مقابل فتح الحدود، كذلك كيف تقدّم الحكومات المساعدات إلى بلد لا يملك موازنة، يستشري فيه الفساد، لا تقارير واضحة فيه عن الصرف، ولا شفافية؟»

 

[14] عدد الأطفال في سن المدرسة، هو أكثر من 400,000 طفل، متفوقا على عدد الأطفال اللبنانيين في المدارس العامة.

 

[15]  أنطونيو غوتيريس، المفوض السامي لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة؛ وهو قد اصبح اليوم الأمين العام للأمم المتحدة.

 

[16]   أكد مدير عام شركة "ستاتيستكس ليبانون" وناشر موقع "ليبانون فايلز" ربيع الهبر، أنه لا وجود لأي قرية لبنانية تخلو من النازحيين السوريين الذين توجهوا من الحدود الى المدن الكبرى حيث فيها إمكانية للعمل كما انها قادرة على ايواء اعداد اكبر منهم وتأمين الدخل لهم من خلال اندامجهم.
وكشف الهبر، في حديث الى "أو.تي.في."، أن مجموع سكان لبنان يبلغ 7,413,000 ، لافتاً إلى عدد السكان اللبنانيين يبلغ 4,877,000 نسمة، في حين أن العدد الإجمالي للنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين يُقدر بنحو 2,207,000.

 

[17]  راجع جريدة الأحبار العدد 3374، بتاريخ 19 كانون الثاني 2019، هديل فرفور "17 في المائة من السوريين يعيشون في خيم". الأجبار مجتمع واقتصاد

 

[18]  جريدة الأحبار نفس المرجع السابق.

[19]  راجع جريدة الأخبار العدد ٣٣٥٧ الاربعاء ٢٧ كانون الأول 2017.

[20]  في 19 أيلول 2016 أصدرَ أمينُ عامّ الأممِ المتّحدة السابق، بان كي مون، تقريراً بعنوان: «في السلامةِ والكرامة - كيفيّةُ التعاملِ مع أزمةِ النازحين واللاجئين»، فدعا فيه الدولَ المستقبِلَة إلى «دمجِ اللاجئين» (الفقرتان 38 و64)، واتّباعِ «سياساتِ استيعابٍ وطنيّةٍ لهم، وإصدارِ الوثائقِ المتعلّقةِ بتسجيلِهم».» (الفقرة 73)، و«توسيعِ فُرصِ حصولِهم على عملٍ قانونيّ» (الفقرة 81)، و«منحهمِ وضعاً قانونيّاً يُتيح لهم الفرصةَ ليُصبِحوا مواطنين بالتجنُّس» (الفقرة 86).

 

[21]  ينبيّن على مدى السنوات الماضية من الوقائع أن عملية دمج النازحين في المجتمعات المضيفة كانت تتصدر الأولوية، فقد أعلن رئيس البنك الدولي أثناء زيارته بيروت (2 حزيران 2014) إستعداده لتوفير الدعم المالي ، وتقديم القروض والمساعدات مقابل توفير فرص عمل للنازحين، كما صرّح السفير البريطاني أثناء مغادرته بيروت (4 آب 2015) أن "«خطرَ توطينِ النازحين السوريّين في لبنان ليس وَهماً"، وكان رئيس حكومة بريطانيا السابق ديفيد كاميرون قد أعلن في ليشبونة – البرتغال أنه " يجب أن يبقى النازحُ في مكانٍ قريبٍ من سوريا من دون أفْقٍ زمنيٍّ لإعادةِ توطينه".

 

[22] "الحرب السورية  حُسمت": أما بخصوص المناطق الآمنة فقد نشر موقع "ستراتفور" الاستخباراتي الأميركي تقريراً للمحلل تشارلز غلاس تحت عنوان "الحرب السورية حُسمت"، تحدث فيه عن العلامات التي توحي بأنّ الحرب السورية قد حُسمت، قائلاً إنّ دمشق "على عكس بيروت التي انتهت فيها الحرب الأهلية في العام 1990، وبغداد التي تعرضت لغزو أميركي في العام 2003، عادت تزوّد سكانها بالكهرباء لمدة 24 ساعة يومياً".

 

[23]   راجع: منظمة العفو الدولية: "فشل دولي: أزمة اللاجئين السوريين"، مقتطفات من البيان الموجز الصادر عن منظمة العفو الدولية، وثيقة رقم: ACT 34/001/2013 ، ترجمة: فابيولا دينا، أنظر  المجلة الألكترونية، العدد 21.

[24]  أنظر تقرير منظمة العفو الدولية حول اللاجئين السوريين، نهاية عام 2014.

Amnesty International, 2014. Left Out in the Cold: Syrian refugees abandoned by the international community. Amnesty International December 2014. pp. 43.

 

[25]  مقابلة أجراها وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس مع مجلة «الاسبوع العربي» الالكتروني. رشيد درباس في 19 كانون الثانب عام 2015.

 [26]  فريد بلحاج  المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في البنك الدولي: "للكرم حدود: من يساعد لبنان والأردن على إيواء اللاجئين السوريين؟"

 

[27]  البنك الدولي، أصوات وآراء من الشرق الأوسط وشمالي افريقيا".

[28]  مقابلة مع وزيرة التنمية والتعاون الدولي في الإمارات العربية المتحدة، التي تحدثت في الأردن عن برنامج مساعدات مالية دولي ضخم جداً، حيث حلّت الأردن في المرتبة الأولى، وحصلت على 1,782 مليون دولار أمريكي، أما بالنسبة إلى لبنان، فهو لم يحصل على مساعدات كافية كما هي الحال في الأردن. بسبب "الهدر بل الفساد الذي طغى على تعامل المنظمات الدولية مع وسطائها اللبنانيين في موضوع المساعدات" وكذلك "إنقسام اللبنانيين بين مُرحِّبٍ بهم في منازله وخائف منهم في مناطقه"،  أنظر مقالة سركيس نعوم، جريدة النهار،  5 كانون أول 2014.