Showing posts with label Demographic change. Show all posts
Showing posts with label Demographic change. Show all posts

Tuesday, November 28, 2023

حول حق الإختلاف وسؤال الهوية.. كلمة د. علي فاعور - (عميد كلية الآداب في الجامعة اللبنانية).

 

 حول حق الإختلاف وسؤال الهوية.. كلمة د. علي فاعور - (عميد كلية الآداب في الجامعة اللبنانية).

حول حق الإختلاف وسؤال الهوية.. في المؤتمر الفلسفي العربي الخامس،

مجلة الانشاء - (AL-INSHAA-Friday 6 February 2009 No. 6967-Year 62)

الجمعة 1 شباط ۲۰۰۹، الموافق فيه ١٠ صفر ١٤٣٠ هـ - العدد ٦٩٦٧ - السنة ٦٢...

 

تمثل العناوين المقترحة في هذا المؤتمر محاور رئيسة بارزة من حق الاختلاف ومفهوم الهوية، والمواطنية والهوية، والهوية والعولمة ، ونقد الاختلاف وثقافة الاختلاف، وغيرها مما ورد.. لقد عانى لبنان ويلات الحرب ودفع سكانه ثمن الاختلاف الطائفي والسياسي والثقافي..

ويكفي أن أذكر أمامكم أن لبنان قد خسر بفعل الحرب الأهلية، وخلال ثلاثة عقود من الزمن، خسر جيلا بكامله من السكان العاملين، وغالبيتهم من الشباب المتعلمين من ذوي المهارات الفنية وأصحاب الكفاءات المتميزة.

 





أود في البداية أن أنقل إليكم تحيات رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور زهير شكر الذي أكد لي

اهتمامه وتشجيعه لهذا المؤتمر. كما يسرني، كعميد لكلية الآداب والعلوم الإنسانية، المشاركة في أعمال هذا المؤتمر الذي يضم نخبة من الزملاء الأساتذة الجامعيين والباحثين والضيوف من الجامعات العربية في سوريا والأردن والعراق والمغرب وتونس ومصر واليمن....

 أهلا وسهلا بكم في رحاب الجامعة اللبنانية، في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، في مدينة طرابلس المدينة العربية والإسلامية الأصيلة، مدينة الحضارة والتاريخ..

إنني أهنئ الباحثين والمشاركين في جلسات المؤتمر على المستوى الرفيع الذي وجدته عند قراءة برنامج العمل، بحيث تمثل العناوين المقترحة محاور رئيسة بارزة من حق الاختلاف ومفهوم الهوية، والمواطنية والهوية، والهوية والعولمة ، ونقد الاختلاف وثقافة الاختلاف، وغيرها مما ورد ...

 وكلها عناوين هامة وذات دلالة في مجتمعاتنا، وهي مسائل فلسفية بارزة لطالما شكلت قضايا خلافية كانت في أساس النزاعات المتنقلة والمتجددة في العديد من الدول العربية.

وإذا كانت موضوعات الاختلاف وحق الاختلاف وسؤال الهوية، قد شكلت الموضوعات الأساسية في هذا المؤتمر، فمن المهم أن لا ننسى التجربة المرة التي عشناها في لبنان أثناء الحرب الأهلية، والتي لا زالت انعكاساتها بارزة في مختلف المجالات الاجتماعية والديموغرافية والاقتصادية والسياسية.

ويكفي أن أذكر أمامكم أن لبنان قد خسر بفعل الحرب الأهلية، وخلال ثلاثة عقود من الزمن، خسر جيلا بكامله من السكان العاملين، وغالبيتهم من الشباب المتعلمين من ذوي المهارات الفنية وأصحاب الكفاءات المتميزة.

ولا أخفي عنكم أيضاً، أنني قد وجدت في هذا المؤتمر عناوين كثيرة تهمني كباحث، قضيت أكثر من ربع قرن من عمري وأنا أكتب في موضوعات الهجرة والتهجير السكاني والتنمية البشرية، وانعكاسات الحرب الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية.. ونشرت كتاباً بعنوان "الهجرة للبحث عن وطن"، حيث يهاجر الشباب للبحث عن وطن وعن هوية خارج لبنان، الذي يواجه تحديات مصيرية أدت إلى استنزاف موارده البشرية.

 

لقد عانى لبنان ويلات الحرب ودفع سكانه ثمن الاختلاف الطائفي والسياسي والثقافي إذ فشلت حتى الآن جميع محاولات إعادة بناء الدولة حيث يبرز ويزداد التباين بين المناطق الجغرافية من حيث مستوى المعيشة وحجم الأسرة والتركيب الديموغرافي والاقتصادي والاجتماعي، حيث لا زالت توجد في لبنان اليوم برغم مساحته الضيقة ( ١٠٤٠٠ ) كلم ٢ مناطق جغرافية نائية في الأطراف تكاد تكون معزولة عن غيرها من المناطق المجاورة.

نعم إن حق الاختلاف السياسي والطائفي والثقافي لا يجب ألا يحجب عنا حق الانتماء للدولة وحق الاعتراف بالآخر، مهما كانت عقيدته السياسية أو انتماؤه الطائفي، وعلى قاعدة أن الوطن للجميع والداعمين.... وفق مبدأ المساواة المكانية والاجتماعية، ولكل فرد حقوقه في العمل والتعليم والصحة، حيث يحق للناس، وبرغم الاختلاف والتنوع، أن يعيشوا حياة سعيدة، وصحية ، وطويلة وخلاقة.

أشعر أني تجاوزت الافتتاح إلى مجال البحث، وهي حشرية الباحث الذي وجد الفرصة سانحة.... أتمنى لهذا المؤتمر النجاح في الأيام الثلاثة القادمة وأنا على ثقة بأن النتائج ستكون هامة، وعلى مستوى التحديات التي تواجهنا في البحث عن الهوية ومفهوم الاختلاف والمواطنية في زمن العولمة حيث لا حدود بين الناس وبين الدول في الألف الثالث. وإني أشكر الزملاء الأساتذة في قسم الفلسفة شمالا والاتحاد الفلسفي العربي على جهودهم التي بذلوها في تنظيم هذا المؤتمر، لتبقى الجامعة اللبنانية ملتقى الحوار لقضايا الفكر والفلسفة والحضارة، كما أشكر جميع المنظمين والمشاركين والداعمين.

من حضور المؤتمر: د. علي الجابري، د. محمد المصباحي، أ. مطاع صفدي، د. محمد على الكبسي، د. محمد عريبي، العميد د. ناصيف نصار...

 

ملحق خاص: هذا الملف من إعداد : د. مصطفى الحلوة: عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر أستاذ في قسم الفلسفة - كلية الآداب - الفرع الثالث...

أعمال المؤتمر الفلسفي العربي الخامس : "حق الاختلاف وسؤال الهوية"،  تظاهرة بحثية في طرابلس للاتحاد الفلسفي العربي وقسم الفلسفة في كلية الآداب الفرع الثالث - الجامعة اللبنانية- كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الفرع الثالث، قسم الفلسفة، بالتعاون مع بلدية طرابلس المؤتمر الفلسفي العربي الخامس

 

 

Saturday, November 25, 2023

الخلل الديموغرافي في لبنان، د. فاعور: لبنان أمام تغيير ديموغرافي واسع

 

الخلل الديموغرافي في لبنان، د. فاعور: لبنان أمام  تغيير ديموغرافي واسع

مقال منشور في جريدة السفير بتاريخ 14 آذار/مارس 2023






لبنان أمام  تغيير ديموغرافي واسع

     بحسب تقديرات الأمم المتحدة الأخيرة، فقد احتل لبنان المرتبة الاولى في العالم من حيث تناقص عدد السكان عام 2023، حيث بلغت نسبة تراجع عدد السكان نحو– 2,68 في المائة.  وهو الدولة الوحيدة في المنطقة العربية التي يتناقص عدد سكانها[1]، وذلك نتيجة الخلل الديموغرافي الشاسع بين هجرات مغادرة وهجرات وافدة[2]، حيث بدأ يتناقص عدد السكان منذ العام 2015، عندما تجاوز عدد اللاجئين المليون لاجئ من المسجلين لدى المفوضية العليا للاجئين... وتشير تقديرات الامم المتحدة لعام 2020، أن عدد المقيمين قد بلغ نحو 6,825,910 نسمة، حيث كان يستضيف لبنان نحو مليوني لاجئ وطالب لجوء، ولا سيّما من اللاجئين من فلسطين، وسوريا والعراق، وغيرها من الدول..

      أما تزايد عدد السكان المقيمين في لبنان فهو حصيلة استمرار الأزمة السورية بعد أن دخلت عامها الثالث عشر، حيث تتكاثر أعداد النازحين السوريين[3]، وبخاصة من الذين يتلقون الدعم المادي والمساعدات الغذائية من المفوضية العليا للاجئين والهيئات الدولية في الأمم المتحدة،  في مقابل تناقص عدد اللبنانيين نتيجة انخفاض الخصوبة، وتزايد عدد الوفيات، ثم تزايد موجات الهجرة الخارجية وبخاصة من الشباب الجامعيين والاطباء والمهندسين واصحاب المهارات العالية، الذين يغادرون لبنان للبحث عن وطن في الخارج، مما أدى الى خسارة لبنان ما يُقارب 10 في المائة (ما بين 350 و 400 ألف مهاجر) خلال السنوات الاربع الماضية ..

     أما بحسب التوقعات السكانية في العالم:  بيانات شعبة السكان  في الأمم المتحدة ، إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية ، مراجعة عام 2022 ، فيتبين أن هذا التراجع في عدد السكان سوف يستمر طيلة العشر سنوات القادمة حتى عام 2035.

       وبينما يُقدر  مجمل عدد السكان المقيمن في لبنان عام 2023،  بنحو خمسة ملايين و354 الف نسمة،  يتبيّن بحسب التوقعات أن هذا العدد  سوف ينخفض الى مستوى أربعة ملايين و 642 ألف نسمة عام 2033.. مع العلم أن هذه التوقعات بعيدة عن الواقع الموجود على الارض، حيث يُقدر مجموع عدد الساكنين في لبنان، كما رأينا سابقاً، بأكثر من سبعة ملايين و500 الف نسمة.

    .. لكن المهم فيها هو تناقص اجمالي عدد السكان خلال السنوات القليلة القادمة، وبخاصة  بالنسبة لفئة صغار السن (دون 15سنة) حيث تراجع عددهم من مليون و460 الف نسمة الى 907 ألف نسمة فقط، وذلك بنسبة  بلغت نحو 38 في المائة ، بينما بالمقابل فقد ارتفع عدد  كبار السن (65 سنة وأكثر) من 550 ألف الى 789 ألف نسمة، أي بنسبة بلغت 43.5 في المائة، كما تراجعت نسبة من هم في عمر العمل (15-64 سنة) وبخاصة في فئة الشباب، بنسبة بلغت نحو 12 في المائة... والبارز في هذه التحولات هو تناقص عدد العاملين (بين 30-49 سنة) بنسبة بلغت نحو 31 في المائة، حيث انخفض عددهم  من مليون و250 ألف نسمة الى حدود 868 ألف نسمة فقط[4].

     ويتبيّن من توزيع الفئات العمرية الكبرى للسكان المقيمين بحسب هرم ألأعمار عام 2023 ، أن نسبة الفئة العمرية للصغار (0-14 سنة) قد انخفضت  من 27 بالمئة الى 19.5 في المائة، بينما بالمقابل فقد ارتفعت نسبة كبار السن (65 سنة وأكثر) من نحو 10 في المائة الى 17 في المائة  من مجمل المقيمين، ( بحسب هرم الفئات العمرية المرفق.. وتشمل هذه الأرقام مقارنة عدد المقيمين في لبنان، من اللبنانيين والنازحين السوريين، وذلك للفترة بين 2023 و 2033).



[1]  عدد سكان لبنان/ من اللبنانيين: "دون الخط الأحمر" مقابلة د. علي فاعور عبر "اندبندنت عربية" مع  الصحافي بشير مصطفي في 26 حزيران/يونيو 2023.

[2] تسارع التحولات الديموغرافية سيؤدي إلى تغيير وجه لبنان.. ماذا ينتظر لبنان في عام ٢٠٢٢؟..حوار في العمق  مع  د.علي فاعور*، محمد هاني شقير، صحيفة الحوار نيوز في 27 كانون أول 2021...

 

[3]  عام 2023 جاءت سوريا في المرتبة الاولى من حيث النمو السكاني البالغ (+4,88%)، تليها السودان، واليمن والعراق..

 

[4]  لمزيد من التفاصيل، راجع د. علي فاعور "  الهجرة تتزامن مع زيادة في كبار السنّ وتناقص عدد الأطفال: المجتمع اللبناني يتحوّل نحو الشيخوخة"، جريدة الأخبار في 29 ىذار/ مارس 2021.


Monday, June 26, 2023

عدد سكان لبنان/ من اللبنانيين: "دون الخط الأحمر" مقابلة د. علي فاعور عبر "اندبندنت عربية"

 

عدد سكان لبنان/ من اللبنانيين "دون الخط الأحمر"

   (في 26 حزيران/يونيو 2023 ) مقابلة د. علي فاعور عبر "اندبندنت عربية"  مع الصحافي بشير مصطفي بتاريخ


جاوز لبنان "الخط الأحمر" المرتبط بتراجع أعداد السكان المقيمين في الداخل، لكن مكمن الخطورة نابع في إرجاع البعض ذلك إلى انخفاض الخصوبة وزيادة الهجرة وانخفاض وتراجع الإقدام على الزواج وتزايد عقود الطلاق، علاوة على ترسخ ثقافة "الحد الطوعي للنسل"، معطوفة على الأثر العميق للانهيار المالي والاقتصادي.

على شرفة منزلهما الصيفي، تجلس السيدة وداد وزوجها سامي بانتظار موعد الفيديو كول مع ابنهما الوحيد الذي هاجر العام الماضي إلى الولايات المتحدة من أجل العمل، والدراسات المعمقة في الطب، وكذلك ابنتهما التي هاجرت مع زوجها إلى السعودية من أجل الإقامة والعمل.

يعلمان أنه لن يعود إلى الاستقرار مجدداً في لبنان، ولذلك يحاولان إقناع الابن بالقدوم في زيارة صيفية أو في موسم أعياد الميلاد. يحاول الأبوان إشعار الشاب أن كل الأمور تمضي بخير، ولكن في المقابل يخفيان حالة الغربة والوحدة جراء ابتعاده وشقيقته عنهما.

تقول الأم إنها تحاول وزوجها تمضية الوقت، و"القيام بالروتين اليومي كالمشي وسقاية الزريعة، وري الشجيرات، ولكن لا يغني ذلك عن وجود العائلة مجتمعة، إلا أن العذر موجود، فهؤلاء ذهبوا لتأمين مستقبلهم، والحصول على الحد الأدنى من الخدمات، والحاجات الأساسية".

تتكرر هذه التفاصيل في قصص المئات، لا بل الآلاف من الأهل في لبنان، وتحديداً من هاجر أبناؤهم لأسباب اقتصادية، أو حتى سياسية في ظل التدهور السريع للأوضاع في البلاد. ومن المتوقع مضاعفة هذه الظاهرة، في ظل الرغبة الشديدة في الهجرة من لبنان، وبحسب دراسة أعدتها دائرة الإحصاء المركزي في لبنان عام 2022، فإن 52.2 في المئة من اللبنانيين يرغبون بالهجرة.

ويحذر المتخصص اللبناني في شؤون الهجرة عباس طفيلي من خطورة هذا الرقم، لأنه يأتي في موازاة هجرة قرابة 400 ألف مواطن في ظل الأزمة، منبهاً إلى أن ربع الولادات المسجلة هي من المواليد في خارج لبنان.

يرى طفيلي أن "اللبنانيين الذين يقصدون البلاد حالياً إنما يعودون إليه ظرفياً من أجل لقاء أهاليهم والكبار في السن، وهذا عامل وجداني، بالتالي عند رحيلهم سينقطع هذا الرابط". ويتخوف من تأثير هذه الأزمة خلال العقدين المقبلين، حيث "سنجد قرى شبه فارغة بسبب موجات الهجرة، ولا نجد فيها إلا بعض كبار السن"، مشيراً إلى أن "رغبة الهجرة مشتركة بين المواطنين والنازحين فهؤلاء ينتهزون أي فرصة للرحيل حتى لو كانت خطرة، كالذين هربوا بحراً".

معطيات حذرة

تتخوف بعض الدراسات من تدهور أعداد المواطنين المقيمين في لبنان، ويأخذ هذا التراجع أشكالاً مختلفة، فمنها ما يتصل بمغادرة البلاد مع قرار بعدم العودة المبدئية، أو يرتبط بانخفاض أعداد الولادات في مقابل زيادة الوفيات في لبنان.

بحسب دراسة مؤسسة الدولية للمعلومات "شهدت الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022 زيادة أعداد المهاجرين 232.8 في المئة على العام السابق له، وهذا الارتفاع الكبير مؤشر إلى مدى تردي الأوضاع في لبنان، وسعي المواطنين إلى السفر والهجرة هرباً من الواقع".

ولاحظت دراسات المؤسسة نفسها انخفاض الولادات بشكل ملحوظ بدءاً من عام 2019، إذ تراجعت 30.2 في المئة، خلال الفترة من 2019 - 2021 في مقابل ازدياد مستمر في الوفيات. وعلى سبيل المثال ارتفعت الوفيات 21 في المئة من عام 2020 إلى 2021، في وقت تراجعت الولادات للفترة نفسها ثمانية في المئة.

عوامل متعددة

يشبه مدير مركز السكان والتنمية اللبناني علي فاعور المستقبل السكاني اللبناني بـ"القنبلة الزمنية الديموغرافية"، منطلقاً من مسح القوى العاملة الأخير لعام 2018، الذي أظهر تحولاً تمثل في تزايد أعداد كبار السن وانتشار ظاهرة التعمر (المعمرين)، وذلك في مقابل تراجع عدد صغار السن (دون 15 سنة)، إذ انخفض عدد الأطفال المقيمين في لبنان من أكثر من مليون طفل في عام 2004 إلى 814 ألف طفل عام 2018، أي بنسبة تراجع 20.5 في المئة.

في المقابل ارتفعت نسبة كبار السن من 282 ألفاً و249 خلال عام 2004 إلى 508 آلاف شخص في عام 2018، أي 80 في المئة، وهذه الشريحة آخذة بالتزايد.

يلاحظ فاعور زيادة كبيرة في حصة كبار السن من أصحاب الـ65 عاماً فما فوق. ففي عام 1970 كان يشكل هؤلاء 11 في المئة من عدد الأطفال، أما اليوم فباتوا 62.5 في المئة كمعدل وسطي في لبنان، محذراً من "تجاوز المسنين عدد الأطفال الصغار بمحافظة جبل لبنان ذات الغالبية المسيحية، ليبلغ 116.5 في المئة، كما يصل إلى 90 في المئة بالمناطق الحضرية كمحافظة بيروت، ثم 61 في المئة بالبقاع".

في مقابل ذلك تنخفض نسبة كبار السن إلى أدنى مستوياتها في المناطق ذات الغالبية المسلمة، إذ تمثل في عكار 25 في المئة، وبعلبك الهرمل 34 في المئة، بحسب فاعور، الذي يتحدث عن ارتفاع نسبة كبار السن من مجموع السكان، فبعد أن كانت تشكل أقل من 7.4 في المئة عام 2004 أصبحت أكثر من 13 في المئة عام 2018، فيما انخفضت نسبة صغار السن من 28 في المئة إلى 21 في المئة خلال المدة عينها.

ويلاحظ أن الفئة العمرية الشابة التي تتراوح بين 20 و44 عاماً أصبحت تشكل أكثر من ثلث المجتمع اللبناني، فيما تشكل هذه الفئة لدى المهاجرين نحو 80 في المئة، مما يحمل دلالات مستقبلية خطرة تتعلق بشيخوخة السكان المقيمين. فمنذ عام 1970 تضاعف عدد كبار السن خمسة أضعاف، فيما ارتفع عدد السكان مرة واحدة فقط، وقد بات لبنان الدولة الأكثر شيخوخة بين الدول العربية، وتتجه نحو الشيخوخة السريعة.

الخصوبة المنخفضة

يتطرق فاعور إلى تراجع الخصوبة لدى اللبنانيين، وكذلك تصنيف الأمم المتحدة للبنان على أنه "أسرع دولة في تناقص عدد السكان المقيمين، إذ تراجع من ستة ملايين و820 ألف نسمة خلال 2020، إلى خمسة ملايين ونصف المليون حالياً"، معزياً ذلك إلى "الهجرة الصافية" التي ظهرت بوادرها في 2015، وصولاً إلى مغادرة الكفاءات من القوى العاملة والمهارات كالأطباء والمهندسين وغيرهم.

ووفق دراسة "مسح القوى العاملة والأحوال المعيشية للأسر في لبنان"، الذي نفذته إدارة الإحصاء المركزي بالتعاون مع منظمة العمل الدولية والاتحاد الأوروبي في 2018، تبين أن متوسط عدد أفراد الأسرة اللبنانية قد انخفض بشكل لافت من 4.6 شخص في 2004 إلى 3.6 شخص عام 2018.

هنا يتخوف فاعور من أن "لبنان بات دون مستوى الإحلال لأن الخط الأحمر يشكل 2.2 طفل للمرأة الواحدة"، منبهاً إلى "انخفاض الخصوبة العامة، وبخاصة في أقضية جزين (3.3 طفل)، والبترون وكسروان وراشيا (3.4)، أما في المتن فقد بلغ (3.5)، ثم (3.4) بالعاصمة بيروت.

ببساطة تراجع معدل عدد الأطفال لكل امرأة من ستة صغار خلال ستينيات القرن الماضي، إلى 1.5 طفل في الوقت الحاضر، نتيجة التحولات الديموغرافية المتسارعة في البلاد منذ الحرب اللبنانية، فالأسر المكونة من شخصين باتت تشكل نحو ثلث مجموع الأسر اللبنانية.

ويرى مدير مركز السكان والتنمية اللبناني أن "الزيادة في أعداد المسلمين تكاد تنحصر في عكار وشمال لبنان، وهي ناجمة بشكل أساسي عن ارتفاع نسبة الولادات لدى السكان المجنسين عام 1994، الذين وصل عددهم اليوم بين 350 ألفاً و400 ألف".

تحول ديموغرافي خطر

يعتقد علي فاعور أن "ما يعيشه لبنان هو نتيجة ما صنفه البنك الدولي بثاني أسوأ أزمة تمر بها دولة في التاريخ"، إضافة إلى أنه "البلد الأول من حيث نسبة اللاجئين مقارنة بعدد سكانه لأن عدد اللاجئين الموجودين في لبنان تجاوز مليوني شخص، وقد يصل إلى مليونين ونصف المليون شخص، بحسب بعض التقديرات أغلبيتهم من النازحين الاقتصاديين، مقابل أربعة ملايين و800 ألف مقيم في لبنان من ضمنهم 20 في المئة أجانب من دون حساب المخيمات السورية"، بحسب دائرة الإحصاء المركزي في 2018.

واختتم حديثه بقوله "منذ عام 2021 تجاوزت ولادات النازحين عدد اللبنانيين في تسعة أقضية، منها البقاع الغربي وراشيا والشوف وعكار والضنية"، وهذا ينذر بتصدعات ديموغرافية على مستوى لبنان، وقد يتفاقم ذلك مع رغبة ثلثي الشباب اللبناني في الهجرة نتيجة حالة اليأس.


Sunday, April 17, 2022

وأخيراً..يا بيروت..د. علي فاعور... بيروت مدينة متفرّدة عبر التاريخ..

 

بيروت مدينة متفرّدة عبر التاريخ..د. علي فاعور...
وأخيراً..يا بيروت..آلهةُ البحر الأزرق تسكنُ في عينيكِِ...




بيروت...


هذه المدينة الساحرة التي أحببت، المستلقية أمام هذا البحر الأزرق وهدير الأمواج، وهي عروس الشاطئ، تتنزه مع الصبايا أمام كورنيش البحر الطويل، يعجُ بالناس صباح مساء..ومراكبُ الصيادين.. والأسماك تغني.. وطيور النورس تلعبُ مع الريح فوق صخور المنارة والروشة وعين المريسة.....
وأخيراً..يا بيروت..
آلهةُ البحر الأزرق تسكنُ في عينيكِِ...
كلما نظرتُ إليها تغمرني أمواجُ البحرِ..
..فأغرق..
من كلمة ألقيتها عام 2009، في إفتتاح المؤتمر الدولي: "قراءات متعددة لمدينة بيروت" ، وفيما يلي النص الكامل :
كلمة الدكتورعلي فاعور عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية
في افتتاح المؤتمر الدولي "قراءات متعددة لمدينة بيروت"
الذي نظمه قسم اللغة الفرنسية وآدابها (بالتعاون مع قسم الفنون والآثار)
في كلية الآداب والعلوم الانسانية.
يوم الثلاثاء بتاريخ 28/4/2009
.....
بيروت مدينة الحياة والحب والجمال، لا مدينة الأحجار والباطون المسلح، وهي مدينة الشوارع الضيّقة الملتوية في الأسواق القديمة المسقوفة، والواجهات الخشبية الدافئة التي تلهم المخيلة وتجذب السواح في أزقة المدينة العتيقة، حيث تمتلئ المدينة بالحيوية وتعج بالحركة. كلها علامات مرئية ومحسوسة ومخفية أحياناً، تتجسد من خلال التمازج في تنظيم وتوزيع الأشكال والمساحات في المجال المديني..
بيروت ليست الأبراج العالية والواجهات الزجاجية الباردة والأشكال الهندسية ذات الزوايا القائمة.. وهي مدينة حيّة لا مدينة جامدة.. مدينةُ الشعراء لا مدينة صحراء... هي مدينة الإيحاءات والذاكرة حيث لكل إضافة علامة مميّزة في الشارعِ أو الساحة، وهي التي تلفتُ انتباهَ الناسِ وتشعرهم بوجودهم فيها..
إن عدم توفر شروط الحياة اللازمة في المدينة، ثم نسيان المدينة لطبيعتها الحقيقية وهدفها، يدفع الناس الى الابتعاد والهروب عنها، بل إن المشاهد المدينية الغنية بهذه العلامات الثقافية أو النفسية هي التي تزيد من ارتباط الناس بالمدينة وتساعد في رسم مستقبلها.. ذلك أن الانسان يتعامل مع المدينة بحواسهِ وأحلامهِ، وهو في الأساس يعيش فيها كشاعر...
بيروت ليست هذا الكورنيش الصخري المسلح بالباطون، الممتد ليحجب لون البحر ويشوه وجه المدينة اليوم حيث تتكاثر الأبنية المتعددة الطوابق لتغطي واجهة بيروت، فتمنعَ عنها هواءَ البحر وزرقةَ المياه..وبيروت ليست هذا الوسط التجاري بأبنيته العملاقة المتعددة الطوابق، ذات الواجهات الزجاجية الباردة، بل هي المدينة العتيقة بأسواقها القديمة، حيث الوسط الانساني الذي يعج بالناس والحياة... ذلك أن بناء مدينة وفق قوانين الهندسة المعمارية وحدها لايكفي، لأن المسألة لا تقتصر على البناء وفن العمارة، فالهندسة المعمارية كما يقول المهندس اليوناني الشهير أوبالينوس " ليست إلا شكلاً من أشكال محبة الناس"...
بل إن خلق مدينة يستوجب الاستعانة بقوانين علم النفس والتاريخ، وعلم الاجتماع والجغرافيا، وحتى الفلسفة والشعر والموسيقى...وذلك لتصميم الحدائق والساحات ووضع النصب والتماثيل، وتصميم برك المياه وتوزيع المقاعد للمتنزهين، واختيار أماكن المقاهي واللهو، لأنها ستكون أماكن تجمع للناس في المدينة.. ثم أليست دراسة المدينة هي معرفة كيف يجتمع الناس في الوسط الإنساني، وكيف يتعاملون؟ وما هي حدود البيئة الاجتماعية والمحددات التي تفرض نفسها في تركيب الوسط المديني؟
تبقى كلمة أخيرة لبيروت... هذه المدينة الساحرة التي أحببت، المستلقية أمام هذا البحر الأزرق وهدير الأمواج، وهي عروس الشاطئ، تتنزه مع الصبايا أمام كورنيش البحر الطويل، يعجُ بالناس صباح مساء..ومراكبُ الصيادين.. والأسماك تغني.. وطيور النورس تلعبُ مع الريح فوق صخور المنارة والروشة وعين المريسة.....
وأخيراً..يا بيروت..
آلهةُ البحر الأزرق تسكنُ في عينيكِِ...
كلما نظرتُ إليها تغمرني أمواجُ البحرِ..
..فأغرق..
بيروت حاضنة المدن وبوابة الشعر والفن ، ومدينة التعددية وعاصمة عالمية للكتاب والكتابة والابداع..

Tuesday, March 23, 2021

هجرة القوى البشرية اللبنانية دراسة ميدانية في اليونان وقبرص 1986

 

هجرة القوى البشرية اللبنانية دراسة ميدانية في اليونان وقبرص 1986

بقلم : الدكتور علي فاعور.. استاذ الجغرافية في كلية الاداب.. الجامعة اللبنانية.

بناء لطلب اللجنة المنظمة ، للمؤتمر العربي للسياسات السكانية أعد الدكتور على فاعور هذه الورقة ، وقدمها في المؤتمر ، في إطار جلسات الهجرة الدولية وكانت الورقة الوحيدة ، التي مثلت دراسة ميدانية واقعية حول الهجرة إلى الخارج ، ونظراً لأهمية هذا البحث ، فقد استأذنا الدكتور لنشرها في مجلة الأسرة عدد السكان وكان لنا ما اردناه..




موجز الدراسة:

يمثل لبنان إنموذجا للدولة التي تتعرض لخسارة مواردها البشرية وطاقاتها ، وهي ظاهرة ديمغرافية قائمة في طبيعة المجتمع لبناني ، لكنها برزت وتضخمت خلال سنوات الحرب الأخيرة ، حيث أدت التحركات السكانية المفاجئة لخسارة العناصر المتعلمة والمدربة ، وهي أكثر العناصر ديناميكية في المجتمع ، بحيث اننا انتقلنا وبسرعة من هجرات عادية ومؤقتة ، كانت تمثل بمعظمها مورد من موارد الدعم للاقتصاد لبناني إلى هجرات جماعية ودائمة ، بخشي في حال استمرارها ، افراغ البلاد من ثرواتها وقدراتها البشرية والإقتصادية.

تحتوي هذه الورقة على نتائج دراسة ميدانية للقوى البشرية اللبنانية المقيمة في اليونان وقبرص ، جرت بين ايلول وكانون الأول سنة ۱۹۸۹ ، وتأتي هذه المحاولة في إطار السعي لترشيد السياسة السكانية ، وصياغة الوسائل الكفيلة بحماية الموارد البشرية ، وحل مشكلة المجتمعات المعرضة لخسارة طاقاتها الذاتية وذلك من خلال دراسة القوى البشرية في أماكن إقامتها الجديدة ، والتعرف إلى أوضاعها وتحديد مشكلاتها ، وتبيان مدى إستعداداتها للعودة

وتتناول هذه الورقة النقاط الآتية :

·                    أولا القوى البشرية بين الهجرة والتهجير السكاني .

·                    ثانيا الخصائص الديمغرافية للمهاجرين .

·                    ثالثا - الأوضاع الاجتماعية .

·                    رابعا احتمالات العودة .

 

المقدمة :

تعاني معظم الدول النامية من هجرة القوى البشرية ، وبمرور الزمن تتزايد أعداد المهاجرين من العناصر الشابة المتعلمة واصحاب الكفاءات العليا ، ويرى البعض في هذه الظاهرة الشاملة موردا هاما من موارد الدعم اقتصاديات بعض الدول ، دون التنبه للأخطارالناجمة عن خسارة أكثر العناصر حيوية في المجتمع ، بل أن تصدير القوى البشرية بات امراً عادياً يضاف إلى قائمة الصادرات الأكثر جودة ونوعية، ويستمر النزف دون إيجاد الوسائل الكفيلة للحد من خسارة الموارد البشرية . ففي حين توجد برامج سكانية شاملة لمسح الخصوبة وتنظيم الأسرة على مستوى الدول والمناطق ، لا توجد بالمقابل برامج منظمة ، أو مسوحات دقيقة للطاقات والموارد البشرية المغادرة خارج بلدانها ، بإستثناء بعض المحاولات التي لم تتمكن حتى الآن من التاثير في صياغة السكانية..

وفي لبنان تعتبر التحركات السكانية ظاهرة رئيسية في تركيب المجتمع وركيزة بارزة في البنية التحتية الاقتصادية ، وهي قد أصبحت بمرور الزمن عليها جزءًا لا يتجزأ من تاريخ لبنان الحضاري وتراثه، بحيث بات من المستحيل الفصل في دراسة الهجرة بين اللبناني المقيم واللبناني المغترب، كما أنه لا يمكن تفسير الدوافع المحركة لتيارات الهجرة دون الرجوع إلى مراحلها التاريخية وجذورها

فمنذ منتصف القرن التاسع عشر تتزايد موجات الهجرة المغادرة ، ويتواصل معها الانتشار لبناني في بقاع جديدة من العالم ، ومع الزمن فقد أصبحت التنقلات عبر القارات الدول سمة بارزة في طبيعة لبناني وعلامة مميزة في شخصيته ، ارتبطت بنجاح المغامرة اللبنانية في بلاد الاغتراب. فالتجارب الناجحة التي قادها المهاجرون الأوائل شكلت في الأساس ، جسورا تعبر فوقها العمالة اللبنانية الشابه ، الباحثة ، عن فرص العمل في الخارج

ويتبين من تتبع المراحل التاريخية لموجات الهجرة المغادرة من لبنان وتحليل انعكاساتها على مجمل الوضع السكاني، أنها لا تمثل ظاهرة انقطاع عن الأرض الأم ، بل انها مرحلة مؤقتة مهما طالت، يليها اتصال دائم وبوسائل جديدة .. هذه الظاهرة بشموليتها وتنوعها هي التي أكسبت لبنان الكثير من ملامحه وشخصيته الجغرافية

وخلال سنوات مضت فقد حملت تيارات الهجرة معها معظم الكفاءات ( مهندسين ، أطباء ، عمال مهرة .. ) والكثير من القدرات البشرية الشابة فأحدثت فراغا كبيرا في بعض القطاعات الاقتصادية ( النزوح الزراعي .. ولكن رغم سلبياتها الكثيرة فقد مثلت هذه التحركات موردا رئيسيا من موارد الدعم للاقتصاد اللبناني. وشكلت التحويلات المالية للمغتربين شریانا أساسيا في دورة الحياة اللبنانية.