Saturday, November 25, 2023

الخلل الديموغرافي في لبنان، د. فاعور: لبنان أمام تغيير ديموغرافي واسع

 

الخلل الديموغرافي في لبنان، د. فاعور: لبنان أمام  تغيير ديموغرافي واسع

مقال منشور في جريدة السفير بتاريخ 14 آذار/مارس 2023






لبنان أمام  تغيير ديموغرافي واسع

     بحسب تقديرات الأمم المتحدة الأخيرة، فقد احتل لبنان المرتبة الاولى في العالم من حيث تناقص عدد السكان عام 2023، حيث بلغت نسبة تراجع عدد السكان نحو– 2,68 في المائة.  وهو الدولة الوحيدة في المنطقة العربية التي يتناقص عدد سكانها[1]، وذلك نتيجة الخلل الديموغرافي الشاسع بين هجرات مغادرة وهجرات وافدة[2]، حيث بدأ يتناقص عدد السكان منذ العام 2015، عندما تجاوز عدد اللاجئين المليون لاجئ من المسجلين لدى المفوضية العليا للاجئين... وتشير تقديرات الامم المتحدة لعام 2020، أن عدد المقيمين قد بلغ نحو 6,825,910 نسمة، حيث كان يستضيف لبنان نحو مليوني لاجئ وطالب لجوء، ولا سيّما من اللاجئين من فلسطين، وسوريا والعراق، وغيرها من الدول..

      أما تزايد عدد السكان المقيمين في لبنان فهو حصيلة استمرار الأزمة السورية بعد أن دخلت عامها الثالث عشر، حيث تتكاثر أعداد النازحين السوريين[3]، وبخاصة من الذين يتلقون الدعم المادي والمساعدات الغذائية من المفوضية العليا للاجئين والهيئات الدولية في الأمم المتحدة،  في مقابل تناقص عدد اللبنانيين نتيجة انخفاض الخصوبة، وتزايد عدد الوفيات، ثم تزايد موجات الهجرة الخارجية وبخاصة من الشباب الجامعيين والاطباء والمهندسين واصحاب المهارات العالية، الذين يغادرون لبنان للبحث عن وطن في الخارج، مما أدى الى خسارة لبنان ما يُقارب 10 في المائة (ما بين 350 و 400 ألف مهاجر) خلال السنوات الاربع الماضية ..

     أما بحسب التوقعات السكانية في العالم:  بيانات شعبة السكان  في الأمم المتحدة ، إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية ، مراجعة عام 2022 ، فيتبين أن هذا التراجع في عدد السكان سوف يستمر طيلة العشر سنوات القادمة حتى عام 2035.

       وبينما يُقدر  مجمل عدد السكان المقيمن في لبنان عام 2023،  بنحو خمسة ملايين و354 الف نسمة،  يتبيّن بحسب التوقعات أن هذا العدد  سوف ينخفض الى مستوى أربعة ملايين و 642 ألف نسمة عام 2033.. مع العلم أن هذه التوقعات بعيدة عن الواقع الموجود على الارض، حيث يُقدر مجموع عدد الساكنين في لبنان، كما رأينا سابقاً، بأكثر من سبعة ملايين و500 الف نسمة.

    .. لكن المهم فيها هو تناقص اجمالي عدد السكان خلال السنوات القليلة القادمة، وبخاصة  بالنسبة لفئة صغار السن (دون 15سنة) حيث تراجع عددهم من مليون و460 الف نسمة الى 907 ألف نسمة فقط، وذلك بنسبة  بلغت نحو 38 في المائة ، بينما بالمقابل فقد ارتفع عدد  كبار السن (65 سنة وأكثر) من 550 ألف الى 789 ألف نسمة، أي بنسبة بلغت 43.5 في المائة، كما تراجعت نسبة من هم في عمر العمل (15-64 سنة) وبخاصة في فئة الشباب، بنسبة بلغت نحو 12 في المائة... والبارز في هذه التحولات هو تناقص عدد العاملين (بين 30-49 سنة) بنسبة بلغت نحو 31 في المائة، حيث انخفض عددهم  من مليون و250 ألف نسمة الى حدود 868 ألف نسمة فقط[4].

     ويتبيّن من توزيع الفئات العمرية الكبرى للسكان المقيمين بحسب هرم ألأعمار عام 2023 ، أن نسبة الفئة العمرية للصغار (0-14 سنة) قد انخفضت  من 27 بالمئة الى 19.5 في المائة، بينما بالمقابل فقد ارتفعت نسبة كبار السن (65 سنة وأكثر) من نحو 10 في المائة الى 17 في المائة  من مجمل المقيمين، ( بحسب هرم الفئات العمرية المرفق.. وتشمل هذه الأرقام مقارنة عدد المقيمين في لبنان، من اللبنانيين والنازحين السوريين، وذلك للفترة بين 2023 و 2033).



[1]  عدد سكان لبنان/ من اللبنانيين: "دون الخط الأحمر" مقابلة د. علي فاعور عبر "اندبندنت عربية" مع  الصحافي بشير مصطفي في 26 حزيران/يونيو 2023.

[2] تسارع التحولات الديموغرافية سيؤدي إلى تغيير وجه لبنان.. ماذا ينتظر لبنان في عام ٢٠٢٢؟..حوار في العمق  مع  د.علي فاعور*، محمد هاني شقير، صحيفة الحوار نيوز في 27 كانون أول 2021...

 

[3]  عام 2023 جاءت سوريا في المرتبة الاولى من حيث النمو السكاني البالغ (+4,88%)، تليها السودان، واليمن والعراق..

 

[4]  لمزيد من التفاصيل، راجع د. علي فاعور "  الهجرة تتزامن مع زيادة في كبار السنّ وتناقص عدد الأطفال: المجتمع اللبناني يتحوّل نحو الشيخوخة"، جريدة الأخبار في 29 ىذار/ مارس 2021.


No comments: