Saturday, March 27, 2021

إفراغ الجنوب من السكان: التهجير والنزوح..الدكتور علي فاعور..عام1994.

 

 مخاطر إفراغ الجنوب من السكان: التهجير والنزوح.. 

دراسة مقدمة إلى المؤتمر الدولي للسكان والتنمية في القاهرة عام 1994. اللجنة الوطنية للسكان في بيروت.

السكان في الشريط الحدودي المحتل 1994








إذا كان افراغ لبنان من السكان نتيجة موجات الهجرة المغادرة واستنزاف الموارد البشرية ، قد بلغ اليوم مرحلة الخطر الحقيقي ، خصوصا بعد سبعة عشر عاما من النزاعات المتواصلة ، فالبارز أن تغيرات واسع وعميقة ، قد حدثت في المدن كما في الأرياف وعلى مختلف المستويات الاجتماعية والديموغرافية والإقتصادية . واذا كانت كسوة السابقة للحرب ( قبل ۱۹۷5 ) قد عرفت موجات نزوح كثيفة من من الأرياف إلى المدن الكبری ، خصوصا العاصمة بيروت ، فقد أدت الأحداث المتواصلة ، وموجات العنف المتلاحقة في بيروت إلى نشوء حركة نزوح مضاد بإتجاه الأرياف والقرى ، ما أدى إلى تحولات واسعة في التوزيعات المكانية للسكان .

وبينما  كانت المحددات الاقتصادية الاجتماعية هي التي تتحكم في التحرکات السكانية في السابق ، فقد أحدثت الحرب تبدلات قسرية ومفاجئة ، عرفتها الأرياف وبعض المناطق فيما بعد ، خصوصا في الأماكن التي كانت مسرحاً للنزاعات والتقاتل بين الأطراف المتصارعة .

ويلاحظ أن الهجرات السكانية المتواصلة قد ترافقت في الأرياف مع تحولات في التركيب الديموغرافي والأقتصادي ، أدت بدورها الى تغيرات في أوضاع البيئة الطبيعية المسيطرة . وقد بلغت هذه التغيرات مداها في مناطق الجنوب اللبناني ، التي تمثل أنموذجا لعمليات الأفراغ السكاني التي ترافقت مع إهمال الأرض ، والتحول عن الزراعة الى النزوح والهجرة . . .

ولما كان يستحيل في بحث موجز دراسة مختلف هذه التغيرات ، فسوف  نتناول بالتحديد مسألة الافراغ السكاني والآثار السلبية الناجمة عنها ، خصو صا وأنها قد بلغت اليوم ، مرحلة الخطر الحقيقي في الجنوب اللبناني . لهذا فهي تعتبر أساس المعالجة ، لأن الأنسان هو المحرك الرئيسي في عملية التنمية .

ونظراً لتنوع الآثار السلبية فسوف نركز على التحولات الديمغرافية المتسارعة في المناطق الريفية وذلك لارتباطها في المحيط الجغرافي ، ومدى تأثرها في أوضاع القرى التي يواجه سكانها اليوم مشاكل متنوعة ، خصوصا في قرى المنطقة الحدودية المحتلة التي تعيش منذ أكثر من عشر سنوات حالة إنقطاع عن بقية الأماكن اللبنانية .

ولتحديد الاطار العام للبحث ، فسوف نتناول دراسة النقاط التالية :

١- لبنان : القدر عن الزراعة والأرض إلى التجارة والهجرة .

۲- الجنوب لبناني : ملامح جغرافية عامة .

۳- مراحل افراغ القرى الجنوبية من السكان .

٤- التحولات الديمغرافية في القرى الجنوبية .

٥- إستنتاجات وإقتراحات .

1-     التحولات الريفية في لبنان

من الزراعة والأرض إلى التجارة والهجرة .

يلاحظ أن السياسة الإنمائية المعتمد والتمييز الحاصل بين المدن والأرياف ، كانت في أساس التحولات الريفية المتسارعة في لبنان ، الذي يمثل وضعاً فريداً في العلاقات بين العناصر الجغرافية الطبيعية والاقتصادية والإجتماعية ، وقد نجم عن هذا الوضع خصائص فريدة في التوزيعات السكانية حيث تعاني الأحياء الفقيرة في ضواحي بيروت من إكتظاظ حاد ، بينما تعاني بعض القرى النائية وقد أفرغت من سكانها، وتزداد أهمية المسألة الإنمائية  في بلد صغير المساحة کلبنان (10,400 كلم ۲ )، يتميز بوجود المناطق الجافة ، حيث تغطي الصخور الكلسية حوالي ثلث المساحة الإجمالية بالإضافة الى طبيعة البلاد الجبلية بحيث تمثل الأراضي المرتفعة فوق ۱۰۰۰ مترا  ثلث مساحة لبنان  (3,200 کلم ۲تقريباً) ، في حين تعلو الجبال إلى حوالي 3000 متراً. كما أن ۷۸ في المائة من المساحة الأجمالية تقع فوق مستوى ۵۰۰ مترا . أما البارز في هذا التوزيع للتضاريس فهو أن حوالي 90 في المائة  من مساحة لبنان تقع فوق مستوى ۲۰ ۲ متراً.  بحيث أن ۱۰ في  المائة  فقط من هذه المساحة تمثل المناطق الساحلية التي يعيش فيها أكثر من ثلاث أرباع سكان لبنان .

 ومن المؤكد ان الموقع الجغرافي  كان دائما العنصر الرئيسي في إزدهار لبنان ونهضته ، ولكن الثابت ايضا ان هذا الازدهار قد إرتكز إلى أهمية الموقع والتجارة  والخدمات ، أكثر بكثير من الموضع  والزراعة  والإنتاج ، بحيث تقدم الأول على حساب الثاني وبفارق كبير . بل لقد تم إنشاء شبكة من العلاقات المكانية والاقتصادية بين لبنان ومحيطه والخارج ، وهي مورد رئيسي من موارد الثروة ومحصلة جغرافية هامة تبيّن خلال الأحداث الأخيرة أنها غير مضمونة وغير ذلك كافية لوحدها . بل لقد جرى التحول بسرعة بسرعة إلى مجتمع خدمات غير مستقر يرتكز إلى الاستهلاك ، حيث نشأت الفروقات الاجتماعية والإقتصادية بين الأرياف الفقيرة المعزولة التي أهملت باهمال الأرض والزراعة، والمدن التي ازدهرت فيها التجارة والخدمات ، مستفيدة من إغراءات الموقع وتحول النظام الاقتصادي .

 ومن الطبيعي أن تتحرك موجات الهجرة والنزوح السكاني الى المدن الكبرى التي يعيش فيها اليوم أكثر من ثلاثة ارباع سكان لبنان ، بل أن مدينة بيروت الكبرى تضم حوالي نصف سكان لبنان ، وذلك على رقعة ضيقة من الأرض تقل مساحتهاعن واحد في المائة من مساحة لبنان الإجمالية  

إن التحولات الحالية المتسارعة في الأرياف هي حصيلة التفاوت الاجتماعي والاقتصادي بين المناطق اللبنانية ، ثم الاختلاف في مفهوم التنمية بحيث لا  تتوافق الرؤية مع الواقع، ولا تنسجم مع حاجات الافراد وتسعى لحل مشكلاتهم ، وفي لبنان لاتوجد فروقات بارزة في توافر الموارد الطبيعية برغم التنوّع بين المناطق الجغرافية وطبيعة البلاد الجبلية ، وذلك الضيق رقعة الأراضي والتشابه في التكوين الطبيعي العام . بل يوجد إختلاف في وسائل استخدام الانسان للارض ، وذلك وفق القدرات والامكانات المتوفرة لديه .. ففي بعض المناطق حيث التربة خصبة تبدو الأراضي مهملة وتقتصر الزراعة على بعض المحاصيل الضرورية لمعيشة السكان ، وفي مناطق أخرى ينتشر الجفاف ويعتمد السكان على بعض الزراعات البعلية ، في حين تتفرض المياه في الطبقات الجوفية وتذهب مياه الأنهار هدرا إلى البحر .

أما الأرياف الجنوبية في لبنان ، والتي يجري  فيها نهر الليطاني ، وهو نهر متفرد بين الأنهار اللبنانية ، من حيث مجراه ومساحة حوضه البالغة حوالي ۲۸ في المائة من مساحة لبنان، فأرضها اليوم تشكو الجفاف ، والهضاب فيها تتحول إلى حقول صخرية جرداء ، حيث يسيطر الجفاف في أماكن واسع ، وتنتشبر الزراعات البعلية ، وتتعرض سفوح الجبال إلى إنجراف التربة بعد تدهور الغطاء النباتي وبروز الأسطح الصخرية الجرداء . هذا بينما لا تصل مياه الشرب الى العديد من القرى التي لا زال معظمها الى اليوم يستخدم البرك الترابية في أوقات الجفاف .

على ضوء ما تقدم يمكن فهم التحولات الريفية الحالية في لبنان ، ويبقى الجنوبقضية إنمائية في الأساس وحالة مميزة للتحولات الديموغرافية والاجتماعية والإقتصادية، التي تختصر واقع الأطراف في لبنان وعلاقتتها بالمركز ،، تضاف اليها خصوصية الموقع الجغرافي للجنوب حيث الإعتداءات المتكررة على أرضه ومياهه .

۲ - الجنوب لبناني - ملامح جغرافية عامة

الجنوب قضية شعب وأرض ، أرض تزيد مساحتها قليلاً عن خمس مساحة لبنان ، أهملت منذ عشرات السنين بحجة عدم إستقرار الأوضاع الأمنية فيها ، ولم تنل نصيبها من العناية نظراً لموقعها الجغرافي، وتكرار الإعتداءات الإسرائيلية عليها، وقضية إنسان حُرم حقه كمواطن، قدم للوطن جهده وعرقه وأثبت عبر السنوات الطوال تعلقه بأرضه ودفاعه عنها، فلم تقدم له الدولة ما يعينهعلى الصمود والإستقرار، ويساعده في ـتأمين العيش الكريم.




































Tuesday, March 23, 2021

هجرة القوى البشرية اللبنانية دراسة ميدانية في اليونان وقبرص 1986

 

هجرة القوى البشرية اللبنانية دراسة ميدانية في اليونان وقبرص 1986

بقلم : الدكتور علي فاعور.. استاذ الجغرافية في كلية الاداب.. الجامعة اللبنانية.

بناء لطلب اللجنة المنظمة ، للمؤتمر العربي للسياسات السكانية أعد الدكتور على فاعور هذه الورقة ، وقدمها في المؤتمر ، في إطار جلسات الهجرة الدولية وكانت الورقة الوحيدة ، التي مثلت دراسة ميدانية واقعية حول الهجرة إلى الخارج ، ونظراً لأهمية هذا البحث ، فقد استأذنا الدكتور لنشرها في مجلة الأسرة عدد السكان وكان لنا ما اردناه..




موجز الدراسة:

يمثل لبنان إنموذجا للدولة التي تتعرض لخسارة مواردها البشرية وطاقاتها ، وهي ظاهرة ديمغرافية قائمة في طبيعة المجتمع لبناني ، لكنها برزت وتضخمت خلال سنوات الحرب الأخيرة ، حيث أدت التحركات السكانية المفاجئة لخسارة العناصر المتعلمة والمدربة ، وهي أكثر العناصر ديناميكية في المجتمع ، بحيث اننا انتقلنا وبسرعة من هجرات عادية ومؤقتة ، كانت تمثل بمعظمها مورد من موارد الدعم للاقتصاد لبناني إلى هجرات جماعية ودائمة ، بخشي في حال استمرارها ، افراغ البلاد من ثرواتها وقدراتها البشرية والإقتصادية.

تحتوي هذه الورقة على نتائج دراسة ميدانية للقوى البشرية اللبنانية المقيمة في اليونان وقبرص ، جرت بين ايلول وكانون الأول سنة ۱۹۸۹ ، وتأتي هذه المحاولة في إطار السعي لترشيد السياسة السكانية ، وصياغة الوسائل الكفيلة بحماية الموارد البشرية ، وحل مشكلة المجتمعات المعرضة لخسارة طاقاتها الذاتية وذلك من خلال دراسة القوى البشرية في أماكن إقامتها الجديدة ، والتعرف إلى أوضاعها وتحديد مشكلاتها ، وتبيان مدى إستعداداتها للعودة

وتتناول هذه الورقة النقاط الآتية :

·                    أولا القوى البشرية بين الهجرة والتهجير السكاني .

·                    ثانيا الخصائص الديمغرافية للمهاجرين .

·                    ثالثا - الأوضاع الاجتماعية .

·                    رابعا احتمالات العودة .

 

المقدمة :

تعاني معظم الدول النامية من هجرة القوى البشرية ، وبمرور الزمن تتزايد أعداد المهاجرين من العناصر الشابة المتعلمة واصحاب الكفاءات العليا ، ويرى البعض في هذه الظاهرة الشاملة موردا هاما من موارد الدعم اقتصاديات بعض الدول ، دون التنبه للأخطارالناجمة عن خسارة أكثر العناصر حيوية في المجتمع ، بل أن تصدير القوى البشرية بات امراً عادياً يضاف إلى قائمة الصادرات الأكثر جودة ونوعية، ويستمر النزف دون إيجاد الوسائل الكفيلة للحد من خسارة الموارد البشرية . ففي حين توجد برامج سكانية شاملة لمسح الخصوبة وتنظيم الأسرة على مستوى الدول والمناطق ، لا توجد بالمقابل برامج منظمة ، أو مسوحات دقيقة للطاقات والموارد البشرية المغادرة خارج بلدانها ، بإستثناء بعض المحاولات التي لم تتمكن حتى الآن من التاثير في صياغة السكانية..

وفي لبنان تعتبر التحركات السكانية ظاهرة رئيسية في تركيب المجتمع وركيزة بارزة في البنية التحتية الاقتصادية ، وهي قد أصبحت بمرور الزمن عليها جزءًا لا يتجزأ من تاريخ لبنان الحضاري وتراثه، بحيث بات من المستحيل الفصل في دراسة الهجرة بين اللبناني المقيم واللبناني المغترب، كما أنه لا يمكن تفسير الدوافع المحركة لتيارات الهجرة دون الرجوع إلى مراحلها التاريخية وجذورها

فمنذ منتصف القرن التاسع عشر تتزايد موجات الهجرة المغادرة ، ويتواصل معها الانتشار لبناني في بقاع جديدة من العالم ، ومع الزمن فقد أصبحت التنقلات عبر القارات الدول سمة بارزة في طبيعة لبناني وعلامة مميزة في شخصيته ، ارتبطت بنجاح المغامرة اللبنانية في بلاد الاغتراب. فالتجارب الناجحة التي قادها المهاجرون الأوائل شكلت في الأساس ، جسورا تعبر فوقها العمالة اللبنانية الشابه ، الباحثة ، عن فرص العمل في الخارج

ويتبين من تتبع المراحل التاريخية لموجات الهجرة المغادرة من لبنان وتحليل انعكاساتها على مجمل الوضع السكاني، أنها لا تمثل ظاهرة انقطاع عن الأرض الأم ، بل انها مرحلة مؤقتة مهما طالت، يليها اتصال دائم وبوسائل جديدة .. هذه الظاهرة بشموليتها وتنوعها هي التي أكسبت لبنان الكثير من ملامحه وشخصيته الجغرافية

وخلال سنوات مضت فقد حملت تيارات الهجرة معها معظم الكفاءات ( مهندسين ، أطباء ، عمال مهرة .. ) والكثير من القدرات البشرية الشابة فأحدثت فراغا كبيرا في بعض القطاعات الاقتصادية ( النزوح الزراعي .. ولكن رغم سلبياتها الكثيرة فقد مثلت هذه التحركات موردا رئيسيا من موارد الدعم للاقتصاد اللبناني. وشكلت التحويلات المالية للمغتربين شریانا أساسيا في دورة الحياة اللبنانية.

 













Friday, March 19, 2021

دور الوسط الإنساني في إعمار بيروت دراسة للدكتور علي فاعور عام 1994

 

دور الوسط الإنساني في إعمار بيروت 

 أعدت هذه الدراسة ونشرت على دفعات في جريدة النهار ، کانون الثاني عام 1994 ، وذلك بينما كانت تتم التحضيرات والدراسات لإعمار الوسط التجاري في بيروت ، وهي تعتبر محاولة للتأكيد على أهمية العامل الإنساني ودور الإنسان في التخطيط لإعادة إعمار المدينة التي دمرتها الحرب.

كما نشرت ضمن كتاب للدكتور علي فاعور، بعنوان

 "آفاق التحضّر العربي" نمو المدن والعواصم الكبرى، والتنمية الحضرية والسكن العشوائي".

منشورات دار النهضة العربية عام 2004. ويقع في 612 صفحة.


ويتضمن هذا البحث النقاط الآتية :

ا. إعمار بيروت أمام عنصر الإرادة والتاريخ.

۲- لماذا إعمار الوسط التجاري؟

3- الوسط الاجتماعي في المدينة .

         - توفير الحياة في وسط المدينة .

          - أهمية التوافق الاجتماعي.

4- لا مدينة دون نواة قادرة على التوحيد.

5۔ دور وسط المدينة التجارة والسياحة .