الإحصاءات السكانية وعوائق التنمية في جنوب لبنان
مع
تقديرات أولية اللسكان في المدن والقرى الجنوبية
الدكتور علي فاعور: بحث نشر في مجلة الباحث عام 1981. وضمن عدد خاص حول جنوب لبنان. ويتضمن البحث جداول مفصّلة بالتووزيعات السكانية للقرى والمدن في جنوب لبنان، موزعة حسب الأقضية.
الديموغرافية في المستقبل .
ويلاحظ أنه بالرغم من الجهود المتواصلة التي تبذلها
بعض الدول العربية في تحديث عملية الإحصاء ، وتنظيم الجهاز الإحصائي ، فلا تزال
غالبية هذه الدول تشكو من عدم توفر إحصاءات متقدمة ومتعمقة وشاملة ، فالتعدادات
التي أجريت تعتبر قليلة المعلومات وسطحية[2]
، بالمقارنة مع التعدادات السكانية في الدول المتقدمة ، مما يجعل المسؤولين عن
التخطيط للمستقبل يعتمدون وسائل متعددة ، وطرق غير مباشرة في تجهيز المعلومات
الإحصائية اللازمة.
واقع الإحصاءات السكانية في لبنان
إذا
كانت معظم الدول العربية ، قد أجرت عدة مرات ، تعدادات لسكانها[3]،
وخصوصا منذ سنة ۱۹۷۰ ،
فلبنان
لايزال يعتمد التعداد الأول والأخير لسكانه ، و مضى عليه حوالي نصف قرن (تعداد سنة
۱۹۳۲ ) ، عندما كان لبنان لايزال تحت الانتداب الفرنسي.
لقد عانى لبنان خلال هذه الفترة من أسباب التخلف ، وذلك بنتيجة نقص البيانات
الإحصائية ( خاصة السكانية)، مما كان له الأثر
الكبير للإبقاء على الفروقات الاجتماعية والإقتصادية
، فبينما تمركزت الجهود التنموية في العاصمة بيروت ، وجبل لبنان ، وبعض المدن
الكبرى ، حرمت المناطق البعيدة (خاصة في لبنان الجنوبي ولبنان الشمالي والبقاع) من
مشاريع التنمية ، فتخلفت عن غيرها من المناطق وازدادت مشاكلها الاجتماعية والإقتصادية
، مما أدى إلى اختلال التوازن بين المناطق الجغرافية وعلى مختلف المستويات .
هذا
التفاوت بين المناطق اللبنانية ، أدى إلى التحركات السكانية الكثيفة والواسعة ،
التي تمثلت بالهجرة نحو الخارج ، وحركة النزوح السكاني في الداخل ، بحيث أفرغت بعض
المناطق من سكانها ، وبالمقابل إرتفعت الكثافة السكانية في العاصمة بيروت[4]،
وبعض المدن الكبرى ، وبالرغم من توفر الأجهزة الإحصائية اللازمة ، فلم تنجح
محاولات إجراء تعداد جديد للسكان ، والعقدة الوحيدة التي كانت ولازالت تؤخر هذا
التجديد وتحول دون القيام بتعداد شامل للسكان
في لبنان ، تتمثل في مسألة التوازن الطائفي التي تعتبر ركيزة أساسية للكيان اللبناني
، بحيث أن المراكز الإدارية والسلطات السياسية في الدولة ، توزع بحسب الانتماء
الطائفي وعدد أفراد كل طائفة .
وقد
حاول لبنان ، منذ عدة سنوات ، معالجة هذه الفجوة التي حصلت بنتيجة عجز البيانات
الإحصائية السكانية (خاصة ما يتعلق منها بتوزيع السكان في المناطق اللبنانية ،
وحركة النزوح الداخلي والهجرة الخارجية ... )، حيث تم القيام بدراسات تنموية
(دراسة بعثة إيرفد 1959-1960 ، ثم خطة
السداسية ۱۹۷۲ - ۱۹۷۷ ...) ، كما تم إجراء بعض
المسوحات السكانية )الاقتصادية والاجتماعية) ، وهي مسوحات بالعينة جرت
على
التوالي سنة 1964 ، ۱۹۷۰ ، ۱۹۷۱ .[5]..
وبالرغم من فائدة هذه
التحقيقات بالعينة لمجموع السكان ، خاصة في وصف الخصائص الديموغرافية الاجتماعية والإقتصادية
على مستوى المحافظات ، إلا أنها لا تعطي معلومات دقيقة ومفصلة حول التقسيمات
الإدارية والمدن والقرى ، ولذلك فلا يمكن اعتمادها في وضع البرامج والتخطيط
للتنمية المدنية والريفية ، وفي أقاليم جغرافية محددة .
كذلك
الحال بالنسبة لتسجيل الوقائع الحيوية الولادات ، الوفيات ، الزواج ، الطلاق. . .
(فبالرغم من أن نظام التسجيل إلزامي في
لبنان[6] ،
بموجب قانون قيد وثائق الأحوال
الشخصية الصادر عن مجلس النواب سنة ۱۹5۱ ، نجد أن سجلات القيد غير
کاملة ، وتشكو من نقص فادح ، خاصة في تسجيل الوفيات[7]،
لهذا نجد أن الحاجة ماسة لتطوير الأجهزة الإحصائية وتحديثها ، حتى يمكن الحصول على
معلومات دقيقة ومفصلة وصحيحة عن سكان لبنان ، على لا تقتصر فقط على سكان مدينة
بيروت والمحافظات ، بل تعيين أيضا بالتفصيل ، سكان المدن الأخرى والقرى في الأرياف
، ذلك آن بناء نظام إحصائي حديث يوفر الإحصاءات السكانية والحياتية الضرورية في
التخطيط المستقبلي وضع
البرامج والمساهمة في عملية البناء والإعمار .
لو
تتبعنا حلقات تطور السكان في جنوب لبنان منذ سنة ۱۹۲۱ ، تاريخ إحصاء
النفوس في دولة لبنان الكبير ، الأمكننا وضع الجول مع الملاحظات الآتية حول
المصادر :
۱۔ بالنسبة لإحصاء النفوس
في دولة لبنان الكبير ۱۹۲۱ ، وتعداد سنة ۱۹۳۲ ، انظر
سعيد
حمادة : تنظيم سوريا الاقتصادية بيروت ، مطبعة خياط سنة 1936.
بالنسبة لتعداد سنة 1944 ،
وتقديرات سنة 1945 وسنة 1963 ، راجع :
Claude
mazure. Bilan demographique et evaluation de l’emploi au Liban< Proche
Orient.Etides economiques>Beyrouth n’56 p.415-431.
٣- تشمل إحصاءات وزارة الداخلية سنة 1953 ، عدد السكان المسجلين
في لبنان ، وقد رأينا أن سجلات قيد النفوس ناقصة ، كذلك فإن هذه الإحصاءات لا تشمل
حركة الهجرة من وإلى لبنان ، وبالتالي فهي لا تبين عدد السكان المقيمين في لبنان .
4 - تشمل تقديرات بعثة إيرفد سنة 1959 ، عدد
السكان المقيمين في لبنان (لبنانيين، عرب وأجانب).
5- كذلك فإن تقديرات وزارة التصميم العام سنة ۱۹۷۰ ، هي نتيجة تحقيق إحصائي بالعينة للقوى العاملة في لبنان ، تشرين الثاني
سنة ۱۹۷۰ ، وهي تشمل السكان المقيمين في لبنان ما عدا
السكان الفلسطينيين الذين يعيش في المخيمات وتعتبر هذه التقديرات لصادرة عن
مديرية الإحصاء المركزي ، آخر التقديرات المتوفرة للسكان المقيمين في لبنان .
6. تعتمد تقدیرات کر باج وفارغ ، سنة ۱۹۸۰ ، على التحقيق
الإحصائي بالعينة للقوى العاملة في لبنان سنة ۱۹۷۰
. أنظر
کر باج وفارغ: الوضع الديموغرافي في لبنان مصدر سابق ، المجلد الثاني. صفحة 91 ). ۷- إعتمدنا في حساب عدد السكان المقيمين في جنوب لبنان سنة ۱۹۸۰ ، على تقديرات مصلحة النشاطات الإقليمية للسكان المقيمين في جنوب لبنان
حتى نهاية سنة ۱964
، وذلك مع زيادة سنوية متوسطة تبلغ 3 في المائة ، هذا
دون حساب نسبة التهجير المرتفعة خلال الأحداث ، والتي يصعب قياسها أو تحديدها. أما في حساب عدد
السكان المسجلين فقد
اعتمدنا أيضا احصاءات وزارة الداخلية سنة 1964 ، مع زيادة تراكمية تبلغ 3،5 في المائة سنوياً.
يتضمن
الجدول السابق ، مختلف التقديرات المتوفرة ، والمسوحات السكانية الرئيسية ، التي جرت في لبنان خلال فترات زمنية محددة ،
ونستنتج من مقارنة الأرقام وجود تفاوت كبير بين عدد السكان المسجلين والمقيمين ،
وهذا يعود لطبيعة التحركات السكانية في لبنان ، وخصوصا حركة النزوح السكاني
المتواصلة من جنوب لبنان ، بالإضافة لحركة النزوح المعاكس
والتهجير القسري[8] الناجمة عن الأحداث. ففي بداية سنة 1965 كانت
نسبة السكان المقيمين تبلغ حوالي 63 ٪ من مجموع السكان المسجلين . وبالمقابل فقد شملت
حركة الهجرة (الداخلية والخارجية) في تلك
الفترة ، حوالي ۲۷ ٪ من مجموع سكان الجنوب ، لهذا يبرز التفاوت بين
أعداد المقيمين والمسجلين من السكان في جنوب لبنان ، كذلك الحال بالنسبة لمجمل سكان لبنان ، وذلك على الشكل
الآتي :
- بالنسبة للسكان المسجلين : يتبين أن عدد
السكان المسجلين في جنوب لبنان ، كان يمثل حوالي ۲۰ ٪ من مجمل
سكان لبنان سنة ۱۹۳۲. ويلاحظ أن هذه النسبة البالغة حوالي ۱/5 سكان لبنان ، قد بقيت مستقرة حسب بيانات المديرية العامة للأحوال
الشخصية ، الصادرة سنة 1953 وسنة 1965. وبينما
انخفضت نسبة الزيادة الطبيعية للسكان في لبنان خلال الفترة السابقة ، حافظت هذه الزيادة
على ارتفاعها في جنوب لبنان[9] (تزيد نسبة
الزيادة الطبيعية للسكان على 4 ٪ في معظم قرى الجنوبية )، حيث بلغت نسبة السكان
المسجلين أكثر من ربع سكان لبنان.
- بالنسبة للسكان المقيمين: ........ تابع صفجة 28.
[1] بلغ متوسط معدل النمو السكاني لبعض الدول العربية ، بين ۱۹۷۰ - ۱۹۷۸
، على الشكل الأتي :
·
2,5 في المائة في لبنان
·
5,3 في المائة في المملكة العربية السعودية
·
3,2 في المائة في الجمهورية العربية
السورية
·
6,1 في
المائة في الكويت .
·
3 في المائة في العراق ، و3% في الأردن.. و4,1%
في الجماهيرية العربية الليبية .
بينما يلاحظ بالمقابل أن هذا المتوسط قد إنخفض
في الدول الصناعية المتقدمة إلى : 2,1%
في كل من اليابان وكندا.
ثم 0,8% في كل من الولايات المتحدة، وهولندا ، ثم 0,4% في كل
من الدانمرك والسويد وفنلندا.
ووصل إلى 0,1% في كل من المملكة المتحدة
وألمانيا الإتحادية وسويسرا .
المصدر: راجع لمزيد من التفاصيل: (Rapport sur le developpement dans le monde> 1990 Banque
mondiale<aout 1980, tableau 17, pp. 162-163.)
[2] عبد المنعم
الشافعي : الاطار السكاني ، الأمم المتحدة ، اللجنة الاقتصادية لغربي آسيا. صفحة 16
. يوجد بحث حول العمل الاحصائي في البلاد العربية ، والنهوض به للوفاءبإحتياجاتها.
صفحة: 13-20.
[3] لقد أجرت معظم
الدول العربية تعدادات حديثة لسكانها وذلك على الشكل التالي :
الدولة: الكويت ..العراق.. البحرين...الأردن..
سوريا...الامارات العربية المتحدة ...الجمهورية العربية اليمينية . جمهورية
اليمن الديموقراطية الخيمة
وللمزيد من التفاصيل راجع: الواقع السكاني في
منطقة اللجنة الاقتصادية لغربي آسياء. الشرة السكانية، الأمم المتحدة، العدد
الثاني عشر، كانون الثاني 1977ـ صفحة 3-14.
[4] علي فاعور: بيروت
المدينة المهيمنة.. الفكر العربي المعاصر ، العد د ۳ ، سنة ۱۹۸۰
صفحة 121-132.
[5] نفذت هذه المسوحات
بصورة متعاقبة سنة 1964 ، ۱۹۷۰ ، ۱۹۷۱ ....
كذلك. نفذت وزارة التصميم العام مصلحة النشاطات
الاقليمية ، مسحاً بالعينة للسكان المقيمين في لبنان سنة 1964 ، وهو يتناول :
العدد الإجمالي للسكان المقيمين ، وتوزيعهم حسب والأقضية ، حركة الهجرة الداخلية ،
السکان في عمر الدراسة ، السكان دون سن العشرين ، السكان الناشطون ( تقرير طباعة
على الكهف الكاتبة ) ۹۰ صفحة .
نذكر أيضا التحقيق بالعينة الذي قامت به جمعية
تنظيم الأسرة في لبنان سنة ۱۹۷۱ ، لفئة السيدات المتزوجات في سن
الخصوبة ، وقد شمل استكشاف عينة عشوائية من الأسر ، وقدم معلومات مفصلة حول مستوى
الخصوبة و تنظيم النسل. وقد نشر هذا التحقيق سنة 1974 في مجلدين. الأول ۷۸ صفحة
و 406 جداول ، والثاني : ۲۹۹ صفحة .
[6] اعتبر نظام تسجيل الوقائع الحيوية الزاميا في لبنان ، حيث يتم
التسجيل حسب التقسيمات الأدارية ، إذ تتوزع الدوائر النفوس على الأقضية من أجل لحجم
السكان. ولمزيد من المعلومات ، راجع. هدى زريق : مصادر البيانات الديموغرافية في
لبنان «، النشرة السكانية ، ال لجنة الاقتصادية لغربي آسيا ، العد د ۱۲
، كانون الثاني ۱۹۷۷. صفحة : ۳۰ - 43
[7] ) يتبين من الأرقام المجموعة الاحصائية الأخيرة ، العدد ۹
لعام ۱۹۷۳ ، أن عدد وثائق الوفيات في قد ارتفع سنة ۱۹۷۲
الی ۳۰۷۱۸ حالة وفاة ، بينما بلغ عدد وثائق الوفيات في ۱۲۷۹۹
سنة ۱۹۷۱ ، ثم ۱۳۰۰۲ سنة ۱۹۷۳ ، أما ارتفاع عدد
الوفيات سنة ۱۹۷۲ ، فسببه تسجيل وقوعات الوفاة غير في في السنين السابقة ، وذلك
لمناسبة وضع اللوائح الشرفة النيابية . كذلك يتبين من دراسة كرباج و فارغ حول
الوضع الديموغرافي في لبنان » أن معدل النقص في الوفيات مرتفع جدا ، خاصة لدى فئات
العمر الدنيا ، إذذ يبلغ معدل النقص في وفيات الأطفال دون سنة) ، حوالي 80 ٪ ، وأن
هذا النقص ينخفض مادون ۳۰ ٪ بعد عمر خمس سنوات .
كورهاج. وآخرون فارجوز دكتوراه لا قارة التركيبة
السكانية
au لبنان أنا. راجع تقع من التفاصيل : بشري
، fécondité وآخرون التوقعات الطرق وآخرون النتائج. بيماوث النشر دي l'Universite لبنانية. المطبعة الكاثوليك. 1973. تابلوه 12 ص. 29.
[8] ( 1 ) قام طلاب قسم
الجغرافيا بالجامعة اللبنانية ) الفرع الأول (، بدراسات ميدانية في جنوب لبنان سنة
۱۹۷۹ و ۱۹۸۰ كِمْ عدة مناطق منها: -
منطقة مجدل سلم ، وقد كِمْ الدراسة قري: مجدل سلم ، قبريخا ، تولين ، الصوانة . .
[9] راجع ، على فاعور: تأثير التهجير على الوضع
السكاني في جنوب لبنان. مع دراسة عينية لأوضاع المهجرين من الخيام « جنوب لبنان ،
خط المواجهة الأول ، منشورات المجلس ثقافي للبنان الجنوبي ، ۱۹۸۰ ، صفحة 33-74.