تمركز السكان والطوائف في لبنان وتأثيره في اللامركزية
دراسة للدكتور علي فاعور منشورة في كتاب عن المركز اللبناني للدراسات، "اللامركزية الادارية في لبنان،
الاشكالية والتطبيق"، ص. ص: 235-250. عام 1996.
تمهيد :
لا بد في البدء من توضيح المنهج الذي اعتمدته
في كتابة هذه الدراسة، وذلك لسببين
:
الأول يعود إلى خصوصية البحث في مسألة حساسة تتناول : تمركز السكان
والطوائف وتأثيرها في اللامركزية في لبنان، وخصوصاً أننا نكاد نخرج بسلام بعد
المحنة - المأساة التي عشناها طوال ستة عشر عاماً، كما أن الحديث عن الطوائف بالأرقام
يثير قضايا ديمغرافية وسياسية وإنمائية متنوّعة.
والثاني
لأن البحث في التوزيعات الديمغرافية، وبطريقة علمية، يتطلب توافر الأرقام، فكيف
ذلك في ظل الحال عندنا، حيث لم يبق في العالم اليوم سوى ثلاث دول لم تقم بتعداد
سكانها ، وهذه الدول هي كوريا الشمالية وعُمان ولبنان ؛ وبينما يفترض أن تكون
كوريا الشمالية وعُمان قد أجرتا أخيراً تعداداً سكانياً، فإن لبنان سينفرد بين دول
العالم ليصبح الدولة الوحيدة التي ليس لديها تعداد سكاني، حتى إننا لا نكاد نعرف
أعداد المسجلين (والمهاجرين) أو المقيمين في المدن والقرى، ولا أعمارهم أو توزيعاتهم الاجتماعية والاقتصادية .
وكل هذا لأننا نخشى معرفة التوزيع الطائفي ولا نريده؛ علماً أن التعداد السكاني
يمكن أن يهمل الطائفة كما يحدث في الدول المتقدمة، حيث يمنع ذكر الطائفة في
التعدادات .
إن التعامل مع هذا الواقع يستوجب اعتماد التقديرات، أو القيام ببعض
المسوحات العينية في أماكن محددة، وهذا ما ستحاول ترتيبه وإيضاحه وتقديمه في هذه
الدراسة.
واجه لبنان منذ إعلان الاستقلال أزمات مصيرية وتحديات كبيرة، كان
أبرزها الحرب الأخيرة التي استوطنت طوال ستة عشر عاماً، والتي أدت إلى إنهيار
مؤسسات الدولة أمام الدويلات والكانتونات الطائفية التي حاولت جاهدة إنهاء مشروع
الدولة لتثبيت أقدامها دون أن تنجح بإلغائها نتيجة التوازنات الإقليمية والدولية
التي سمحت بلعبة الميليشيات دون
أن تسقط الخطوط الحمر التي شكلت ضوابط
لا يمكن تجاوزها.
وبعد نزاع مرير ومعاناة طويلة، وفي ظل التوازنات الدولية تم إحياء
فكرة الدولة وعودة هكذا المؤسسات بعد نجاح إتفاقية الطائف ، في إرساء مباديء جديدة للوفاق الوطني وإعادة تنظيم
الكيان اللبناني.
ومنذ
إعلان دولة لبنان الكبير، وبالرغم من صغر مساحة هذه الدولة ( ١٠٤52 كلم ٢ ) فهي لم
تتمكن - ولم تنجح - في الربط بين المناطق الجغرافية، خصوصاً بين الأطراف والمركز
مما أدى الى تفاوت شاسع في توزيع الموارد على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، ثم قيام التناقضات وتفجير الصراع مع بداية الحرب.
والذين لا يحسنون قراءة الجغرافيا يصورون أن
إندلاع الحرب سببه صراع الطوائف في لبنان (الناجم عن التنوع الطائفي )، وهي ذات
المؤامرة التي حركتها الأيدي الأجنبية في السابق للحفاظ
على مصالحها في لبنان.
لقد
تبين أن التنوع الطائفي هو ركيزة ازدهار لبنان وعلامة بارزة في تفرده وتفوقه. كما
ثبت أن التفاوت الاجتماعي الاقتصادي، قد أدى الى بروز خطوط تماس إنمائية باعدت بين
المناطق وهذا التفاوت تمثل بإهمال الأطراف وتهميش دورها، مما أدى الى اختلال بارز
في التوازن تسبب بحركة نزوح سكانية وموجات هجرة
كثيفة من المناطق المحرومة الى المناطق التي تمركزت فيها الخدمات، وهي التي أدت الى
إفراغ الأرياف من سكانها.
فالنزوح السكاني هو حركة احتجاج واسعة ضد
التمييز القائم بين المناطق الجغرافية، حيث تمركزت الخدمات والمؤسسات الصناعية في
بيروت ومناطق الجبل القريبة، بينما افتقرت الأرياف لهذه الخدمات وتزايد الحرمان في
الأطراف البعيدة والقرى الصغيرة، مما أدى الى موجات بشرية متلاحقة انطلقت من الريف
والقرى الصغيرة نحو المدن، فنشأت الضواحي وتكوّن حزام البؤس حول العاصمة.
١ - التوزيعات السكانية والتركيب الطائفي
تتفاوت التقديرات المتعلقة بتوزيعات السكان
والطوائف في لبنان، وذلك لارتباطها بأسس البنية السياسية والإدارية التي تعتمد
الطائفية في توزيع المراكز والحصص. كما تختلف التوزيعات السكانية حسب مصادر
الدراسة المعتمدة، ونظراً لعدم توفر المسوحات والبيانات الحديثة.. وهكذا يبرز التفاوت الكبير بين إحصاءات السكان
المسجلين حسب وثائق النفوس، وتقديرات السكان المقيمين حسب المناطق وارتباطها
بتوزيع الطوائف في لبنان.
ويبلغ إجمالي عدد السكان المسجلين في لبنان ٥.٦
مليون نسمة تقريباً ، بينما يُقدر عدد السكان المقيمين بحوالي ٣.٥ مليون نسمة بحيث
يرتفع متوسط الكثافة السكانية الى ٣٢٥نسمة / كلم ٢ . فما هي الخلاصة التي نستنتجها
من قراءة التوزيعات السكانية... وما هو
مدى إرتباطها بالتركيب الطائفي في لبنان؟
إن قراءة دقيقة للتوزيعات المكانية
للطوائف تبرز أهمية التمييز بين إحصاءات السكان المسجلين، وواقع توزيع السكان
المقيمين في لبنان، خصوصاً وأن المبادئء المعتمدة في تقسيم البلاد الى محافظات
وأقضية ثم توزيع المراكز الادارية فيها على الطوائف، لازالت ترتكز الى سجلات
المقيمين وفق التعداد السكاني الذي أجري عام ١٩٣٢، حيث يتم حساب عدد السكان وتنظيم
وثائق القيد وتسجيل الولادات والوفيات في هذه السجلات رغم مرور أكثر من ٦٠ سنة على
إنشائها.
بل إن التوزيعات السكانية كما هي الآن على
الأرض أو توزيعات السكان المقيمين ، تبدو مغايرة كلياً لمثيلتها على الورق في
السجلات أو توزيعات السكان المسجلين، وهذا التفاوت يبرز من خلال التمركز السكاني
في بيروت، فبينما تشير توزيعات السكان المسجلين الى وجود 13% من السكان في محافظة
بيروت و ۲۷ في جبل لبنان، نجد أن
توزيعات المقيمين تؤكد أن بيروت الكبرى وحدها تضم اليوم أكثر من نصف سكان لبنان..
ومن المتوقع أن يصل هذا العدد الى ٧٠% تقريباً في عام ۲۰۰۰. كذلك الحال بالنسبة
للجنوب اللبناني والذي يضم اليوم فقط 16%
من سكان لبنان المقيمين، بينما يضم ٢٣٪ من السكان المسجلين ( الجدول رقم (۱).
التوزيعات
الطائفية حسب المحافظات والأقضية:
تختلف التوزيعات المكانية للطوائف على
الأرض عن مثيلتها في سجلات المقيمين، وذلك نتيجة التحركات السكانية المتسارعة عبر
موجات النزوح التي أدت الى نشوء المدن وتضخم عدد سكانها تضم المدن اليوم ۸۳٪ من سكان لبنان
تقريباً )، بينما يتم إفراغ الأرياف والقرى الصغيرة.
فالطوائف التي كانت متمركزة في الأرياف
النائية ) وغالبية سكانها من الشيعة ) نزحت الى ضواحي المدن (خصوصاً بيروت وغالبية
سكانها من المسلمين السنة ( ٤١ )، والمسيحيين الأرثوذكس (۱۳) فتكونت الضاحية
الجنوبية كمدينة ثانية - للنازحين والمهاجرين - تجاور العاصمة وتكاد تضاهيها من
حيث ثقلها الديموغرافي.، والذي يراقب النمو العمراني القائم وبوتيرة متصاعدة
حاليا، يكاد يشهد ولادة ضاحية ثانية في أطراف الضاحية ، مما سيؤدي الى إنفجار
سكاني لا يمكن السيطرة عليه.
يضاف الى هذه التغيرات التحوّلات الناجمة
عن الحرب وما رافقها من تهجير بين المناطق وهجرة أدت الى إنحسار المجال الجغرافي
لبعض الطوائف ( تهجير المسيحيين من الجبل الى ضاحية بيروت الشرقية مثلاً ) ثم
إعادة تمركزها وفق خريطة سكانية جديدة ترتسم فيها الخطوط الكبرى للتحركات السكانية
خلال الحرب.
أما التوزيعات الكبرى
للطوائف والتي يمكن إستخلاصها من إحصاءات السكان المسجلين ( ۱ )، حسب المحافظات
والأقضية فهي تبرز ما يلي :
- الشيعة : يتوزع الشيعة ( وحسب سجلات النفوس )
داخل لبنان في مناطق الأطراف البعيدة في الجنوب والبقاع، حيث يتمركز %٥٩٪ منهم في
محافظتي الجنوب والنبطية، و ٢٥.٥٪ في البقاع، و ۸ في محافظة جبل لبنان،
وه .٧٪ في محافظة بيروت. أما توزيعهم داخل الأقضية والمحافظات، وبالمقارنة مع بقية
الطوائف فيلاحظ أنهم يمثلون ٦٧٪ من إجمالي المسجلين في الجنوب والنبطية، مقابل ٤١٪
في البقاع، أما في المدن الكبرى فهم يمثلون ١٤٪ في بيروت و ١٠٪ في صيدا...
- السنة : يتمركز المسلمون السنة من حيث توزيعهم الجغرافي في
المدن الثلاث الكبرى بيروت ٢٤، وطرابلس ١٩، وصيدا ٦، بالاضافة الى بعض الأقضية ،
خصوصاً في عكار ١٤، البقاع الغربي وراشيا ، والشوف . أما توزيعهم حسب المحافظات :
الشمال ٤٢.٥ ، بيروت ٢٤، جبل لبنان ٨.٥ البقاع ١٤، ثم الجنوب والنبطية ١٠.٥ أما
توزيعهم بالنسبة لبقية الطوائف في المدن، فهم يمثلون ۸۲٪ من السكان المسجلين
في مدينة صيدا، و ٨٤% في طرابلس، و ٤١ في مدينة بيروت ( المحافظة )..
- الدروز : يتمركز %۷۷٪ من المسلمين الدروز في محافظة جبل لبنان ( عالية، الشوف
بعيدا .. وقضاء حاصبيا ( ٧.٥ مع مرجعيون ( وراشيا ۱۲ ( مع البقاع الغربي ) .
( ۱ ) تقديرات أجراها المؤلف
بناء على أرقام مأخوذة من لوائح قيد السكان المقيمين ، وفق سجلات النفوس، مع حساب
المعدل الزيادة السكانية حسب الطوائف حتى عام ١٩٩٢.
أما توزيعهم بالمقارنة مع بقية الطوائف
فيلاحظ أنهم يمثلون ٤٦% تقريباً من السكان المسجلين في قضاء عالية، و ۲۹ في قضاء الشوف، و
١٦.٥٪ في قضاء بعبدا، و ١٨٪ في البقاع الغربي وراشيا، و %١٠.٥ في حاصبيا - مرجعيون
....
- الموارنة : يتوزع المسيحيون
الموارنة حسب سجلات النفوس بنسبة ٥١٪ في محافظة جبل لبنان، و ۲۸ في محافظة الشمال، و
٧ في محافظة البقاع، ٩.٥٪ في الجنوب... أما بالمقارنة مع بقية الطوائف فيلاحظ أنهم
يتمركزون في أقضية كسروان ٩٢٪، جبيل ٧٦، المتن ٥٦ ، زغرتا ۸۹ بشري ۹۷ ، البترون ۷۳، جزین 73 في المائة....
- الأرثوذكس : يتميز التوزيع النسبي
لطائفة المسيحيين الأرثوذكس بتمركزهم في المدن الثلاث الكبرى، فهم يمثلون ۱۳٪ من سكان بيروت، و ١٠٪
من سكان طرابلس.
أما
توزيعهم الجغرافي فهو : ٤٠ في محافظة الشمال، و ۲۲٪ في جبل لبنان، و ١٩٪
في بيروت، و ١٢ في البقاع، و ٦ في محافظتي الجنوب والنبطية.. أما بالمقارنة مع
بقية الطوائف فهم يمثلون ٥٩٪ من السكان المسجلين في قضاء الكورة، و٢٤٪ في عكار، وه.١٧
في البترون، و ١٥ في كل من قضائي عالية والمتن....
- الكاثوليك
: يتوزعون بنسبة %٣٦ في محافظة
البقاع، (۲۰٪ في قضاء زحلة، و ٩ في
قضائي بعلبك والهرمل ، و ٧ في البقاع الغربي وراشيا )، ثم ٢٥٪ في محافظة جبل لبنان
) الشوف % والمتن (۸)، ثم ١٢.٥% في
بيروت.
أما بالمقارنة مع بقية الطوائف، فهم يمثلون
%٢٥ من السكان المسجلين في قضاء زحلة، و ١٧٪ في كل من قضائي صيدا وجزين، و ٩ في كل
من قضائي الشوف والمتن . - الأرمن : يتوزع الأرمن بنسبة الثلثين تقريباً في بيروت
ومحافظة جبل لبنان ( خصوصاً قضاء المتن، وهم يمثلون %۱۰٪ من المسجلين في قضاء
زحلة، و ١٨٪ في بيروت، و ٦ في قضاء المتن...
نستنتج من هذة التوزيعات أن الخريطة
السكانية للطوائف ، لا زالت تؤكد - وبالرغم من التغيرات التي حصلت خلال الأحداث -
تمركز الطوائف في بعض الأقضية والمحافظات، أما التحركات التي حصلت فهي بمثابة
إمتداد لبعض الطوائف في الداخل، يقابله إنحسارعبر المجال الجغرافي لطوائف أخرى.
لكن النتائج تشير كذلك الى بعض الأخطار الناجمة
عن بروز الكانتونات الطائفية نتيجة الفرز السكاني الذي حصل في بعض المناطق، مما
يستدعي إعادة المهجرين الى الأحياء والقرى التي تهجروا منها للحفاظ على صيغة العيش
المشترك وصيانة الاختلاط بين الجماعات والطوائف....
- تطبيق الامركزية الادارية :
إن اللامركزية
الإدارية على ضوء هذه التوزيعات، والتي تتميز بعناوينها الكبرى، بتمركز الطوائف في
بعض الأماكن، وبنتيجة ما أحدثته الحرب بالنسبة لإفراغ بعض المناطق المختلطة من
سكانها، هذا الواقع يدفعنا للتدقيق والتمحص في تفسير الامركزية الإدارية، والتي
نصت عليها إتفاقية الطائف بإيجاز شديد وتحت عنوان ( إصلاحات أخرى ، وذلك خشية
التوسع في تغيير البنية خلال التطبيق فتتحول الى لامركزية سياسية، وتتعرقل عملية
الانتقال الى الجمهورية الثانية.
بوضوح أكثر إن محاولة تطبيق اللامركزية الادارية
يمثل نقلة هامة وأساسية ، مما يستوجب بناء هيكلية جديدة على أساس وطني، خوفاً من
هيمنة بعض الطوائف في مناطقها، إذ لا بد من توخي الحذر في عملية الإنتقال
والتغيير، ذلك أن تكريس النهج الطائفي سيعيدنا حتماً الى أجواء النزاعات
والمناطقية.
إن نظام التقسيمات الادارية المعمول به
حتى الآن سواءً بالنسبة لعدد المحافظات أو الأقضية بات بحاجة الى تعديل وذلك على
ضوء التوجه المطلوب لبناء الدولة وتطبيق اللامركزية الادارية بحيث يتلاءم التوزيع
الجديد مع حاجات السكان ويساعد في معالجة التفاوت الاجتماعي - الاقتصادي القائم
بين المناطق في لبنان.
بل إن حل المشكلات الناجمة عن التمركز
السكاني في العاصمة يستوجب تحسين وتنظيم أوضاع الأرياف البعيدة والقرى الصغيرة مما
يسهم في معالجة قضايا بعض الطوائف المتواجدة بغالبية في الأطراف، بحيث تلغى معادلة
إرتباط التفاوت بتوزيعات الحصص بين الطوائف والمناطق الجغرافية، أو بين المدن
والأرياف ، خصوصاً وأن التوزيعات السكانية الجديدة وما رافقها من تهجير وفرز طائفي
خلال الحرب بات بحاجة الى محاولات لاعادة الاختلاط السكاني وتأمين الانصهار
والتفاعل بين المناطق.
إن تطبيق اللامركزية الادارية يمثل خطوة
أساسية في إعادة التوازن والتخفيف من هيمنة العاصمة التي تمثل مركز القرار وعلى
مختلف الأصعدة ، كما أن أية تقسيمات إدارية جديدة يجب أن ترتكز الى قاعدة جغرافية
- لا طائفية - واضحة المعالم تأخذ بالاعتبار طبيعة لبنان وتركيبه الديموغرافي، ثم
التوزيعات الجديدة للمقيمين في المدن والأرياف. كما أن بناء دولة حديثة يتطلب
إعتماد قاعدة التنمية المتوازنة بين المناطق مما يحتم إعطاء الأولوية بعد الحرب في
توفير الخدمات للمناطق الفقيرة، ثم إيجاد الحلول لمشكلات تقسيم الحصص بين الطوائف،
وهي المسألة التي كان يتم إستغلالها دائما لإثارة الفتن في لبنان.
نستخلص لتقديم خمسة إقتراحات لا بد منها
لنجاح تطبيق اللامركزية الإدارية، وهي الآتية :
1. أهمية وضرورة
إجراء تعداد للسكان والمساكن في لبنان، لأن إعتماد قاعدة جغرافية - لا طائفية - في
التقسيمان الإدارية الجديدة، يتطلب في الأساس تنظيم وتوزيع المساحات Organisation de l'espace)) على قاعدة التوزيعات السكانية الجديدة وذلك
من خلال تنظيم عقلاني لا عشوائي .
2. إعادة النظر
في المنهج والقاعدة الإحصائية المعتمدة، والتي ترتكز إلى إحصاءات السكان المسجلين فقط، بحيث يسمح للسكان المقيمين المشاركة في إدارة شؤونهم
وذلك خلال تشكيل اللجان في القرى والأحياء.
3. إعادة النظر
في التقسيمات الإدارية الحالية، ووضع تقسيمات جديدة سواء بالنسبة للمحافظات أو الأقضية، تأخذ بالاعتبار التوزيعات الجغرافية للأراضي من
الناحية الطبيعية وعلاقة القرى والمدن ببعضها، ثم توزيعات السكان وذلك
لتفادي تكريس الطائفية، أو هيمنة الطائفة في بعض
المناطق .
4. أهمية وضرورة
إعادة المهجرين ( الذين يمثلون حوالي ربع السكان ) الى الأحياء والقرى التي تهجروا منها، وذلك للحفاظ على صيغة العيش المشترك وتأمين
الإنصهار الوطني، أي أن تطبيق اللامركزية الإدارية على مستوى الأقضية وما دون –
كما تنص وثيقة الطائف - يتطلب في
الأساس تنفيذ خطة إعادة المهجرين.
5. إن نجاح تطبيق
اللامركزية الإدارية، يتطلب وضع خطة للتنمية المتوازنة في مختلف المناطق، وذلك لإلغاء خطوط التماس الإنمائية ، التي كانت موجودة قبل الحرب،
والتي تحركت عبرها موجات النزوح الريفي ، أي أن
إلغاء خطوط التماس التي نشأت بين المناطق خلال الحرب يجب أن يقترن أيضاً بإلغاء
خطوط التماس الإنمائية التي أدت الى قيام الحرب، وإعطاء أولوية لإنماء المناطق
الفقيرة، حتى لا يلجأ الناس الى الطوائف لتأمين قضاياهم وحل مشاكلهم .