Monday, May 17, 2021

اللبنانيون إلى الشتات.. للبحث عن وطن

 اللبنانيون إلى الشتات.. لطلب اللجوء والبحث عن وطن

يتبين في قراءة  لموجات الهجرة اللبنانية إلى بلدان منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية (OECD)، والتي تضم 35 دولة منتشرة في مختلف القارات، وللفترة الممتدة من عام 2000  حتى عام 2019، أن عدد المهاجرين اللبنانيين الذين حصلوا على جنسية في بلدان المنظمة ، منذ بداية القرن الحالي، قد بلغ 207,670 شخص، وقد شمل الإنتشار اللبناني  33 دولة موزعة في مختلف قارات العالم، وبين الدول العشر الأولى تأتي في المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث إكتسب الجنسية 58344 لبناني، تليها المانيا مع 41844، ثم كندا بعدد يبلغ 35102، وفرنسا  21803، وأستراليا 19037، والمملكة المتحدة 9787، والسويد 7806، وبلجيكا 3117، وإيطاليا 2920، ثم الدانمرك 2727..

اللبنانيون إلى الشتات.. للبحث عن وطن

 

بعد نهب مدخرات اللبنانيين طيلة الأشهر الماضية، ثم إنهيار العملة الوطنية أمام الجشع والإحتكار وتهريب المليارات إلى الخارج، وخلال أيام باتت معدودة، يتم رفع الدعم عن المواد الأساسية، من محروقات ودواء وغذاء..والتخلي عن حماية المواطنين، وترك الفقراء وحدهم في مواجهة الغلاء الفاحش..

وبعد قرابة سنة على إنفجار بيروت العالمي ثم إستقالة الحكومة، لا زالت الأزمة الحكومية تراوح مكانها دون أية تدابير، بل تحوّلت إلى أزمة عالمية كبرى، فراغ حكومي لبناني في الداخل والخارج، وأزمة متفردة لسلطة عاجزة أثبتت فشلها في حماية موارد اللبنانيين، وتبحث عن مساعدة لبقائها بين عواصم البلدان القريبة والبعيدة، حيث تبدو كل المحاولات عاجزة عن تشكيل حكومة لبنانية من باريس إلى موسكو وواشنطن، بينما يعيش اللبنانيون نتائج الصراعات السياسية بين أركان المنظومة الحاكمة، وتخوفات من هزات إجتماعية وأحداث أمنية كبرى قادمة.

ولمواجهة هذا الفراغ القاتل بالنسبة لعجز الدولة عن تحمل مسؤولياتها، وفي غياب الأرقام الإحصائية لحاجات اللبنانيين وحقائق أحوالهم المعيشية، تستمر المشاورات الحكومية لتكوين شبكة أمان إجتماعي تقدّر بنحو 750 الف عائلة، بينما تنشط الأحزاب الحاكمة على الأرض لحماية السياسيين، وتجري الإستعدادات في كافة المناطق، كل في طائفته.. ومنطقته، ‏وهي تحاول العودة إلى تجارب سنوات الحرب الأهلية السابقة، حيث يتم تشكيل شبكات تواصل إجتماعية، ظاهرها لدعم الأسر المحتاجة في مواجهة الغلاء..‏ وهدفها الحقيقي إستمرار التحكم بالقرار والمبادرة لتأخير الإنفجار القادم، وإطالة عمر المنظومة الحاكمة..‏

 

الدولة مخطوفة بكافة تضاريسها ومواردها

هكذا طيلة السنوات الثلاثين الماضية، كان يتراجع دور الدولة، نتيجة السياسات الفاشلة في الحكم، حيث تقاسمت المنظومة الحاكمة كافة الموارد ، وفي مختلف القطاعات الإقتصادية والإدارية والمالية، حتى باتت طرابلس أفقر المدن على ساحل البحر المتوسط برغم تاريخها وتراثها ومواردها، وبات لبنان في الواقع بمثابة دولة رهينة بالكامل... مخطوفة بكافة تضاريسها ومواردها، وجبالها، من الأملاك البحرية، إلى الكسارات والطبيعة الجبلية، إلى العجز المتفاقم في توفير الطاقة وتأمين الكهرباء، إلى الفشل في معالجة أزمة النفايات التي ادت إلى تدهور بيئي ناجم عن حرق النفايات في الهواء الطلق نتيجة غياب استراتيجية فعالة لإدارة النفايات برغم المخاطر الصحية الكبيرة الناجمة عنها. .

لبنان، هذه الطبيعة الجبلية الرائعة التي خربتها أيادي الفاسدين، اللبناني يشتري المياه وفي الأراضي اللبنانية 17 نهر دائمة الجريان....والدولة تتسوّل الطحين وفي خريطة لبنان سهل البقاع الذي كان يموّن الإمبراطورية الرومانية.. البلاد تعيش في ظلام، وتعاني أزمة كهرباء، وهي تملك من الطاقة نحو 3000 ساعة شمس سنوياً..

 الفوضى في كل مكان....

 من شاطئ البحر إلى تلوّث نهر الليطاني والأسماك النافقة التي تنشر الأمراض، بينما مساحة حوض الليطاني تمثل نحو 20 في المائة من مساحة لبنان، وتسهم مياه بحيرة القرعون بري قرابة ثلث مساحة الأراضي المروية...  إلى مستودعات التجار في المدن الكبرى، حيث تختفي المواد المدعومة ليعاد تصديرها إلى الخارج، كما حصل في تهريب الأدوية إلى دول أفريقيا، ثم إكتشاف أكياس الأرز المدعوم على رفوف السوبر ماركت في السويد.

ثم أيضاً تزايد الصدامات بين الناس في المخازن والتعاونيات الإستهلاكية حول تقاسم حليب الأطفال وشراء المواد الغذائية المدعومة، والتي ‏باتت تختفي في مستودعات كبار التجار ليعاد تصديرها إلى الخارج..‏

وفي المقابل يتم تسريح العمال إلى بيوتهم، وتتوقف حركة العاملين في القطاع الهامشي حتى فقد أكثر من مليون لبناني وظائفهم ومصادر رزقهم، وبات بعض الناس يتسللون في الليل في العاصمة بيروت وطرابلس والمدن الكبرى، ليبحثوا عن طعام في حاويات القمامة..‏ أو عن قطعة ملابس لأطفالهم ‏تقيهم البرد.. ‏

يقابلهم أثرياء من السياسيين والمصرفيين الذين هربوا موالهم، وتجار كبار توحشوا بفعل السرقات والتهريب، ففقدوا إنسانيتهم..‏

بالأمس تم القبض على سارقي الحمضيات من بساتين صور، والأدوية في بعض الصيدليات...

بينما لا يجروء أحد على توقيف كبار الفاسدين، ومحاسبة التجار المهربين، وسارقي مدخرات اللبنانيين ولقمة عيشهم.. وأبرز مثال المواجهة الكبرى التي حصلت منذ أيام عند مداهمة إحدى شركات تحويل الأموال إلى الخارج والتي إستنفرت كافة المتضررين الذين هبوا للدفاع عن حقوق الملكية والسرية المصرفية، بينما لم تتحرك مشاعرهم أمام مشاهد ونداءات الوف المودعين الذين حجزت مدخراتهم وتعويضاتهم،  والكل اليوم يطلب ويترقب الدعم من الخارج، ويتفرج ‏بإنتظار مساعدة تأتي من فرنسا ‏وسويسرا..‏أو حتى أية إشارات داعمة تمهد الطريق لعودة الوفاق والإتفاق بين أركان المنظومة.

 الى الشتات للبحث عن جنسية أخرى

في مواجهة كل ما يجري فقد خسر لبنان موقعه ورصيده في إعداد وتكوين المهارات والكفاءات العلمية، حيث يسارع اللبنانيون اليوم إلى الهجرة بالألاف، فيخسر لبنان راسماله الحقيقي وكل ما جناه من موارد بشرية وإقتصادية، تجمعت طيلة ثلاثة عقود: أطباء، مهندسون، قضاة، واساتذة جامعات..‏ وسوف تتسارع موجات الهجرة إلى بلدان الشتات للبحث عن وطن في الخارج.. وخسائر لبنان بالمليارات...

وطيلة أكثر من نصف قرن، فقد تم إخفاء الأرقام والحقائق في البنية السكانية، لقد تجاوزت الكثافة السكانية للمقيمين في لبنان مستوى 700 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد، حيث بات عدد غير اللبنانيين يمثل نحو 45 في المائة من مجمل سكان لبنان، وبينما يتناقص عدد اللبنانيين نتيجة كثافة موجات الهجرة المغادرة وتراجع مستوى الولادات، تتزايد أعداد المقيمين على الأراضي اللبنانية.

ويتبين في قراءة  لموجات الهجرة اللبنانية إلى بلدان منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية (OECD)، والتي تضم 35 دولة منتشرة في مختلف القارات، وللفترة الممتدة من عام 2000  حتى عام 2019، أن عدد المهاجرين اللبنانيين الذين حصلوا على جنسية في بلدان المنظمة ، منذ بداية القرن الحالي، قد بلغ 207,670 شخص، وقد شمل الإنتشار اللبناني  33 دولة موزعة في مختلف قارات العالم، وبين الدول العشر الأولى تأتي في المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث إكتسب الجنسية 58344 لبناني، تليها المانيا مع 41844، ثم كندا بعدد يبلغ 35102، وفرنسا  21803، وأستراليا 19037، والمملكة المتحدة 9787، والسويد 7806، وبلجيكا 3117، وإيطاليا 2920، ثم الدانمرك 2727..

ويلاحظ أن الدول العشر الاولى قد منحت جنسيات للعدد الاكبر من اللبنانيين (97% منهم)، وبخاصة الولايات المتحدة 28 في المائة، تليها ألمانيا 20 في المائة، ثم كندا 17 في المائة، وفرنسا 11 في المائة واستراليا 9 في المائة.

أما عدد اللاجئين فهي تستند إلى الإحصاءات المنشورة عن طالبي اللجوء بحسب بيانات قدمتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وهي الأرقام الواردة في بيانات تقرير حالة الهجرة الدولية لعام 2020، حيث بلغ عدد المقبولين في هذه الدول خلال الفترة ذاتها 52120 لبناني، ويتم تعداد طالبي اللجوء عند قبول الطلب. وبالتالي ، تظهر في الإحصائيات في ذلك الوقت وليس في تاريخ وصولهم إلى البلاد، وأحياناً  لا تشمل البيانات أفراد عائلة المتقدمين ، الذين يتم قبولهم بموجب أحكام مختلفة كما في فرنسا، بينما تحسب البلدان الأخرى الأسرة بأكملها  كما في سويسرا.

أما الدول العشر الأولى التي إستضافت اللاجئين اللبنانيين، فهي قد قبلت طلبات 90 في المائة منهم، وتأتي المانيا في المقدمة بنسبة  تجاوزت 33%، وهي الأولى التي يتقدم إليها اللبناني لطلب اللجوء،  تليها في المرتبة الثانية السويد  25%، ثم كندا 10%، وأستراليا 7%، والمملكة المتحدة 5%، والولايات المتحدة 4%، ثم بلجيكا 4%، وفرنسا  وهولندا 2% لكل منهما.

كما افادت المفوضية عن لجوء 5895 لبناني  إلى أراضي فلسطين المحتلة بعد تحرير مناطق جنوب لبنان من الإحتلال الإسرائيلي عام 2000، بينما لا تشمل البيانات أفراد عائلة المتقدمين ، الذين يتم قبولهم بموجب أحكام مختلفة  كما في فرنسا، بينما تحسب البلدان الأخرى الأسرة بأكملها  كما في سويسرا. ويلاحظ في عملية التجنيس خلال ال 20 سنة الماضية أن  النسبة الأعلى كانت (9%) عام 2000، كذلك بالنسبة لقبول  طلبات اللجوء (16%)، ثم بدأت بالإنخفاض تدريجيا حتى عام 2019 (بيانات الجول الإحصائي المرفق)،  لكن التوقعات للعام 2020 تشير إلى عودة وتيرة الهجرة إلى الإرتفاع، وسوف تشهد السنوات القادمة تصاعد موجات الهجرة التي بدأت معالمها مع كثافة نزوح المئات من الأطباء والممرضات، والمهندسين، وأصحاب الشهادات العليا مما سيؤدي إلى خسارة لبنان موارده البشرية وبخاصة من أصحاب المهارات العالية التي تكوّنت خلال العقود الثلاثة الماضية.

 

التوطين قائم على الأرض

في مقابل النزيف البشري الذي يتعرض له لبنان نتيجة موجات الهجرة المغادرة، فهو قد إستقبل موجات ضخمة من اللاجئين والنازحين على أرضه، ويعتبر البلد الأول في العالم من حيث نسبة اللاجئين إلى عدد سكانه، كما أنه البلد الأول في العالم من حيث كثافة اللاجئين إلى مساحة الأرض، لقد فشلت السلطة الحاكمة في تنظيم إستخدامات الأراضي، وحماية الأرض والحدود، حتى تحوّل لبنان إلى مخيّم كبير يستضيف على أرضه أكثر من مليونين ونصف مليون لاجئ ونازح ومشرّد، بالإضافة إلى تزايد عدد الأطفال من غير المجنسين نتيجة الإندماج الإجتماعي القائم، والذي تمارسه المفوضية العليا للاجئين والهيئات الدولية العاملة في مختلف مجالات التعليم والصحة والتدريب والعمل ..

لقد مضى على وجود النازحين السوريين حتى اليوم، أكثر من عشر سنوات وهم ينتشرون مع الفقراء من اللبنانيين في ضواحي المدن الكبرى، وعلى إمتداد الجغرافية اللبنانية حيث تم إنشاء عشوائيات سكنية محلية  يزيد عددها على 2500 عشوائية، بالإضافة إلى اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في 12 مخيم منذ 73 سنة، وغالبيتهم من الفئات الضعيفة، وهم يتقاسمون الرغيف مع الفقراء اللبنانيين..‏حيث بات أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر المدقع. كما خسر عشرات الآلاف منهم وظائفهم ومصادر دخلهم.

 

هكذا تتراكم الأعباء على كاهل اللبنانيين منذ نهاية عام 2019، أزمات المعيشة.. وغلاء الأسعار.. والبطالة.. في مواجهة إنتشار وباء كورونا، وبعدها تداعيات إنفجار مرفأ بيروت، والتشرد.. والفقر.. وتسارع الأحداث الأمنية. والسرقات.. والإنتحار.. ‏ كلها مؤشرات تدل على الإنفجار الإجتماعي القادم.‏

د. علي فاعور.. أستاذ جامعي وخبير السكان والتنمية.

  

 

عدد اللبنانيين المجنسين في الخارج  واللاجئين للفترة 2000- 2019

الدولة

عدد المقبولين كلاجئين

عدد الحاصلين على جنسية

 

2164

58344

الولايات المتحدة الأمريكية

17308

41844

ألمانيا

5001

35102

كندا

980

21803

فرنسا

3594

19037

أستراليا

2387

9787

المملكة المتحدة

6198

7806

السويد

2128

3117

بلجيكا

834

2920

إيطاليا

516

2727

الدنمارك

454

916

إسبانيا

941

699

هولندا

752

668

النرويج

868

641

سويسرا

537

491

اليونان

752

436

النمسا

9

324

المكسيك

18

225

نيوزيلاندا

105

192

أيرلندا

135

170

فنلندا

78

116

بولندا

85

111

تركيا

1

62

تشيلي

169

44

هنغاريا

38

29

لوكسمبورغ

56

18

جمهورية سلوفاكيا

5

15

لاتفيا

2

12

البرتغال

11

8

أيسلندا

68

4

الجمهورية التشيكية

13

2

سلوفينيا

2

0

اليابان

2

0

كوريا

46211

207670

المجموع

المصدر: بيانات منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية (OECD تقرير حالة الهجرة الدولية لعام 2020.

 

No comments: