Monday, April 5, 2021

إعمار الجنوب لبناني وآفاق التنمية السياحية بعد التحرير .. عام 2001.

 

إعمار الجنوب لبناني وآفاق التنمية السياحية بعد التحرير

دراسة قدمت إلى المؤتمر الثاني لمنتدى حرمون الثقافي، جديدة مرجعيون، نادي شبيبة المرج في 19020 ايار 2001.


مقدمة

تراجع دور السياحة في لبنان نتيجة الأحداث الماضية التي شهدتها البلاد بين ۱۹۷۰ و ۱۹۹۰ ، كما خسر لبنان مركزه وفقد موقعه في خريطة السياحة الدولية ، وذلك برغم مناخه المعتدل و موارده الطبيعية من جبال وأنهار وينابيع وأودية خلابة ينفرد بها عن غيره من الدول ، ثم كونه مع ضيق مساحته ، يشبه متحفا تاريخيا هو الأغني في العالم ، لما يتضمنه من معالم حضارية وآثار ومدن تاريخية ، وقلاع وحصون تكوّنت عبر الحقب التاريخية ومضت عليها آلاف السنين ..

وهكذا طوال العقود الثلاثة الماضي ، تراجعت وتيرة السياحة الدولية والعربية إلى لبنان حيث إنخفض عدد السياح إلى حوالي نصف مليون سائح ، كما انخفضت العائدات السياحية إلى مستواها الأدنى ، مما

أدى إلى تراجع مساهمة القطاع السياحي في الدخل القومي من أكثر من ۲۰ ٪ عام 1970 إلى مادون 5 ٪ في السنوات الأخيرة.

ومنذ  إعلان دولة لبنان الكبير عام ۱۹۲۰، ورسم الحدود الجغرافية في الجنوب ، لم تعرف منطقة الشريط الحدودي الاستقرار،  بل لقد شكلت منطقة طاردة للسكان تتجاذبها الأطماع الإسرائيلية في الأرض والمياه ، وخلال مرحلة امتدت أكثر من نصف قرن بين ۱۹۲۰ و ۱۹۷۵ بداية الحرب اللبنانية ، عانت مناطق الجنوب اللبناني من الحرمان والهجرة والتهجير ، وتكبدت خسائر جسيمة نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة مشاهدة بلغت مداها أثناء الاجتياح الإسرائيلي الأول عام ۱۹۷۸ ، والثاني عام ۱۹۸۲ .

واليوم بعد التحرير الذي شمل معظم المناطق الحدودية منذ انسحاب إسرائيل في 25 أيار من عام ۲۰۰۰، يشكل إنماء الجنوب المدخل الأساسي لإعادة بناء الدولة وتشجيع  عودة السكان النازحين في ضواحي بيروت والمهاجرین إلى الخارج[1] ، والتعويض على الخسائر التي أصابت القرى والمدن ، ثم العمل لاستصلاح الأراضي التي أهملت عشرات السنين ، مشاهدة تحولت اليوم إلى أسطح صخرية جرداء

محاصرة بالألغام التي خلفها الاحتلال (أكثر من 100 ألف لغم) لمنع عودة الحياة إلى الجنوب ، خصوصا في قرى وبلدات حاصبيا ومرجعيون والنبطية وبنت جبيل وصور وجزين. . وما يسترعي الانتباه هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمناطق واسعة  في سفوح جبل حرمون ومزارع شبعا ، بحيث أن أكثر من ثلاثين سنة قد مرت على احتلال إسرائيل لهذه المناطق منذ عام ۱۹۹۷ ، م ما يؤكد الأطماع الإسرائيلية  للسيطرة على قمم جبل حرمون ومياه حوض الحاصانبي.

إنماء المناطق الجنوبية: الإستثمارات وبرامج التنمية

ترتكز خطة إعمار الجنوب إلى مقومات أساسية تأتي في مقدمتها دراسة الوضع الديموغرافي وتحديد المؤشرات السكانية التي بدونها لا يمكن وضع استراتيجية لتنفيذ البرامج الإنمائية ، خصوصا وأن المناطق الجنوبية قد تعرضت لإستنزاف مواردها البشرية طوال فترة الاحتلال نتيجة التهجير الداخلي والهجرة وبدون المعطيات السكانية لا يمكن تنفيذ مشاريع البنية التحتية،  وتوزيع الخدمات العامة: مثل

الكهرباء ، والطرق والأوتوسترادات ، والتعليم والصحة العامة ، والزراعة والري والسياحة ، والمياه  المبتذلة والنفايات الصلبة ..

وسوف نعرض بإيجاز للوضع السكاني والتوزيعات السكانية في الجنوب ، من حيث عدد السكان المقيمين، وتوزيعاهم وحركة الهجرة الداخلية والهجرة الصافية في الأقضية الجنوبية. فقد بلغ عد د السكان المقيمين في محافظتي الجنوب والنبطية حوالي 588466 ساكن، يمثلون 16 ٪ تقريبا من مجمل سكان لبنان عام 1996.




[1]  راجع لمزيد من التفاصيل ، علي فاعور: "الحرب والتهجير في لبنان "، مجلة المستقبل العربي ، العدد 114 ، رقم ۱۹۸۸/ ، ص.ص. ۹۵ - ۱۲۰. راجع أيضا ، علي فاعور: "هجرة القوى البشرية اللبنانية ، دراسة ميدانية في اليونان وقبرص ( 1986 ) "، جمعية تنظيم الأسرة في لبنان ، مجلة الأسرة ، عدد تموز ۱۹۸۷ ، ص ص. ۳۷-45 . كذلك راجع کتاب: جغرافية التهجير ، المؤسسة الجغرافية، بيروت لبنان1993.

 

























No comments: