Tuesday, October 17, 2023

هل يسير لبنان على خطى تونس وقبرص لرفع الحصار الأوروبي الأميركي واعادة النازحين

 

هل يسير لبنان على خطى تونس وقبرص

لرفع الحصار الأوروبي الأميركي واعادة النازحين

 

مقالة منشورة في مجلة الحقائق.. ومجلة عالم الصناعة والاقتصاد عام 2023.

https://alhakaek.org/?p=107125
https://eailb.com/?p=94553

د. علي فاعور رئيس مركز السكان والتنمية.

     منذ بداية عام 2023 بدأت تتكوّن معالم مرحلة ثانية من اللجوء السوري الى لبنان ، وهي تضم موجات نزوح ضخمة وتدفقات بشرية مكوّنة بغالبيتها من الشباب، دخلت الأراضي اللبنانية عبر الممرات البرية في الجبال والمعابر غير الشرعية المتواجدة على امتداد الحدود البرية بين لبنان وسوريا...

      ترعاها منظمات دولية تؤمن حماية اللاجئين عند وصولهم وتقدم المساعدات لهم (وتضم المفوضية العليا للاجئين، مع اليونيسيف، وبرنامج الغذاء العالمي.. وغيرها الكثير)، وتمنع عودتهم الى ديارهم لغايات سياسية، تديرها على الارض، وتؤمن تنقلاتها شبكات محلية منظّمة وجمعيات تقوم بممارسة نشاطها دون تراخيص وبشكل مخالف للقانون دون علم وخبر،  وتتاجر بالهجرة وتهريب النازحين، وهي تعمل مقابل مبالغ مالية ضخمة لتامين عبور السوريين بطرق غير شرعية، وضمن خارطة طريق واضحة المعالم، حيث يتم نقل المئات من النساء والأطفال، وبخاصة من الشباب الذين يتم ترحيلهم من بلدان أوروبا وتركيا الى مناطق الشمال الغربي في سوريا، ثم يجري نقلهم الى لبنان للبحث عن مأوى في مواجهة الفقر والبطالة وغلاء المعيشة في سوريا..

 

لماذا المرحلة الثانية من النزوح الى لبنان؟

        لماذا التدفقات الجديدة من النازحين الى لبنان، ما هو مصدرها؟ ولماذا تتزايد موجات الهجرة غير الشرعية ؟

تشير تقديرات أولية أن معظم  تدفقات النازحين الأخيرة للمرحلة الثانية مصدرها المناطق المدمرة في شمال غرب سوريا، وبحسب "مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية" في سوريا، فان "المساعدات عبر الحدود هي مسألة حياة أو موت لملايين الأشخاص في شمال غرب سوريا".. كما أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية مستمرة في التدهوّر في جميع أنحاء سوريا، وقد أدى الانخفاض السريع في قيمة عملتها إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية والوقود.

 ويأتي توفير المأوى في مقدمة الأولويات الأساسية للإغاثة، حيث تشير تقديرات إلى أن فصول الشتاء شديدة البرودة وغير المتوقعة في شمال غرب سوريا، قد تسببت في معاناة حادة لمليوني شخص يعيشون دون مأوى مناسب.

 

أزمة اللاجئين في سوريا ماساة هذا العصر

       تمثل الهجرة غير الشرعية للشباب مصدر أمل لحياة جديدة، كما أنها مسالة حياة أو موت بالنسبة لغالبية السوريين.. ذلك أنه وبعد مرور أكثر من 12 سنة على بداية الأزمة في سوريا، تستمر المعاناة الانسانية، فقد كان ملايين الأشخاص في شمالي غربي سوريا يتلقون مساعدات منقذة للحياة، وذلك بعد انتشار وباء كورونا  وبسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.

          لمواجهة الأزمة،  ولا سيّما تداعيات وآثار الزلازل المدمرة في شباط 2023، فقد قرر مجلس الأمن بالإجماع ( بداية 2023) تقديم المساعدات إلى شمال غرب سوريا،  باستخدام معبر باب الهوى الحدودي، ودعا الدول الأعضاء إلى تلبية الاحتياجات العاجلة للشعب السوري في ضوء التأثير الاجتماعي والاقتصادي والإنساني العميق،  حيث تشير تقديرات المفوضية للاجئين أن نحو 15,3 مليون شخص في سوريا بحاجة للمساعدة الانسانية، وذلك بزيادة 5% عن عام 2022، كما تقدر الامم المتحدة أن 8,8 مليون شخص في سوريا قد تضرروا من الزلزالين الأخيرين في 6 شباط و 20 شباط 2023، وبخاصة في محافظات حلب، حماه، ادلب، واللاذقية وطرطوس...كما تبيّن أن 41% من المباني بحاجة للتدعيم والصيانة..

      حيث يعيش حوالي 4.1 مليون شخص في فقر مدقع، منهم ما يُقدر بنحو 2.7 مليون شخص  في عداد المفقودين، ولا يزال النازحون داخلياً بحاجة إلى المساعدة الحيوية المنقذة للحياة. كما لا تزال المواقع التي تم إنشاؤها كحلول طوارئ وكملاذ أخير تستضيف 1.8 مليون نازح؛ حوالي 80% منهم من النساء والأطفال وهم معرضون بشكل خاص للعديد من المخاطر.

       لكن وبعد انتهاء فترة السماح في تمديد استخدام معبري باب السلام والراعي، فقد فشل مجلس الأمن في 11 تموز 2023،  في تمديد فترة إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، ولم يتمكن من التوصل إلى توافق في الآراء بشأن ابقاء شريان الحياة الحيوي مفتوحًا لملايين الأشخاص.

    ولمواجهة الأزمة الانسانية، فقد اتفقت الحكومة السورية مع الأمم المتحدة، مع مكتب "تنسيق العمل الإنساني"  في إدلب، على صيغة لتفويض المنظمات الأممية بإعادة استخدام معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا لإيصال المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها، ولمدة ستة أشهر اضافية.

 

هجرات غير شرعية عند المعابر والممرات

     يبدو من المستحيل منع التهريب وضبط التنقل واقفال المعابر غير الشرعية عبر الحدود البرية بين لبنان وسوريا، فهي تمتد بطول نحو 375 كيلومتراً، عند الحدود الشمالية والشرقية.. ويتواجد فيها 108 مراكز للجيش و38 برجاً للمراقبة..

      أما الحدود الشمالية  فهي تمتد على مسافة  نحو 100 كلم، وتبدأ من معبر العريضة الحدودي في الساحل، ثم على طول مجرى نهر الكبير الجنوبي، وصولاً إلى وادي  خالد بإتجاه منطقة أكروم..

 ثم تليها الحدود الشرقية الممتدة من الهرمل الى معبر المصنع، وصولاً إلى قمة جبل الشيخ في جبال حرمون ..

        وتضم هذه الحدود ستة معابر شرعية، تبدأ من المعبر الرئيسي الرسمي في الحدود بين لبنان وسوريا، وهو معبر المصنع في لبنان الى جديدة يابوس داخل سوريا، وبعدها معبر العبودية – الدبوسية، ثم معبر جوسية، ومعبر وادي خالد – تل كلخ، ثم معبر العريضة الساحلي الذي يربط بين قرية العريضة في لبنان وريف محافظة طرطوس، يُضاف اليها المعبر السادس الجديد (في قضاء الهرمل)، وقد تم افتتاحه مؤخراً لتسهيل حركة تنقل المواطنين بين قضاء الهرمل في لبنان ومحافظة حمص في سوريا..

       كما يوجد على طول الحدود أكثر من 140 ممر غير شرعي، وجميعها يصعب تأمينها كونها تقع في منطقة جبلية متداخلة ذات طبيعة جغرافية صعبة المسالك ووعرة من الصعب اقفالها بالكامل، وبخاصة لوجود قرى لبنانية داخل الحدود السورية،  وهي تتوزع في  قمم الجرود في سلسلة الجبال الشرقية، حيث يسيطر الجيش اللبناني على معظمها..

    ونتيجة تسارع الانهيار المالي وتردي الاوضاع المعيشية، ما أدى الى تفشي البطالة، وبخاصة لدى فئة الشباب ما دفعهم للمخاطرة  عبر البحر وفي قوارب غير آمنة نحو قبرص واليونان، على امل التمكن من عبور الحدود الاوروبية لطلب اللجوء، حيث تزايدت عمليات هجرة اللاجئين في القوارب من شواطئ الشمال بدءا من شاطئ عكار مرورا بطرابلس وصولا الى شكا والبترون.

        كما تضم منطقة شمال لبنان وعكار عدة موانئ  تمتد على طول الساحل، حيث يبلغ طول الشاطئ العكاري بين العبدة والعريضة حوالي 16 كلم تقريبا .. وهي قد تحوّلت في الفترة الاخيرة الى اماكن انطلاق لتهريب البشر عبر "قوارب الموت"، وغالبيتهم من السوريين والفلسطينيين واللبنانيين.. 

وعلى العموم تتحمل الفئات الضعيفة من اللبنانيين وحدها نتائج هذه الادارة السياسية التي تخدم مصالح البلدان الغربية، حيث يتم احتجاز الألاف من السوريين لرعايتهم على الاراضي اللبنانية، من خلال محاصرة ومراقبة الحدود البحرية لمنع هجرة القوارب من الوصول الى بلدان أوروبا، وذلك على الرغم من تفاقم الأزمات التي يعانيها لبنان وهو قد بات على حافة الانهيار الشامل.

 

البحر المتوسط مقبرة اللاجئين لحماية حدود أوروبا

    لقد تحوّل لبنان خلال السنوات الاربع الأخيرة، الى محطة جديدة ومركز انطلاق للهجرة غير الشرعية عبر القوارب في البحر.. وهي تضاف الى طريق "هجرة القوارب" في البحر المتوسط، انطلاقاً من سواحل تونس وليبيا، والتي كانت تعتبر "أكثر طرق الهجرة فتكاً في العالم".

         في المقابل نجد أن الدول الأوروبية التي استضافت اللاجئين من أوكرانيا، تغلق اليوم أبوابها أمام اللاجئين من بلدان الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، ومع ارتفاع أعداد اللاجئين الباحثين عن الأمان وسُبل العيش، فقد تحوّل البحر المتوسط الى مقبرة اللاجئين لحماية حدود أوروبا.

لقد  فرضت معظم الدول قيوداً على الدخول والحدود حيث يتم احتجاز ملايين اللاجئين في البلدان المتوسطية المجاورة، والتي باتت عاجزة عن تحمل أعباء اللجوء، ما أدى الى تزايد التوترات وتصاعد موجة العداء تجاه اللاجئين في لبنان والاردن، وتونس وقبرص..

 

قبرص  لمساعدة لبنان وإعادة تقييم الوضع في سوريا.

       تبعد قبرص نحو 80 كم عن الشواطئ اللبنانية، وهي نتيجة موقعها الجغرافي كدولة أوروبية في خط المواجهة الأول عند حدود أوروبا، فقد اعتمدت سياسة ترحيل اللاجئين اليها عبر البحر واعادتهم الى لبنان. حيث أكد مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في قبرص إن عمليات الترحيل والنقل بين الدول "دون ضمانات قانونية وإجرائية للأشخاص الذين قد يحتاجون إلى حماية دولية"، تتعارض مع القانون الدولي والأوروبي.

      ولمواجهة ازمة الهجرة غير الشرعية، فقد طلبت قبرص من الاتحاد الأوروبي مراجعة و"إعادة تقييم وضع سوريا كدولة غير آمنة لا يمكن إعادة اللاجئين إليها ذلك لأن بعض المناطق في سوريا قد باتت آمنة، بحيث يمكن ترحيل اللاجئين أو إعادتهم إلى ديارهم، وفق ما اقترح وزير الداخلية في قبرص أيضًا على الاتحاد الاوروبي وضع "العوائق أمام تدفقات الهجرة  في المنطقة"، وتقديم المساعدات والدعم للدول المجاورة لسوريا، مثل تركيا ولبنان ومصر والأردن ، لوقف موجة المهاجرين غير الشرعيين الذين يغامرون في "قوارب الموت" لعبور البحر المتوسط نحو أوروبا.

وقد عرضت قبرص على لبنان مساعدات مالية وفنية، والتبرع بزوارق سريعة واجراء دوريات مشتركة في البحر لوقف حركة التهريب عبر القوارب..

 

تونس تمنع دخول وفد البرلمان الأوروبي أراضيها

      في سياق إدارة الحدود ومكافحة حركة الهجرة غير النظامية، فقد وقعت تونس في 16 حزيران 2023 ،اتفاقية تفاهم مع الاتحاد الاوروبي "حول شراكة استراتيجية وشاملة بين الاتحاد الأوروبي وتونس"، وذلك بالنظر إلى أهمية تعزيز التعاون لمكافحة موجات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر والإدارة الفعّالة للحدود للحدّ من تدفقات المهاجرين وتطوير نظام لتحديد هوية المهاجرين غير الشرعيين  وإنقاذ الأرواح البشرية..

ويتعهد الاتحاد الأوروبي، بمساعدة تونس من خلال دعم الميزانية لعام 2023، ما يؤدي الى رسم خارطة طريق تم وضعها لتعزيز النمو الاقتصادي ودعم مشاريع البنية التحتية ذات الأولوية لإنتاج الطاقات المتجددة (الاقتصاد والتجارة، الزراعة، التحوّل الرقمي، النقل الجوي، الاستثمارات، تحوّل الطاقة الخضراء..)....

لكن وبعد فترة قصيرة من توقيع الاتفاق، ونتيجة انتقادات من نوّاب أوروبين لمضمون الاتفاق، والذي وعد بموجبه تونس بتوفير الدعم المالي بنحو 1.1 مليار يورو لتأمين حدود الدولة، ولمنع دخول اللاجئين والمهاجرين إلى أوروبا عبر تونس. وبشكل مفاجئ وغير عادي، فقد منعت تونس وفداً من النواب في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي من دخول أراضيها (14 ايلول 2023) لتقييم الوضع السياسي بعد انتقاد التراجع الديموقراطي فيها.. وأعلنت بأنه "لن يُسمح لهم بدخول الأراضي الوطنية"....

 

ايطاليا تنتقد شركاءها الأوروبيين لعدم تقاسم المسؤولية

        أما في ايطاليا، وهي تعتبر إحدى الدول الرئيسية للمهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط بهدف الوصول إلى أوروبا، وبعد وصول أكثر من 7,000 مهاجر في ثلاثة أيام (13 أيلول 2023) إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية ، وهي البوابة المباشرة على بعد أقل من 150 كيلومترا من الساحل التونسي، حيث أعلنت بلدية الجزيرة حالة الطوارئ لمواجهة تدفقات تساوي أكثر من عدد سكانها المقيمين..

هذا التطور ادى الى احتجاج رئيسة الوزراء الإيطالية (أيلول 2023)، التي انتقدت شركاءها الأوروبيين لعدم المشاركة في الدعم وتقاسم المسؤولية لمواجهة الأزمة، وذلك بعدما تجاوزت أعداد المهاجرين الوافدين إليها القدرات الاستيعابيّة.

 

لبنان تحت الحصار الأوروبي الأميركي

    بالمقابل، متى يبدأ لبنان بالسير على خطى قبرص وتونس وايطاليا، لرفع الحصار المفروض عليه منذ بداية الأزمة السورية، حيث يتوجب على الحكومة اتخاذ  تدابير استثنائية وعاجلة وعلى أعلى المستويات لاعادة النازحين.. واقفال الحدود بالكامل، أمام حركة الهجرة غير الشرعية،  لمواجهة أزمة النازحين واعادتهم الى ديارهم..

    ذلك أن سياسة الانقسامات القائمة، والتردد والخوف من المواجهة التي تعتمدها الحكومة، والتي تم اعتمادها خلال السنوات الماضية، هي التي أدت الى تضييق الحصار القائم على لبنان، حيث توجد سلطة عاجزة عن حماية السيادة الوطنية وضبط الحدود ، وذلك في غياب موقف حكومي موحد، لجهة التواصل والتنسيق مع الحكومة السورية، وعلى أعلى المستويات، وبما يضمن مصالح البلدين، لوضع خطة شاملة تضمن عودة اللاجئين الى المناطق الآمنة في سوريا، وذلك قبل انفجار الأزمة وانتشار الفوضى في المخيّمات العشوائية، والتي بات عددها يفوق ال 6500 عشوائية، منتشرة في كامل الأراضي اللبنانية، وبخاصة في مناطق عكار والشمال، حتى كامل البلدات في اقضية الهرمل وبعلبك، وزحلة، والبقاع الغربي، وراشيا.. وكذلك في قضاء الشوف..  ما أدى الى تلوّث المياه والتربة وانتشار الأمراض في مختلف مناطق حوض الليطاني، والذي يمثل نحو خمس مساحة لبنان (على امتداد نحو 2000 كم2)، حيث يزيد عدد النازحين السوريين على عدد اللبنانيين المقيمين فيها، ويُدخل البلاد في مواجهات غير محسوبة العواقب، مع انتقال تناقضات الأزمة السورية السياسية والاقتصادية والاجتماعية الى داخل لبنان، ثم عدم القدرة في السيطرة عليها، وحدوث تداعيات كبيرة وخطيرة خلال السنوات القادمة.

 

هل سيعود اللاجئون الى سوريا (2/2):بين الاندماج في لبنان او اعادة التوطين في بلد ثالث (د. علي فاعور).

 

هل سيعود اللاجئون الى سوريا (2/2)

بين الاندماج في لبنان او اعادة التوطين في بلد ثالث

                          

د. علي فاعور رئيس مركز السكان والتنمية..

       أدت الأزمة الاقتصادية اللبنانية والتنافس على الوظائف وارتفاع حدة البطالة والفقر، الى تزايد المواقف المطالبة بترحيل النازحين، ومع تصاعد التورات الأمنية والعنف، والصراع للحصول على موارد العيش، نتيجة ارتفاع أعداد النازحين السوريين المقيمين بشكل غير قانوني على كافة الأراضي اللبنانية، مما أدى الى تفاقم معاناة اللبنانيين واللاجئين السوريين في ظل الانهيار المالي الذي تشهده البلاد.


     اعادة التوطين لحماية النازحين 

يُعتبر "اعادة التوطين" بمثابة الحل الطويل الأمد لأزمات اللاجئين،  وفي عام 2020 قررت المفوضية أن أكثر من 10 في المائة من اللاجئين المسجلين في لبنان سيحتاجون الى اعاد التوطين في بلد ثالث لأسباب انسانية، وهذا ما يفوق عدد اماكن اعادة التوطين المحتمل توفرها  في الخارج.

اما حول الرغبة بالانتقال الى بلد ثالث في برنامج إعاد التوطين الذي تنظمه المفوضية، فقد  "أعربت نسبة مئوية أعلى (27 في المائة) من المستجوبين الذين لا يرغبون بالعودة خلال الإثني عشر (12) شهرًا التالية، عن الأمل في الانتقال إلى بلد ثالث.

     وتأتي اعادة التوطين في اطار الحل الطويل الامد لاستقرار اللاجئين، وذلك بموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951، حيث تتم مشاركة الدول الكبرى التي تستضيف اللاجئين لتقاسم المسؤولية مع بلدان اللجوء التي لم تعد قادرة على توفير الاقامة والاستقرار الدائم للاجئين على اراضيها.

كما تقوم المفوضية بتصنيف اللاجئين لتحديد أهليتهم للحصول على الحماية الدولية، ثم إحالتهم لإعادة التوطين، وبعدها تختار دول إعادة التوطين الأفراد المقبولين لديها وفق الحاجات في كل دولة..

 

كما تمثل إعادة التوطين  الوسيلة الأفضل والأمنة  لحماية اللاجئين الذين لا يمكنهم العودة الى بلدهم الاصلي (بلد المنشأ)، وذلك بالانتقال من البلد المضيف (بلد اللجوء)، حيث لا تتاح لهم فرصة الاندماج والاستقرار، الى دولة ثالثة (بلد اعادة التوطين) توافق على استقبالهم بشكل دائم، وذلك لحمايهم وتأمين كافة حقوقهم الانسانية ..

 

طلبات إعادة التوطين من لبنان

    يتبيّن بحسب بيانات المفوضية في برنامج اعادة التوطين (كانون اول 2021)، أنه قد تمت إعادة توطين ما يقارب 8،300 لاجئ  من لبنان في عام 2022 إلى بلدان ثالثة، هذا وتمثل طلبات إعادة التوطين من لبنان 40٪ من إجمالي الطلبات المقدمة من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، و 8٪ من إجمالي الطلبات العالمية.

       أما الغالبية العظمى من اللاجئين الخاضعين لإعادة التوطين من لبنان، فقد كانوا من سوريا، 7,594، أو 94.5٪ من اللاجئين المقدمين، في حين كان 440 لاجئًا من بلدان أخرى. ومن الدول التي استقبلت اللاجئين، فقد جاءت الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الاولي (2233 لاجئ)، تليها كندا (1581)، ثم اسبانيا 861)، والنرويج (777)، والمانيا والسويد واستراليا، وفنلندا، وبلجيكا وايرلندا وسويسرا...

وتشير التقديرات أن 95,555 لاجئًا سوريًا في لبنان كانوا بحاجة إلى إعادة التوطين في عام 2022.


مفوضية اللاجئين تخرق القوانين اللبنانية

     كل يوم تتكشف معطيات جديدة حول ممارسات المفوضية العليا للاجئين في لبنان التي أحكمت سيطرتها  في ظل الفراغ الذي يعيشه لبنان، ثم تعدد المرجعيات وضعف السلطة الحاكمة في حماية تطبيق القوانين، وبعدما كشف المدير العام للأمن العام عن وجود لوائح موازية لتسجيل اللاجئين السوريين، بهدف تقديم المساعدات اللازمة لهم، فقد تبيّن مؤخراّ أن المفوضية تخرق القوانين اللبنانية وتخالف الاتفاق الموقع مع وزارة الداخلية عام 2003، لجهة اعطاء افادات سكنية للاجئين السوريين بهدف مساعدتهم للحصول على وثائق اقامة قانونية لدى وزارة الداخلية، وذلك بموجب اتفاق جديد تم توقيعه مع وزير الداخلية عام 2016..

 

لكن في نهاية ايلول 2023، حذر وزير الداخلية  في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، من أن ملف النازحين «يهدد ديمغرافية لبنان وهويته». وقال: " لم يعد مقبولاً من مفوضية اللاجئين أن تبقى تعمل بمعزل عن أي اعتبار لوجود الدولة اللبنانية ولقوانين لبنان، وخصوصاً فيما يتعلق بتسليم قاعدة البيانات الخاصة بالنازحين السوريين إلى الأمن العام"..

 

 

المساعدات النقدية  تمنع عودة النازحين

ماذا تتضمن المساعدات الدولية؟

        يشمل دور المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، مساعدة اللاجئين وطالبي اللجوء، والأشخاص عديمي الجنسية، ذلك أنه بعد التسجيل يتم تحديد وضع اللاجئ، لجهة حصوله على المساعدات والدعم الذي تقدمه المفوضية العليا للاجئين، وهو يشمل كافة أشكال الخدمات والمعلومات المحددة على الصفحة الرئيسية للمساعدة الخاصة بالمفوضية، والتي تشمل:

·        المساعدة النقدية تأتي في المقدمة، حيث تقدم لكافة أفراد الأسرة لتأمين أكلاف المعيشة، وهي التي تمكّن اللاجئين وتعززبقائهم في لبنان. وبحسب المفوضية، "ستساعد البطاقة المشتركة أيضاً على تسهيل التواصل مع أكثر من مليون لاجئ سوري يتوزعون حالياً على 2,000 بلدة ومحلّة في لبنان. وقد بدأ برنامج الأغذية العالمي واليونيسف والمفوضية والاتحاد النقدي اللبناني بتوزيع البطاقات بشكل مشترك (ابتداء من 1 كانون اول 2016 )...

·        الحصول على التعليم، الوصول الى الرعاية الصحية، مساعدة الأطفال، دعم الأشخاص ذوي الاعاقة وكبار السن، دعم المأوى..

·        تنظيم برامج اعادة التوطين، واعداد لوائح للراغبين باللجوء الى دولة ثالثة للحصول على الاقامة الدائمة.

·        بالاضافة الى تقديم المشورة والاعانة  من خلال المساعدة القانونية، وكذلك توفير المعلومات والمعطيات للراغبين بالعودة الطوعية الى سوريا،، وتوفير كافة أشكال الحماية من خلال الابلاغ عن الاستغلال والاعتداء الجنسي، وأيضاً الابلاغ عن التعرّض للاحتيال، ولا سيّما التحذير من مخاطر الهجرة غير النظامية في المراكب عبر البحر...

 المساعدات هي الشريان الحيوي للبقاء في لبنان

       ان قرار الحماية الدولية للاجئين خارج سوريا، والمساعدات المالية النقدية المخصّصة للنازحين، والتي تقدمها المفوضية العليا بالمشاركة مع المنظمات الدولية، لعائلات النازحين في لبنان، هي التي تشكل الشريان الحيوي لاقامتهم واستمرارهم  في لبنان، وهي التي تحول دون عودتهم الى ديارهم، وهي تحظى بغطاء سياسي من الدول المانحة التي ما زالت ترفض اعادة النازحين، كما أنها هي التي تشكل اليوم عوامل جذب أدت الى تدفقات جديدة من المهاجرين السوريين، بدأت تعبر الحدود للحصول على المأوى والمساعدات... وبحسب الإحصاءات التي أوردها وزير الشؤون الاجتماعية ، بان البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً يفيد منه نحو 70 ألف عائلة لبنانية فقط في مقابل 230 ألف عائلة سورية. عدا عن أن الدفع للنازحين السوريين بالدولار يعزز بقاءهم في لبنان،  فهناك ما يعادل نحو 1.5 مليون نازح سوري يتقاضون المساعدة بالدولار للحصول على السلّة الغذائية الأساسية، إلى جانب الدعم التربوي والصحي والقسائم الغذائيّة... 

وقد  تم التوافق مع الحكومة على تقديم المساعدة للنازحين بالدولار الأميركي، وذلك بدءاً من 24 أيار 2023، على أن تحصل كل عائلة نازحة على مبلغ 25 دولاراً للعائلة و20 دولاراً للفرد، لغاية 5 أفراد حدّاً أقصى.

كل هذا أدى الى توسع المشاركة في سوق العمل  وتزايد الاندماج مع اللبنانيين في مختلف النشاطات الاقتصادية، ففي "قضاء زحلة مثلاً، يوجد نحو 325 مُخيم للنازحين السوريين في بر الياس.. وأنه من أصل 2000 مؤسسة، فان 1700 منها تُدار من قِبل نازحين سوريين. اما المشكلة فهي أن بعض الأشخاص اللبنانيين المستفيدين مادياً هم الذين يمنعون تطبيق بعض التدابير بموضوع النازحين".(بحسب رأي محافظ البقاع). كما كشف محافظ بعلبك الهرمل،  أن: "عدد النازحين السوريين في بعلبك - الهرمل بلغ 315 ألفاً، وهو أكثر بكثير من عدد اللبنانيّين القاطنين في المحافظة والذي يبلغ حوالى 250 ألفاً". وان "هناك 450 ألف ربطة خبز مدعومة تُستهلك من قبل النازحين السوريين" .. وباننا "بحاجة لوقف تدفق النازحين السوريين عبر الحدود، وضبط الحدود من جانب واحد "مستحيل"، لعدم توفر الامكانيات اللازمة لدى البلديات.

 معارضة البرلمان الاوروبي وبدعم اميركي

         لكن بالمقابل، وبالمقارنة مع أوضاع اللاجئين الحالية في البلد المضيف، يتبيّن بشكل واضح أن العوائق الرئيسية التي تمنع وتؤخر عودة اللاجئين تتركز في توفر كافة أشكال الدعم والحماية لهم في البلد المضيف "بلد اللجوء"، وبرعاية المفوضية العليا للاجئين والعديد من المنظمات الدولية المشاركة، وذلك برعاية أممية ودعم من البلدان المانحة وبغطاء تؤمنه بلدان الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، التي لا زالت تمنع عودة اللاجئين الى سوريا، وهذا ما عبر عنه المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية" ساميويل وربيرغ" حول الظروف غير المؤاتية لعودة النازحين السوريين الى بلدهم.. حيث قال، إن واشنطن "تشكر لبنان دولة وشعبا على استضافتهم اللاجئين السوريين لسنوات طويلة.. لكن الولايات المتحدة لا تعتبر أن الظروف اليوم مواتية لعودتهم إلى بلادهم".

     وكان سبقه الموقف الصادم عند تصويت البرلمان الاوروبي بعدم الموافقة على عودة النازحين السوريين الى بلدهم، والمطالبة بحمايتهم في لبنان، وهو يُعد سابقة خطيرة لم تشهدها أية دولة في العالم  منذ تاريخ انشاء المفوضية العليا للاجئين عام 1951، وهو اعتداء بارز  بحق سيادة دولة صغيرة قدمت نموذجا عالمياُ لا مثيل له في تاريخ اللجوء، وفتحت حدودها وكامل اراضيها لاستقبال اللاجئين طوال أكثر من 12 سنة،  حتى بات عددهم يُقارب ثلاثة ملايين لاجئ، أي ما يوازي قرابة نصف عدد المقيمين على الأراضي اللبنانية...

       وتعود أهمية القرار الاوروبي على المستوى الدولي، أنه يمثل 27 دولة أوروبية  "موجه الى المفوضية، والأمين العام للأمم المتحدة ، و الأمين العام لجامعة الدول العربية ، ورئيس الجمعية البرلمانية الأورومتوسطية ، والحكومة والبرلمان في لبنان".

     وهو أيضاً يتطابق مع كلام وزير خارجية الفاتيكان، أمام الوفد البرلماني اللبناني الذي زاره  في 21 تشرين الثاني 2018، حيث قال: أنّ "المجتمع الدولي برّمته ضدّ عودة النازحين السوريين إلى وطنهم..".

 مجلس الوزراء لمناقشة ملف النزوح السوري

    بعد مضي 12 سنة على استضافة النازحين، يبدو أن غالبية الأحزاب السياسية اللبنانية قد باتت متوافقة على ضرورة تيسير اعادة النازحين، ولكن مع وجود تفاوت في آليات العودة وتوقيتها، والظروف التي تحيط بها، ثم الاختلاف في تصنيف النازحين وتأخير عودة البعض منهم لاعتبارات سياسية، مع وجود انقسام عميق حول مستوى العلاقة مع سورية لجهة وضع خطة موحدة لعودة النازحين، ما أدى الى تأخير تشكيل الوفد الحكومي المفاوض، نتيجة التردد والتباين في المواقف بسبب البرامج السياسية المتنوّعة، حيث يفضل البعض التريّث لمراعاة مواقف الدول الكبرى التي لا زالت ترفض إعادة النازحين بانتظار تبلوّر الوضع السياسي في سوريا، وتعمل لتمديد اقامتهم، ووضع آليات حماية طويلة الأمد لدمج النازحين السورببن، وذلك خلافاً للقوانين والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وبرغم معاناة اللبنانيين وزيادة الحرمان لدى الفئات الفقيرة نتيجة انهيار مستوى المعيشة والأزمات المتعددة في لبنان. 

  

  وفي دراسةٍ حديثةٍ حول "عودة اللاجئين السوريين من لبنانبحسب "نشرة الهجرة القسرية" الصادرة في جامعة أكسفورد (تشرين أول 2019)، فقد " أدَّى التَّهجير من سورية إلى زعزعة النظام السياسي اللبناني المتعدد الطوائف الذي يحكم جماعاتِ البلد الثَّماني عشرةَ.. وأكَّدت بعض الفئات اللبنانية أنَّ وجود اللاجئين السوريين، ومعظمهم من الطائفة السُّنيَّة، يُغيُّر التركيبة السكانية في لبنان، ويهدد التوازن الهشَّ لتقاسم السلطة بين المسلمين والمسيحيِّين"، (مركز دراسات اللاجئين: تاميراس فاخوري).

 وهذا ما عبر عنه وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي في كلمة خلال رعايته أعمال مجلس الشؤون البلدية والاختيارية المركزي في قصر اليونيسكو في بيروت (30 أيلول 2023)، تحدث فيها عن ملف أزمة اللجوء السوري وقال إن "الأمر لم يعد يحتمل وهو يهدد ديمغرافية لبنان وهويته".

 

وبعد تفاقم موجات النازحين عبر الحدود البرية، ولا سيّما منذ منتصف العام 2023،  فقد خصص مجلس الوزراء جلسة لمناقشة ملف النزوح السوري (11 ايلول 2023)، حيث اتخذ عدة قرارات كلف بموجبها الأجهزة الأمنية والعسكرية مراقبة الحدود البرية والبحرية ومنع دخول السوريين بطرق غير شرعية، اذ تبيّن من رؤساء الأجهزة الأمنية أنه قد "تمت اعادة 23 الف نازح سوري فيما سُجل ارتكاب 5682 جرماً على الاراضي اللبنانية" منذ مطلع العام الحالي.

كما طلب من وزارة الداخلية العمل على  "إجراء مسح فوري للنازحين السوريين القاطنين في النطاق البلدي وتكوين قاعدة بيانات عنهم... ثم إزالة التعديات والمخالفات كافة على البُنى التحتية (كهرباء، ماء، صرف صحيّ، ..) الموجودة في أماكن إقامة النازحين، كما والتشدد بتطبيق قانون السير".

كما تضمنت قرارات مجلس الوزراء الطلب الى الادارات والوزارات المعنية القيام بكل ما يلزم لتنظيم النزوح السوري (وزارة العمل، وزارتا الصناعة والاقتصاد والتجارة، وزارة العدل، وزارتا الخارجية والشؤون الاجتماعية، وزارة الاعلام).. ونظرا الى خطورة الأوضاع ودقة المرحلة وطنيا واقليميا، فقد ناقش  مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ 12 تشرين اول 2023،  الخطوات اللازمة لمتابعة تنفيذ القرارات السابقة، حيث تم تشكيل وفد لزيارة سوريا بتاريخ 23 تشرين اول 2023، لمناقشة الخطوات العملانية لعودة النازحين السوريين..

عودة النازحين بعيدة جداً

  امام هذا الواقع، وعلى الرغم من تزايد الأعباء المعيشية والتوترات الأمنية التي تتحدَّى النازحين في لبنان، سيّما وأن بعض البلديات ومكاتب الأمن العام، قد بدأت في تطبيق قوانين العمل والاقامة بالنسبةً لحصول السوريين على الوظائف والمساكن.... مع هذا فان عودتهم الى ديارهم قريباً، والتي كانت قد بدأت منذ عام 2017، لا زالت تبدو بعيدة جداً..

   ذلك ان كل المؤشرات تؤكد، وعلى امتداد السنوات الماضية منذ عام 2011 حنى منتصف عام 2023، حيث بدأت مرحلة جديدة من النزوح السوري نتيجة التدفقات الكبيرة من النازحين الوافدين من مناطق الشمال الغربي في سوريا.. وهي تؤكد أن لبنان يجب أن يسلك الطريق الأقصر والأقرب اليه،  وان بداية الخطوة الاولى في ملف اعادة النازحين، تتطلب اعادة التواصل والتنسيق مع سوريا، ولا سيّما تنظيم العلاقات الاقتصادية والأمنية، وعلى أعلى المستويات، مما يُساعد في رسم معالم خطة مشتركة للعمل على تطبيق القوانين التي تضمن سيادة البلدين..

 ولا سيّما مراقبة وضبط الحدود البرية والبحرية  لمنع  التنقل والتهريب عبر الممرات غير الشرعية، والاتفاق على عناوين خطة مشتركة تتضمن "خارطة طريق"، لإعادة النازحين على مراحل..  ذلك انه، مع تزايد الأزمات العالمية الكبرى، وبعد ضياع أكثر من عشر سنوات من عمر الازمة السورية مع استمرار الحصار المفروض على سوريا، حيث لا امل يرجى من انتظار المساعي الدولية لعدم الاهتمام بالوضع اللبناني الذي بات على حافة الانهيار.