Saturday, February 13, 2021

أثر الأزمة المالية في العالم على الهجرة العائدة: حالة الهجرة اللبنانية العائدة من الخليج عام 2009

  

بمناسبة اليوم العالمي للسكان 11 تموز 2009




جمعية تنظيم الأسرة بالتعاون مع اللجنة الوطنية الدائمة للسكان
ومؤسسة فردريك ايبرت

 

 

ندوة حول "أثر الأزمة المالية العالمية على أوضاع السكان في العالم".

وذلك يوم الخميس في 16 تموز 2009
( بيروت – فندق ماريديان كومودور – الحمراء )

 

أثر الأزمة المالية في العالم على الهجرة العائدة
حالة الهجرة اللبنانية العائدة من الخليج.

 


 

د. علي فاعور

عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية

عضو المجلس الوطني للبحوث العلمية.


 

المقدمة

 

       برغم التداعيات التي خلفتها الأزمة المالية العالمية والآثار الاقتصادية والاجتماعية التي نجمت عنها، ثم إنتشارها السريع في البلدان المتقدمة وانتقالها الى البلدان العربية، بحيث لم ينج منها أي قطاع إقتصادي، لكن الأزمة بحسب آراء الخبراء الاقتصاديين لا زالت في بداياتها، وهي تتوسع في مختلف الاتجاهات، حتى أن الخسائر التي نجمت عنها لا زالت غير معروفة بدقة، سواء بالنسبة للقطاعات الاقتصادية الكبرى (بيوت المال الكبرى والبورصات العالمية، وأسواق السلع والخدمات، والشركات الصناعية..) أم بالنسبة للقطاعات الاجتماعية، من خلال انخفاض معدلات النمو الاقتصادي، ثم انتشار البطالة، وانخفاض الأجور، وتسريح العُمال، وعودة ملايين المهاجرين الى بلدانهم، وتراجع التحويلات المالية، وانتشار الفقر..

        وبعد إفلاس العديد من الشركات الصناعية نتيجة انتشار الفساد والاحتيال المالي، تتجه الأنظار اليوم الى منطقة الخليج العربي، وذلك لإرتباطها الوثيق بالأسواق المالية الكبرى والنظام الاقتصادي العالمي، ثم موقعها ودورها البارز في خريطة التجارة الدولية، سواء بالنسبة لثرواتها ومواردها النفطية الضخمة، أم بالنسبة لكونها منطقة جاذبة للاستثمارات، والعمال المهاجرين..

    وبرغم خطط الإنقاذ السريعة والتدابير الحكومية التي اعتمدتها معظم دول الخليج لمواجهة تداعيات الأزمة، لكن الثابت حتى الآن أن المواجهة لا زالت في مراحلها الأولى، حيث لم تكتمل فصولها بعد..

      أما بالنسبة الى لبنان، فهو الأكثر تعرضاً لمفاعيل الأزمة، سواءً بالنسبة لموقعه الجغرافي، وعلاقاته مع الدول العربية، وبخاصة دول الخليج العربي، أم بالنسبة لعلاقاته الدولية في عصر العولمة، وهو الذي يضم جاليات متعددة من المغتربين المنتشرين في مختلف القارات والدول..بل إن ما يعزز المخاوف هو إرتباط لبنان الوثيق بمنطقة الخليج العربي التي يتواجد فيها ما يزيد على نصف مليون مغترب لبناني، ومعظمهم من فئة الشباب، وأصحاب الشهادات الجامعية والكفاءات العلمية..من العاملين في القطاعات الاقتصادية الأكثر جذباً، في التطوير العقاري والمصرفي والمالي واعلاني والاعلامي...

      وإذا كنا لا نملك الكثير من الأرقام (حتى الآن) والإحصاءات حول مفاعيل الأزمة، وانعكاساتها الإقليمية، وتأثيرها على الاقتصاد اللبناني والهجرة اللبنانية، لكن مفاعيل الأزمة قد بدأت تتضح بالنسبة لاقتصاديات الخليج التي بدأت بالتراجع في وجه العاصفة المالية التي ضربت أسواق المال والبورصات الكبرى، والقطاعات الاقتصادية الحكومية والخاصة، مما أدى الى تسريح آلاف اللبنانيين الذين فقدوا وظائفهم، وعاد بعضهم الى لبنان، في حين انتقل البعض الآخر الى دول خليجية أخرى، بينما يفضل البعض الآخر من أصحاب الاستثمارات الانتظار حتى جلاء العاصفة..

      ويتضمن هذا البحث دراسة حول نشوء الأزمة المالية العالمية وانتشارها السريع، وتأثيرها على المنطقة العربية، وخصوصاً منطقة الخليج العربي، ثم تأثير الأزمة الاقتصادية على الهجرة العائدة، وبخاصة هجرة اللبنانيين العاملين في بلدان الخليج. ولأن المعطيات الاحصائية لا زالت قليلة وغير كافية، خصوصاً ما يتعلق منها بأوضاع المغتربين اللبنانيين والهجرة العائدة، لهذا فقد أجرينا دراسة شاملة لمختلف جوانب الأزمة، وذلك لتحديد انعكاساتها على اللبنانين المغتربين، وبخاصة في منطقة الخليج.

     لكن مؤشرات وتقديرات كثيرة عربية ودولية قد تم اعتمادها، كما تم الرجوع، لأسباب بحثية، الى معطيات إحصائية لوسائل إعلامية متنوّعة، لهذا ربما تتضمن بعض التقديرات مبالغات في تشخيص الأزمة التي لم تكتمل فصولها بعد، وربما تتضح مفاعيل هذه الأزمة خلال الأشهر القادمة، خصوصاً بالنسبة لأوضاع اللبنانيين المغتربين، وحركة الهجرة العائدة، وحجمها، وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان.

 

 

أولاً- لمحة عامّة عن الأزمة المالية العالمية

بدأت ملامح الأزمة المالية العالمية في القطاع العقاري في الولايات المتحدة، صيف 2007، ثم  برزت بحدة في أيلول الماضي (2008)، مما أدى إلى انهيار السوق العقارية وإفلاس  الشركات الكبرى (شركة ليمان برذرز) نتيجة عدم سداد الديون العقارية[1]، ثم انتشار الفساد والاحتيال المالي نتيجة انتشار الطمع والجشع وانهيار الأخلاق في إدارة الشركات الكبرى، مما أدى إلى انهيار الهرم الرأسمالي، مع المقامرة في عقود البيع والشراء الوهمية والتحول إلى الأنشطة الورقية التي ليس لها علاقة بالاقتصاد الحقيقي، حيث ضعفت رقابة الدول على مصارف الاستثمار وأعمال البورصات، والتمويل الاستهلاكي العقاري، فقد تم تحويل القروض إلى أوراق مالية وسندات دين، الأمر الذي أدى الى أزمة بورصة في الأسواق المالية بعد أزمة القروض العقارية.

ثم تحولت هذه الأزمة المالية إلى أزمة اقتصادية ضربت القطاع المصرفي وبيوت المال الكبرى، حيث هبطت البورصات العالمية (الأميركية والأوروبية والآسيوية)، مما أجبر الحكومات على التدخل للحد من آثارها. وما لبث أن انتقلت الأزمة بعدها إلى اقتصاديات الدول النامية، حيث انخفضت أسعار المواد الخام، كما تراجع حجم الصادرات.

وقد أكد رئيس صندوق النقد الدولي أن اقتصاديات الدول المتقدمة قد دخلت بالفعل مرحلة "الكساد"، وأشار إلى أن خطط التحفيز الاقتصادي لن تنجح وحدها في إنقاذ الاقتصاد العالمي ما لم تترافق مع إجراءات لإعادة الثقة للنظام المصرفي.

ولم تنحصر الأزمة في القطاعات الاقتصادية الكبرى (المالية والنقدية والصناعية..) بل تعدتها إلى المجال الاجتماعي[2] من خلال انتشار البطالة والاستغناء عن العمّال، وانخفاض الأجور، وتراجع التحويلات المالية من المهاجرين، وتوسع دائرة الفقر...

وتتجه الأنظار اليوم إلى مخاطر النظام الاقتصادي الحر، حيث أدى تدخل الحكومات إلى الحد من تفاقم الأزمة، مما يستوجب إعادة النظر في مبادئ الاقتصاد الرأسمالي وإعادة هيكلة المؤسسات، ووضع ضوابط لإدارة الأسواق المالية وتصحيح مواطن الخلل ووضع قواعد جديدة للعمل، من خلال التوجه نحو رأسمالية معدّلة..

وبحسب صندوق النقد الدولي، تعتبر الأزمة المالية العالمية الراهنة من أكبر الأزمات المالية منذ الحرب العالمية الثانية ( أزمة 1929 ). وهي اليوم لم تعد أميركية أو أوروبية بل أصبحت أزمة عالمية تهدد معظم أقطار العالم، وقد أجمع رؤساء الدول الكبرى على التعاون لمواجهة الأزمة الاقتصادية، وذلك خلال انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي في "دافوس"، وذلك من أجل إصلاح شامل للنظام المالي العالمي وإقامة أنظمة اقتصادية جديدة، ومعايير دولية تتمتع "بالشفافية والوضوح"[3].

أما على مستوى المنطقة العربية، فتؤكد مصادر مجلس التعاون الخليجي، أن دول المجلس الست، وتشمل السعودية والإمارات وقطر وسلطنة عُمان والبحرين، تملك من المعطيات ما يساعدها لتخطي الأزمة، وذلك بفضل الفوائض المالية التي حققتها خلال السنوات الخمس الماضية، لهذا فهي ستكون قادرة على سد العجز المتوقع في ميزانياتها لسنة 2009 وربما لسنة2010، حسب تطور الأزمة.

ثانياً - انعكاس الأزمة على المنطقة العربية‏:

تأثرت معظم الدول العربية بالأزمة المالية العالمية، وذلك لارتباطها بالاقتصاد العالمي نتيجة تقدم المواصلات والاتصالات، وانتشار وسائل العولمة، خصوصاً وأن نحو 75 في المائة من الصادرات العربية هي موارد نفطية، والفوائض المستخدمة في الداخل أو الخارج ناجمة عنها، وبما أن الأزمة لا زالت في بداياتها، حيث لا توجد أرقام واضحة ودقيقة حول الخسائر الحقيقية، تقدر بعض المصادر خسائر الدول العربية بنحو 400 مليار دولار (وتصل بعض التقديرات إلى تريليون دولار نتيجة وجود استثمارات وأموال مجمّدة).

ولإعطاء صورة واضحة عن حجم الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية العالمية، فقد أفاد محافظ مركز دبي المالي العالمي، أن إجمالي أصول الشركات العائلية يزيد على تريليون دولار أميركي، ونتيجة الأزمة المالية العالمية فقد انخفضت أصول هذه الشركات الى نحو 50 في المائة خلال ستة أشهر، وذلك بسبب النقص الكبير في إدارة المخاطر ثم عدم توفر الإدارة السليمة للسيولة، والسياسات المالية الخاطئة، وأصبحت تقدر بنحو 500 مليار دولار أميركي، وهي تمثل الآن أكثر من 90% من مجمل النشاط التجاري في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج في حين يعمل لدى هذه الشركت أكثر 70 في المائة من إجمالي القوى العاملة في المنطقة.

وقد بدأت الأزمة تتوسع وفق الآتي:

 

أ- مجالات انتقال الأزمة:

 

1- من خلال أسواق المال وعبر انتقال رؤوس الأموال:

أدّى انتشار العولمة إلى اندماج أسواق المال التي باتت تعمل اليوم في قرية كونية، وذلك نتيجة تحرير أسواق المال، وتنوّع خدمات هذه الأسواق، ثم فرض هذا التحرير في جميع برامج الإصلاح الاقتصادي. هذا بالإضافة إلى تعاظم دور الشركات المتعددة الجنسيات، حيث أن نحو 500 شركة منها باتت اليوم تتحكم في 70 في المائة من التجارة الخارجية، كما أن خمس شركات منها تتحكم في خمس الاستثمارات العالمية[4].

إنّ الأسواق المالية العربية (وبالتحديد أسواق الأسهم في  معظم البورصات العربية وبخاصة في أسواق الخليج العربي ومصر والأردن) قد تراجعت، ولكنّ آثارها على الاقتصاد ما زالت محدودة ومحصورة في بعض دول مجلس التعاون الخليجي ( حالة دبي[5] مثلاً) نتيجة الطفرة النفطية، وتوفر السيولة من خلال تدخل الحكومات.. فقد خسر برميل النفط نحو ثلثي قيمته، أما الأسواق المالية فقد شهدت تراجعاً مالياً إلى مستويات العام 2006، حيث إنخفضت بسرعة بنسبة 50 في المائة منذ بداية عام 2009 وحتى اليوم.

ويلاحظ تدريجياً وجود أزمة سيولة لدى القطاع المصرفي في دول الخليج العربي، وذلك نتيجة الارتباط بالنظام الاقتصادي العالمي.

 

2- من خلال أسواق السلع والخدمات:

أدت الأزمة إلى تراجع الطلب على السلع وانخفاض أسعار المواد الأولية، حيث ارتفعت أسعار النفط في بداية عام 2008 لتبلغ 148 دولاراً للبرميل ثم تراجعت نتيجة المضاربات إلى ما دون 40 دولاراً للبرميل. كما تراجعت أسعار المواد الغذائية  وانخفض الطلب على  مواد البناء نتيجة خوف المستثمر العربي والمضاربات العقارية. كذلك فقد برز انخفاض كبير في أسواق الخدمات فتراجعت حركة النقل و السفر و السياحة الدولية..ويتوقع أن تتأثر الدول المستقبلة للسياحة مثل تونس ولبنان ومصر..وهذا يؤكد مدى الارتباط بين الأسواق العربية والأسواق الخارجية حيث ترتفع نسبة انكشاف الاقتصاد العربي على الاقتصاد العالمي لتبلغ نحو 80%، نتيجة انخفاض نسبة التصنيع المحلي.

ولاعطاء صورة واضحة عن حجم الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية العالمية فقد أفاد محافظ مركز دبي المالي العالمي، أن إجمالي أصول الشركات العائلية يزيد على تريليون دولار أميركي، ونتيجة الأزمة المالية العالمية فقد انخفضت أصول هذه الشركات إلى نحو 50 في المائة خلال ستة أشهر، وذلك بسبب النقص الكبير في إدارة المخاطر ثم عدم توفر الإدارة السليمة للسيولة، والسياسات المالية الخاطئة، وأصبحت تقدر بنحو 500 مليار دولار أميركي، وهي تمثل أكثر من 90 % من مجمل النشاط التجاري في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في حين يعمل لدى هذه الشركات أكثر من 70 في المائة من إجمالي القوى العاملة في المنطقة.

ج- مؤشرات تفاقم الأزمة :

تبيّن بعض المؤشرات أن الأزمة قد تتفاقم في السنوات المقبلة وفق الآتي:

         على الصعيد العالمي:

من المتوقع أن تتراجع معدلات نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي من 5 في المائة عام 2007 و 3.5 في المائة عام 2008، إلى 0.5 في المائة عام 2009.

 

 

         على الصعيد العربي:

من المتوقع أن تتراجع معدلات نمو إجمالي الناتج المحلي[6] إلى 4 في المائة عام 2009 (بالمقارنة مع 6 في المائة عام 2008)، كما أنه من المتوقع أن تتحسن معدلات النمو الاقتصادي في العام 2010.

من المتوقع أن ترتفع مستويات البطالة من 9.4 إلى 10.8 في المائة، هذا بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم وتزايد الديون وتعرّ ض بعض الدول العربية إلى التراجع الاقتصادي[7]..

ويقدر المعدل العام للبطالة في المنطقة العربية بنحو 14 في المائة (بحسب منظمة العمل العربية، تقرير قدم أثناء مؤتمر العمل العربي في عمان، نيسان 2009)، حيث يوجد نحو 17 مليون عاطل عن العمل على أقل تقدير، مما يستوجب توفير ما بين 4 و 5 ملايين وظيفة جديدة سنوياً للحد من تفاقم أزمة البطالة في العديد من الدول العربية المرسلة للعمالة.

بل لقد شهدت الفترة الأخيرة انخفاض نسبة العمال العرب في منطقة الخليج، ففي عام 2002 بلغ عدد المهاجرين العاملين في دول الخليج 12.5 مليوناً، بينهم 3.5 مليون عامل عربي، ففي عام 1975 كانت نسبة العمال العرب تبلغ 72 في المائة من مجموع العاملين في دول الخليج، لكنها انخفضت إلى 56 في المائة عام 1985، ثم 31 في المائة عام 1996، ثم إلى 25 في المائة عام 2002..حيث يتراجع عدد العمال العرب مقابل زيادة العمال الآسيويين، وفي عام 1968 ناشدت منظمة العمل العربية جميع الدول العربية، إعطاء الأولوية للعمال الغرب، وفي عام 1975 صدر قرار مماثل عن جامعة الدول العربية، وعام 1980 أعلن في خطة العمل العربي المشترك "أنه لا بد من اللجوء إلى العمالة العربية بشكل متزايد للحد من الاعتماد على العمالة الأجنبية"، وعام 1984 أكد الإعلان العربي على ضرورة إعطاء المواطنين العرب الأفضلية على غيرهم، لكن حركة العمال العرب قد تأثرت بالتقلبات السياسية التي أدت في معظم الأحيان إلى فشل كل محاولات التنسيق والتكامل بين الدول العربية[8].

ج- ارتباط النمو الاقتصادي العربي بحالة الانكماش الاقتصادي العالمي، مما سيؤدي إلى:

أ- حالة الركود الاقتصادي:

          برغم التدابير المتخذة وخطط الإنقاذ التي اعتمدتها الحكومات العربية، فإن آثار الأزمة المالية سوف تبرز في معظم البلدان العربية، من خلال:

1-    تراجع مستويات المعيشة، وتزايد الفوارق الاجتماعية والمناطقية، ثم تدهور الأمن الاجتماعي نتيجة تراجع معيشة العمال المهاجرين...

2-    إن استمرار التباطؤ العالمي في المجال الاقتصادي سيؤدي إلى: تراجع التحويلات المالية، ثم نقص فرص العمل وقلة الوظائف المتاحة، وتراجع السياحة، وكذلك انخفاض المعونة الرسمية للتنمية، مع تزايد البطالة خاصة بين الشباب، وسوف تستمر تداعيات الأزمة في المنطقة العربية[9] حتى تتراجع الأزمة المالية العالمية، وتعود الأوضاع الاقتصادية إلى الاستقرار، وهذا لن يحدث قبل انكشاف نتائج محاولات الإنقاذ التي تبذلها الحكومات الدولية، من خلال برامج تحفيز الاقتصاد العالمي وتنظيم أسواق المال، ثم معالجة مشكلات المديونية الضخمة لدى الشركات والبنوك وكبار المستثمرين، وذلك لاستعادة الاستقرار في الأوضاع المالية العالمية.

3-    بدأت المنطقة تواجه مجموعة من التحديات الاجتماعية والاقتصادية، أبرزها: استحداث فرص العمل وتوفير شبكات الحماية الاجتماعية، كما من المتوقع أن تؤدي الأزمة إلى انتشار الفقر في العديد من الدول العربية، بحيث أن مجموعات كبيرة من السكان المقيمين في الأرياف والأحياء الفقيرة في المدن الكبرى، تعيش دون خط الفقر.

4-    وتؤكد الدراسات أن اقتصاديّات دول الخليج تواجه ركوداً سوف يستمر خلال العام 2009، متأثرة بالتدهور الحاد الذي تشهده البيئة الاقتصادية العالمية، حيث سيكون عام 2009 بمثابة عام التحديات لدول المنطقة، ويوضح التقرير الصادر عن بنك الكويت الوطني، "أن ما يدعو للتفاؤل أن اقتصادات دول الخليج تمتلك المقومات اللازمة لمواجهة هذه العاصفة وتداعياتها، فالدور الاقتصادي الكبير الذي تلعبه الحكومات الخليجية في النشاط الاقتصادي، سيوفر. على الأقل نوعاً من الاستقرار الوظيفي للقوى العاملة"، بحيث أن دول الخليج تمتلك الثروات و المؤهلات اللازمة للصمود في الأزمة العالمية نظراً لوجود كميات كبيرة من موارد الثروة النفطية المجمعة خلال الأعوام الماضية.

 

2- تأثير الأزمة على البطالة عام 2009

1-    الخصائص الديموغرافية: بلغ عدد سكان البلدان العربية مجتمعة (338.4 مليون نسمة عام 2008)، في حين يبلغ معدل النمو السكاني 2 في المائة سنوياً، أما نسبة القوى العاملة (بين 15 -64 سنة) فقد بلغت 60.4 في المائة، أو حوالي 204 مليون فرد.

 لكن نسبة العاملين منهم هي أقل بكثير إذ يقدر حجمها ب 125 مليون عامل، بينما يرتفع معدل نمو القوى العاملة بسرعة تفوق معدلات النمو السكاني، ليبلغ 3.1 في المائة سنوياً، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلة إيجاد فرص عمل للوافدين الجدد (حيث تتميز المنطقة العربية بوجود المعدلات الأعلى للبطالة بين الشباب 25 في المائة). كما تتميز سوق العمل العربية بوجود ضغوط سكانية جديدة ناجمة عن زيادة حجم الداخلين الجدد من القوى العاملة، مما يضعف قدرتها على الاستيعاب.

2-    أما معدل البطالة فهو الأكثر ارتفاعاً بين دول العالم، إذ يبلغ نحو 14 في المائة، حيث يوجد ما يزيد على 17 مليون عاطل عن العمل[10]، بينما تبرز الحاجة لاستحداث 4 ملايين فرصة عمل جديدة سنوياً، وتبرز المشكلة بين النساء الباحثين عن فرص عمل حيث يتجاوز معدل نمو الإناث في سوق العمل 4 في المائة سنوياً.كما تبرز مشكلة البطالة بين أصحاب الكفاءات والمتعلمين من خريجي الجامعات والمعاهد العليا حيث يرتفع معدل البطالة بينهم.

بحسب منظمة العمل الدولية: يتوقع تقرير ”اتجاهات الاستخدام العالمية للعام 2009، أن ترتفع مستويات البطالة في الشرق الأوسط لتبلغ كمعدل وسطي 7 ملايين عامل (أو 8 ملايين شخص كمعدل أعلى يبلغ 10.8 في المائة). لكن التأثير الأساسي للأزمة سوف يطال الفئات الضعيفة والفقراء الكادحين، وذلك نتيجة تضرر بعض القطاعات الأساسية (مثلاً دبي في الإمارات العربية المتحدة[11] ) مثل العقارات والبناء، والقطاع المالي، وقطاعات السياحة والفنادق..مما أدى إلى تسريح أعداد كبيرة من العمال المهاجرين وعودتهم إلى بلدانهم، أو انتقالهم إلى بلدان أخرى، كما حصل بالنسبة إلى العمال اللبنانيين، وغالبيتهم من الشباب وأصحاب الكفاءات العليا..حيث برزت مشكلة المتعطلين من خريجي الجامعات والمعاهد الفنية العليا، والذين ترتفع نسبة البطالة بينهم إلى أكثر من 25% في معظم البلدان العربية.

خصائص المنطقة العربية لمواجهة الأزمة:

تتميز المنطقة العربية، وبخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، بعدة خصائص إيجابية 
أهمها :

1-    فائض السيولة المالية الناجم عن تراكم العائدات المالية، خلال السنوات السابقة وأثناء فترة ارتفاع أسعار النفط ..بحيث أن دول المنطقة قد استفادت من الطفرات النفطية السابقة مما ساعدها على جمع وفورات مالية ضخمة، وفوائض قياسية في موازنتها وحساباتها الجارية، وهي عوامل ستمكنها من مقاومة تداعيات الأزمة المالية والحفاظ على النمو الاقتصادي، وبحسب تقديرات عدة خبراء، فإن عام 2008 كان عام الأزمة الاقتصادية، وعام 2009 سيكون عام الانكماش العالمي. بخاصة أن العام المقبل 2010، سيكون عام الركود الاقتصادي في معظم دول العالم، باستثناء دول منطقة الشرق الأوسط التي ستبدأ في الانتعاش التدريجي، 
ذلك أن دول الخليج تمتلك سيولة نقدية كبيرة، تقدر بنحو 1.2 تريليون دولار من عوائد النفط، وبالتالي فهي قادرة على العودة بشكل أسرع إلى خارطة النمو الاقتصادي، سيما أنها تمتلك خصائص إيجابية لمواجهة التحديات المقبلة وتحمل فترة الانكماش .

2-    التحويلات المالية[12] إلى المصارف العربية (كما حصل بالنسبة إلى لبنان حيث استفاد النظام المصرفي من تزايد السيولة، مع تحويل المغتربين اللبنانيين وبعض الخليجيين مدخراتهم إلى المصارف اللبنانية).

3-    ضخامة الاستثمارات الكبيرة العاملة في مختلف القطاعات، الحكومية أو الأهلية، وهي التي أدت إلى استقطاب العمال المهاجرين، وقد تصدرت دول مجلس التعاون الخليجي المرتبة الثالثة في العالم في مجال العمالة المهاجرة بعد أميركا الشمالية وأوروبا، إذ بلغ حجم استقطاب العمالة الأجنبية أكثر من 15 مليون عامل، وقد توزعت أعدد المهاجرين العاملين في السعودية ( 7 ملايين عامل )، ثم الإمارات( 4 ملايين عامل )، وكذلك سلطة عمان ( 600 ألف عامل ) وقطر مليون عامل، ثم البحرين 400 ألف، وأخيراً الكويت مليوني عامل، وقد إحتلت قطر المرتبة الأولى من حيث عدد العمال المهاجرين مقارنة بعدد السكان الأصليين، وذلك بنسبة 78.3 في المائة، تليها الإمارات 71.4 في المائة، ثم الكويت 64.1 في المائة .

4-    ومما ساعد على احتواء الأزمة المالية، توجه الصناديق العربية للاستثمار في الداخل بدلاً من الخارج [13]، بحيث تركزت الاستثمارات الخليجية الكبرى في عمليات تسديد الديون وتوفير السيولة للشركات والبنوك المتضررة من الأزمة . وقد ساعدت عمليات الإنقاذ العربية في حماية وتأمين حقوق المواطنين من أبناء الخليج مما أدى إلى انتقادات بعض الزعماء الأوروبيين، فقد اقترح الرئيس ساركوزي يوم 21/10/2008 أما البرلمان الأوروبي إنشاء صناديق تمنع سيطرة غير الأوروبيين على شركاتهم، وكانت الصناديق العربية قد ضخت 40 مليار دولار في بورصة وول ستريت[14] منذ سنة، وساعدت يومها في تجميد الأزمة الحالية .

ثالثاً : لبنان في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية:

أ- واقع وخصائص التركيب الاقتصادي:

إن استقرار الأوضاع في لبنان يساعد على استقطاب المستثمرين، بل إن مواجهة الأزمة المالية العالمية،يحتاج إلى معالجات تمهد للنمو الاقتصادي وتعزيز الإنتاجية، بما يؤدي إلى توفير فرص العمل وتحسين القدرة الشرائية ومحاربة التضخم، بل إن دورة الحياة الاقتصادية في لبنان ترتبط بأوضاع اللبنانيين المهاجرين في الخارج، وهي تبقى رهينة التحويلات التي يرسلها المغتربون إلى ذويهم. بل إن الاقتصاد اللبناني بحسب ما أكد وزير المالية محمد شطح يبدو  "مرتبطاً عضوياً باقتصاد الخليج"، وذلك من خلال تعويضات المغتربين اللبنانيين، يليها النشاط السياحي للوافدين من دول الخليج، ثم استثمارات الشركات المحلية، ونشير هنا أن الاستثمارات العربية قد بلغت في العام 2006 نحو 550 ملياراً، ذهب 300 مليار منها إلى الولايات المتحدة، ومائة مليار إلى أوروبا، و60 ملياراً إلى الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا، في حين أن حصة لبنان لم تتجاوز منها الـ 127 مليون دولار.. وهذا يرجع إلى ضيق مجالات الاستثمار في لبنان والتي تتركز في القطاع المصرفي بنسبة 50 في المائة، وفي سوليدير 42 في المائة، وهذا يتطلب العمل لخلق أسواق مالية جديدة والاستثمار في قطاعات أخرى. ويمكن ذكر بعض الخصائص البارزة في تركيبة لبنان الاقتصادية، وهي الآتية:

         اعتماد لبنان على القطاع المالي والخدماتي، حيث يتميز لبنان بقدرة على جذب المؤسسات الأجنبية والعربية، وإعادة استقطاب رؤوس الأموال والكفاءات العلمية وتوظيفها في الاقتصاد.

         وضع القوانين المحفزة للاقتصاد والاستثمار، وأهمها: قانون الشركات القابضة، وقانون العمل خلف البحار (أوف شور)، وقانون المصارف الإسلامية.... الخ).

         استقرار وقوة القطاع المصرفي اللبناني، والسياسة التي اعتمدها مصرف لبنان في الاقتراض، والضوابط النقدية، واعتماد المصارف سياسات مدروسة في الاستثمار..(سياسة السوق النقدية الحرة وارتفاع نسبة الدولرة في الاقتصاد اللبناني، وتوفر السيولة بكل العملات في السوق المحلية، وحرية تحويل ونقل الودائع، والرقابة المصرفية على تحويلات وعمليات المصارف،...).

         ضيق المساحة العقارية في لبنان، وانتشار الملكية الفردية في السوق العقارية...

         تحسن المؤشرات الاقتصادية، وارتفاع نسبة الصادرات في بداية العام 2009...

         المردود السلبي للأزمة المالية العالمية: كان للأزمة العالمية على منطقة الخليج تداعيات سلبية على الوضع في لبنان حيث خف الإقبال على استخدام اللبنانيين فتراجع عددهم، كما تراجعت حركة التبادل التجاري مع دول الخليج، فانخفضت نسبة الصادرات من المنتجات الزراعية والصناعية، كما تأثرت سلباً حركة السياحة الوافدة  من دول الخليج إلى لبنان .

         المردود الإيجابي للأزمة المالية العالمية: استمرت الحركة المالية في التحسن (إيداعات مصرفية واستثمارات..)، حيث توجهت بعض المدخرات الخليجية نحو لبنان نتيجة الأزمة المالية التي عصفت في المدن الكبرى ( لندن، نيويورك وجنيف..) وقد استفاد القطاع المصرفي في لبنان .

         أما الأزمة البنيوية في الاقتصاد اللبناني فهي ناجمة عن وجود العجز الدائم في الميزان التجاري، لكن الفائض الذي يسجل في ميزان المدفوعات، هو نتيجة ما يرد من تحويلات اللبنانيين المهاجرين إلى عائلاتهم، ثم تزايد عائدات السياحة والخدمات، وكذلك ارتفاع حركة الاستثمار في القطاع العقاري، وتدفق  الإيداعات الخارجية إلى المصارف اللبنانية..

         إن تركيبة لبنان الاقتصادية تبدو عاجزة عن استيعاب القوة العاملة وتوفير الفرص أمام الكفاءات وأصحاب الشهادات العلمية، مما يساعد على هجرة الكفاءات إلى الخارج، حيث يبرز التفاوت بين المناطق اللبنانية من حيث مستوى الدخل الفردي، وتمركز مختلف النشاطات الاقتصادية في العاصمة بيروت وضواحيها.

ب- تأثير الأزمة على الاقتصاد اللبناني:

1- القطاع المصرفي والسوق المالية:

1.     حافظ القطاع المصرفي اللبناني على قدراته في مواجهة المرحلة الأولى من الأزمة العالمية، وذلك نتيجة التدابير المالية والسياسات المتشددة للنظام المصرفي مما ساعده على مواجهة رياح الأزمة العاصفة، ويبقى عليه الصمود لتفادي تداعيات الأزمة في المرحلة المقبلة وهي لا زالت مستمرة، وذلك بسبب انفتاح لبنان على أسواق الدول الكبرى وعلاقاته الاقتصادية والمالية الوثيقة بدول المنطقة وبخاصة دول الخليج العربي، ثم نتيجة الانتشار اللبناني الواسع في مختلف أرجاء العالم..

ويمثل لبنان حالة بارزة من حيث تأثير العولمة على الهجرة، وذلك نتيجة اعتماد سياسة النظام الاقتصادي الحر، حيث توجد حرية حركة رأس المال، وحرية تجارة السلع والخدمات..

2.     يلاحظ على الصعيد المصرفي أن بعض المصارف قد خسرت مبالغ كبيرة نتيجة تعاملها في المشتقات المالية في الأسواق الدولية (وتقدر هذه الخسائر بنحو 12% من إجمالي أرباح المصارف السنوية عام 2008)..

لابد من الإشارة في هذا المجال، إلى نجاحات اللبنانيين في عالم الصناعة المالية العالمية، وخصوصاً الأميركية ودارة الثروات والبنوك الاستثمارية وأسواق المال العالمية، بحث بات لبنان يضم مجموعة كبيرة من اللقاءات العلمية النادرة والمنتشرة حول العالم، ومعظم هؤلاء من الذين غادروا لبنان أثناء الحرب الأهلية الأخيرة بين عامي 1975 و1980 ... بل إن نجاح اللبنانيين في إدارة الشركات الاستثمارية والمالية هو الذي يؤكد زيادة هؤلاء المغامرين الذين صنعوا أسطورة التجارة اللبنانية المنتشرة خلف البحار، والتي باتت تسيطر اليوم على جزء من المالية العالمية، وهذا ما دفع مجلة Le Commerce du Levant في بيروت إلى تخصيص ملف كامل عن نجاح اللبنانيين الذين يعملون في البنوك والشركات الاستثمارية العالمية ويديرون مليارات الدولارات في عواصم الدول الكبرى، مثل باريس ولندن وجنيف ونيويورك وسان فرنسيسكو.

3.     بالنسبة للبنانين المقيمين ، ممن يتعاطون تجارة الأسهم والمضاربات، فقد بلغت خسائرهم في الأسواق العالمية نحو 500 مليون دولار (مروان اسكندر[15])، أما بالنسبة  للمقيمين في الخارج فقد ارتفعت خسائرهم  من حساباتهم بحسب بعض التقديرات،  ما يزيد على 2 مليار دولار ( وهي خسائر في الودائع غير المعروفة)، وذلك نتيجة الخسائر التي أصابت المصارف السويسرية[16] حيث تتركز معظم الودائع اللبنانية (علماً أن حسابات اللبنانيين الائتمانية في سويسرا تبلغ نحو 40 مليار دولار)..

2- التحويلات المالية للمغتربين:

تمثل التحويلات المالية للمغتربين العرب إلى بلدانهم الركيزة الأساسية في الاستقرار الاقتصادي، بل إنها أهم الموارد المالية لسد العجز المتراكم في الدول منخفضة الدخل والتي تعاني من اختناقات مالية حادة، وهي التي تغذي شرايين الدورة الاقتصادية، وتحد من تفاقم الأزمات المعيشية ومواجهة الفقر..

ويمكن تقسيم البلدان العربية المرسلة للمهاجرين والمستقبلة للتحويلات المالية الى مجموعتين: الأولى مجموعة دول المغرب العربي وهي تضم ثلاث دول، هي: المغرب والجزائر وتونس، والثانية مجموعة دول المشرق العربي، وهي تضم سبع دول، هي: مصر والسودان والأردن ولبنان وسوريا وفلسطين واليمن.. وقد بلغت قيمة التحويلات المالية الى هذه البلدان مجتمعة نحو 24.5 مليار دولار[17]، وهي قد تضاعفت عما كانت عليه في العام 1990 حيث بلغت نحو 11.5 مليار دولار. وبحسب تقديرات العام 2005 تأتي مصر في مقدمة الدول من حيث قيمة التحويلات البالغة 5017 مليون دولار، تليها المغرب نحو 4595 مليون، ثم لبنان 4257 مليون، ثم الأردن والجزائر واليمن وتونس..

ويلاحظ بحسب تقديرات البنك الدولي، أن الحجم الحقيقي لتدفقات التحويلات، متضمنة التحويلات غير المسجلة[18]، من خلال قنوات رسمية وغير رسمية، أكبر من ذلك بكثير، وتعرف تحويلات المهاجرين بأنها حاصل جمع تحويلات العمال وتعويضات العاملين، وتحويلات المغتربين والمهاجرين في الخارج.

    وتميل الإحصاءات الرسمية بشأن التحويلات إلى التقليل من حجم تدفقات التحويلات، بحيث لا يقوم الكثير من البلدان بالإفادة عن البيانات الخاصة بالتحويلات في إحصاءات دليل ميزان المدفوعات الذي يصدره صندوق النقد الدولي، وذلك برغم أن الهجرة الخارجيّة من تلك البلدان هي أمر معروف للجميع، فهناك عدة بلدان (لبنان مثلاً) لا ترفع تقارير في هذا الصدد إلى صندوق النقد الدولي.

    وقد صدرت دراسة عن بنك الاستثمار الأوروبي تضمنت تقديرات لنسب التحويلات غير الرسمية في البلدان العربية لعام 2004، وهي تمثل 7 في المائة في حالة لبنان، مقابل 80 في المائة في حالة السودان، و 79 في المائة في حالة سوريا، و60 في المائة في حالة اليمن، و57 في المائة في الجزائر و 56 في المائة في مصر، بحيث يبلغ مجموع التحويلات الرسمية وغير الرسمية التي تستقبلها الدول العربية نحو 40 مليار دولار، ويصل مجموع التحويلات من دول مجلس التعاون الخليجي الست إلى خارجها نحو 50 مليار دولار سنوياً[19].

وتبرز أهمية هذه التحويلات من خلال مساهمتها في الناتج المحلي، البالغة نحو 20 في المائة في كل من لبنان والأردن..ونحو 9 في المغرب و 5.6 في المائة في مصر..أما مصادر هذه التحويلات فهي تبدو متنوعة، حيث نجد أن تحويلات المغتربين من الدول العربية، تمثل أقل من 10 في المائة في دول المغرب العربي (المغرب 6.3%، الجزائر 7%، وتونس 9.7%) وذلك لارتباطها الوثيق بالاتحاد الأوروبي (حيث تمثل تحويلات المغتربين إلى بلدان المغرب العربي أكثر من 85%)..أما بالنسبة لدول المشرق العربي، فتشير التقديرات (عام 2005) إلى أن نسبة التحويلات من الدول العربية تبلغ نحو 85% في الأردن، و 65% في سوريا، بينما هي تبلغ نحو 48.4% في مصر، و 45% في لبنان ( بينما تأتي باقي التحويلات إلى لبنان من دول الاتحاد الأوروبي 10 في المائة، ثم من دول أميركا الشمالية 25%، ومن بلدان مختلفة 20 في المائة)..

أما بالنسبة إلى لبنان، فقد بلغت قيمة التحويلات المالية من المغتربين اللبنانيين نحو 6 مليار دولار[20]عام 2008، (بحسب تقديرات حاكم مصرف لبنان)، و 8 مليارات دولار بحسب تقديرات بنك التسويات الدولية في بازل، وهذه التقديرات لا تتضمن التحويلات التي لا تمر عبر القنوات التقليدية، وهي قد ارتفعت مع تزايد هجرة اليد العاملة بعد العام 2005، وكذلك بعد حرب تموز 2006، (الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب ولبنان)، حيث شهد لبنان موجات ضخمة من المهاجرين وغالبيتهم من الشباب والمتعلمين، فسجلت أرقام الهجرة 60 ألفاً من الشباب في عام 2006، ثم تضاعف العدد إلى 120 ألف شاب منذ بداية عام 2007 وحتى تموز 2007، بحيث أن حجم التحويلات الفعلي يمكن أن يصل إلى مستوى 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي[21]، مما يؤكد بشكل واضح أهمية تحويلات اللبنانيين المغتربين في الخليج، وبالتالي خطورة التداعيات المتوقع حدوثها في حال تفاقمت الأزمة الاقتصادية..

    ومن المتوقع أن تنخفض هذه التحويلات عام 2009، بنسبة تتراوح بين 10 و 20 في المائة (مروان اسكندر)، او حتى بين 20 و 30 في المائة (هادي العربي، مدير دائرة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا في البنك الدولي). وذلك لأسباب تتعلق بالانكماش الاقتصادي الحاصل في منطقة الخليج العربي، أو أفريقيا، أو حتى في أوروبا وأستراليا وكندا..وغيرها من بلدان الاغتراب اللبناني[22].

    وتشكل تحويلات اللبنانيين في الخارج حوالي 26 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، بالاستناد إلى ميزان المدفوعات عام 2006، إذ بلغ حجم هذه التحويلات 5.6 مليار دولار، وتمثل التحويلات إلى لبنان نحو ثلاثة أضعاف صادراته الإجمالية، كما وصلت قيمة هذه التحويلات إلى أكثر من نصف قيمة واردات لبنان الإجمالية عام2004 [23].وهي قد أسهمت بشكل فعّال في تفعيل سندات أسواق المال فساعدت لبنان على مواجهة الأعباء الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة من عام لآخر..

     علماً أن لبنان ليس بلداً مستقبلاً للتحويلات فقط، لكنه مرسل لها أيضاً، ذلك أن العمال الأجانب فيه قاموا بتحويل 4.2 مليارات دولار في عام 2006، وهو ما يشكل 5.19 من الناتج المحلي، كما أن الأسر اللبنانية قد أنفقت نحو 40 مليار دولار منذ عام 1975 كنفقات لتهيئة أبنائها للهجرة، وحسب دراسة قام بها بنك الاستثمار الأوروبي، "إن التحويلات المالية التي يرسلها المهاجرون من دول الاتحاد الأوروبي، تشكل ما بين 9 و 15 في المائة من الناتج المحلي في لبنان". كما أن تحويلات المهاجرين اللبنانيين بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي تبلغ 2.4 مليار يورو في عام 2002، مما يعادل دخل البلاد من الإيرادات السياحية والصادرات.

     وهي تعتبر أعلى معدل للتحويل في العالم بالمقارنة مع عدد السكان المقيمين في لبنان، وذلك بمعدل 2000 دولار لكل منهم[24]، بالإضافة إلى دورها الايجابي في توفير الموارد المعيشية كونها تشكل مصدراً مهماً للعائدات، للعديد من العائلات في لبنان، كما أنها تسهم في تنشيط الحركة في الأسواق التجارية، وتعديل ميزان المدفوعات، كما أنها تشكل مصدراً مهماً للاستثمار في القطاع العقاري، وهي تساهم في استقرار العملة وتراكم احتياطي العملات، مما يؤدي إلى دعم واستقرار الاقتصاد اللبناني.

    إن نحو 80% من التحويلات إلى لبنان تأتي من الدول العربية[25] (تقديرات عام 2008، مع تزايد حركة الهجرة إلى دول الخليج)، ويتوقع في حال انخفاض أسعار النفط عن 60 دولاراُ للبرميل الواحد، أن يكون الانعكاس سلبياً جداً نتيجة انخفاض التحويلات، سواء بالنسبة للوضع الاقتصادي[26]، أما بالنسبة للوضع الاجتماعي بحيث تتأثر المستويات المعيشية للأسر الفقيرة التي تعتمد على التدفق المالي من المغتربين اللبنانيين في الخارج.

3-    انتشار البطالة:

        أما تأثير الأزمة على مستويات التشغيل والبطالة: فقد توقعت منظمة العمل العربية انخفاض العمالة العربية الوافدة إلى الخليج بنسبة 30% خلال عام 2009، وذلك نتيجة الأزمة المالية، ونتيجة ارتفاع حركة الهجرة العربية العائدة من أوروبا مع توسع الاتحاد الأوروبي وتدفق العمالة من أوروبا الشرقية..

       بالمقابل، وبحسب تقديرات منظمة العمل العربية، فقد تراجعت نسبة اليد العاملة العربية بالمقارنة مع اليد العاملة الأجنبية، من 75% في السبعينات إلى أقل من 20% حالياً، ويؤكد مدير عام المنظمة (محمد أحمد لقمان) عن حاجة الدول العربية إلى إستراتيجية عربية مشتركة لتكوين وتأهيل اليد العاملة في المستقبل القريب، وقد أكدّت قمة الكويت العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية (كانون الثاني/يناير 2009) على أهمية "اعتماد العقد القادم من عام 2010 وحتى عام 2020، لتوفير أكبر فرص عمل للعمالة العربية"، وذلك للحد من انتشار البطالة ورفع نسبة النمو الاقتصادي، مما سيساعد في خلق أكثر من 5 ملايين فرصة عمل في العالم العربي طيلة العشر سنوات القادمة[27]..

     وقد كشف التقرير العربي الأول حول البطالة والتشغيل في المنطقة العربية، أن نحو 20 في المائة من خريجي الجامعات العربية يهاجرون إلى الخارج، وأن "هجرة الكفاءات العربية تمثل اليوم أهم التحديات المرتبطة بالهجرة في زمن العولمة مما يشكل استنزافاُ للثروة البشرية العربية". وبيّن التقرير أن 50 في المائة من الأطباء العرب، و23 في المائة من المهندسين، و15 في المائة من العلماء يهاجرون إلى أميركا وكندا، وأن 54 في المائة من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلادهم، وأن 34 في المائة من الأطباء في بريطانيا من العرب. كما أشار التقرير إلى أن 75 في المائة من المهاجرين العرب من حملة الشهادات العليا يستقرون في بلدان غنية، هي الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا..

      أما مستوى البطالة في لبنان فيبلغ بحسب إحصاءات مديرية الإحصاء المركزي، نحو 15 في المائة، حيث تزداد حدة الأزمة بين فئة الشباب و يرتفع معدل البطالة إلى أكثر 35 في المائة، خصوصاً بين حملة الشهادات الجامعية من الخريجين الجدد، ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و 30 سنة، ويزيد عددهم على 15 ألف متخرج سنوياً.

 

رابعاً- الهجرة اللبنانية إلى بلدان الخليج:

أ- تطور الهجرة وتنوّع الإستثمارات

إن تطور الهجرة وتنوّع الاستثمارات بدأت الهجرة اللبنانية إلى بلدان الخليج في بداية السبعينات من القرن الماضي، وترافقت مع مرحلة الطفرة النفطية[28]، حيث ارتفعت أسعار النفط ( من 2 دولار للبرميل الواحد عام 1970 إلى 40 دولاراً عام )1980، مما أدى إلى ارتفاع العائدات النفطية من 21 ملياراً (1961-1965) إلى 617.6 مليار دولار (1976-1980)، وهكذا بدأت البلدان المنتجة للنفط بتوظيف استثمارات ضخمة أدت إلى تزايد الطلب على اليد العاملة، فارتفعت هجرة اللبنانيين، وتزايد عدم في الفترة الأخيرة.

ففي غياب الإحصاءات والأرقام الدقيقة، تشير التقديرات إلى أن عدد اللبنانيين المعاملين في بلدان الخليج العربي يتراوح بين 350 ألف و 400 ألف لبناني[29]، وهم يشكلون نحو ثلث القوى العاملة الفاعلة في لبنان، منهم نحو 110 آلاف لبناني يعملون في الكويت، ونحو 50 ألفاً في دولة الإمارات العربية المتحدة (منهم 36311 لبنانياً مسجلين لدى إدارة الجنسية والإقامة حتى نهاية شهر حزيران 2009)،

   منذ أكثر من عشر سنوات، ارتفعت وتيرة الهجرة إلى الخارج نتيجة استمرار الأزمة الاقتصادية في لبنان[30]، ثم ضيق السوق المحلي ومشاكل توفر خدمات الكهرباء والمياه، وتأخر المعاملات، وارتفاع أكلاف تخليص البضائع في المرافئ، ثم حالة عدم الاستقرار السائدة نتيجة التهديدات الإسرائيلية، والخوف من تردي الأوضاع الأمنية، حيث ارتفع عدد المغادرين للعمل في دول الخليج، وبخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة (إمارة دبي بشكل خاص)، ثم السعودية والبحرين (ازدهار الأعمال والنشاطات المالية)، وقطر والعراق، والعديد من بلدان غربي أفريقيا..

   أدى الطلب على الأيدي العاملة في أسواق الخليج إلى اجتذاب أصحاب الكفاءات من اللبنانيين وغالبيتهم من العناصر الشابة من حملة الشهادات الجامعية وأصحاب الخبرة، الذين هاجروا للعمل طلباً للرزق في مختلف بلدان المشرق العربي وغربي أفريقيا، وكذلك في بلدان أوروبا الشرقية، وذلك نتيجة توفر فرص العمل في الأسواق العربية والعالمية، حيث تركزت استثمارات اللبنانيين وازدهرت وتوسعت، في قطاعات الصناعة والسياحة والإعلام والاتصالات، والمصارف والفنادق والتعليم، مما ساعدهم على تأسيس شركات كبرى في دول الخليج، وكذلك في سوريا ومصر والسودان، مستفيدين من حالة الاستقرار وتوفر التشريعات الملائمة[31].

بحيث توسع الاقتصاد اللبناني في الخارج  ليجذب القسم الأكبر من موارد اللبنانيين واستثماراتهم، بشكل يفوق مجمل النشاطات الاقتصادية في الداخل من حيث حجم الاستثمارات وتعددها وتنوّعها، وقد تركزت استثمارات اللبنانيين في القطاعات الآتية:

         الاستثمارات الصناعية في دول الخليج: تشمل الصناعات الغذائية والكيميائية، وصناعة مواد البناء والصناعات الورقية وتصنيع الألبسة..

         الاستثمارات الخدماتية: تشمل الفنادق والاتصالات والإعلام والتعليم، ومنتجات التجميل على أنواعها، وهي قد ازدهرت وفاقت من حيث الجودة الخدمات الموجودة في لبنان.

         مجالات الإنتاج الزراعي على اختلافها وكذلك الصناعات الزراعية، حيث يتم بناء استثمارات حديثة ومتطورة..

ب- أوضاع اللبنانيين في دول الخليج:

السعودية:

تمثل السعودية أكبر دول مجلس التعاون الخليجي الست، سواء من حيث حجم الاقتصاد السعودي والثروة النفطية، أم من حيث عدد السكان، كما أنها تضم أكبر جالية لبنانية، وهي قد أستقبلت المهاجرين اللبنانيين منذ أكثر من نصف قرن، بحيث أن مدينة الرياض تضم أكثر من 200 ألف مهاجر لبناني، يعملون في مختلف القطاعات الاقتصادية، تليها مدينة جدة التي شهدت نهضة اقتصادية كبيرة، أدت إلى جذب آلاف المهاجرين ومعظمهم من أصحاب الكفاءات والشهادات الجامعية العليا( من الأطباء والمهندسين ورجال الأعمال..).

وقد أعلنت السعودية، وهي تمثل أكبر اقتصاد خليجي وعربي، أن عجز ميزانيتها المتوقع للعام 2009، سوف يكون نحو 317 مليار دولار، وذلك بسبب رغبة الدولة الاستمرار بوتيرة نفقات القطاع العام للعام الماضي، كما أنها ستتابع الإنفاق على المشاريع التنموية الضخمة مستخدمة الفوائض النفطية المالية والتي تقدر، بحسب تقديرات البنك الدولي، بنحو 440 مليار دولار..وقد تراجعت الأسواق المالية فيها نتيجة الأزمة بنسبة بلغت 56 في المائة..

من ناحية أخرى، فقد تصدرت السعودية المرتبة الأولى عالمياً كمُصدِّر لعائدات العمال المهاجرين، حيث بلغ إجمالي هذه العائدات نحو 17 مليار دولار عام 2007.

الإمارات:

تعتبر صاحبة ثاني أكبر اقتصاد خليجي بعد السعودية، حيث من المتوقع تراجع النمو المتوقع للناتج المحلي، وذلك نظراً لتراجع النفقات بشكل عام، نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية، وتراجع الثقة لدى المستثمرين ورجال الأعمال..وترجح التقديرات أن تتراجع نسبة النمو في دولة الإمارات (وهي ثاني الدول العربية أيضاً من حجم الاقتصاد )،  إلى 1.5 في المائة مقارنة ب 6.8 في العام 2008، وهو أبطأ نمو منذ العام 2000، وقد برزت حدة الأزمة في إمارة دبي نتيجة التراجع في السوق العقارية، وتراجع دعم البنوك التجارية لقطاعات الخدمات والسياحة لمواجهة آثار الأزمة المالية.

ولمواجهة آثار الأزمة المالية، فقد أعلنت دولة الإمارات عن زيادة كبيرة في حجم ميزانياتها، وكذلك الحال في إمارة دبي، مما سيؤدي إلى إنعاش القطاعات الاقتصادية، فقد عمدت حكومة دبي إلى إصدار سنوات حكومية بقيمة 20 مليار دولار لضخ السيولة في الأسواق ودعم الشركات التابعة لها . وقد قام المصرف المركزي الإماراتي بالاكتتاب بنحو 10 مليارات دولار منها، مما ساعد على مواجهة الأزمة وحل مشكلة السيولة، وتسدد ديون الشركات التابعة للحكومة .

 

في إمارة دبي:

تمثل إمارة دبي مركزاً عالمياً للمال والأعمال والخدمات والسياحة بكل أشكالها، سواء كانت سياحة التسوّق أو المعارض والمؤتمرات، وهي قد استقطبت لتفردها وتعدد وظائفها، آلاف اللبنانيين العاملين من أصحاب الكفاءات وحملة الشهادات الجامعية العليا، من المهندسين ورجال الأعمال والمقاولين وخريجي الجامعات الكبرى، وذلك بحكم دورها الاقتصادي، وتعدد وظائفها وتنوّعها، والنمو المتسارع في مختلف القطاعات الاقتصادية، لا سيما قطاعات الإعلان والبنوك الكبرى وقطاع العقارات، حيث تسارع الطلب على الموظفين في أعمال التشييد والبناء، وقد لجأت غالبية الشركات التي تأثرت بالأزمة المالية العالمية، إلى تقليص عدد موظفيها، كما قامت شركات أخرى بالاستغناء عن موظفيها وصرفهم من الخدمة، وذلك نتيجة التضخم في التوظيف الذي ترافق مع الفورة النفطية، وما رافقها من طفرة في سوق العقارات[32]، وذلك عقب فترة بناء دامت ست سنوات، بفضل تحرك الإمارة للسماح للمستثمرين الأجانب بشراء العقارات مع ازدهار النمو الاقتصادي خلال موجة صعود أسعار النفط.

أما القطاع المصرفي العامل في دبي (خصوصاً المصارف اللبنانية) فقد حافظ على استقرار السوق المالية، لكن أسواق الأسهم والمال تراجعت بنسبة عالية جداً بلغت 72 في المائة، وذلك نتيجة انعدام الثقة بين المستثمرين..

فيما توجد في دبي[33] عدة جاليات لبنانية يحمل أفرادها جوازات سفر أجنبية متعددة، مثل الفرنسية والانكليزية والكندية والأميركية والأسترالية... مما يرفع عدد المقيمين من أفراد الجاليات اللبنانية في إمارة دبي إلى أكثر من 100 ألف لبناني، حيث توجد رابطات لخريجي الجامعات، ومنها الجامعة اللبنانية (3931 خريج) والجامعة الأميركية (643 خريج) والجامعة اليسوعية (300 خريج) وجامعة البلمند (300 خريج) وجامعة سيدة اللويزة (193 خريج) ورابطة المحامين (173 محامي)... يضاف إلى كل هؤلاء وجود مجلس عمل لبناني في دبي، يضم المئات من رجال الأعمال اللبنانيين المقيمين في إمارة دبي وبعض الإمارات الشمالية (وعددهم 114 لبنانياً)..

كما تتميز الجالية اللبنانية في دبي بتأسيس وإدارة عدة مدارس ومعاهد كبرى، يملكها لبنانيون من أصحاب الخبرة والكفاءة العليا،  وتدرس باللغتين الفرنسية والانكليزية، وتستقبل مئات الطلاب من أبناء الجاليات اللبنانية وغيرهم...

وتؤكد معظم المصادر أن الصورة النهائية للأزمة لم تتضح بعد، وهي لا تزال في بداياتها لأن حقيقة الأوضاع لم تتضح بعد، وهي لن تظهر قبل نهاية الصيف، إذ أن غالبية الشركات التي صرفت موظفيها أعطتهم مهلة ثلاثة أشهر لتسوية أوضاعهم، أو طلبت منهم الانتقال إلى مراكز عمل أخرى في الخليج، بحيث أن  المشكلة لدى اللبنانيين سوف تتمثل في الحصول على إجازات عمل، وتمديد الإقامة للبحث عن أعمال أخرى..

وقد تحدثت تقارير كثيرة عن حدوث موجات هجرة كبيرة، وحتى جماعية، من إمارة دبي، منها ما نشرته جريدة التايمز اللندنية بأن هناك 1500 تأشيرة يتم إلغاؤها يومياً، وتوقعت أن يتناقص سكان الإمارة بنسبة تبلغ 8 في المائة هذا العام مع تزايد مغادرة العمال الوافدين[34]، بينما يعيش في دبي نحو 3.62 مليون وافد، مقابل 864 ألف مواطن من سكان البلد. وقد نفت الحكومة المحلية هذه الإشاعات، وبررت هذا التباين بين حركة الدخول والخروج لدبي، بالقول إن الإمارة قد شهدت خلال الأعوام القليلة الماضية زيادة كبيرة في أعداد الوافدين للعمل، أو للانضمام إلى أسرهم، "كما شهدت نسب إلغاء مرتفعة نسبياً لتصاريح العمل والإقامة، وهذا يعود إلى حركة العرض والطلب في سوق دبي، وتتوقع بعض المصادر، أن يتراجع سكان دبي خمسة في المائة في عام 2009، بسبب الاستغناء عن وظائف[35]، في حين سوف يتراجع سكان الإمارات العربية المتحدة[36] بمعدل واحد إلى 1.3 في المائة..


في الكويت:

أصابت الأزمة المالية الكويت بخسائر كبيرة أدت إلى تراجع الأسواق بنسبة 38 بالمائة (عام 2008)، لكن السياسة المالية وخطة الإنقاذ التي اعتمدتها الدولة، ساعدت في تصحيح الوضع المالي، حيث أدى التدخل الحكومي المباشر إلى الحد من تداعيات الأزمة المالية، فلم تسجل عمليات صرف كبيرة بين اللبنانيين، الذين حافظوا على أعمالهم في المؤسسات والشركات الكويتية، إذ توجد في الكويت جالية لبنانية كبيرة يزيد عدد أفرادها على 125 ألف نسمة.

ويعمل اللبنانيون في مختلف القطاعات الاقتصادية الحكومية والخاصة، بحيث يمكن توزيعهم على ثلاث فئات، هي: فئة العمال والمستخدمين، ثم فئة التجار ورجال الأعمال وأصحاب الحرف، وفئة حملة الشهادات الجامعية وأصحاب الاختصاصات العلمية والمهنية. بل إن أغلبية اللبنانيين يمارسون الأعمال الحرة، حيث تقل نسبة العاملين في الوظائف الحكومية..

كذلك يقدر أن يتراجع النمو في الكويت إلى حدود واحد في المائة، مقارنة ب 5 في المائة عام 2008، مما سينعكس على مشاريع الاستثمارات ويؤدي إلى توقف الأعمال في عدة قطاعات، مما سيدفع الحكومة إلى التدخل لاحتواء الأزمة واستعادة الثقة في النظام المالي واحتواء معدلات البطالة، لمواجهة حالة الركود والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

وسوف تحدد الأشهر القادمة مدى "تأثير الأزمة على توظيف اللبنانيين، حيث لا توجد وظائف جديدة اليوم، بينما أدت الأزمة إلى إلغاء وظائف كانت استحدثت سابقاً، في حين يشير المراقبون الاقتصاديون إلى إن 8 آلاف وظيفة في القطاع الخاص الكويتي مهددة بشكل مباشر"[37]، كما يتمثل الضرر بوقف توظيف المزيد من اللبنانيين في الدوائر الرسمية، حيث قررت الحكومة مراجعة تنفيذ جانب من الخطة الخمسية التي تهدف إلى تحويل الكويت إلى مركز رئيسي للخدمات المالية في المنطقة، وذلك عبر تخصيص ميزانية ضخمة لتمويل المشاريع تقدر بنحو 131 مليار دولار..

ويؤكد محافظ بنك الكويت المركزي بأن العام 2009، سيكون عاماً صعباً 
على الاقتصاد والكويتي بحيث أن " أزمة الائتمان ستؤثر على سابع أكبر بلد مصدر للنفط في العالم " .

وكانت الكويت قد أطلقت صندوقاً لتخفيف الاستقرار في ثاني أكبر بورصة عربية، وقد بلغت خسارة الهيئة العامة للاستثمار نحو 31 مليار دولار، ومعظم هذه الخسائر خسائر دفترية، كما بلغت خسائر شركات الاستثمار الكويتية ( عددها 99 ) نحو 32 مليار دولار خلال ستة أشهر بسبب أزمة المال العالمية .

في قطر:

تعتبر قطر الدولة الأقل تأثراً بالأزمة المالية العالمية بين دول الخليج، فقد أدت الأزمة  إلى تراجع الأسواق المالية بنسبة 28 في المائة، لكن تدخل الحكومة ساعد في وقف انتشار الأزمة، حيث تم ضخ سيولة بلغت 42 مليار دولار، كما تم وضع قيود للحفاظ على الاستثمارات، مما انعكس بشكل مباشر وإيجابي على أوضاع العاملين في الشركات، ومنهم أفراد الجالية اللبنانية المقيمين خصوصاً في الدوحة. لكن الأزمة أدت إلى تجميد عدة مشاريع وتأجيل البدء بتنفيذ مشاريع أخرى، حيث من المتوقع انخفاض القيم الايجارية بنسب تبدأ من 10 في المائة وتصل إلى 40 في المائة خلال الأشهر القليلة القادمة،

كما أدت ألأزمة إلى انخفاض الطلب على اليد العاملة حيث توقفت حركة الهجرة اللبنانية إلى قطر بانتظار جلاء الأزمة وعودة الحركة والنشاط إلى الأسواق التجارية..

لكن التقديرات تشير إلى أن دولة قطر ستحقق أعلى نسبة نمو اقتصادي ( بين دول الخليج ) في المنطقة تصل إلى 8.5 ( عام 2009)، وذلك بفضل اعتمادها على احتياطياتها الضخمة من الغاز، ذلك أن أسعار الغاز ترتبط بعقود طويلة الأجل تمتد أحياناً لفترات تصل إلى 20 عاماً، وهي سوف تحافظ على استقرارها . وهذا الاحتياط سوف يساعد قطر على مواجهة الأزمة والعودة إلى مرحلة الانتعاش واستقطاب المهاجرين . أما بالنسبة إلى حجم الاتفاق، فقد جاءت دولة قطر لتعلن عن أكثر ميزانية في تاريخيها ( لمواجهة الأزمة ) التي خصص منها نحو 40 في المائة لصالح مشاريع التنمية .

في البحرين:

توجد في البحرين جالية لبنانية صغيرة تقدر بالآلاف، يعمل أفرادها في القطاع الصناعي الذي لا زال يحافظ على نموه، يليه القطاع السياحي والإعلان والتقل..

ويرجح صندوق النقد الدولي أن يستمر الاقتصاد البحريني في النمو بمستوى يبلغ 6 في المائة عام 2009، وقد تأثرت البحرين بالأزمة المالية بشكل عام حيث انخفضت أسواق المال بنسبة بلغت 35 في المائة مما أدى إلى تدخل الحكومة التي ضخت في الأسواق نحو 40 مليار دولار، مما ساعد على احتواء الأزمة المالية[38]..

في سلطنة عُمان:

تمكنت سلطنة عُمان من تجاوز مفاعيل الأزمة المالية العالمية، وذلك بفضل السياسة المالية التي اعتمدتها الحكومة أثناء فترة ارتفاع أسعار النفط، حيث تم تعزيز الاحتياطات المالية وخفض الدين العام، كما لجأت الحكومة وقبل بدء انتشار الأزمة، إلى سحب سبعة مليارات دولار من احتياطاتها المالية في الخارج، وذلك لتغطية كافة التزاماتها المالية للمشاريع التي يجري تنفيذها في الداخل للعامين المقبلين، مما ساعد في مواجهة الأزمة والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.

لهذا فقد حافظ أبناء الجالية اللبنانية (وعددهم نحو 2000 لبناني[39]) على تواجدهم وأعمالهم، حيث تؤكد مختلف المصادر على استمرار العاملين في المؤسسات والشركات الكبرى، وكذلك بالنسبة لأصحاب الأعمال التجارية والمهن الحرة.

خامساً : الهجرة العائدة من الخليج:

تمثل الهجرة العائدة أهم مظاهر الأزمة المالية العالمية، فمع تضاؤل فرص العمل في الدول الغنية بدأت موجات الهجرة المعاكسة بالعودة، بل إن العديد من الدول اليوم، ومنها دول الخليج العربي وبخاصة دولة الإمارات بدأت تتحدث عن خروج المهاجرين منها، وقد تشهد الأشهر القادمة تدفق أفواج العائدين من العمال العرب إلى بلدانهم، وعددهم بالملايين، بل إن نهاية العام الدراسي الحالي قد تشهد في بلدان الخليج العربي،عودة آلاف اللبنانيين بعد توقف العديد من الشركات والمؤسسات والمصانع التي كانوا يعملون بها.

وهكذا ففي حال تفاقمت الأزمة الاقتصادية الحالية وتوسعت، لا سيما في منطقة الخليج العربي، فمن المتوقع أن يتسبب التراجع الاقتصادي بالغاء آلاف الوظائف، نتيجة تراجع أسعار النفط وتجميد الاستثمارات وانهيار الطلب على الصناعات الخفيفة والانشائية والصحية، وهي القطاعات التي تستقطب المهاجرين.

كما أن التدهور المالي والاقتصادي الحاصل اليوم في العديد من دول الخليج، سوف ينعكس سلباً على مشاريع الخصخصة في لبنان، بحيث أن انتشار الأزمة المالية وانعكاساتها على الأسواق المالية والاستثمارات، لن تكون مؤاتية لإجراء وتلزيم عدة مشاريع (خصخصة الاتصالات مثلاً)، حيث سيخف الإقبال والمشاركة من قبل المستثمرين الخليجيين أو غيرهم، وهذا يتطلب من الحكومة الإسراع بالتنسيق مع القطاع الخاص لمواجهة تداعيات الأزمة والاستعداد للمرحلة المقبلة.

في السنوات الأخيرة، تزايد عدد اللبنانيين العاملين في دول الخليج نتيجة ارتفاع أسعار العقارات، وزيادة الفوائض النفطية ( مثلاً إمارة دبي التي استوعبت آلاف اللبنانيين في مرحلة الفورة العقارية النفطية...). كما تزايد عدد اللبنانيين في الدول المتقدمة، لا سيما الأوروبية والولايات المتحدة وأستراليا[40] وكندا..

       أما تقديرات الهجرة العائدة من الخليج، فقد خففت بعض الشركات من العاملين لديها نتيجة الأزمة المالية العالمية. ويقدر عدد الذين أنهيت خدماتهم في الخليج بين 15 و 25 ألف لبناني، بين موظف وعامل في قطاع البناء والمصارف والسياحة[41]. كما تشير التقديرات إلى إمكانية خسارة 10 في المائة من العاملين العرب في دول الخليج وظائفهم وأعمالهم، بحيث يصل مجمل عدد اللبنانيين العائدين من هذه الدول خلال العام 2009 إلى حدود 40 ألف عامل.

      وهكذا ففي غياب الإحصاءات والأرقام، تختلف التقديرات، وأحياناً تتردد إشاعات وحتى مبالغات في ذكر أعداد اللبنانيين المصروفين من أعمالهم، وبعد مرور عدة أشهر على بدء الأزمة، تؤكد الوقائع اليوم أن الأزمة الاقتصادية في بلدان الخليج باتت تحت سيطرة الحكومات التي اعتمدت، بمعظمها سياسات مالية ناجحة، أدت إلى وقف التدهور حتى الآن، وقد أكد حاكم مصرف لبنان أن "البطالة اللبنانية الخليجية لم تتعد نسبتها الـ 4 في المائة" حتى الآن[42] وأنه يوجد تفاوت في أوضاع اللبنانيين بين دولة وأخرى..

    وفي طريق الهجرة العائدة انتقل بعض المصروفين من أعمالهم ( بعد انفجار الأزمة في مدينة دبي العالمية) إلى مدن خليجية أخرى ( من دبي إلى الرياض مثلاً..)، وبرواتب منخفضة، وقد استفاد قطاع الفنادق في لبنان من عودة بعض المصروفين من أصحاب الخبرة..

       ويلاحظ أن الأزمة الاقتصادية قد بلغت حدها الأقصى في مدينة دبي، ذلك أن الأزمة المالية قد ترافقت من انتهاء مرحلة الطفرة العقارية، والتي ترافقت مع حالة الانكماش الحادة في قطاع البناء والتشييد والأعمال المالية، لكن إمارة أبو ظبي[43] قد تنبهت لمحاصرة الأزمة ومنع انتشارها من خلال إصدار سندات بقيمة 10 مليارات دولار، ثم وضع خطة لتعبئة 10 مليارات أخرى لتمويل خطط الإنقاذ الطارئة في حال تفاقم الأزمة[44]، حيث يقدر البنك الدولي أن تتغلب الاحتياطات المالية الكبيرة للبلدان الخليجية على هذه العاصفة لمحاصرتها في حال استقرت أسعار النفط طوال العام 2009 عند مستوى 50 دولاراً للبرميل، وفي حال استمرار هبوط أسعار النفط، سوف تضطر هذه الدول للسحب من الاحتياطات المالية وتخفيض الاستثمارات، مما سينعكس سلباً على المالية العامة ويؤدي إلى تسريح المزيد من العمال العرب .

     لكن المؤكد هو تراجع النمو الاقتصادي في دول الخليج، متزامناً مع انتهاء فترة الطفرة الاقتصادية (انتهاء الأعمال في قطاع التشييد والبناء والسوق العقاري) التي عرفتها هذه المنطقة، ثم التراجع الحاد في أسعار النفط وانخفاض مستويات الإنتاج، نتيجة تراجع الطلب العالمي على النفط[45]..

     أدت موجة الهجرة العائدة من الخليج إلى تزايد عدد طلبات الاستخدام والتوظيف في لبنان، وزيادة الإقبال على طلب وظائف في السوق المحلية، مما أدى إلى ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل خصوصاُ بين الكفاءات العالية، لا سيما في القطاعات المالية والمصرفية والعقارات والمقاولات، والسياحة والإعلان والإعلام..

 

خلاصة عامة

في مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها، وبخاصة في منطقة الخليج العربي، صمد لبنان حتى الآن أمام الزلزال المالي العنيف الذي أصاب العالم، وذلك برغم الأوضاع الإقتصادية الصعبة، وضخامة الأعباء المعيشية، وتراكم الدين العام، فقد لاحظ الخبراء الاقتصاديون أن المالية العامة في لبنان قد أظهرت مقدرة فائقة على الصمود في وجه الأزمة المالية العالمية، وذلك لقدرة الحكومة على تأمين مصادر التمويل رغم حجم الدين العام، والعجز المالي الكبير، ومرد ذلك يعود الى مرونة النظام المصرفي اللبناني، وبقاء المصارف بعيدة عن تداعيات الأزمة المالية العالمية.

أما إنعكاسات الأزمة الاقتصادية على الهجرة العائدة واوضاع المهاجرين، فالبارز حتى الآن، أن حجم التحويلات المالية للمغتربين سوف يتراجع بنسبة تتراوح بين 10 و 20 في الماية، وهذا الانخفاض سيؤدي الى تراجع النمو الاقتصادي، وبالتاي عدم القدرة على توفير فرص عمل كافية للوافدين الجدد الى سوق العمل، ثم تراجع معدلات البطالة بين فئة الشباب، وبخاصة من أصحاب الشهادات الجامعية العليا، والذين كانت تستوعبهم أسواق الخليج، بعد توقف حركة الهجرة المغادرة، ثم عودة آلاف المغتربين[46] من البلدان العربية المنتجة للنفط، نتيجة الإنكماش الإقتصادي وتراجع الأسعار.

ويعلق لبنان اليوم أهمية كبرى على الموسم السياحي (صيف العام 2009) حيث من المتوقع أن يرتفع عدد السياح الى نحو مليوني سائح، حيث يسجل تزايد حركة الوافدين خلال النصف الأول من العام 2009، كذلك من المتوقع عودة لبنان الى موقعه السابق لاستقطاب الأموال والإستثمارات، وقد صنّفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية مدينة بيروت، على أنها الوجهة السياحية الأولى في عام 2009، وفي إستطاعتها أستعادة لقبها على أنها باريس الشرق الأوسط..

من هنا تبرز أهمية وضع خطة استراتيجية مستقبلية لمواجهة التحولات الاقتصادية العالمية، وذلك بهدف إيجاد وسائل حديثة وإعتماد معالجات تتلاءم والتغيرات المستقبلية، مما يساعد في زيادة فاعلية وإنتاجية الاقتصاد اللبناني.

 

 

 

 

المصادر والمراجع

 

1.     اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (الإسكوا)، تقرير السكان والتنمية، العدد الثالث، حول "الهجرة الدولية والتنمية في المنطقة العربية، التحديات والفرص، الأمم المتحدة، نيويورك  2007،  64 صفحة.

2.     الهجرة الدولية والتنمية، تقرير الأمين العام، الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة الثالثة والستون، صفحة 19.

3.     أندريه كابيسفيزكي، 2003 – "هجرة العمل العربية إلى دول مجلس التعاون الخليجي"، ورقة قدمت إلى المؤتمر الإقليمي عن الهجرة العربية في ظل العولمة، 2-4 أيلول/ سبتمبر 2003، القاهرة ، مصر، صفحة 7..

4.     نصرة شاه، 2003- "أنماط الهجرة العربية في الخليج"، ورقة قدمت إلى المؤتمر الإقليمي عن الهجرة العربية في ظل العولمة، 2-4 أيلول/ سبتمبر 2003، القاهرة ، مصر، 23 صفحة.

5.     برنامج الأمم المتحدة الانمائي، العولمة: نحو أجندة لبنانية، تقرير التنمية البشرية القومي – لبنان 2001 – 2002، ص. 41.

6.     برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، العولمة: نحو أجندة لبنانية، تقرير التنمية التنمية البشرية الوطني _ لبنان 2001 – 2002.

7.     نتائج مؤتمر أصدقاء لبنان للاستثمار والتمويل،" من باريس 3 الى بيروت 1" (بيروت 20-21 نوفمبر/ تشرين الأول 2008، فندق فينيسيا إنتركونتيننتال)، حول " آفاق الدعم العربي والدولي في ظل الأزمة المالية وتداعياتها"، مجلة الاقتصاد والأعمال، شباط 2009.

8.     رياض الخوري، 2003 – "أنماط الهجرة العربية في المشرق، بحث قدم الى المؤتمر الاقليمي عن الهجرة العربية في ظل العولمة" 2-4 أيلول/سبتمبر 2003، القاهرة، مصر..16 صفحة.

9.     محمد الأمين فارس، 2006 "تحويلات العمال المهاجرين الى المنطقة العربية، السمات والآثار"، بحث قدم في إجتماع الخبراء حول الهجرة الدولية والتنمية في المنطقة العربية: التحديات والفرص. بيروت 15-17 أيار/مايو 2006. 37 صفحة.

10.                        محمد الأمين فارس، 2003- "آثار الهجرة على العولمة في البلدان العربية"، بحث قدم في المؤتمر الإقليمي عن الهجرة في ظل العولمة، 2-4 أيلول/سبتمبر 2003. 22 صفحة.

11.                         مصطفى عبد العزيز مرسى، 2008 – معاناة المهاجرين العرب خارج المنطقة العربية، ورقة عمل مقدمة من منظمة المدن العربية في المنتدى العربي للتنمية والتشغيل، الدوحة، قطر 15-16 نوفمبر/ تشرين الثاني، 2008، ص. 12.

12.                        مروان اسكندر، مؤتمر أصدقاء لبنان للاستثمار والتمويل، مجلة الاقتصاد والأعمال، شباط/ فبراير 2009، صفحة 51.

13.                        مجلة الاقتصاد والأعمال، العدد 3، حزيران 2009، ص.ص. 28-32.

14.                        Bachir Hamdouch, "Impact of the Crisis on remittances to the Arab Countries", University Mohamed V, Rabat, Morocco.

 



[1] أدى إفلاس شركة "ليمان برذرز" إلى تسريح آلاف الموظفين بينهم 300 لبناني تم إنهاء خدماتهم في الشركة.

[2] تفيد بعض التقديرات بأن انخفاض معدل النمو الاقتصادي ب1% على مستوى العالم يمكن أن  ينجم عنه  إضافة 20 مليون نسمة إلى فئة السكان الأكثر فقراُ، مما يؤكد على التوازن بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي، ويؤدي إلى زيادة الضغط على الحكومات لتوفير الخدمات الصحية والاجتماعية للفئات المحرومة، كما أن تفاقم الأزمة المالية سيؤدي إلى انتشار البطالة بين الشباب وزيادة وفيات الأطفال والأمهات..

[3] صرح رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون، أثناء إنعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي في "دافوس" "إنها ليست أزمة اقتصادية في دولة واحدة، وإنما هي أزمة عالمية، ونحن بحاجة إلى تعاون عالمي وإجراءات عالمية للتغلب عليها"، كما أكدت مساعدة الرئيس الأمريكي أوباما "إن اقتصادنا عالمي، وأزمتنا عالمية، ومن ثم يجب أن تكون حلولنا عالمية"...كما أشار رئيس مجلس الدولة الصيني في خطابه أمام المنتدى ""إن الثقة هي مصدر القوة، والتعاون العملي هو الطريقة الفعّالة"...كما صرحت المستشارة الألمانية ميركل بأنه يجب إنشاء مجلس اقتصادي تابع للأمم المتحدة، يعتمد على ميثاق جديد يضم مبادئ اقتصادية عالمية لمراقبة الاقتصاد العالمي...

[4] راجع محمد الأمين فارس، "آثار العولمة على الهجرة في البلدان العربية"، المؤتمر الإقليمي عن الهجرة العربية في ظل العولمة (2-4 أيلول/سبتمبر 2003)، القاهرة، مصر، ص. 3.

[5] تضم إمارة دبي أكبر جزيرة من صنع الإنسان في العالم، وما يثير القلق لدى المستثمرين ورجال الأعمال بحسب مصادر خليجية، أن المقاولين العاملين في مشروع النخلة ديره في دبي، قد طلب منهم التوقف عن العمل، وأن مشروعات عقارية كبرى سوف يتم تأجيلها أو التخلي عنها، وهذا سيؤدي إلى تسريح أعداد كبيرة من اللبنانيين، وبخاصة العاملين في القطاع العقاري ومتفرعاته، تضاف إليها خسائر المستثمرين اللبنانيين في المشاريع العقارية والمقاولات، بل إن استثمارات ضخمة قد توقفت في دول الخليج، وبرزت أزمة السيولة مما دفع حاكم دبي إلى الإعلان عن ضمان الدولة لكل الودائع المصرفية، وإلى ضخ مليارات الدولارات في السوق المالية. (راجع جريدة صدى البلد، تداعيات الأزمة الخليجية على الاقتصاد اللبناني، عدد 27/10/2008).

[6] تشير تقديرات إلى أن أثر الركود العالمي في الاقتصاد الحقيقي يمكن أن يكون كبيراً في عدة بلدان عربية، حيث تبرز علامات مبكرة تشير إلى هبوط معدلات النمو في العديد من هذه البلدان في الربع الأخير من العام 2008، كما أن توقعات النمو للعام 2009، تبدو أدنى من مستوياتها في العام 2008 (باستثناء قطر واليمن حيث سيكون معدل نمو الناتج المحلي فيهما مرتبطاً بتوسع طاقة إنتاج الغاز الطبيعي المُسال.. (راجع الموقع الالكتروني للبنك الدولي حول الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا..).

[7] يلاحظ في الفترة الأخيرة اهتمام جامعة الدول العربية بالأبعاد الإنمائية للهجرة الدولية، ففي تموز/يوليو 2006، اعتمدت الجامعة إعلاناً بعنوان: "تنشيط دور الهجرة في التنمية الوطنية والتكامل الإقليمي العربي"، أكدت فيه على دور وأهمية الهجرة الدولية في التنمية في المنطقة العربية. (راجع الهجرة الدولية والتنمية، تقرير الأمين العام، الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة الثالثة والستون، صفحة 19.).

[8]  راجع أندريه كابيسفيزكي، 2003 – "هجرة العمل العربية إلى دول مجلس التعاون الخليجي"، ورقة قدمت إلى المؤتمر الإقليمي عن الهجرة العربية في ظل العولمة، 2-4 أيلول/ سبتمبر 2003، القاهرة ، مصر، صفحة 7.

[9] أدى تقدم المواصلات والاتصالات إلى انتشار الأزمة المالية العالمية، وذلك نتيجة ترابط البورصات والاستثمارات المتبادلة، وقد تأثرت المنطقة العربية بما حصل في الأسواق الدولية، حيث انتقلت إليها الأزمة مع انتشار العولمة، والترابط بين الأسواق حيث يعيش العالم ضمن منظومة مالية واحدة..

[10] يبلغ حجم القوى العاملة في المنطقة العربية اليوم 120 مليون نسمة، ومع الزيادة السكانية سيرتفع العدد الى 220 مليون نسمة عام 2020، وهذا يتطابق مع تقديرات البنك الدولي ومنظمة المدن العربية، التي تقول أننا في حاجة الى توفير ما بين 80 الى 100 مليون فرصة عمل خلال هذه الفترة الزمنية. كما تبرز الحاجة لخلق فرص عمل جديدة، أو إيجاد 100 مليون فرصة عمل بحلول عام 2020.

[11] أدى تخفيض أعمال الشركات العقارية الأربع في دبي، الى تقلّص عدد الموظفين بنحو ألف موظف تقريباً، بينهم العديد من العمال اللبنانيين المتواجدين في هذه الشركات..

[12] بلغ مجموع التحويلات من دول مجلس التعاون  الخليجي الى خارجه  أكثر من 50 مليار دولار سنويا.

[13] د. مصطفى عبد العزيز مرسى – معاناة المهاجرين العرب خارج المنطقة العربية، ورقة عمل مقدمة من منظمة المدن العربية في المنتدى العربي للتنمية والتشغيل، الدوحة، قطر 15-16 نوفمبر/ تشرين الثاني، 2008، ص. 12.

[14]  راجع نفس المرجع السابق، ص. 12.

[15] مروان اسكندر، مؤتمر أصدقاء لبنان للاستثمار والتمويل، مجلة الاقتصاد والأعمال، شباط/ فبراير 2009، صفحة 51.

[16] نتيجة الخسائر المالية التي أصابت المصارف السويسرية، فقد تم صرف المئات من اللبنانيين العاملين فيها منذ عدة سنوات، وقد انتقل بعضهم للعمل برواتب أقل في دول أخرى.. مجلة الاقتصاد والأعمال، مرجع سابق، شباط/ فبراير 2009، صفحة 51.

 

[17] تعتبر تحويلات المهاجرين من أهم مصادر التدفقات المالية للعديد من الدول العربية المرسلة للعمالة، خصوصاً الى منطقة الخليج، وهي تقدر بحسب دراسة صندوق النقد العربي بنحو 24.4 مليار دولار، وتؤكد دراسات عدة أن العالم العربي بحاجة الى معدل تنمية سنوية يبلغ نحو 7 في المئة لكي يستطيع خفض معدلات البطالة المرتفعة، وهذا يتطلب تعزيز دور القطاع الخاص، ووضع قوانين مدروسة، تساعد في تنفيذ استثمارات ضخمة لدفع عجلة التنمية.

[18] تتجاوز قيمة التحويلات المسجلة ضعفي مجموع المعونات الرسمية،  وثلثي حجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الى البلدان النامية.

[19] راجع لمزيد من التفاصيل: اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا، تقرير السكان والتنمية، العدد الثالث، حول "الهجرة الدولية والتنمية في المنطقة العربية، التحديات والفرص، الأمم المتحدة، نيويورك 2007، ص. 40.

 

[20]  وبينما لا يمكن  معرفة حجم هذه التحويلات بدقة، يتبيّن بحسب تقديرات أُخرى، أن قيمة تحويلات المغتربين اللبنانيين  تبلغ نحو 5.5 مليارات  دولار (البنك الدولي)، إلا أن تقديرات مكرم صادر تشير إلى أنها تبلغ في احسن الأحوال 5 مليارات دولار.

[21] بينما تتباين الآراء حول حجم هذه  التحويلات ومقدار مساهمتها في الناتج المحلي، يرى وزير المال السابق د. جورج قرم، أن  "تراجع هذه التحويلات بنسبة 10 في المئة لن يؤثر كثيراً، لأنها لا تبلغ أكثر من خمسة مليارات دولار، وبالتالي لا تمثل أكثر من 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي"....وهو يرى أن مواجهة الأزمة يتطلب "وضع خطة إقتصادية خلاّقة لتحويل الاقتصاد الريعي الكبير الى اقتصاد منتج وخطة مالية توقف الاعتماد على التدفقات المالية الخارجية وخفض المخاطر الإتمانية على الفوائد"..

  [22]راجع نتائج مؤتمر أصدقاء لبنان للاستثمار والتمويل،" من باريس 3 الى بيروت 1" (بيروت 20-21 نوفمبر/ تشرين الأول 2008، فندق فينيسيا إنتركونتيننتال)، الجلسة الثانية حول " آفاق الدعم العربي والدولي في ظل الأزمة المالية وتداعياتها"، مجلة الاقتصاد والأعمال، شباط 2009، ص. 55.

  [23] راجع اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا، تقرير السكان والتنمية، العدد الثالث، حول "الهجرة الدولية والتنمية في المنطقة العربية، التحديات والفرص، الأمم المتحدة، نيويورك 2007، ص 44.

  [24]تلقت البلدان العربية عام 2004 ما يقارب 21.6 مليار دولار من مهاجريها في الخارج، وقد اتجهت هذه التحويلات الى البلدان المرسلة للعمالة، وهي: لبنان والمغرب ومصر والأردن والجزائر وتونس والسودان واليمن وسوريا، و يبلغ متوسط نصيب الفرد في المنطقة العربية من التحويلات 71.3 دولاراً (عام 2004)، بينما يوجد تفاوت كبير على صعيد بلدان الارسال بين حد أدنى قدره 39.2 في الجمهورية العربية السورية، وحد أقصى يصل بحسب بعض التقديرات، الى 1430 دولاراً في لبنان، ويبلغ هذا المعدل 381.1 في الأردن، و 146.4 في تونس، و46.9 دولاراً في مصر. راجع لمزيد من التفاصيل: اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا، تقرير السكان والتنمية، العدد الثالث، حول "الهجرة الدولية والتنمية في المنطقة العربية، التحديات والفرص،مرجع سابق، ص.ص 36-.37.

[25]  يلاحظ بحسب تقديرات الأمين العام لجمعية مصارف لبنان مكرم صادر، ان حوالى 85 في المئة من مصدر تحويلات العاملين في دول الإغتراب تتمثل في دول مجلس التعاون الخليجي الستة، وهي السعودية، الإمارات العربية المتحدة، قطر، الكويت، البحرين، سلطنة عُمان، وذلك في مقابل 15 في المئة من مختلف أنحاء العالم، وبخاصة من دول أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وأوستراليا، والباراغواي..

[26] ان انخفاض التحويلات وتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ثم توقع انخفاض عدد السياح الوافدين من دول الخليج، سيؤثر بشدة على الأرصدة الخارجية القادمة الى لبنان في العام 2009، كما ستؤدي عودة آلاف المغتربين الى تفاقم العجز التجاري، وزيادة الأعباء الاجتماعية.

[27] وبحسب مصادر منظمة العمل العربية، فمن المتوقع أن يرتفع عدد العاطلين عن العمل في البلدان العربية، الى ما يزيد على 25 مليون عاطل في العام 2010. كما أن معدلات البطالة بين النساء هي الأعلى مقارنة بالرجال.

[28] بدأ استخراج النفط عام 1932 في البحرين ، وعام 1938 في السعودية، و عام 1939 في قطر، وبعد الحرب العالمية الثانية في بلدان الخليج الأخرى..وفي بداية السبعينات كانت الأمية مرتفعة في معظم دول الخليج، وكانت تبلغ 45 في المئة في الكويت، و53 في المئة في البحرين، و 80 في المئة في قطر..

[29] أثناء إفتتاح "منتدى تحصين الاقتصاد اللبناني" تحدث د. طلال مقدسي عن هجرة اللبنانيين الى الخارج، فقال "إن 540 ألف لبناني يعملون في الخليج، وان العديد من اللبنانيين يستثمرون في الخارج، وأكد أن غالبية العاملين في الخارج على استعداد للعودة بعد عودة الاستقرار، واعتبر أن جذب الاستثمارات يتطلب تحديث القوانين التجارية وقيام قضاء مستقل، وتسهيل إنشاء شركات وتقديم الحوافز الى المستثمرين".

[30] تزايدت موجات الهجرة اليوم نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي، ويلاحظ أن نسبة الشباب بين المهاجرين تتخطى نسبة الثلثين، حيث توجد صعوبات كثيرة تشكل موانع تحول دون تقارب الشباب، حيث تسود حالة الانقسام الطائفي، مما يعيق عملية التنمية ويدفع الشباب لفقدان الثقة ببلدهم والسعي الى الهجرة لتأمين مستقبلهم، حيث حصل اختلال في التركيب الديموغرافي نتيجة انخفاض عدد الذكور بين الشباب ( 25 – 29 سنة) من حملة الشهادات الجامعية..

[31] يضم الاغتراب اللبناني جالية كبيرة، منتشرة في بلدان عديدة حول العالم، يقدر عدد أفرادها بنحو 14 مليون فرد من أصل لبناني، بينهم 6 ملايين لبناني في البرازيل، و 3 ملايين في باقي بلدان أمريكا اللاتينية، و3 ملايين في أمريكا الشمالية، ونصف مليون في كل من أفريقيا وأوروبا وأستراليا والمشرق، وتمثل هذه الجالية نحو أربعة أضعاف السكان المقيمين في لبنان، وهي تعتبر أعلى نسبة مغتربين الى مواطنين مقيمين في العالم.(برنامج الأمم المتحدة الانمائي، العولمة: نحو أجندة لبنانية، تقرير التنمية البشرية القومي – لبنان 2001 – 2002، ص. 41.)

[32]   أشارت بعض التقارير الاعلامية أن الأزمة المالية حملت الإمارات على تجميد مشاريع بناء بقيمة 335 مليار دولار، كما ذكرت مجلة "ميدل إيست إيكونوميك دايجست" أن القيمة الاجمالية للمشاريع قيد الإنشاء في ثاني أكير إقتصاد عربي، انخفضت الى 245 مليار دولار. كما تم تجميد أكثر من نصف المشاريع العقارية السكنية والتجارية المقرر إكمالها في دبي في الفترة بين عامي 2009 و 2012.. كما توقع بعض المحللين أن تواجه المشاريع العقارية التي هي قيد الإنشاء انهياراً في الأسعار، ورجحوا انخفاضها بنسبة 50 في المئة هذا العام و10 في المئة العام 2010، كما تحدثت بعض التقارير عن أن الوحدات السكنية الفاخرة بنخلة الجميزة، وهي جزيرة صناعية على شكل نخلة بساحل دبي، قد انخفضت بنسبة وصلت 40 في المئة على الأقل. وتضم دبي أطول برج في العالم ومنحدر تزلج مغلق.

[33] راجع مجلة الاقتصاد والأعمال، العدد 3، حزيران 2009، ص.ص. 28-32.

 

[34]  أشارت مجلة نيوزويك الأميركية أن من تداعيات الأزمة المالية العالمية بطء الزحف البشري من الدول الفقيرة الى الغنية، بل بدء هجرة عكسية، وربما تبدأ موجات من العمال الأجاب بالعودة الى أوطانهم. ونقلت المجلة عن الرئي السابق لقسم السكان بالأمم المتحدة جوزيف شامي قوله، إن العديد من الدول ومنها الإمارات قد بدأت تكشف عن خروج المهاجرين منها، وقد نشهد "تسونامي من المهاجرين الذين يعودون الى الوطن، ويصل عددهم الى الملايين".

[35] نشرت تقارير إعلامية أخباراً عن وجود أكثر من ثلاثة آلاف سيارة تركها أصحابها في ساحة مطار دبي وغادروا لأسباب يعتقد أنها مرتبطة بالأزمة الاقتصادية، خاصة بعد فقدان الكثير من هؤلاء وظائفهم، غير أن مصادر حكومية نفت بشدة هذه الأرقام المبالغ فيها، بينما الأرقام الصحيحة تشير إلى وجود عشرات السيارات تركها أصحابها في مطار دبي.

[36]  تختلف التقديرات حول النتائج المحتملة لأن الأزمة المالية ما زالت مستمرة، لكن مع الركود الاقتصادي،فإن عدداً متزايداً من العمال يغادرون الإمارات يومياً، ويتوقع اقتصاديون أن يبقى عدد سكان الإمارات دون تغيير هذا العام، بعد أن شهد زيادة بأكثر من 6 في المئة في كلٍ من عامي 2007 و 2008..

[37] راجع أيضاً  مجلة الاقتصاد والأعمال، مرجع سابق.

[38] أما في كل من البحرين وعُمان، فسوف تتراوح معدلات النمو ما بين 2.5 و 3.5 بالمائة...أما في دولة قطر فسوف يصل النمو حدود 8 في المئة عام 2009 (وهو أعلى نمو بين دول المنطقة) بينما كان أكثر من 12 في المائة عام 2008.. (راجع مقال هنري عزام، حول تباطؤ النمو الاقتصادي في دول المنطقة، جريدة الحياة، كانون الثاني 2009.).

[39] راجع أيضاً  مجلة الاقتصاد والأعمال، مرجع سابق.

[40]  بالنسبة للهجرة العائدة على الصعيد العالمي، فقد قالت وول ستريت جورنال:  إن بعض الدول تقدم حوافز للعمال للمغادرة والعودة إلى ديارهم، وقد أعلنت أستراليا أنها ستعمل لخفض معدلات الهجرة إليها بنسبة 14 في المائة. كما قدمت إسبانيا واليابان عروضاً نقدية للمهاجرين لتشجيعهم على المغادرة إلى أوطانهم.

[41] أشار وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني ماريو عون، أثناء مشاركته في مؤتمر السكان والتنمية في الوطن العربي في الدوحة، أن حجم العمالة اللبنانية التي تم تسريحها من دول الخليج يقد بأربعين ألف لبناني في كافة القطاعات، وأن هذه العملية ستزيد من حجم الدين اللبناني، كما أنها ستساهم في زيادة البطالة...

[42] وبحسب مصادر أخرى، يقول رئيس شركة مانجمنت بلاس د. صباح الحاج أن أسواق العمل في الخليج كان تأثرها متفاوتاً، فبينما لا زال الوضع عادياً في السعودية التي تعتبر مركز الثقل في العمالة اللبنانية، تنحصر مسألة خسارة الوظائف في دبي، حيث يقدر عدد اللبنانيين الذين قد يخسرون وظائفهم بنحو 7 في المائة، كما أن خسارة الوظائف تتركز بشكل خاص في الشركات العقارية، والهندسية وخدمات البيع والشراء..

[43] تؤكد مصادر المغتربين في الخارج  أن أبناء الجاليات اللبنانية في دول مجلس التعاون الخليجي قد تأثروا بشكل متفاوت بين دولة وأخرى، ففي إمارة أبو ظبي يلاحظ أن اللبنانيين العاملين في الشركات وقطاع الخدمات، هم أقل تأثراً من غيرهم من العاملين في باقي الإمارات، وذلك لأن إمارة أبو ظبي كانت الأقل تأثراً بالأزمة من غيرها، بينما تبين أن المتواجدين في دبي هم الأكثر تأثراً بالأزمة.

[44] راجع معطيات البنك الدولي حول الأزمة المالية في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا..

[45] تشير بعض التقديرات إلى انخفاض الطلب العالمي على النفط، مما سيؤدي إلى تراجع الإنتاج إلى أقل مستوى منذ 11 عاماً، حيث من المتوقع بالنسبة للاقتصاد السعودي، أن ينخفض النمو إلى حدود واحد في المائة عام 2009، بينما كان معدل النمو 4.2 في المائة عام 2008، وهذا التراجع سيؤدي إلى تزايد نسبة الإنفاق الحكومي وزيادة  مشاركة القطاع الخاص لمتابعة العمل في المشاريع الاستثمارية.

 

[46]  يمثل عدد المغتربين في الخليج حوالي 18.5 في المائة من السكان المقيمين في لبنان. راجع: نصرة شاه، 2003- "أنماط الهجرة العربية في الخليج"، ورقة قدمت إلى المؤتمر الإقليمي عن الهجرة العربية في ظل العولمة، 2-4 أيلول/ سبتمبر 2003، القاهرة ، مصر، 23 صفحة.